الصراع السُنّي يصل لمستوى ضَحِل بعد تبادل الشتائم بين قيادات المكوّن.. الحلبوسي يُعادي الجميع ويهدد بورقة الإرهاب
انفوبلس..
وصل مستوى الصراع السنّي ذروته بالانحدار واللاأخلاقية بعد تبعات طرد رئيس حزب تقدُّم محمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان والبحث عن بديله في أوساط السياسة السُنّية، فما كان من قادة المكون إلا تبادل الشتائم في تصريحاتهم فضلا عن تبادل الاتهامات ومحاولات التسقيط.
بدأ الأمر بمؤتمر انتخابي للحلبوسي وصف فيه خصومه بـ"البعورة والعارات والهتلية"، وذكر منهم جمال الكربولي وحيدر الملا بالاسم، كذلك هاجم القضاء وأدلى بتصريحات غير متوازنة ما فتح عليه العديد من الجبهات أبرزها من أبناء جلدته السُنّة.
جمال الكربولي وفي مؤتمر صحفي آخر وصف الحلبوسي بـ"الزعطوط" وقال إنه مصاب بالهيجان ولديه "متلازمة الكرابلة"، وعليه أن يتعالج.
وفي المؤتمر ذاته، اعتلى المنصة القيادي السُني عبد الخربيط وهاجم الحلبوسي وحزبه، وقال "البرتقالي رحل، وسيتم إلباس جميع أعضائه اللون نفسه من قبل جمال الكربولي"، في إشارة إلى إدخالهم السجن في المستقبل.
الحلبوسي هدد خصومه باللجوء إلى القضاء بعد الانتخابات، وفي الوقت ذاته هدد القضاء في حال لم يحقق رغباته باللجوء الى استخدام القوة " المكيار" لاسترداد الحقوق، بحسب وصفه.
ردود أفعال سياسية
القيادي في تحالف الفتح علي حسين الفتلاوي، رد على التهديدات التي وجهها رئيس مجلس النواب المخلوع محمد الحلبوسي تجاه القضاء من خلال خُطبه في الحملات الانتخابية.
وقال الفتلاوي، إن "خُطب الحلبوسي خلال الحملة الانتخابية لحزبه في المحافظات السُنّية التي تضمنت تهديدات ومهاجمة القضاء العراقي، دليل واضح على أن الرجل قد فقد توازنه ولم يستطِع استيعاب الصدمة التي أدت به الى فقدان منصبه وانتهاء حياته السياسية".
وأضاف، إن "الحلبوسي يعتقد بأن مهاجمة القضاء بهذا الشكل سيشكل ضغطاً على الحكومة بشأن تدخلها بما سيواجهه من تهمة التزوير التي ستُطيح بمستقبله السياسي تماما".
وأشار الفتلاوي إلى، أن "الحكومة مُصرّة على عدم التدخل بقرارات السلطة القضائية، والقضاء هو الفيصل".
ولفت إلى، أن "مَن يرى وجود مخاوف وعدم استقرار وراء تهديدات الحلبوسي للقضاء فهي غير صحيحة، كون هناك أجهزة أمنية قوية لن ولم تسمح بإثارة أي فتنة جديدة".
وحول فساد الحلبوسي، توقع عضو مجلس النواب العراقي باسم خشان، بأن يتم حبس الحلبوسي لمدة لا تقل عن سنة واحدة، وذلك بعد دفع حزب "تقدُّم" الذي يرأسه مبلغاً مالياً إلى شركة BGR الأمريكية دون الحصول على موافقة قانونية.
وقال خشان في منشور له اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، "صار حبس الحلبوسي لسنة واحدة في متناول اليد، فقد أقرَّ مخول حزب (تقدُّم) بالعقد المتضمن دفع 600,000 دولار، و بتحويلها الى شركة BGR دون موافقة دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية".
وأضاف، إن "هذه جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، وتأكيدا: لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات".
وتنص المادة 50 من قانون الاحزاب السياسية العراقية لسنة 2015 على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات كل مسؤول في حزب او تنظيم سياسي أرسل أموالا عائدة للحزب الى منظمات او أشخاص أو أية جهة خارج العراق دون موافقة دائرة الأحزاب" .
من جهة أخرى، قدّم هيمن تحسين حميد مدير عام دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الخميس الماضي، شكوى لحل حزب "تقدُّم" الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب المنهي عضويته محمد الحلبوسي.
ووفقا للطلب المذيّل بتوقيع حميد بتاريخ 30 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر والموجَّه إلى الهيئة القضائية للانتخابات، فإن الشكوى استندت إلى قيام الحلبوسي بالتعاقد مع شركة (BGR) الأمريكية، وإرسال الأموال إلى الأخيرة دون علم وموافقة دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية".
وأوضح حميد، أنه "قد تمّ تشكيل لجنة تحقيقية في دائرتنا (دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية) بموجب الأمر الإداري المرقم (33) المؤرخ في يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر للتحقيق في قيام الحزب المذكور (تقدُّم) بإرسال أموال الى جهة أجنبية بناءً على طلبات الشكوى الواردة الى هذه الدائرة".
وأشار مدير عام دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية، إلى أن توصيات اللجنة المشكلة من الدائرة خلصت إلى إحالة الموضوع إلى الهيئة القضائية للانتخابات بالمفوضية، وإصدار القرار المناسب، استناداً إلى مواد قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015.
ورقة الإرهاب
الهجمات الإرهابية المستمرة على المحافظات الغربية تنذر بخطر العلاقة الوثيقة مع التغييرات السياسية وفواعلها التي تطرأ على الساحة وخاصة طرد الحلبوسي من منصب رئيس مجلس النواب بعد فضيحة التزوير المدوّية، حيث اقترنت تهديدات الحلبوسي وتصريحاته التهجمية مع العمليات الإرهابية وآخرها الهجوم على قرية العمرانية الذي ذهب ضحيته 12 شهيدا.
وتزامن مع الهجمات الإرهابية على المحافظات الغربية تصاعد الأزمات بين القوى السُنية التي تتصارع على مناطق النفوذ مع الحلبوسي الذي بدأ يفقد جمهوره وتأثيره في الشارع بعد الفضيحة الأخيرة التي دفعته الى التهديد بإعادة منصات الاعتصام وإعادة الاحداث الدامية الى المحافظات الغربية بعد طرده من المنصب.
وبالحديث عن هذا الملف، يؤكد السياسي المستقل في محافظة الانبار، محمد الفهداوي، ارتباط الخروقات الأمنية التي تحدث في المحافظات الغربية بالواقع السياسي والتغييرات الأخيرة، مضيفا ان المجاميع الإرهابية تحاول استغلال الخلافات السياسية السنية من اجل تنفيذ هجماتها على المواطنين والقوات الأمنية.
ويقول الفهداوي، إن "هذه الخروقات تروم الى اجهاض العمل السياسي والانتخابات التي تشكل الجزء الاكبر منها"، مشيرا الى ان "جميع الازمات السياسية التي تحدث في المحافظات الغربية، وخاصة ديالى تعرض الوضع الأمني لخروقات وهجمات جديدة".
ويتابع، إن "المناكفات السياسية يجب ان لا تصل الى مرحلة الاخلال بالوضع الأمني وقتل المواطنين بصورة متعمدة كما حصل من اعتداء على مواطنين قرية العمرانية"، لافتا الى ان "المجاميع الإرهابية تحاول استغلال الخلافات السياسية السنية من اجل تنفيذ هجماتها على المواطنين والقوات الأمنية".
تهديد الحلبوسي
الى ذلك، يعدُّ المحلل السياسي صباح العكيلي، تصريحات رئيس مجلس النواب المطرود محمد الحلبوسي بشأن إعادة الاعتصامات في المحافظات الغربية هي بمثابة منح الضوء الأخضر للعصابات الإرهابية بتنفيذ عملياتها الاجرامية ضد المواطنين.
ويقول العكيلي، إن "ملف تورط الحلبوسي بالعديد من حالات الفساد وقضايا التزوير التي تم الكشف عنها لم يغلق بعد"، مشيرا الى ان "استخدام التهديد والوعيد في الخطاب الأخير عمل على تنشيط المجاميع الإرهابية في الهجمات الوحشية على المدنيين واخرها الهجوم على قرية العمرانية في ديالى ".
ويتابع، إن "مخطط العمليات واضح من خلال محاولة زعزعة الوضع الامني وارباك المشهد السياسي بعد التغييرات الأخيرة"، مردفاً ان "التهديد بإعادة الاعتصامات في المحافظات الغربية هو بمثابة الضوء الأخضر للعصابات الإرهابية".
ملف الانتخابات
من جانبه، يتهم تحالف نبني، اطراف سياسية بالعبث بالوضع الأمني في ديالى ، مضيفا ان هذه الهجمات الإرهابية لن تؤثر على سير العملية السياسية واجراء الانتخابات القادمة.
ويقول القيادي في التحالف علي عزيز، إن "العصابات الإرهابية تستغل ارتباك الوضاع في المحافظة في تنفيذ هذه الخروقات"، مشيرا الى ان "هذه العصابات تستغل خلافات نسيج مجتمع محافظة ديالى السياسي من اجل تنفيذ عملياتها الإرهابية".
ويتابع، ان "الخلايا الإرهابية النائمة تلفظ أنفاسها الأخيرة في المحافظات الغربية بعد العلميات الهجومية التي تمضي بها قوات الحشد الشعبي والقوات الأمنية"، لافتا الى ان "الخلافات السياسية في المحافظات الغربية احد الأسباب التي تؤدي الى حدوث العمليات الإرهابية على المواطنين".
وشهدت قرية العمرانية في محافظة ديالى مجزرة جديدة بحق المدنيين ادت الى سقوط 11 شهيد و13 جريح بينهم حالات حرجة من مصادر لم يتم الكشف عنها بصورة رسمية، وسط اتهامات متبادلة بين القوى السياسية السنُية بالوقوف خلف هذه الاستهدافات والخروقات التي يذهب ضحيتها المدنيين الأبرياء.