المباشرة بنقل محتجزي مخيم الهول إلى العراق.. الدولة تجاهلت التحذيرات واتجهت نحو الكارثة
انفوبلس/..
مئات العراقيين المحتجزين من جانب "قوات سوريا الديمقراطية" في مخيم الهول بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، تسلَّمهم العراق اليوم بعملية تشمل 168 عائلة من عوائل عناصر داعش الإرهابي، وبلغ تعداد أفرادها 658 شخصا، و50 سجيناً من عناصر عصابات "داعش" الإرهابية من الجنسية العراقية.
مصدر من إدارة المخيم، ذكر في حديث صحفي، أن "زيارة وفد أمني عراقي لمخيم الهول أسفرت عن نقل مئات اللاجئين العراقيين مع أمتعتهم إلى قسم الاستقبال في المخيم تحضيرا لمغادرتهم المخيم إلى العراق، وذلك في إطار العمليات المنسَّقة بين الجانب العراقي والمسؤولين في الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا".
من جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 50 سجيناً من عناصر تنظيم "داعش" من الجنسية العراقية غادروا، أمس السبت، سجون قوات "قسد"، ووصلوا إلى داخل الأراضي العراقية، بتنسيق مشترك بين "قسد" والجانب العراقي.
فيما ذكر مصدر عراقي، أن العراق تسلّم أمس 50 سجيناً عراقياً من عصابات "داعش"، وسوف "يتم التحقيق معهم ومحاكمتهم أمام القضاء العراقي".
وأوضح المصدر، أن عائلات العصابات الإرهابية، التي ستتم استعادتها ستوضع في مركز "الجدعة" الواقع جنوبي الموصل، بهدف إخضاعها "لمرحلة تأهيل نفسي، وبعد التأكد من عدم وجود حالات انتقامية من قبل شيوخ العشائر في مناطقهم، ستتم إعادتها إلى مناطق سكنها".
أسوأ مخيم في العالم
ويضم مخيّم الهول الذي تُديره قوات "قسد" أكثر من خمسين ألف شخص، بينهم عائلات لأفراد من عصابات "داعش" من العراق وسوريا، وأجانب من نحو 60 دولة.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش، في آذار الماضي، بترحيل رعايا الدول من الهول، معتبراً أنه "أسوأ مخيم في العالم".
ومنذ 2021، أعاد العراق مئات العائلات من سوريا إلى مركز الجدعة. وتمكن بعضها من العودة لاحقا إلى مناطق سكنها الأصلية.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، كان هؤلاء المسلحون محتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا.
وبحسب المصدر الحكومي العراقي، فإن نحو 168 عائلة سيتم إيداعها في مركز الجدعة الواقع جنوب الموصل، على أن تخضع لمرحلة تأهيل نفسي، لافتا إلى أنه بعد التأكد من عدم وجود حالات انتقامية من قبل شيوخ العشائر في مناطقهم، ستتم إعادتهم إلى مناطق سكنهم.
وتثير عودة العائلات القادمة من الهول إلى مناطقها، مخاوف أطراف عراقية، بسبب انتماء أفراد منها إلى عصابات داعش، في بلد لا يزال يعاني ندوب هذه الحرب التي خاضتها القوات الأمنية العراقية ضد التنظيم الإرهابي، وتؤكد الحكومة العراقية عزمها على إنهاء ملف النزوح وإغلاقها جميع مخيمات النازحين ونيّتها إغلاق مخيم الجدعة نهائياً.
مخيم الهول ملف نقاش الخارجية العراقية والسفيرة الأمريكية
بحثت السفيرة الأميركيَّة لدى العراق آلينا رومانوسكي، مع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، آلية نقل العائلات العراقية الموجودة في مخيم الهول السوري إلى العراق.
وذكر بيان رسمي للخارجية العراقية، أن حسين استقبل اليوم رومانوسكي، وجرى خلال اللقاء مناقشة مسألة نقل العائلات من مخيم الهول إلى مخيم مخصص لهم داخل العراق والتحديات المتعلقة بهذه العملية، كما تم التطرق إلى الاجتماع المقبل لما يسمى بـ "التحالف الدولي"، الذي سيُعقد في السعوديَّة بمُشارَكة وزراء خارجيَّة الدول الأعضاء.
ضغوط أميركية على العراق
من جهته، قال النائب في البرلمان العراقي، مهدي تقي آمرلي، إن هناك ضغوطات أميركية على العراق من أجل إعادة العراقيين الموجودين في مخيم الهول إلى البلاد، فيما ترفض الجهات العراقية المختصة إعادتهم دون تدقيق أمني.
وأكد مسؤول أمني عراقي في بغداد، وجود تطابق لأطراف عراقية مع الجانب الأميركي حيال أهمية تفكيك مخيم الهول وإعادة الجنسيات الموجودة فيه إلى بلدانهم ضمن جدول زمني محدد.
نساء مرتبطات بالعصابات الإرهابية
معهد كارنيجي للأبحاث، أثار في وقت سابق، قضية الداعشيات أو النساء المرتبطات بالإرهابيين من المقيمات في مخيم الهول للنازحين، مؤكدا أنهنّ أصبحن يشكلن خطرا على كل من العراق وسوريا والمنطقة عموما.
وأشار التقرير، إلى تزايد المخاوف من التهديدات التي تمثلها "الجهاديات" المرتبطات بتنظيم داعش، بعدما تزايدت الهجمات التي تجري في مخيم الهول الواقع في محافظة الحسكة السورية، والذي شهد مقتل 6 أشخاص في أيار من العام الماضي، بينما ارتفعت الجرائم التي جرى توثيقها في المخيم منذ بداية العام 2022، إلى 24 جريمة.
وأوضح التقرير، أن هناك أكثر من 8 آلاف جهادية وزوجة وأرامل لمسلحي داعش متواجدات في المخيم الذي يضم أكثر من 65 ألف شخص، وأصبح يمثل تهديدا أمنيا للعراق وسوريا، وللمنطقة عموما، لأنه يستضيف عددا كبيرا من النساء المرتبطات بداعش.
جيل جديد مُلقَّن بالأفكار الإرهابية
وبحسب منظمة "أنقذوا الأطفال" الدولية، فهناك نحو 7300 طفل في المخيم تحت وصاية أمهاتهم المرتبطات بداعش اللواتي يقُمن بتعليمهم الأفكار الداعشية ويغرسنَ في نفوسهم الرغبة في الانتقام لآبائهم الذين قُتلوا أو أُسِروا خلال المعارك.
وكشف التقرير، بأن هؤلاء النسوة شكلنَ وحدات الشرطة الدينية الخاصة بهنّ المعروفة باسم "الحَسَبة" التي لا تتردد في تطبيق عقوبات قاسية، بما في ذلك القتل على عمّال الإغاثة المحليين والدوليين، وأيضا على النساء في المخيم اللواتي يحاولن قطع علاقاتهن بالتنظيم الإرهابي.
واعتبر التقرير أن نظام الحَسَبة القائم في المخيم، يشكل التحدي الأكبر للإدارة الذاتية التي يقودها الكرد وقواتهم الأمنية التي تحرس المخيم.
وتابع التقرير، أن هناك مخاوف من أن المخيم قد يخلق جيلا جديدا من المقاتلين المتطرفين ويمهد الطريق أمام عودة داعش في المنطقة. مضيفا أن هذا الاحتمال أصبح مطروحا أكثر بسبب حقيقة أن النساء الداعشيات حاولن مرارا الهروب من المخيم والتواصل مع العالم الخارجي من خلال الهواتف السرّيّة للوصول إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي، كما قُمنَ بجمع الأموال، من أنصار الجهاديين في الخارج.
أوربا رفضت عودتهم
وتابع التقرير، ورغم أن معظم دول أوروبا تتمتع بتشريعات تسمح بمحاكمة العائدين الذين ينتمون إلى جماعة إرهابية أو يدعمونها، فإن المسؤولين الأوروبيين يشعرون بقلق إزاء فكرة أن إعادة أعضاء داعش إلى وطنهم، سيشكل عبئا كبيرا على الأجهزة الأمنية.
وأضاف، أنه فيما تتأخر الدول الأوروبية في القيام بإجراءات حول هذا الملف، فإن قوات سوريا الديمقراطية متروكة لوحدها من أجل التعامل مع الأوضاع المتدهورة في الهول.
هروب متكرر لقيادات إرهابية
توالت التحذيرات بشكل مستمر من أوضاع مخيم الهول الواقع شمال شرقي سوريا، وسط محاولات الخلايا الإرهابية بداخله لإعادة ترتيب صفوفها، وهذا أدخل العالم بإنذار أمني لاسيما بعد اختفاء عدد من قيادات التنظيم من المخيم مؤخراً، الأمر الذي فتح الباب للبحث في تداعيات الهروب، والالتفات نحو الخلايا التي تنمو داخل المخيم.
وأشارت مصادر سياسية عراقية، إلى اختفاء 60 من قيادات داعش الإرهابي في مخيم الهول السوري في مطلع شهر أيار الماضي، وهذه الظاهرة تشكل تهديدا أمنيا على العراق، حيث ذكرت المصادر أن مخيم الهول السوري "قنبلة موقوتة تُهدد المحيط العربي والعراق بشكل مباشر، وهو يمثل أجندة مخابراتية غربية هدفها زعزعة الاستقرار، وإدامة وجود التطرف، في منطقة الشرق الأوسط".
قيادات داعش الارهابي في مخيم الهول السوري اختفت بعد ساعات من هروبها، وهي تمثل سيناريو تكرر أكثر من مرة ولا أحد يعرف مصيرهم، وهذا الحدث يثير الكثير من علامات الاستفهام حول الجهة المستفيدة من اختفاء متطرفين من جنسيات متعددة، وإلى أين تم نقلهم.
وفي وقت سابق، أكد مراقبون للشأن الأمني، أن إنهاء مخيم الهول السوري جزء مهم من الأمن القومي العراقي لأنه الأكثر تضررا من وجود أكثر من 20 ألف إرهابي على حدوده بشكل مباشر، حيث ويضم مخيم الهول السوري الآلاف من أُسر قادة وإرهابيي داعش من جنسيات عدة بينهم عراقية.