اتهامات خطيرة تطال مرشح بدر في بغداد.. شبكة تجنيد انتخابي داخل الحشد تهز الرأي العام

انفوبلس/ تقارير

أعاد جدل واسع تفجّر خلال الساعات الماضية ملفّ استغلال الحشد في المواسم الانتخابية إلى الواجهة، بعد انتشار وثائق رسمية تتعلق بمرشح منظمة بدر في العاصمة بغداد النائب مهند الخزرجي. فقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بمعطيات تُظهر – وفق الشكوى المرفوعة إلى مجلس المفوضين – عملية منظمة لاستقطاب نحو 1500 شاب مقابل وعود بالتعيين في صفوف الحشد الشــعـبي، في خطوة وصفتها الشكوى بأنها “استمالة انتخابية واضحة” و”توظيف غير مشروع للنفوذ العسكري”. وبينما تفاعلت القضية بشكل متسارع، أفضت التحقيقات الأولية إلى إلغاء ترشيح الخزرجي رسمياً، الأمر الذي فتح باب التساؤل حول تداعيات هذه الخطوة على مقاعد منظمة بدر وموقعها التنافسي داخل بغداد.

“شبكة منظمة” تضم 1500 شاب

بدأت القصة حين ظهرت وثيقة رسمية تتضمن شكوى مفصلة إلى مجلس المفوضين، تبيّن – بحسب نصّها – ما وصفته بأنه "شبكة منظمة" لاستقطاب الشباب. 

وتشير الشكوى إلى أن مجموعة تتكون من نحو 1500 شاب جرى جمعهم عبر حلقات متتالية يقودها شخص يدعى (لؤي عماد النصر)، قالت الشكوى إنه يعمل ضمن دائرة المرشح الخزرجي، ويشرف على عمليات التنظيم والتدريب وإدارة المجموعات.

وتوضح الوثيقة أن عملية الاستقطاب لم تكن عشوائية، بل جرى توزيع الشباب على مراحل، وتحديد أماكن تجمعات ومفارز تنسيقية، في إطار يُشبه – بحسب وصف الشكوى – “برنامجاً انتخابياً مموهاً بغطاء عسكري”.

تدريبات في ديالى.. تحت عنوان “دورة تمهيدية للحشد الشعبي”

وتكشف الشكوى أن المجموعات نُقلت إلى مواقع مختلفة من بينها معسكرات تدريبية في محافظة ديالى، حيث أُبلغ المشاركون بأن الدورة جزء من “برنامج إعداد وتدريب” سابق لضمّهم مستقبلاً في صفوف الحشد الشعبي.

وبحسب النص الرسمي، فقد خضعت المجموعة الأولى لدورة تدريبية بتاريخ 14 أكتوبر/تشرين الأول 2025، أعقبتها دورة ثانية بين 16 و26 من الشهر ذاته شارك فيها 250 شاباً.

وتؤكد الشكوى أن المنظمين أبلغوا المشاركين بأن تعيينهم سيجري “قريباً” على ملاك هيئة الحشد الشعبي، وأنهم سيستلمون بطاقات إلكترونية، تُستخدم لاحقاً لتسلم الرواتب والمواد الغذائية.

واعتبرت الجهات التي قدمت الشكوى أن هذه الخطوة تحمل طابعاً انتخابياً صريحاً، لأنها تقدم “امتيازات مالية ومعيشية” قبيل الانتخابات، ما يشكل خرقاً لقانون الانتخابات ويحمل شبهة “شراء أصوات جماعية”.

صكوك وكمبيالات تصل إلى 20 مليون دينار

أخطر ما ورد في الشكوى هو ما يتعلق بآليات الضغط على الشباب لضمان استجابتهم، إذ تقول الوثيقة إن بعض المتدربين طُلب منهم التوقيع على صكوك وكمبيالات مالية تصل قيمتها إلى 20 مليون دينار للشخص الواحد (نحو 14 ألف دولار).

ووفق النص، جرى إبلاغهم بأن كل مشارك ملزم بجلب 25 ناخباً يوم الاقتراع، وفي حال الإخلال بهذا الشرط “ستتم ملاحقتهم قانونياً عبر دوائر رسمية”.

ويرى مراقبون أن هذه الآلية تمثل سابقة خطيرة في تاريخ الممارسات الانتخابية في العراق، لأنها تدخل في صلب مفهوم “الإكراه المالي”، الذي يعدّ أحد أشد الخروقات المنصوص عليها في قانون الانتخابات.

هويات تحت عنوان “الحماية القانونية”

وتورد الشكوى أن المنظمين وعدوا أيضاً بترتيب رحلات سفر إلى إيران لاستكمال التدريب، وهو ما اعتبرته الوثيقة “جزءاً من أدوات الإقناع”، إذ يمنح الشباب شعوراً بأنهم بالفعل ضمن برنامج مؤسساتي رسمي مرتبط بالحشد الشعبي.

كما جرى – وفق الشكوى – إصدار “هويات حزبية” تحمل عنوان الحماية القانونية، قيل إنها تتيح لحامليها حرية الحركة والنفوذ داخل بعض مؤسسات الدولة

ضغوط على الموظفين والقوات الأمنية

لم تقتصر الاتهامات على استقطاب الشباب، بل تشير الشكوى إلى أن مدير مكتب المرشح، (علاء ع.) مارس ضغوطاً مباشرة على موظفين حكوميين وعناصر من القوات الأمنية، مهدداً بعضهم بـ“عواقب وظيفية” في حال عدم انتخاب الخزرجي.

وتؤكد الوثيقة أن الشكوى مدعومة بـأرقام هواتف وتسجيلات اتصال، قدّمت إلى المفوضية باعتبارها أدلة على عمليات التأثير غير المشروع.

خرق لقانون الانتخابات رقم (12) لسنة 2018

وتلفت الشكوى إلى أن هذه الممارسات تمثل خرقاً واضحاً لبنود قانون الانتخابات، ولا سيما المواد التي تنص على: منع استخدام المال السياسي، وعدم جواز استغلال الأجهزة الأمنية والحشد الشعبي في الدعاية الانتخابية، وحظر التأثير على الناخبين بالترغيب أو الترهيب.

وتشير مصادر قانونية أن مجرد “إيهام الناخب بالتعيين” يدخل ضمن مفهوم الاستغلال غير المشروع للنفوذ، وهو ما يمنح المفوضية الحق في اتخاذ إجراءات تصل إلى إلغاء الترشيح.

من هو مهند الخزرجي؟

يُعدّ مهند الخزرجي من أبرز مرشحي منظمة بدر في بغداد، وقد حصل في الانتخابات الأخيرة على 10,084 صوتاً، مكّنه دخول البرلمان ضمن دائرة تشهد تنافساً شديداً داخل المكون الشيعي.

ورغم صعوده القوي، فإن الاتهامات الأخيرة أوقفت مساره السياسي بشكل مفاجئ، بعد أن اتخذت المفوضية قراراً سريعاً استجابة للمخالفات الموثقة.

قرار المفوضية: إلغاء ترشيح الخزرجي

اليوم الثلاثاء، وبعد ما ورد من شكاوى ووثائق، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الثلاثاء، استبعاد المرشح الفائز مهند الخزرجي رسمياً.

وقالت المفوضية في وثيقة رسمية وردت لشبكة انفوبلس، إن القرار استند إلى توصية لجنة تدقيق المرشحين المشكلة بالأمر الوزاري (79)، والتي خلصت إلى أن الخزرجي لا يستوفي شرط “حسن السيرة والسلوك” الوارد في المادة (3) من قانون الانتخابات.

وبذلك جرى إلغاء المصادقة على فوزه ضمن مرشحي منظمة بدر عن بغداد.

هل يتأثر رصيد بدر الانتخابي؟

تشير البيانات الأولية إلى أن منظمة بدر حصلت في بغداد على 116 ألف صوت، منها أكثر من 10 آلاف صوت ذهبت للخزرجي وحده.

وبحسب التحليل الانتخابي بعد استبعاد أصوات الخزرجي، سينخفض رصيد بدر إلى 106 آلاف صوت، ورغم ذلك، لن يتغير عدد مقاعدها في بغداد، إذ ستبقى محتفظة بـ 4 مقاعد.

وسيجري رفع مرشح آخر من قائمة الاحتياط في بدر ليحلّ محل الخزرجي، وهو ما تأكد لاحقا عندما تم رفع اسم محمد مهاوي كبديلا للخزرجي عن قائمة بدر.

ويؤكد خبراء أن تأثير هذه القضية سياسي أكثر منه عددي، إذ ألقت بظلالها على سمعة المنظمة وحساسيات الشارع تجاه توظيف الحشد في السياسة.