إقرار مجموعة من القوانين في البرلمان يثير عاصفة سياسية واسعة ويترك تساؤلات حول تأثيراتها القانونية والاجتماعية
انقسام سياسي واعتراضات واسعة
انفوبلس/..
في خطوة تشريعية مثيرة للجدل، صوّت مجلس النواب العراقي، اليوم الثلاثاء، على مجموعة من القوانين التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، حيث تم إقرار قوانين الأحوال الشخصية وإعادة العقارات والعفو العام في سلة واحدة.
هذا التصويت يأتي في وقت حساس بالنسبة للبلاد، ويُعتبر بمثابة تحرك جديد يهدف إلى معالجة بعض الملفات الشائكة التي تؤثر في مختلف شرائح المجتمع العراقي، ومع ذلك، تبقى هذه الخطوة محط جدل واسع في الأوساط السياسية والشعبية، وسط ترقب للآثار القانونية والاجتماعية التي قد تترتب على هذه القوانين في حال تطبيقها.
وقالت الدائرة الإعلامية للبرلمان في بيان، إن "البرلمان صوت على مقترح قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959، وصوت على مشروع قانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل)".
وأضافت، "كما صوت على مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016".
ترحيب سُنّي بتشريع قانون العفو
الكتل الممثلة للمكون السني في مجلس النواب، رحبت بتشريع قانون العفو العام، حيث قال رئيس مجلس النواب محمود المشهداني في مؤتمر صحفي عقده مع نواب المكون السني، إن "مجلس النواب صوت على قوانين مهمة، وشرع قانون العفو العام، بالتعاون بين النواب من جميع الكتل والمكونات"، مضيفا، أن "القانون سوف ينصف المظلومين ويضمن حقوقهم".
من جهته، قال النائب هيبت الحلبوسي: "نشكر رئيس المجلس ونائبه والنواب على تشريع القانون". عادّاً القانون، "بشرى سارة إلى أهالي المظلومين وجميع الشعب العراقي".
بدوره، قال النائب عن كتلة السيادة سالم العيساوي: إنه "بعد نقاشات سياسية عميقة ومكثفة وعديدة مع القيادات السياسية في البلد، شرحنا بها مظلومية المعتقلين الأبرياء والحيف الذي لحق بهم وذويهم، وحاجتهم إلى قانون يحقق العدالة وينصف المظلوم، ها قد وصل صوتهم إلى السلطة التشريعية وصوت مجلس النواب اليوم على قانون العفو العام الذي انتظرته جماهيرنا من ذوي المعتقلين الأبرياء في المحافظات المحررة".
وأضاف، إن "تشريع قانون العفو العام مكسب يعزز الثقة بين الجماهير والعملية السياسية والدولة ومؤسساتها بسلطاتها كافة ويرسخ من مساعي تماسك الجبهة الداخلية، وتقوية الصلة بين أبناء البلد الواحد".
وفي وقت لاحق، قال رئيس مجلس النواب محمود المشهداني في بيان، إنه "بكل فخر واعتزاز، وباسم الشعب الذي نمثله، أعلن لكم اليوم إقرار التعديل على قانون العفو العام، في خطوة تعكس التزامنا المستمر بالمصالحة الوطنية وبناء جسور الثقة بين أبناء وطننا الواحد".
"يضمن حقوق الأبرياء"
عبطان: تم التصويت على القانون بصيغته المعدلة، وأؤكد أن هذا القانون سيحقق العدالة للأبرياء ولن يشمل من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين
وبعد إقرار قانون العفو العام في مجلس النواب العراقي، أكد عضو البرلمان عبد الكريم عبطان، اليوم الثلاثاء، إن "هذا القانون سيضمن حقوق الأبرياء ولن يستفيد منه من ارتكبوا جرائم دموية بحق العراقيين".
وقال عبطان في تصريح صحفي: "تم إعداد قانون العفو العام من قبل الحكومة، ثم تم تعديله من قبل اللجنة القانونية في البرلمان، وعُرض لاحقاً على المجلس للتصويت عليه".
وأضاف، "تم التصويت على القانون بصيغته المعدلة، وأؤكد أن هذا القانون سيحقق العدالة للأبرياء ولن يشمل من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين".
يأتي هذا التصريح ليعكس تطمينات النواب حول نية القانون في تحقيق العدالة، وضمان أن العفو لا يشمل من ارتكبوا جرائم تضر بالأمن الوطني والمجتمع، هذا وتم التصويت على القانون بموافقة أغلبية الأعضاء، ليُحال إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه، ومن ثم يتم نشره في الجريدة الرسمية ليصبح ساري المفعول.
شكوك في التصويت بالأغلبية
مصادر نيابية في البرلمان العراقي، أكدت وجود شكوك في التصويت بالأغلبية على قانوني العفو العام والعقارات، مشيرة إلى أنهما لم يتوافقا بسبب اختلال النصاب القانوني.
حيث أكد عضو اللجنة القانونية النيابية رائد المالكي، اليوم الثلاثاء، وجود شكوك في التصويت بالأغلبية على قانوني العفو العام والعقارات، مشيرا إلى أنها لم تتوافق على القانونين؛ بسبب اختلال النصاب القانوني.
وقال المالكي في مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب بمشاركة نواب الإطار التنسيقي، إن "التصويت على القوانين بسلة واحدة يُعد مخالفة، ومن الضروري فصل القوانين؛ من أجل إتاحة الحرية للنائب وعدم سلب إرادته".
وأضاف، إن "رئاسة مجلس النواب ارتكبت مخالفة من خلال تجاوزها الفقرة الثانية من جدول الأعمال، التي تتعلق بالتصويت على قانون الأحوال الشخصية، بعد التصويت بالأغلبية على الأسباب الموجبة، إذ سابقاً تم التصويت على المواد وأصبح القانون كاملاً".
وتابع، إن "قانوني العفو العام والعقارات لم تتم الموافقة عليهما؛ بسبب اختلال النصاب القانوني لمجلس النواب، ولم يحصل القانونان على موافقة الأغلبية"، مبينا، "هناك شكوك بوجود تصويت بالأغلبية، حيث كان هناك لغط واعتراض، خاصة من قبل نواب الكتل الشيعية".
وأشار إلى، أن "القوانين لم تحصل على الأغلبية بعد طلب الرئاسة التصويت بالمجمل على القوانين"، مؤكداً أن "نواب الوسط والجنوب متجهون إلى الطعن ببعض الفقرات في القوانين التي نعتقد أنها لم تحصل على التصويت".
الأسباب الموجبة للرفض
العديد من القوى السياسية ترفض المضي بإقرار قانون العفو العام، بسبب علامات الاستفهام والقلق من إمكانية إطلاق سراح الآلاف من المجرمين والإرهابيين
النائب في البرلمان العراقي دريد جميل، حدد الأسباب الموجبة لرفض قانون العفو العام، مشيراً الى أنه من بينها أن قانون العفو العام يتضمن مواد يجب الوقوف عليها وبيان ارتداداتها على الأمن والمجتمع بشكل مباشر، خاصة وأن بعض النقاط تسمح بإخراج الفاسدين وسراق المال العام.
وقال دريد جميل، في حديث صحفي تابعته INFOPLUS، إن "قانون العفو العام يتضمن مواد يجب الوقوف عليها وبيان ارتداداتها على الأمن والمجتمع بشكل مباشر، خاصة وأن بعض النقاط تسمح بإخراج الفاسدين وسراق المال العام"، مشيراً إلى أن "من أخطر المواد ما يتعلق بحاملي 50 غراماً من المخدرات، حيث يمكن وصفهم بالمتعاطين، ما قد يؤدي إلى إطلاق سراح الكثير ممن تاجروا بهذه السموم".
وأضاف، أن "موقفه واضح وهو بالضد من إقرار قانون العفو العام الذي قد يؤدي إلى إطلاق سراح الفاسدين والمجرمين، لكنه ليس ضد إقرار قانون لصالح الأبرياء والمظلومين في السجون"، مؤكداً أن "هذا الأمر لا يختلف عليه اثنان".
يُذكر أن العديد من القوى السياسية ترفض المضي بإقرار قانون العفو العام، بسبب علامات الاستفهام والقلق من إمكانية إطلاق سراح الآلاف من المجرمين والإرهابيين".
"مراجعة الأحكام" وليس إطلاق سراح
وأكد عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، محمد عنوز، اليوم الثلاثاء، بأن قانون العفو العام ليس عفوًا بمعناه ويعني "مراجعة الأحكام" لمن ادعى المظلومية، نافيةً شموله بإطلاق سراح الإرهابيين.
وقال عنوز، إن "التصويت على قانون العفو تم وفقا لاتفاق سياسي بعد قراءة القانون داخل مجلس النواب"، مضيفاً أن "من حق جميع النواب الطعن بالقانون وفقا للدستور"، داعيا جميع النواب إلى، "تأسيس قاعدة سلمية بمنع النقاش لحظة التصويت".
وأوضح عنوز، أن "ما يتم تداوله عن قانون العفو العام منذ طرحه لغاية الآن غير دقيق، نافياً شمول الإرهابيين بالقانون"، مبينا، أن "تسمية القانون ليس عفوًا بل بمعنى مراجعة الأحكام أو إعادة النظر".
وتابع عضو اللجنة القانونية، أن "القانون يسمح لمن يدَّعي انتزاع الاعتراف أو الاعتراف بالإكراه تتم إعادة محاكمتهم وفق لجنة قضائية"، مؤكدا، أنه "لا توجد جهة لديها السلطة التقديرية إلا القضاء".
سيشمل المتورطين بسرقة القرن
"ياسر الحسيني: قانون العفو يشمل كل من المتهمين نور زهير، ورائد جوحي، وهيثم الجبوري، وغيرهم من الفاسدين".
وكشف النائب المستقل ياسر الحسيني، يوم الثلاثاء، أن قانون العفو العام سيشمل المتورطين بـ"سرقة القرن" وغيرهم من الفاسدين.
وقال الحسيني، إن "تعديل قانون العفو العام الذي أُقرّ في جلسة البرلمان اليوم يشمل كبار الفاسدين بطريقة التسوية، وهذه الطريقة سنة سيئة سنّها مجلس النواب وأضافها في قانون العفو".
وأكد، أن "قانون العفو يشمل كل من المتهمين نور زهير، ورائد جوحي، وهيثم الجبوري، وغيرهم من الفاسدين".
وحول شمول القانون للمتورطين بسرقة القرن، أكد عضو لجنة النزاهة النيابية دريد جميل، اليوم الثلاثاء، قانون العفو العام الذي صوت عليه البرلمان اليوم يشمل نور زهير المدان بسرقة الأمانات الضريبية.
وقال جميل، إن "قانون العفو العام الذي مُرِّر اليوم يشمل الإفراج عن سراق المال العام ومن ضمنهم نور زهير". وأضاف، إن "عرض القوانين الثلاث وإلزام التصويت عليها بآن واحد خرق قانوني ودستوري"، مردفاً بالقول: "لسنا ضد إقرار قانون العفو العام وإنما ضد بعض فقراته وسنعالجها قانونياً".