المادة 12 من الموازنة.. الحكومة ترفض التعديل وأميركا تهدد.. مصطفى سند "يفجر قنبلة"
انفوبلس/ تقارير
تعديل المادة 12 من قانون الموازنة، جدل جديد وخلافات عابرة للحدود، الحكومة ترفض والتحذيرات تتوالى لكن المفاجئة ليست هنا.. مصطفى سند يكشف عن تهديد أميركي صريح بفرض عقوبات على "سومو" والبنك المركزي في حال عدم التعديل وإنقاذ "نفط الإقليم"، ماذا يحدث؟ انفوبلس تكشف: هذه القصة من الألف إلى الياء!
ما هي المادة 12؟
يتضمن تعديل المادة 12 من قانون الموازنة، صرف 16 دولاراً تكلفة استخراج النفط من إقليم كردستان، على أن يتم استقطاع المبلغ المذكور من مبيعات النفط في الإقليم، كما أن المبلغ المتبقي من سعر برميل النفط يذهب إلى خزينة الدولة العراقية، بدورها تقوم الدولة بصرف رواتب موظفي الإقليم، بمعنى أن هذا التعديل يتضمن تعويض حكومة إقليم كردستان عن كلف الانتاج والنقل لاستخراج النفط في الإقليم.
ورهنت اللجنة المالية التصويت على التعديل الجديد بحسم الأمر مع وزيرة المالية سيما مع وجود خلافات سياسية حادة حول طبيعة وآلية التعويضات التي ستدفعها الحكومة في هذا التعديل.
وشمل التعديل على قانون الموازنة مؤخراً، فقرة واحدة وهي كلف إنتاج نفط إقليم كردستان، حيث إن المبلغ السابق كان قليلاً جداً، وبعد دراسة ومناقشات ما بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم توصلوا إلى أن يكون التقدير آنيّاً لتمشية المشكلة وحلها ويكون (16) دولاراً للبرميل الواحد، لحين الحصول على الجواب النهائي من اللجنة الاستشارية المتخصصة في تحديد كلف الإنتاج بالتنسيق مع حكومة الإقليم وشركات الإنتاج العاملة في الحقول، بحسب عضو المالية النيابية جمال كوجر.
اللجنة المالية تجتمع للتصويت على التعديل
يوم الأحد الماضي وبتاريخ (19 كانون الثاني 2025)، أعلنت اللجنة المالية قرب التصويت على تعديل المادة 12 من الموازنة والمتعلقة بنفط إقليم كردستان، فيما أشارت إلى أبرز المقترحات التي قُدمت لتعديل هذه الفقرة.
وقال رئيس اللجنة، عطوان العطواني، في كلمة له خلال اجتماع للجنة، بحسب بيان تلقته "انفوبلس"، إن "اجتماعات اللجنة مستمرة لمناقشة تعديل المادة 12 من قانون الموازنة المتعلقة بنفط إقليم كردستان". مبينا، إن "اللجنة وصلت إلى المراحل النهائية لاستكمال الاستضافات، وبيان العديد من المعلومات تمهيدًا للتصويت على التعديل في هذا اليوم (أي يوم الأحد)".
وأضاف، إنه "من الضروري أن يكون هناك قرار من اللجنة لرفع مشروع القانون إلى التصويت"، معبرًا عن أمله في أن "يتم الاتفاق على التصويت على هذا المشروع المكمّل لموازنة 2023".
وأشار إلى أن "هناك عددًا من أعضاء اللجنة طرحوا الكثير من الفقرات وقدموا المقترحات، وسنطرحها ليكون الجميع على علم بها، لكن لا يمكن إضافتها باعتبار أن المشروع هو تعديل وليس جداول للموازنة"، مبينا أن "رأي اللجنة منذ البداية هو المضي بتعديل القانون، ولكن لا نريد أن تكون البنود والتعديلات كسابقاتها تعديلات غير منتجة".
وأوضح العطواني، إن "اللجنة أضافت إلى فقرات التعديل إلزام الأطراف، سواء وزارة المالية أو وزارة الثروات النفطية، بالالتزام بمخرجات الشركة الاستشارية"، مشددًا على أنه "يجب أن يكون هناك إلزام للطرفين".
وختم العطواني قائلا: "يجب أن تكون للشركة الاستشارية مدة عمل قد تنتهي في عام 2025، و لم تحقق نتائج"، مؤكداً "أننا حريصون على أن تُطبق النتائج خلال هذا العام لتكون قاعدة لعام 2026".
اللجنة المالية تصوت على التعديل
عقب كلمة العطواني وانتهاء الاجتماع آنف الذكر، أعلنت اللجنة المالية النيابية،، تصويتها على تعديل المادة 12 من مشروع قانون الموازنة العامة.
وذكر بيان للجنة تلقته انفوبلس، أنه "عقدت اللجنة المالية النيابية، برئاسة عطوان العطواني، اجتماعا يوم الأحد 19/1/2025 (كما ذكرنا أعلاه) لمواصلة تعديل قانون الموازنة العامة الاتحادية المدرج على جدول أعمال جلسة المجلس للتصويت عليه".
وأشار العطواني، وفق البيان، إلى أن "اللجنة عقدت عدة اجتماعات مخصصة لدراسة تعديل المادة 12 المتعلقة بتصدير نفط الإقليم وكلف الإنتاج والنقل، مؤكدا الوصول إلى مراحل متقدمة بهذا الصدد تمهيدا لطرحها للتصويت في المجلس. كما نبّه إلى أن التعديلات تتعلق بالمادة 12 وليس بجداول الموازنة".
ولفتت اللجنة إلى "مناقشة عدد من الملاحظات والمقترحات، وأكدت أهمية المضي في تشريع القانون المرتبط بالمادة 12 بما يضمن إلزام جميع الأطراف بتنفيذ مخرجاته وتحقيق المصلحة العامة".
كما تركزت المداخلات، بحسب البيان، على "المادة 12 وناقشت باستفاضة مسائل تتعلق بالشركة الاستشارية، تحديد المدد الزمنية، وتكاليف الإنتاج والتصدير، مشيرة إلى ضرورة وضع خطة مدروسة تستند إلى النصوص المقترحة، مع إتاحة إمكانية تعديلها لمعالجة المعوقات وضمان تحقيق أهداف القانون".
وصوتت اللجنة على "تعديل المادة 12 من مشروع قانون الموازنة العامة الخاص بكلف إنتاج وتصدير النفط من إقليم كردستان تمهيدا للتصويت عليه في الجلسة التي كانت منعقدة بمجلس النواب".
المالية النيابية: تعديل المادة 12 سيكلف الدولة 7.5 مليار دولار
بعد إعلان رئيس اللجنة المالية أعلاه، وتصويت "اللجنة" على المادة 12 وهنا ننبّه إلى أن (اللجنة مَن صوتت وليس مجلس النواب)، قال عضو اللجنة حسين السعبري، إن تعديل المادة 12 من قانون الموازنة الخاصة برفع كلفة إنتاج نفط إقليم كردستان سيُكلف الدولة أكثر من 7.5 مليار دولار خلال ثلاث سنوات.
وأوضح السعبري في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، أن "عدم اكتمال النصاب في جلسة البرلمان التي عُقدت يوم أمس، كان بسبب الخلافات حول تعديل المادة 12 من قانون الموازنة"، مؤكدا "رفض اللجنة المالية التعديل المقترح، والذي يتضمن رفع كلفة إنتاج النفط في إقليم كردستان من 12 إلى 16 دولاراً للبرميل الواحد".
وأشار إلى أن "تعديل المادة 12 سيكلف الدولة أكثر من 7.5 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، وهو ما يُعد عبئاً إضافياً على المالية العامة للدولة".
ودعا إلى "إيجاد حلول توازن بين مصالح جميع الأطراف بما لا يؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي للبلاد".
الحكومة ترفض التعديل
استمر الجدل، بعد إعلان رئيس اللجنة المالية، واعتراض أحد اعضائها، حتى وصل الأمر إلى الحكومة، التي أعلنت يوم أمس، عن رفضها لتعديل نص المادة 12 من قانون الموازنة، فيما اشارت الى ان التعديل يؤثر على خزينة الدولة.
وجاء في كتاب صادر عن مكتب ممثل الحكومة في مجلس النواب وموجه الى رئاسة وأعضاء مجلس النواب وتلقته انفوبلس، أن "الحكومة الاتحادية لا تؤيد التعديل المقترح للمادة 12 من قانون الموازنة لأنه يقلل إيرادات الخزينة العامة مقارنة بالنص الحكومي، ويتعارض مع ما يجري تطبيقه في بقية مناطق العراق وفق قانون الإدارة المالية النافذ، ولا ينسجم مع آليات بيع النفط قبل شركة (سومو) التي تستلم إيرادات البيع بشكل كامل كاعتمادات مستندية وتودع في حساب إيرادات النفط والغاز التابع لوزارة المالية".
وأدناه نص رأي الحكومة بشأن تعديل المادة:
1
رغبة أميركية! مصطفى سند يكشف التفاصيل
بعد كل ذلك، توصلت انفوبلس إلى "قنبلة" الجدل إزاء تعديل المادة 12 من قانون الموازنة، إذ أكد النائب مصطفى سند، أن أميركا تقف وراء ذلك التعديل عبر سفارتها في بغداد.
وقال سند في لقاء متلفز تابعته شبكة انفوبلس، إن "أميركا أخبرت جميع الأطراف بضرورة تمرير تعديل المادة بصيغته الحالية (قبل تعديل اللجنة المالية) كون شركاتها تطلب الإقليم 5 مليارات دولار!.
وأضاف، أن "ترامب وفريقه يخططون لأخذ الاموال من العراق كما فعلوا مع محمد بن سلمان لكن بطريقة أخرى، وهي عبر حقول الإقليم المنتجة للنفط" مؤكدا أن "السفارة الأميركية أخبرت الجميع بأن عدم تعديل هذه المادة ستتم معاقبة "سومو" والبنك المركزي فضلا عن عقوبات تطالب العديد من حسابات السياسيين".
آراء اقتصادية وسياسية وقانونية متفاوتة
أما اقتصاديا، فقد علق الخبير في الشأن النفطي كوفند شيرواني، حول تعديل الفقرة 12 المتعلقة بتصدير نفط إقليم كردستان.
وقال شيرواني في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "التعديل تم تقديمه من قبل رئاسة الحكومة الاتحادية بالتشاور مع وزارة النفط، وهو يعالج خلافا كبيرا حول احتساب اجور إنتاج نفط الإقليم".
وأضاف أنه "بسبب الخلاف توقف تصدير نفط الإقليم لمدة 22 شهرا، والخسائر بالاقتصاد العراقي جراء توقف 400 ألف برميل نفط يوميا وصلت إلى 18 مليار دولار".
وأشار إلى أنه "عرقلة تعديل المادة 12 يلحق الضرر بكل العراق وباقتصاد البلد، التي تخسر جراء توقف التصدير مبالغ تتراوح من 800 إلى 900 مليون دولار شهريا، وتمرير هذا التعديل سيؤدي لرفد الموازنة بهذه الأموال، وبالتالي المستفيد الأول من تمرير التعديل هو الاقتصاد العراقي، وعدم تمريرها هو الاقتصاد العراقي، ومن المؤسف أن يتم تصوير أن هذا التعديل يخدم الإقليم فقط، وهذه مغالطة كبيرة، بحسب قوله.
أما عضو اللجنة المالية مصطفى الكرعاوي فيختلف مع شيرواني، إذ يؤكد أن المادة 12 ستزيد حصة الإقليم كون الـ 16 دولارا بحد ذاتها ستضيف 3 تريليونات !!.
من جانبه، يؤكد النائب الأول لرئيس لجنة الأقاليم والمحافظات جواد اليساري، أن الاعتراض على المادة 12 من الموازنة بسبب ظلمها للوسط والجنوب وانحيازها لطرف على حساب آخر.
بدوره، يرى النائب علي مشكور، أن تغيير المادة 12 من الموازنة الثلاثية يثير الاستغراب ويفتح باب المشاكل، فيما يقول عضو اللجنة القانونية محمد الخفاجي، إن المادة 12 من الموازن "خطيرة جدا".
إلى ذلك يؤكد عضو المالية النيابية مصطفى سند، أن اللجنة المالية عدّلت المادة 12 من الموازنة لتقييد الإيرادات إلى خزينة الدولة، لكن الحكومة تصرّ على رفضها لغاية الآن.
التعديل لا يحل المشكلة!
في النهاية، أكد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أن تمرير مقترح تعديل المادة 12 من قانون الموازنة المالية وفق النص الذي وضعته لن يحل مشكلة نفط إقليم كردستان.
وقال المرسومي في حديث له تابعته انفوبلس، إن "كلف استخراج النفط في إقليم كردستان هي أعلى بكثير من كلف الجنوب والوسط، وهذا صحيح، وربما يرتفع ثمنه إلى أكثر من 26 دولاراً للبرميل يضاف إليه كلف النقل والتسويق فيصل إلى 33 دولاراً، لكن عزل التكاليف عن العقود هي مسألة غريبة"، مبيناً أن "الشركات الأجنبية مرتبطة مع الإقليم بعقود مشاركة في الانتاج، أي أنها تنفق على عمليات الاستخراج بأموالها وعندما يبدأ الانتاج التجاري تقوم باستعادة التكاليف بمستوى 40 بالمئة من ثمن البرميل والباقي يتم توزيعه، فأين يذهب الفرق".
وأضاف، إن "تمرير المادة 12 لا يحل المشكلة، وإنما كان المفروض أن تأخذ وزارة النفط العقود من حكومة إقليم كردستان وتتولى التفاوض بنفسها مع الشركات الأجنبية حول التكاليف"، مبيناً أن "الكلف المالية لانتاج نفط كردستان قد ترتفع إلى 3 مليارات دولار مما يعمق العجز في ميزان المدفوعات".
وأشار إلى أن "عملية المعالجة الحالية ترقيعية يدخل فيها الجانب السياسي أكثر من الجانب التقني"، مشدداً على أن "التعديل يجب أن يرتبط بعملية استئناف تصدير النفط في كردستان فهي جزء من المشكلة وليست كل المشكلة".
وهذا يعني بحسب الخبراء والسياسيين، أن تعديل المادة 12 لن يمضي بصيغته الحالية رغم تصويت اللجنة المالية عليه، وأن الحكومة بعد رفضها له ستقترح نصا جديدا في الأيام المقبلة، وتتم دراسته بعد ذلك ومن ثم حسمه في البرلمان.