"الجواز العراقي الأول عالمياً".. سوء فهم وتحريف يُظهر وزارة الداخلية كاذبة.. تعرف على حقيقة مركز العراق في مؤتمر مندكس بدبي
انفوبلس..
لغط كبير أثاره سوء فهم وتحريفات متعمدة لتصريحات العميد بوزارة الداخلية، أحمد رضا، بلقاء تلفزيوني ذكر فيها أن مشروع الجواز الإلكتروني العراقي حصد المركز الأول كأفضل مشروع على مستوى العالم في مشاريع منصة "مندكس"، ليُفهم عند العديد من الناس بأن الجواز العراقي حصل على المركز الأول عالمياً، وهو ما يخالف تصريحات العميد المتلفزة، فما هي الحقيقة؟ وهل ينفي إيضاحها شبهات الفساد في المشروع؟
حقيقة التصريحات
في لقاء مباشر على قناة "عراق 24" تحدث العميد أحمد رضا عن مشروع الجواز الإلكتروني، وذكر أن المشروع تم إنشاؤه على منصة عالمية تدعى "منصة مندكس"، وهي منصة رائدة في مجال البرمجيات تنشط منذ عام 2005 في جميع أنحاء العالم وتصيغ المشاريع العملاقة برؤى رقمية إلى مشاريع سريعة الإنجاز ودقيقة النتائج، وهي منصة ذات كودات برمجية واطئة.
وأضاف، أن هذه المنصة تم استخدامها في إنشاء مشروع الجواز الإلكتروني العراقي لأنها تحتوي على مرونة عالية جدا ما يُسهّل الإجراءات على المواطن العراقي.
ونوه إلى أن المشروع العراقي حاز على المركز الأول في مؤتمر مندكس السنوي العالمي والذي عُقد في دبي بتاريخ 8/5/2024، خلال منافسته جميع المشاريع العالمية المؤسسة في منصة مندكس.
ولفت إلى أن المشروع العراقي حصل على هذا المركز لأنه مشروع متكامل من الألف إلى الياء ويجمع العديد من الخدمات في خدمة واحدة ويقدمها إلى المواطن بسرعة ودقة كبيرتين.
سوء فهم وتحريف
مدونون ومعلقون ومنصات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي لم تفهم تصريحات رضا رغم وضوحها، فيما عمدت منصات أخرى إلى اجتزاء جزء منها لتمرير رسالة مفادها بأن وزارة الداخلية كاذبة.
ولكن الحقيقة أن هنالك سوء فهم، فالعميد أحمد رضا لم يقل إن الجواز العراقي أصبح الأول عالمياً كما جرى الترويج للموضوع، ولم يتطرق أصلا إلى مرتبة الجواز العالمية، ولكن كلامه اقتصر على الأبعاد التقنية والبرمجية في مشروع الجواز الإلكتروني الحديث وتطوره وما وصل إليه.
بيان الداخلية
وفي الرابع عشر من الشهر الجاري، نشرت العديد من وسائل الإعلام المحلية خبر حصد مشروع الجواز الالكتروني والفيزا الالكترونية لجمهورية العراق، المرتبة الاولى على مستوى العالم كأفضل نظام الكتروني متكامل لعام 2023 من خلال التقييم الذي أجرته منصة مندكس العالمية.
وذكرت وزارة الداخلية في بيان، أن ذلك جاء خلال المؤتمر السنوي لمنصة مندكس العالمية المنعقد في الامارات، حيث فصّل رئيس الوفد العراقي أمجد العوادي، الإنجازات المتحققة من خلال مشروع الجواز الالكتروني والفيزا الالكترونية، وأكد على أهمية الشراكة والدعم المتحقق من خلال الشركة المنفذة لهذين المشروعين، وكذلك استلم درع التكريم للعراق.
وحضر المؤتمر أيضا ممثلون عن وزارة الداخلية (مدير صندوق شهداء الشرطة والوفد المرافق له)، والخارجية العراقية (ممثلةً بالقنصل العام العراقي في دبي) للتحدث عن قصة النجاح، واستعراض الإنجازات المتحققة واستلام التكريم.
وبحسب مصدر مطلع فقد حقق مشروع الجواز الإلكتروني والفيزا الإلكترونية، نظام إلكتروني مطور ومتكامل لرقمنة الإجراءات من كافة مراحل التقديم والمعالجة والدفع الالكتروني وأسهم في اختزال (85%) من الإجراءات الروتينية إلغاء التعامل الورقي بنسبة (100%).
وأضاف، أن الحاضرون أبدوا إعجابهم وأشادوا بالإجراءات التكنولوجية المتخذة من قبل الحكومة العراقية – وزارة الداخلية بالتعاون مع الشركة المنفذة للمشروع في إنتاج نظام إلكتروني ضخم جداً مطور ومتكامل يمتاز بسرعة ودقة وتبسيط الاجراءات.
وتعتبر منصة مندكس العالمية المصنفة رقم (1) في معيار جارتنر Gartner العالمي لعام 2023، إحدى منتجات شركة سيمنز العالمية المتخصصة في إنشاء التطبيقات والأنظمة الإلكترونية والمعتمدة في عدد كبير من دول العالم والمنطقة.
شبهات فساد في المشروع
وعلى الرغم من اعتماده رسمياً وبشكل نهائي، لكن واجه مشروع الجواز الإلكتروني منذ الإعلان عنه العديد من العقبات والشبهات التي وصلت إحداها إلى وصف تعاقد وزارة الداخلية مع شركة (أفق السماء) المنفذة للمشروع بـ"سرقة القرن الثانية".
في مطلع شهر تموز الماضي، وجّه وزير الداخلية بإيقاف 3 ضباط وتشكيل مجلس تحقيقي بحقهم بسبب شكوك بوجود شبهات فساد في عقد الجواز الإلكتروني، وذلك بعد انتشار أنباء على مستوى واسع تتحدث عن قضية فساد "كبرى" بشأن هذا الملف، ضمنها حديث النائب حسين السعبري في مجلس النواب الذي وصف فساد عقد الجواز الإلكتروني بسرقة القرن الثانية.
السعبري الذي وجه سؤالاً نيابياً لوزير الداخلية، حول الجواز الإلكتروني، ذكر في مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب، أنه "على مدى الأشهر الستة الأولى من عام 2023 في أداء دوره الرقابي النيابي، ومن خلال التدرج في الأدوار النيابية والرقابية من طلب المعلومات والوثائق والزيارات الميدانية، والأسئلة النيابية الخطية ومع أكثر من وزارة وبعد أشهر من التواصل المستمر مع رئاسة المجلس لإدراج حضور وزير الداخلية، في جلسة نيابية، بيّنا لمجلس النواب حقائق الإجراءات غير الدستورية وغير القانونية في العقد (5) لسنة 2021 المبرم بين وزارة الداخلية وشركة أفق السماء بخصوص مشروع الجواز الإلكتروني والفيزا والبوابات الإلكترونية".
وأشار إلى، أن "العقد يفتقر للشرعية ولا سند له من القانون وبطلان قرار مجلس الوزراء رقم 178 لسنة 21 الذي استندت إليه الوزارة في عقدها المذكور". لافتا إلى، أن "حجم الفساد الكبير في العقد بما يرقى تسميته (سرقة القرن الثانية) وما وصل إليه الفاسدون من قدرة على تغليف الفساد بين نصوص قانونية من خلال تغلغلهم في مؤسسات الدولة وقدرتهم الهائلة على تأثير صانعي القرار".
وطالب النائب السعبري مجلس النواب بـ"تشكيل لجنة نيابية خاصة للتحقق من فساد العقد 5 لسنة 2021، كما نطالب كذلك إيقاف مهزلة تحميل كلفة العقد على المواطن لإصدار الجواز الإلكتروني تحت عنوان الأجور أو الرسوم بعد أن بيّنا المخالفات والخروقات القانونية مع ضمان المبالغ التي دفعها المواطن".
وشدد على ضرورة، أن "ترسل الحكومة مشروع قانون التعاقدات الحكومية إلى مجلس النواب لغلق منافذ الفساد والفاسدين بسبب هشاشة وفوضى التشريعات الحالية". مؤكدا، "لن نتوقف بعد جلسة اليوم وستتبعها إجراءات؛ أولا إحالة الملف إلى رئيس الوزراء للتحقيق وإيقاف فرض الرسوم أو الأجور أو الكُلف غير القانونية اضافة إلى إحالة الملف للادعاء العام للتحقيق في هدر المال العام والخاص و إحالة الملف إلى هيئة النزاهة للتحقق في الملف".
وأكد النائب السعبري، "أننا نقف مع رئيس الوزراء وحكومته في تنفيذ البرنامج الوزاري لكننا في ذات الوقت سنواصل دورنا الرقابي تجاه الإجراءات غير القانونية في إصدار الجواز الإلكتروني وأثار تعاقد الوزارة مع الشركة المذكورة التي تسببت في التمييز الاجتماعي والاقتصادي بين المواطنين مما يُعد خرقا دستورية للمادة 14 من الدستور وسنتابع الإجراءات القانونية في عمليات فرض الرسوم و الأجور في كل الوزارات بما يضمن عدم تعسف المؤسسات الحكومية في إجراءاتها".
تحذيرات سابقة حول شركة أفق السماء
وفي العام الماضي وبخصوص هذا الشأن، أكد عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، رياض التميمي، وجود شبهات فساد حول شركة "افق السماء" التي تعاقدت معها وزارة الداخلية، في مطالعة موجَّهة إلى مجلس القضاء الأعلى، هيئة النزاهة، ورئاسة الادعاء العام، حذّر من خلال كتب رسمية تثبت مخالفات صريحة، مع ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة وسريعة، تجاه ذلك الخرق بالقانون والصلاحيات المناطة للوزارات".
وأضاف، أن "قيام وزارة الداخلية بالتعاقد مع شركة "أفق السماء" وفق كتاب الأمانة، ليس من صلاحياتها.
من جهتها أكدت النائبة عالية نصيف، ضرورة الكشف عن فساد في هذا العقد، محذرة من توقيعه، الذي بلغت قيمة الفساد فيه 70 مليون دولار (الفرق بين قيمته الحقيقية والظاهرية). واليوم هناك أنباء وللأسف تفيد بأن العقد تم تمريره بشكل سرّي بعيداً عن وسائل الإعلام.
وقالت نصيف، إن "الشركة السابقة (الألمانية) لديها عقد مع العراق مدته 10 سنوات، وبالتالي فإن الفاسدين لا يكترثون فيما إذا قامت الشركة السابقة بتغريم الدولة مبالغ طائلة بسبب التعاقد مع شركة جديدة".
فقد كانت الفقرة السابعة من العقد الجديد مع أفق السماء، بأن يلتزم الطرف الأول "الحكومي" بعدم الدخول بأي التزام تعاقدي مع أي جهة حكومية أو محلية أو أجنبية بمشروع مماثل للجواز الإلكتروني والفيزا الإلكترونية والبوابات الإلكترونية، طيلة مدة الاتفاق. فهل هو تخبّط في القرارات أم مصلحة حيتان الفساد أولا؟ .
وطالبت نصيف، هيئة النزاهة والادعاء العام بالتدخل والتحقيق في هذا العقد، واعتبار هذا البيان بلاغاً رسمياً منذ تاريخ نشره في وسائل الإعلام.
وشركة أفق السماء هي شركة محلية تأسست عام 2008 لديها شركاء مثل وزارة الاتصالات العراقية، الشركة العامة للمعلوماتية والاتصالات(ITPC) هي شركة مملوكة للحكومة، ومسؤولة عن توفير خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية والبريد في العراق، وتُصنف من الشركات غير الرصينة لكثرة الشكاوى حول الخدمات المقدّمة للمواطنين.