الحلبوسي "المعزول" معرَّض للسجن لمدة 15 سنة.. ما القصة وهل لقضية التزوير الشهيرة علاقة؟
انفوبلس/ تقرير
في سابقة "غير معهودة" في العملية السياسية العراقية حيث تمت الإطاحة برئيس مجلس النواب العراقي محمد ريكان الحلبوسي بقرار من المحكمة الاتحادية العليا، وذلك على خلفية جريمة التزوير، وهي جريمة مخلّة بالشرف حسب الدستور العراقي، وبالتالي تم إسقاط عضويته في البرلمان العراقي، لكن ما قصة الحديث عن 15 سنة من السجن؟
رئيس المحكمة الاتحادية العليا جاسم العميري، قد صرّح بأن قرار إنهاء عضوية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لا يخضع لطرق الطعن القانوني، وأنه بات وملزم لجميع السلطات، مؤكدا أن المحكمة الاتحادية مختصة بالنظر في مثل هذه القضايا بموجب المادة 93 من الدستور.
وقبل القرار الذي جاء بناءً على شكوى بالتزوير قدمها ضده النائب السابق ليث الدليمي، كان المعزول الحلبوسي يقضي فترته الثانية رئيسا لمجلس النواب العراقي، وهو المنصب الذي تولاه لأول مرة في عام 2018.
*الحلبوسي مصيره السجن
وبحسب خبراء القانون، فإن الحلبوسي سيواجه إجراءات قانونية لن تتوقف عند إنهاء عضويته في مجلس النواب، حيث يؤكدون أن عقوبة التزوير وفق المواد ٢٨٩ و٢٩٨ من قانون العقوبات العراقي تصل إلى السجن لمدة ١٥ سنة.
يقول الخبير القانوني علي التميمي، إن "المحكمة الاتحادية وبعد أن قررت إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بسبب وجود تزوير في الاضبارة الشخصية، فإن الموضوع المتبقي يكون بعهدة البرلمان وعلى الرئاسة حصراً التي أوكلت مهامها الى النائب الأول".
ويضيف، إن "النائب الأول بإمكانه التأكد من عمليات التزوير عن طريق مفاتحة الجهة التي أصدرت الوثيقة للتأكد من صحة الصدور، وفي حال التأكد من التزوير في الاضبارة فإنها تُحيله الى الادعاء العام او الى محكمة التحقيق التي تقوم بدورها باتخاذ الإجراءات الخاصة بالتزوير، خصوصا أن الحلبوسي لم يعد نائبا"، مشيرا الى أن "عقوبة التزوير وفق المواد ٢٨٩ و٢٩٨ من قانون العقوبات العراقي تصل إلى السجن لمدة ١٥ سنة".
يشار الى أن المحكمة الاتحادية العليا اعتبرت "تهمة تزوير" تُخلّ في الشروط الاساسية التي يجب أن يتمتع بها النائب وقدسية التمثيل الشعبي في مجلس النواب.
أما المختص في الشأن القانوني محمد الساعدي، فلا يختلف عن رأي التميمي، ويؤكد أن "رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي أصبحت عليه قضية مخلة بالشرف من خلال قيامه بالتزوير وهذا الامر لا يتعلق فقط بإنهاء عضويته من مجلس النواب العراقي، بل هناك إجراءات قانونية سوف تُتخذ بحقه".
ويبين، أن "هناك من سيحرك دعوى قيام بالتزوير عند المحاكم المختصة، وإدانته بهذا الأمر سيكون مصيره السجن، وربما تصل الى 15 سنة، أضافة الى أنه لا يحق له الترشيح في أي انتخابات برلمانية قادمة، كما يجب إخراجه من رئاسة حزب تقدم بحسب قانون الأحزاب كونه ارتكب جريمة مخلة بالشرف".
والمحكمة الاتحادية العليا هي أعلى محكمة دستورية في العراق، تختص في الفصل في النزاعات الدستورية، وتُعد قراراتها باتَّةً ومُلزمة لكل السلطات، وهي مستقلة بشكل كامل عن القضاء العادي وتتخذ من العاصمة بغداد مقراً لها، وتتكوّن من رئيس وثمانية أعضاء.
الى ذلك، يؤكد أن النائب المستقل باسم خشان، استمراره في ملاحقة رئيس البرلمان المعزول من المحكمة الاتحادية العليا محمد الحلبوسي قضائياً، مشيرا الى ان مصير الحلبوسي سيكون السجن.
ويقول خشان، إن "الحلبوسي ارتكب جرائم مخلة بالشرف ومصيرها "السجن" وقد تعاملت مع قضايا الحلبوسي بموضوعية وقانونياً"، لافتا الى ان "الأدلة تراكمت ضد الحلبوسي ولم يكن امام المحكمة الاتحادية سوى إنهاء عضويته".
وأسهمت بعض تفسيرات المحكمة الاتحادية، بالإضافة إلى جملة من قرارات أصدرتها في فترات متفاوتة، في رسم أو تغيير خارطة المشهد السياسي في البلاد إلى حد ما، ومن أبرزها تفسيرها للكتلة الأكبر بعد إعلان نتائج الدورة الثانية للانتخابات البرلمانية في العراق عام 2010 بأنها "التي تتشكل داخل البرلمان، وليس التي تفوز في الانتخابات".
يذكر أنه عقب صدور قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية محمد الحلبوسي، من مجلس النواب، لم يهدأ الأخير، فأجرى سلسلة لقاءات مع قادة سياسيين، وممثلين لبعثات دبلوماسية في بغداد، لبحث العودة، ودور القضاء داخل البلاد.
هذه اللقاءات، ووفقا لمراقبين، جاءت لهدفين، الأول محاولة إيجاد منفذ للعودة إلى المنصب حتى وإن تطلب الأمر منه الاستعانة بالتدخل الخارجي، وثانيا، وقف التصعيد ضده عند هذا الحد وعدم المضي به للمحاكم والمحاسبة القانونية بتهمة التزوير، التي يمكن أن تؤدي به للسجن، بحسب خبير قانوني.
كما أن قرار المحكمة الاتحادية العليا هو الأول من نوعه منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، الذي يطاول إحدى الرئاسات العراقية الثلاث (الحكومة ومجلس النواب والجمهورية).
*تطورات رئاسة البرلمان
مع خلافات تجاوزت النصف عام، ما زال البرلمان العراقي، بلا رئيس في ظل التشتت السني والانقسام الشيعي، وفي خطوة لحل الانسداد السياسي، كشف القيادي في ائتلاف النصر عقيل الرديني، عن حراك تقوده 3 من نخب الإطار التنسيقي لحسم عقدة رئاسة مجلس النواب تتمثل باتفاق الكتل السنية على اسم واحد، فيما أشار إلى أنه في حال لم يحصل ذلك سيكون الخيار بيد النواب دون تدخل القيادات.
ويملك الإطار التنسيقي، التحالف الأكبر داخل مجلس النواب، نحو 140 مقعدا من أصل 329، ما يمنحه ترجيح كفة مرشح على آخر لمنصب رئيس مجلس النواب الشاغر منذ نحو 6 أشهر، ويشغله بالإنابة محسن المندلاوي أحد نواب الإطار التنسيقي.
إذ يقول الرديني، إن "الإطار بإمكانه حسم رئاسة مجلس النواب لكنه لا يريد ان يخل بالتوازنات السياسية فالمنصب تابع للمكون السني"، مبينا، "لكن بالمقابل هناك خلاف سني- سني والواقعية السياسية تفرض محددات تجعله ينتظر ان تتوافق القوى السنية إلى خيارين لا ثالث لهما وهو اما أن تنسحب شخصية من سباق التنافس أو يتم التوافق على مرشح وحيد ليتم طرحه".
ويبين، أنه "بخلاف ذلك لن يكون أمام الإطار سوى اعطاء اعضائه حرية الاختيار وهذا ما حصل في الجلسة الاخيرة والذي اظهر انقسامات في ذات التكتلات فالكرد دعموا سالم العيساوي بـ33 صوتا وهناك من دعم منافسه المشهداني"، مردفاً ان التنافس الشديد بين القوى السنية على رئاسة مجلس النواب لا يختلف عليه اثنان".
ويكشف ان "الإطار يدعم خيار توافق البيت السني من اجل انهاء عقدة الرئاسة في ظل وجود حراك تقوده 3 نخب متمثلة بعمار الحكيم والعبادي والمالكي من اجل دفع القوى السنية للذهاب الى دعم ترشيح شخصية محددة لرئاسة مجلس النواب"، موضحا ان "الإطار سيناقش عقدة رئاسة مجلس النواب في اجتماعاته المقبلة لكن الكرة تبقى في ملعب القوى السنية في تحديد بوصلة توجهاتها واي خيار ستمضي به".
وفشل مجلس النواب، في 18 أيار/ مايو الجاري، في اختيار رئيس جديد له، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة "حاسمة" لترجيح كفة أحد المرشحين النائب سالم العيساوي عن حزب السيادة، ومحمود المشهداني المدعوم من حزب تقدم.
وشهد التصويت منافسة "محتدمة" بين النائبين سالم العيساوي، ومحمود المشهداني، حيث حصل الأول على 158 صوتا في حين حصل الثاني على 137 صوتاً، كما حصل النائب عامر عبد الجبار 3 أصوات، بينما بلغت الأصوات الباطلة 13 صوتاً، وأدلى 311 نائبا (من إجمالي 329) بأصواتهم في الجولة الأولى التي انطلقت في الساعة الرابعة عصرا بتوقيت بغداد.
إلا أن الجولة الثالثة لم ترَ النور بسبب شجار بين النواب تطور إلى اشتباك بالأيدي، حيث وثقت هواتف النواب، مشادة كلامية وتشابك بالأيدي بين نواب من تقدم وزملاء من كتل أخرى على خلفية انتخاب رئيس للبرلمان.
وتدعم كل من قوى "تقدم"، و"الصدارة"، محمود المشهداني، فيما تقف كل من "العزم" و"الحسم" و"السيادة" خلف دعم سالم العيساوي، مع انقسام واضح داخل قوى الإطار التنسيقي.
ويعدّ منصب رئيس مجلس النواب من حصة السنة وفقا للعُرف السياسي الدارج في العراق منذ تشكيل النظام السياسي بعد العام 2003، في حين يذهب منصبا رئيس الوزراء للشيعة، ورئيس الجمهورية للكرد.