المرجعية تتبرأ من تحركاته.. من هو حميد الياسري؟ وما هي أهداف حِراكه الأخير؟.. تعرف على القصة
انفوبلس..
مرة أخرى، عاد استخدام نغمة "الحاكم العسكري" بوصفه الحل السحري والقادر على كل شيء لمداعبة مشاعر البسطاء من أبناء الشعب العراقي وتمرير أجندة سياسية خاصة بعيدة كل البعد عن الشعارات، وهذه المرة لم تطرح من صفحات تواصل اجتماعي مشبوهة ومدعومة من الخارج، ولكن خرجت من شخصية معروفة على مستوى ضيّق تدّعي زوراً امتلاكها ارتباطاً وثيقاً بمرجعية النجف، لحشد أبناء محافظة السماوة وتنفيذ انقلاب على حكومتها المحلية عبر التظاهرات كخطوة أولى والتلميح لعسكرتها كخطوة ثانية، فماذا يحدث في هذه المحافظة؟ ومن هو حميد الياسري؟
براءة المرجعية
بعد تداول دعوة الياسري على مواقع التواصل الاجتماعي، تم طرح فكرة مفادها إن تحركاته مدعومة بشكل كامل من مرجعية النجف، وخصوصاً من ممثل السيد السيستاني، السيد أحمد الصافي، وبعد اللغط، نشر حساب (إيليا الإمامي) وهو حساب معروف بشكل كبير لدى الأوساط المهتمة بشؤون المرجعية بأنه مقرب منها، منشوراً مفاده: تلقيت عدة اتصالات ورسائل خلال اليوم.. من أصدقاء وأحبة يسألونني عن حقيقة الخبر المنتشر.. بأن سماحة السيد أحمد الصافي دام عزه مؤيد وداعم للتظاهرات المزمع تنظيمها في مدينة السماوة (مدينة المواكب حفظها الله وصانها من كل سوء).
ورغم معرفتي القطعية بأن سماحته لم يصدر منه أي شيء من هذا القبيل.. ولكن من باب إخلاء المسؤولية فقد تواصلت مع سماحته بشكل شخصي.. وسألته عن حقيقة هذه الأخبار المتداولة.. فقال نصاً (كل ما يُنقل عني لا واقع له).
علاقة الياسري بهيئة الحشد الشعبي
مصدر مطلّع علّق على دعوة الياسري، وقال: عندما أراد الانشقاق من الحشد الشعبي صنع ضجة كبيرة وخرج "من الباب" وتحت أنظار الإعلام ليعطي لانشقاقه إثارة، خصوصاً عندما استغلوا عاشوراء ومنبر الإمام الحسين عليه السلام للترويج لهذا الانشقاق.
وأضاف، مشروع انشقاقه ومن معه فشل فشلاً ذريعاً وعادوا "من الشباك" إلى هيئة الحشد الشعبي بدون أي تغطية إعلامية وعادوا للحديث باسم الحشد بعد أن انقلب عليهم مصطفى الكاظمي في تلك الفترة.
المصدر أكد أن أحد أهم تحركات الياسري سببها أن ابن عمه "عادل الياسري" يشغل منصب مدير استثمار السماوة لأكثر من 20 عاماً وبعد أن ثبت فشله هناك تحركات لإقالته، ما دفع حميد الياسري إلى افتعال الفوضى لابتزاز الحكومة المحلية والتراجع عن قرار الإقالة.
دعوة غريبة
الجمعة الماضية دعا القيادي في "حشد العتبات" آمر لواء 44 (أنصار المرجعية)، حميد الياسري، الى اعتصام في محافظة المثنى وأعلن مهلة تنتهي الأربعاء المقبل لـ"طرد الفاسدين من المحافظة ومجلسها"، كما طالب رئيس الوزراء بإرسال "حاكم عسكري" للمحافظة.
وقال الياسري في بيان، إن "دعوتي لوضع حد للفساد في المحافظة وجميع مناطق الوطن لم تكن وليدة اليوم حتى يتهمونني بطلب مصلحة او مداراة جهة دون أخرى أمضيت عمري أحارب الفساد والفاسدين، واسألوا كل ابناء الحراك الشعبي في المحافظة وكل العراق ما هو دوري معهم".
وأضاف، "أنا بدعوتي هذه أمثل نفسي كمواطن سماوي يشعر بشعبه ولم تكن بتوجيه من أي جهة دينية او سياسية أو شعبية، دعوة شخصية هدفها مواجهة الفساد والفاسدين".
وتابع "منذ يوم الأربعاء (5 حزيران الحالي) وعلى مدار يومين تلقيت أشكال المساومات والتهديدات والإغراءات، إلا أني قلت لهم ((انا عراقي والعراقي لا يسرق ولا يخون شعبه))".
ولفت إلى أن تحركه "سيكون ضمن الدستور والقانون وتحت حماية القوات الامنية في عدة خطوات، أولها أن يتم الانطلاق يوم الاربعاء القادم وهي نهاية المهلة لطرد الفاسدين والاعتصام أمام مبنى المحافظة ومجلس المحافظة وبناء الخيم والسرادق وبكل هدوء وإعلان ان المحافظ ومجلس المحافظة لا يمثلون الجماهير ويعملون لأحزابهم فقط".
وطالب الياسري "مجلس النواب ورئيس الوزراء بإرسال حاكم عسكري نزيه يدير أمور المحافظة لحين البت في مصيرها، وتشكيل لجنة خاصة من رئيس الوزراء للأشراف على اموال موازنة السماوة ومتابعة مشاريعها وتخليص الشركات العاملة من العمولة التي تفرضها الاحــزاب على الشركات والتي وصلت الى ١٣ %" حسب قوله.
كما طالب "بتشكيل لجنة من جميع اقضية ونواحي المحافظة، تمثل الجماهير فعلاً للتفاوض مع اللجان القادمة من بغداد، والاعتصام أمام كل مكاتب الاحزاب التي تسببت بهدر اموال المحافظة من عام 2003 الى يومنا هذا ومن دون استثناء".
وشدد على "الجميع احترام القانون وعدم التجاوز على اي شيء ومن يخالف القانون، هناك لجان خاصة تقوم بتسليمه الى القوات الامنية بتهــمة التخــريب" داعيا "القوات الامنية البطلة وبكل صنوفها ضباط ومراتب توفير الحماية الكافية لأبنائهم من المتظـاهرين السلميين".
ودعا "شيوخ العشائر اهل النخوة والعزيمة الى تحمل مسؤولياتهم والوقوف مع ابنائهم في الدفاع عن حقوق هذه المحافظة الفقيرة، وكذلك ندعو كل الطبقات المثقفة للوقوف مع الطبقات الكادحة المحرومة من هذه المحافظة التي تعيش تحت خط الفقر".
خطف المحافظة
محافظ المثنى مهند العتابي، ردّ على الياسري، الداعي لاعتصام وجعل المحافظة تحت "الحكم العسكري"، محذراً من "خطف" المحافظة.
وقال العتابي في بيان: "يؤسفنا اليوم ما اطلعنا عليه في مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) من المطالبة والدفع نحو تظاهرات لأسباب توجب الاستقضاء وتجعل اصحابها امام واجب للإدلاء بمعلوماتهم للقضاء العراقي ومؤسساتنا الرقابية كهيئة النزاهة لان ما جاء بها خطير وفيه معلومات يجب ان تعطى للأجهزة الامنية كي تتخذ دورها.. اما جعلها مادة للرأي العام فهذا مما يجعل الفاسدين امام فرصة الهروب او الاستعداد لدفع التهم".
وتابع العتابي، "تابعنا ايضاً الدعوة لوضع المحافظة تحت الحكم العسكري وهذا فيه من الخطورة ما فيه ويجعل أصحابها امام مسؤولية الإفصاح والكشف عما لديهم من أسباب تدفعهم لهكذا دعوى".
ودعا المحافظ، الى "تفويت اي فرصة لخطف المحافظة، وان محافظتنا التي كانت أبيةً على المحتلين والإرهابيين، هي ذاتها التي تأبى الفاسدين والفاشلين وعلى مَن يدعي الحرص ان يبادر فورا للقضاء العراقي ومؤسسات الدولة الرقابية وألا يتأخر دقيقة واحدة عن كشف ما لديه".
إلى ذلك قال رئيس مجلس محافظة المثنى أحمد محسن دريول في حديث متلفز: أنجزنا مشاريع خدمية مهمة خلال فترة 100 يوم من عمر الحكومة المحلية، لم نتوقف عن المطالبة بحقوق أبناء المحافظة والتي تصب في مصلحتها.
وأضاف "في حال طرق السيد الياسري أبواب الحكومة المحلية ولم يجد آذانا صاغية فمن حقه المطالبة بالحقوق، ولكن ما قام به السيد الياسري من دون سابق انذار بإعلانه الانقلاب على الحكومة المحلية أمر مرفوض"، مؤكداً: لا يوجد أي محاصصة في المحافظة ومن حق أي شخص كفوء الترشيح لأي منصب بالمدينة، والجميع في المحافظة يسعون للنجاح من اجل خدمة أبنائها وتنفيذ مشاريع خدمية مهمة لهم، والحكومة المحلية متواصلة مع الحكومة المركزية وجميع الجهات المعنية لتهدئة الأوضاع بالمحافظة، ولا نتعامل بأي أمر خارج نطاق القانون والدستور مهما يكن هذا الأمر".
تعليق نيابي
إلى ذلك أكد الناب باسم خشان استعداده لتقديم الدعم لكل من لديه أدلة بوجود "مكاتب اقتصادية" بالطرق القانونية.
وقال خشان في بيان: "ادَّعى السيد حميد الياسري أن مكاتب اقتصادية فتحت مع إقرار مشاريع السماوة، وطالب بغلقها، ثم دعا الى مظاهرة ضد الفساد دون أن يحدد أهدافها، وأنا مع حقه وحق الجميع في التظاهر، لكن المظاهرات لا تتحرك على دعوة فرد الى مظاهرة لا يفصل اسبابها ولا أهدافها ويوجهها الى طريق مسدود (الدعوة الى تكليف حاكم عسكري)".
وأضاف خشان، "لعل حميد الياسري لا يدري إن موازنة المحافظة جلها ذهبت الى شركة ريحانة، المحال مديرها المفوض الى محكمة الجنايات عن جريمة تزوير ثابتة، وقد وقع المحافظ السابق عقودها قبل أن يؤدي اليمين القانونية بساعات كي يضمن عدم الغائها. كما أحال عقودا أخرى قبل ذلك بعد أن زور اعلانات المناقصات".
وتابع خشان، "وبغض النظر عما فاته من فساد المحافظ السابق، أحمد منفي وشركة ريحانة الذي ربما لم يكن يعلم به، أطلب من السيد حميد الياسري أن يكشف لنا وللمتظاهرين ما لديه بشأن المكاتب الاقتصادية التي تم فتحها في السماوة، لكي نقف معه ونساعده بما نقدر عليه، وبما نختص به، فما يزال شعاري: أعطني وثيقة تثبت فساد أحدهم، أعطيك شكوى تنتهي بإدانته، [الإدانة قرار يصدره القاضي]".
ولفت خشان، الى ان "التظاهر حق يكفله الدستور، والتظاهر ضد الفساد بالمعنى العام لا يخرج من هذا الحق، لكنه غير مجد إذا لم يكن شفافا يكشف الوقائع المعينة التي كانت من أسبابه، ولم يحدد الوسائل التي تؤدي الى تحقيق أهدافه ويفصلها للمتظاهرين ولكافة الناس طلبا لتأييدهم حتى وإن لم يشتركوا فيها".
وبين خشان، "وفي كل الأحوال، لن نقف بوجه من يتظاهر ضد الفساد ونحن مستعدون لتقديم الدعم والمشورة القانونية لكل من لديه أدلة على وجود مكاتب اقتصادية، ومستعدون لتقديم الشكاوى نيابة عنه إذا قدم لنا دليلا على عمل من أعمالها".
أسباب الحراك
مصدر مطلع، ذكر دون الكشف عن اسمه تعليقاً على حراك الياسري، وقال: قبل شهرين وردت معلومات عن الحراك الذي يتم التهيئة له في السماوة والناصرية، حيث كان من المقرر حسب المعطيات، ان يبدأ في نهاية الشهر السابع او بداية الشهر الثامن، ولكن يبدو ان التعليمات صدرت بتقديم موعد انطلاقه، لحصول طارئ مرتبط بعدة عوامل، سنأتي على ذكرها لاحقاً، جعلت من المهم الاستعجال به، وبالرغم من ان هوية المتصدين لقيادته لم تعرف حينها، إلا ان الجهات التي تقف خلفه كانت مشخّصة، حيث التقت مصالحها بمصالح بعض، وبمصالح دول خليجية.
وبحسب المصدر فإن الأسباب جاءت على النحو التالي:
اولاً: حميد الياسري هو طريد المرجعية، فمنذ سنوات امتنع مكتب المرجع الاعلى عن تجديد اعتماديته وكيلاً له، وهذا الامر له اسباب وترتبت عليه آثار، اترك للقارئ اللبيب فهمها، ومن يعرف حميد يعلم ان الرجل مضطرب، ويطوف بذمته ودينه وثوابته وطموحاته، بحثًا عمّن يشبع نهمه ويسعّر أحقاده، شريطة ان يكون معاديا لكل نظرية فقهية شيعية تشرعن قاعدة الجسد الواحد بين المؤمنين، ولا تسمح للحدود ان تختطف شعورنا بالمسؤولية الانسانية والشرعية تجاه ما يقاسيه اخواننا في العقيدة ، من هنا اصبح حميد الخيار الامثل لقيادة مؤامرة جديدة تشكل فصلًا جديدًا لمؤامرة تشرين الخائبة.
ثانيًا: إن عودة التيار الصدري الى المشهد السياسي، تحتاج الى أضاحي تُذبح تحت أقدام الصدر، فهذه العودة المهلهلة يجب أن لا تخلو من الدراما والأكشن، التي تخلق المقدمات المناسبة لها، ولأن الامين العام لمجلس الوزراء "حميد الغزي" يمسك بزمام تشارنة الناصرية، بعد أن أثرى البارزين منهم، وعيّن الاخرين فضائيين بعقود في دوائر البلديات والتربية وغيرها، فقد حان دور الغزي للقيام بواجبه في تحريك الشارع في الناصرية بعنوان الالتحاق بحراك السماوة، وليس بعنوان المؤجج له، فلو أن الحراك بدأ بالناصرية فلن يكون ذا تأثير كبير، باعتباره اصبح من الامور المعتادة التي تحصل بين الحين والآخر، فكلما ارادت مجموعة جديدة من الفاشلين الحصول على مكاسب، او الاستقواء على مديري الدوائر لتمشية عقد هنا او تعقيب معاملة هناك، انفجر الوضع في الناصرية بحجة محاربة الفساد.
ثالثًا: إن السوداني في أدائه الناجح حتى الان، اثار حفيظة الخصوم الداخليين والخارجيين، فقد شعر الداخليون منهم أنه لا جدوى من انتظار فشل حكومة الاطار، التي راهنوا على تصدعها سريعًا، بسبب الصراع الحتمي على الامتيازات، اما الخارجيون فقد باتوا يستشعرون الخطر من جدية السوداني بالمضي في طريق التنمية واكمال مشروع ميناء الفاو، الامر الذي سيضرب بقوة الممر البري الذي سيربط بين الامارات- السعودية - الكيان الصهيوني، ومنه الى أوروبا، كل هؤلاء اتفقوا على ان حقبة السوداني يجب ان تنتهي كنهاية حقبة عادل عبد المهدي، قبل ان تتعاظم المنجزات، ويتضاعف التصاق الناس بالسوداني وحكومة الاطار، او يحصل مستجد داخلي يشغل الرأي العام عن اي حدث آخر .
رابعًا: هنالك مبتزون رفضت الحكومة الرضوخ لابتزازهم، مما اثار حفيظتهم، وباتوا يسخّرون نوافذهم الاعلامية لاستغلال اتفه الاسباب وتحويلها الى مادة لمهاجمة هذه الحكومة والنيل منها ، فتارةً يثيرون قضية "نظارات" السوداني، وتارة يتحدثون عن "ساعة" السوداني، لانهم عجزوا عن تسجيل خلل واحد في اداء الرجل، هذا الصنف من اللواحق لم يكونوا جزءًا مخططًا له في مؤامرة السماوة وذي قار القادمة، ولكن التسمية المناسبة لهؤلاء هي "النتائج العرضية" التي تأني مجاناً دون ثمن او عناء، فقط لانهم لديهم مشكلة شخصية مع هذه الحكومة، ويحاولون الثأر منها، ولا علاقة لهم بكل شعارات النزاهة والاصلاح.
خامسًا: إن التوتر الاخير الذي رافق محاولات اغلاق الوكالات والمطاعم الامريكية، اثار قلق منظمي الحراك القادم، لان إرباك الوضع الامني واشغال الشارع بأي حدث اخر، لن يكون بصالحهم، لهذا فضلوا تقديم تاريخ الانطلاق، قبل حصول أي حدث آخر، فيغطي بدخانه على دخان ما يخططون لإحراقه.