الاحتلال الأمريكي يناور للبقاء وبغداد تؤكد التزامها بتنفيذ اتفاق الانسحاب

انفوبلس/..
يشهد المشهد السياسي والأمني في العراق تطورات متسارعة بشأن تنفيذ اتفاق انسحاب القوات الأمريكية، وسط تصاعد الجدل حول مدى التزام واشنطن بتنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه.
في ظل ذلك، أكدت لجنة الأمن والدفاع النيابية رفضها القاطع لأي محاولات عراقية أو أمريكية لتمديد هذا الاتفاق، مشددة على أن الانسحاب سيجري وفق المراحل المحددة سلفًا.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة الضغط على بغداد لإعادة النظر في قرار الانسحاب، ما يثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية وراء استمرار وجودها العسكري، خاصة مع الترويج المتزايد لشائعات عن مباحثات سرية تهدف إلى تمديد بقاء القوات الأجنبية.
في المقابل، تلتزم الحكومة العراقية بالمضي قدمًا في تنفيذ الاتفاق، رغم التحديات السياسية والضغوط الخارجية.
جدول الانسحاب سيُنفذ
رفضت لجنة الامن والدفاع النيابية، اليوم الثلاثاء، أي محاولة عراقية او امريكية الى تمديد اتفاق سحب القوات الامريكية بالكامل من العراق بحسب الاتفاق بين الجانبين.
وقال عضو اللجنة النائب حسين العامري في تصريح صحفي، تابعته INFOPLUS، إنه "لا يوجد لحد الأن أي طلب قُدم من قبل الولايات المتحدة الامريكية، او من قبل الجانب العراقي بتمديد اتفاق انسحاب القوات الأجنبية،بما فيها القوات الامريكية من العراق بالكامل حتى نهاية العام الجاري".
وأضاف، إن "جدول الانسحاب سيُنفذ حسب الاتفاق وعلى مراحل عدة خلال السنة الحالية"، فيما أكد ان "هناك رفض قاطع لأي محاولة كانت عراقية او امريكية تطالب بتمديد اتفاق سحب القوات الامريكية بالكامل وان الاتفاق سيمضي حتما".
وكانت واشنطن وبغداد قد توصلتا إلى تفاهم حول خطة لانسحاب قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من العراق وفق خطة تتضمن خروج قوات التحالف بما فيها القوات الامريكية بحلول أيلول من عام 2025، والبقية بحلول نهاية العام التالي.
مماطلة بتنفيذ الاتفاقيات
بغداد ملتزمة بالتوقيت الذي تم الاتفاق عليه، وما تروّج له وسائل الإعلام المغرضة هدفه إثارة الفوضى
وتتواصل الجهود العراقية من أجل إنهاء الوجود الأمريكي العسكري في البلاد، من خلال استمرار الضغط على واشنطن، في وقت تحاول الولايات المتحدة الأمريكية، المماطلة بتنفيذ الاتفاقيات التي توصّل لها الجانبان خلال المباحثات الثنائية التي أجريت خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي اتفق خلالها الطرفان على انهاء مهمة ما يُسمّى بالتحالف الدولي نهاية العام الجاري، تمهيداً للانسحاب العسكري الكامل من الأراضي العراقية.
وخلال الأيام الماضية، روّجت وسائل إعلام مدعومة من الخارج والمؤيدة لبقاء القوات الأمريكية، أخباراً واشاعات مفادها بأن هناك مباحثات سرية بين العراق وأمريكا، لتمديد بقاء القوات الأجنبية وعدم تنفيذ بنود الانسحاب، وهو ما نفته الحكومة العراقية على لسان متحدثها باسم العوادي الذي أكد ان بغداد ملتزمة بالتوقيت الذي تم الاتفاق عليه، وما تروّج له وسائل الإعلام المغرضة هدفه إثارة الفوضى.
ويتوقع مراقبون بأن الترويج لمثل هذه الأخبار يأتي بدفع أمريكي، الغرض منه تمرير رسائل للقوى السياسية في العراق، ومعرفة ردة فعل المقاومة الإسلامية، لأنها لا تريد الرجوع الى مرحلة استهداف قواعدها، وتحاول المحافظة على الهدوء الذي نتج عن اعلان المفاوضات الثنائية، لذلك تحاول رمي الكرة بملعب الحكومة العراقية، تجنباً للاصطدام بالمقاومة مرة أخرى.
وبحسب مصادر سياسية مطلعة، فأن الإدارة الأمريكية تضغط على بغداد من أجل التريث بقرار الانسحاب، مشيرة الى ان الحكومة العراقية أبلغت واشنطن بأنها ملتزمة بقرارات اللجنة الثنائية، ولا تريد إثارة الرأي العام ضدها، سيما بعد الأحداث في غزة ولبنان وتورّط الجانب الأمريكي بالمجازر التي وقعت خلال عملية طوفان الأقصى.
الحكومة ماضية في قرارها
لجنة الأمن والدفاع النيابية أكدت في حديث صحفي، إن "الحكومة ماضية بقرار انهاء مهمة القوات الأمريكية، داعية في الوقت نفسه الى الإسراع بملف التسليح، خاصة فيما يتعلق بالدفاعات الجوية".
وقال عضو اللجنة علي البنداوي، أن "القرارات التي نتجت عن المباحثات الثنائية ملزمة للطرفين على وفق التوقيتات التي تم الاتفاق عليها، وما يروّج في وسائل الإعلام الغرض منه إثارة الفوضى السياسية”، منوهاً الى ان “القوات الأمنية العراقية باتت تمتلك قدرات كبيرة، ولا تحتاج الى قوات مساندة".
وفي وقت سابق، أعلنت بغداد وواشنطن، عن الاتفاق لإنهاء مهمة ما يسمى "التحالف الدولي" ضد تنظيم "داعش" في العراق بموعد أقصاه نهاية أيلول 2025، وجاء ذلك بعد جولات حوار بين الطرفين امتدت لأشهر على خلفية مطالب شعبية بإنهاء الوجود العسكري من قبل المقاومة الإسلامية العراقية التي تصاعدت على إثر جرائم أمريكية استهدفت مقرات الحشد الشعبي.
ذرائع بقاء الإحتلال
"الحرب الطائفية والاقتتال السياسي والحروب كلها صنيعة أمريكية، الغرض منها البقاء في العراق”
من جهته، يقول الخبير الأمني عدنان الكناني، في حديث صحفي، إن "أمريكا منذ دخولها الى العراق أسست لبقاء قواتها لعشرات السنوات، وهي غير مستعدة للانسحاب، ولن تنفذ أي بند من بنود الاتفاق الأمني بين الجانبين".
وأضاف الكناني: أن "الحرب الطائفية والاقتتال السياسي والحروب كلها صنيعة أمريكية، الغرض منها البقاء في العراق”، مبيناً: انه “لولا ضغط المقاومة الإسلامية وشن ضربات ضد قواعد واشنطن، لما اضطرت أمريكا الى اجراء مفاوضات مع الجانب العراقي".
وشكك الكناني بجدية المفاوضات الثنائية بين بغداد وواشنطن، منوهاً الى ان "المباحثات تسودها الضبابية وعدم الوضوح، ولا توجد أي بنود للاتفاقيات التي أبرمت بين الطرفين، ما يجعلها بمثابة إبرة مخدرة لوقف المطالبات بسحب القوات الأجنبية من الأراضي العراقية لا أكثر".
في ظل هذا الواقع، يتصاعد الجدل حول الدوافع الحقيقية وراء استمرار التواجد العسكري الأمريكي، حيث يرى مراقبون أن الولايات المتحدة تستخدم تهديد داعش ذريعة لإطالة أمد وجودها العسكري.
وأفاد تقرير لموقع نيولاين إنستيتيوت الأمريكي المتخصص بالشؤون السياسية، بأن الجدل يتصاعد حول الأسباب الحقيقية وراء استمرار التواجد العسكري الأمريكي في العراق، حيث يرى مراقبون أن واشنطن تستخدم خطر داعش كذريعة لإبقاء قواتها، رغم التغيرات التي طرأت على المشهد الأمني في المنطقة.
وأضاف التقرير أن انتقال القوات الأمريكية تدريجيًا إلى إقليم كردستان يثير تساؤلات حول مدى استقلالية القرار العراقي في تحديد مستقبله الأمني بعيدًا عن الضغوط الخارجية.
وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تسعى للحفاظ على نفوذها الإقليمي من خلال شراكات أمنية ثنائية، تتيح لها استمرار عملياتها دون الحاجة إلى تفويض دولي، كما أوضح أن تعزيز الوجود العسكري في أربيل قد يؤدي إلى ترتيبات جديدة تُضعف سلطة الحكومة الاتحادية العراقية، في ظل التوترات المستمرة بين بغداد وأربيل.
وأوضح التقرير أن الانسحاب التدريجي قد لا يكون خروجًا فعليًا بقدر ما هو إعادة تموضع، إذ تعتمد واشنطن على إنشاء مراكز دعم لوجستي تمكّنها من التدخل السريع عند الضرورة.
وأكد التقرير أن عدم وجود جدول زمني صارم لإنهاء الوجود الأمريكي في العراق يجعل مستقبله مرهونًا بالتطورات السياسية والأمنية، وسط مخاوف من أن يتحول العراق إلى ساحة صراع بالوكالة تخدم المصالح الأمريكية في المنطقة.
نشاط المقاومة مرهون بالانسحاب
وخلال الفترة الماضية، شنت المقاومة الإسلامية، هجمات بالطيران المسير والصواريخ الباليستية ضد القواعد الأمريكية، من أجل انهاء الوجود الأجنبي العسكري.
وأعلنت المقاومة الإسلامية في العراق، عن تعليق عملياتها بعد رضوخ واشنطن لمفاوضات مع بغداد، لتحديد جدول زمني لإنهاء وجودها، ورهنت عودة الضربات بجدية المفاوضات ونتائجها.
ويوجد نحو 2500 عسكري أمريكي في العراق، يتوزعون على ثلاثة مواقع رئيسة في العراق هي، قاعدة "عين الأسد"في الأنبار، وقاعدة "حرير" في أربيل، ومعسكر "فيكتوريا"الملاصق لمطار بغداد الدولي، وليست جميع هذه القوات أمريكية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية تعمل ضمن قوات ما يُسمّى بالتحالف الدولي، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.