المكون السُني أمام خيارين أحلاهما مُر.. عودة الساير تحبس أنفاس الأنبار.. إليك تاريخه الأسود بتدمير المحافظة
انفوبلس/ تقارير
بين فساد الحلبوسي وتطرف خصومه، بات المكون السُني أمام خيارين أحلاهما مُر، أما الرضوخ للأول والقبول باستبداده، أو الوقوف بصف الطرف الثاني وغض النظر عن جرائمه وتاريخه الأسود، فعودة قائممقام الفلوجة السابق عيسى الساير إلى الأنبار باتت تحبس أنفاس المحافظة كون الساير يحمل تاريخا أسود فيها ومتهم بقتل عشرات المدنيين وقاد مخططات كبيرة لتفجير الأوضاع آنذاك. فما هي أبعاد عودة الساير إلى الأنبار؟ وهل ستتفجر الخلافات مجددا بين الحلبوسي ومناوئيه؟.
*مَن هو عيسى الساير؟
لن ينسى مواطنو الأنبار، الشخصيات التي أدخلت الإرهابيين إلى محافظتهم، وحوَّلت مناطقها إلى أنقاض تكوَّمت فوق بعضها، ومدن مدمرة، وجثث أبنائهم مهشمة، وتهجيرهم بعيداً عن ديارهم التي تحولت إلى مدن أشباح، قبل حملة إعمارها.
من بين تلك الشخصيات، عيسى الساير، الذي كان قائممقام الفلوجة، خلال الفترة التي شهدت دخول الإرهابيين إلى المدينة، بعدما كان سبباً بقتل مئات العراقيين، خلال عمليات تصفية، راح ضحيتها العديد من الأبرياء، وفق ما يقول بعض الأهالي.
كان الساير، أحد قيادات الحزب الإسلامي، الذي ـ وبحسب مصادر أمنية ـ "يقوم بمخطط كبير، عبر أفراد الحزب في محاولة لتفجير الأوضاع الأمنية بالمناطق الغربية، للانقضاض على مقدراتها والتحكم بمواردها التي فقدها بعد تسببه بالدمار والخراب الذي لحق للمدينة خلال السنوات الماضية".
وإلى جانب ذلك، تقول مصادر مقرّبة من الحزب الإسلامي عن الساير، إنه "قتل الكثير من العراقيين، والضبّاط في الجيش العراقي الذي كان يسميه (جيش الكفار)"، مشيرةً إلى أن "الساير لم تقتصر جرائم قتله ومَن معه على ضباط الجيش العراقي السابق، بل وصل قتله إلى الكثير من علماء الدين المختلفين معه".
*الساير وكتائب حماس العراق
المصادر أشارت إلى أن "الساير ينتمي لكتائب حماس العراق، وبمعيتهم نفذ جرائم القتل، وسبب المعاناة لكثير من أبناء الأنبار، ومدينة الفلوجة تحديداً"، لتبرز دعوات الأنباريين إلى محاسبة مَن تسبب بجراحاتهم الماضية، التي كان الساير ومَن معه في كتائب "حماس العراق".
وخلال التواصل مع مواطنين من الأنبار، قالوا إن "تحرك الساير ومَن معه لإعادة الإرهابيين إلى الأنبار، يجب أن يواجه برفض شعبي، فالأهالي لم ينعموا بالاستقرار، إلا في السنوات القليلة الماضية، حين ولّى عن المحافظة مَن كان سبباً في معاناتها".
وفي العودة إلى الوراء قليلاً، يجد المواطن الأنباري حائراً، أن "الجرائم التي ارتكبتها حماس العراق، بتوجيه عيسى الساير، بقيَت طيّ الكتمان، على الرغم من قتل مئات الضباط، بأوسع عمليات للتصفية".
فيما تكشف محاضر التحقيق السابقة الموجودة في دور القضاء، ومراكز الشرطة، أن "حماس العراق تورطت في العديد من الجرائم التي استهدفت العراقيين، وقتلتهم قبل سنوات".
*تاريخ الساير الأسود
كان الساير قائممقام قضاء الفلوجة، وهو متهم بقتل مجموعة كبيرة من الضباط وعلماء الدين، فيما كانوا يعدّون أعضاء الجيش كفاراً.
حيث قاد عيسى الساير أكبر وأوسع عمليات التصفية داخل قضاء الفلوجة، بدعم من قيادات الحزب الإسلامي، الذي كان يحاول الانقضاض على زمام الأمور في محافظة الأنبار بأي وسيلة كانت، إذ راح ضحية تلك العمليات مئات من الضباط في حينها.
وحصلت قوة أمنية على رزمة مهمة للغاية تحتوي على محاضر تحقيق وشهادات من صالات المحاكم العراقية ومن دوائر الشرطة والقضاء في العراق وهي خاصة بجرائم (كتائب حماس العراق) لمؤسسها طارق الهاشمي ورافع العيساوي المتهمان بالإرهاب.
وتتعلق تلك المعلومات بالجريمة المنظمة لقتل عدد من "العراقيين" وبطرق مخزية أي جرائم إبادة بحق الإنسانية، ويعاقب عليها القانون وتعتبر جرائم من اختصاص "محكمة الجنايات الدولية".
*عودة الساير للأنبار
كان محافظ الأنبار علي فرحان الدليمي قد أعفى الساير من منصب قائممقام الفلوجة عام 2019 لاعتبار انتخابه من قبل مجلس القضاء مخالفاً للقانون، لكن وثيقة ظهرت اليوم تفيد ببت القضاء العراقي بعودة الساير إلى منصبه كقائممقائم للفلوجة، في خطوة فجّرت غضب العراقيين بصورة عامة والأنباريين بصورة خاصة، لكون الساير من أبرز الشخصيات المرتبطة بالإرهاب وعليه الكثير من التهم والعلامات السوداء في تاريخه.
اللويزي: العيساوي والهاشمي يقودون "حماس العراق" الإرهابية
ودعا النائب عن جبهة الإصلاح عبد الرحمن اللويزي في 2017، أجهزة الأمن العراقية إلى التحرّي عن الوجه السياسي لرافع العيساوي وطارق الهاشمي وبعض القيادات الأخرى ممن يقودون منظمة حماس العراق الإرهابية.
وقال اللويزي، وهو نائب عن محافظة نينوى، في تصريح صحفي إن “رافع العيساوي وطارق الهاشمي وبعض القيادات الأخرى هم من يقودون منظمة (حماس العراق) الإرهابية المتورطة في سقوط الموصل وقتل الجنود والمواطنين".
وأضاف، إن "محافظ نينوى المُقال أثيل النجيفي وبعض القيادات الأخرى في المحافظة لديهم علاقة متينة مع جيش النقشبندية الذي أسهم أيضا بالاشتراك مع داعش في سقوط الموصل". مطالباً "جهاز المخابرات بتدقيق الأسماء والفصائل الإرهابية والإعلان عن علاقات السياسيين بتلك المجاميع".
*صراع نفوذ
ويرى رئيس مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن الصراعات السنية - السنية هي صراع مصالح على النفوذ في المحافظات ومجلس النواب.
وقال، إن هناك ظاهرة خطيرة شهدها مجلس النواب في مراحله المختلفة هي شراء نواب من خلال دفع مبالغ لنواب من أجل تكوين كتلة معينة والانضمام إليها والخروج من أحزابهم السابقة. مبيناً، إن "ما يجري هو لعبة سياسية تذهب لخلق تجاذبات واستقطابات لتغيير الخريطة السياسية على سبيل مجلس النواب أو المحافظات ضمن إطار الاستحواذ على المواقع الحيوية للنفوذ واتخاذ القرار".
وأضاف، إن "ما يجري هو صراع على رسم خريطة سياسية في إطار السلطات الثلاث وخصوصاً مجلس النواب والمجالس المحلية لاحقاً وإذا ما تم تحقيق انتخابات لتهيئة ظهور تحالفات سياسية مختلفة توظَّف لهذا الطرف أو ذاك".