انطلاق انتخابات مجالس المحافظات التي لم تُجرَ عام 2017 وتركت 15 حكومة محلية تعمل دون شرعية أو رقيب
انفوبلس/..
انطلقت صباح اليوم الاثنين في العراق، ضمن إجراءات أمنية مشددة انتخابات، مجالس المحافظات، في أول انتخابات من نوعها بالبلاد منذ 10 سنوات، وذلك بعد أن عُقد أول أمس السبت تصويت "خاص" لنحو 50 ألف نازح ولنحو مليون عنصر من القوات الأمنية.
وأُنشأت مجالس المحافظات بعد الغزو الأميركي وإسقاط نظام صدام حسين في عام 2003، وجرى حل مجالس المحافظات في العام 2019 تحت ضغط شعبي في أعقاب مظاهرات غير مسبوقة شهدتها البلاد.
وتتمتع مجالس المحافظات بصلاحيات واسعة، على رأسها انتخاب المحافظ ووضع ميزانيات الصحة والنقل والتعليم من خلال تمويلات مخصصة لها في الموازنة العامة التي تعتمد بنسبة 90% من إيراداتها على النفط.
وفُتحت صناديق الاقتراع الساعة السابعة صباحا (الرابعة بتوقيت غرينتش) وتُغلق مكاتب الاقتراع البالغ عددها 7166 عند الساعة السادسة مساءً (الثالثة بتوقيت غرينتش)، ودُعي نحو 17 مليون ناخب للاختيار من بين 6 آلاف مرشح يتنافسون على 285 مقعدا في جميع المحافظات.
ومن بين المرشحين 1600 امرأة يمثلن نسبة 25% المحددة لهن، وخُصصت أيضا 10 مقاعد للأقليات المسيحية والإيزيدية والصابئة في بلد متعدد العِرقيات والطوائف.
وتتفاوت أعداد مقاعد مجالس المحافظات من محافظة إلى أخرى، حيث يضم مجلس محافظة بغداد 49 مقعدا، فيما يضم مجلس محافظة البصرة 22 مقعدا.
القوى المتنافسة
ومن أبرز القوى السياسية المتنافسة في الانتخابات، تحالف "نبني"، الذي يضم القوى الشيعية بعد انسحاب تيار مقتدى الصدر من الانتخابات. وتحالف "تقدُّم"، الذي يتزعمه رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي. وائتلاف "دولة القانون" الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وتحالف "الأنبار الموحد" بزعامة رئيس حزب الحل جمال الكربولي، إضافة الى تحالف "السيادة" برئاسة خميس الخنجر، وتحالف "العزم" برئاسة مثنى السامرائي.
كذلك يشارك تحالف "الحسم" الذي يتزعمه وزير الدفاع الحالي ثابت العباسي الذي يضم 9 أحزاب، فضلا عن القوى الكردية التي تضم الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الديمقراطي وبعض القوى المتنافسة في محافظات إقليم كردستان وكركوك ونينوى وبغداد وبعض المناطق المحيطة بالإقليم.
كما تتنافس في هذه الانتخابات بعض القوى المدنية أبرزها تحالف "قيم المدني" الذي يضم 10 أحزاب، وتحالف "القوى المدنية" وتحالف "تركمان العراق"، فضلا عن القوى السياسية الناشئة التي تمثل قوى المستقلين، بالإضافة إلى الأقليات التي تمثل المسيحيين والإيزيديين والصابئة.
الأرقام المتوقعة
وتؤكد المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلاي، أن 16 مليون ناخب يحق لهم التصويت في الانتخابات، من خلال 7766 مركز اقتراع وبواقع 38 ألف محطة موزعة في عموم البلاد، مبينة أن المفوضية أكملت استعداداتها لعملية الاقتراع من العد والفرز والإرسال.
وتوضح الغلاي، أن عدد المرشحين الكلي للانتخابات هو 6022 موزعين على 38 تحالفا، فيما يبلغ عدد التحالفات والأحزاب والأفراد 163، إذ بلغ عدد المرشحين للتحالفات 4223 وعدد المرشحين للأحزاب 1729 وللأفراد 70 فردا، مشيرة إلى أن عدد المرشحين من المكون المسيحي 16 مرشحا وللصابئة 10 مرشحين، وللكرد الفيليين 13 مرشحا، ولمكون الشبك 5 مرشحين وللإيزيديين 4 مرشحين.
وبخصوص المراقبين الدوليين والمحليين أوضحت الغلاي، أن 87 مراقبا دوليا سيعملون على مراقبة الانتخابات، وأكثر من 33 ألف مراقب محلي، وأكثر من 5 آلاف من وكلاء الأحزاب، كما ستشارك 95 مؤسسة تمثل الإعلام العربي والدولي.
حكومة السوداني
وتُعد الانتخابات المحلية استحقاقا سياسيا مهما لحكومة محمد شياع السوداني الذي يعد بإصلاحات خدمية وتطوير للبنى التحتية المدمرة جراء عقود من النزاعات منذ تسلّم الحكم بدعم من أغلبية برلمانية.
وفي كلمة له قبل الانتخابات، مساء يوم الجمعة الماضي، حثَّ السوداني العراقيين على التصويت و"بالخصوص الذين يتلمسون ويستشعرون عمل الحكومة واتجاهها نحو مشاريع الإعمار والتنمية" من أجل "اختيار وانتخاب مجالس محافظات قوية ومساندة للعمل التنفيذي".
وتخيّم حالة من الإحباط على الرأي العام إزاء الانتخابات في بلد يقطنه 43 مليون نسمة وغني بالنفط لكن مؤسساته تعاني من" فساد مزمن"، كما يقول المراقبون.
وترجح التوقعات تراجع تحالف "تقدُّم" في المحافظات السُنية عقب قرار المحكمة الاتحادية العليا في تشرين الثاني الماضي إقالة زعيمه محمد الحلبوسي من منصبه رئيسا لمجلس النواب بتهمة التلاعب والتزوير.
أما في محافظة كركوك شمالي العراق، فيتوقع أن تكون المنافسة أكثر احتداماً، حيث قد تعود إلى الواجهة التوترات بين مختلف مكونات المحافظة من عرب وأكراد وتركمان.
وانتخاب مرشح لمنصب المحافظ كان من صلاحيات مجالس المحافظات فقط، لكن بعد قرار حلّ هذه المجالس، آلت تلك الصلاحية لرئيس الوزراء العراقي، والذي بإمكانه تكليف شخص لتولي مهام المحافظ.
إقالة أو تنصيب المحافظ بغياب المجالس
خبراء قانونيون ودستوريون، أشاروا الى أنه من الناحية القانونية يجب أن يتم ملء هذا المنصب من قبل مجالس المحافظات، لكنه أوضح بأنه "لكيلا يبقى ذلك المنصب شاغراً، بإمكان رئيس الوزراء، بمقتضى الأمر الواقع، تكليف شخص لتولي المنصب
في أواخر عام 2019، أجرى البرلمان العراقي، استجابة لمطالب المحتجين الذين خرجوا في تظاهرات شملت عدة مدن عراقية، تعديلات في قانون عمل مجالس المحافظات رقم 12 لسنة 2018، باستثناء إقليم كوردستان، وأنهت عمل تلك المجالس.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أشار فيه قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 وكذلك المادة 122 من الدستور العراقي الى أن تعيين المحافظ من صلاحيات مجلس المحافظة، حيث تنص الفقرة السابعة من المادة 7 من ذلك القانون على أن انتخاب المحافظ ونائبيه يكون بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس.
خبراء قانونيون ودستوريون، أشاروا الى أنه من الناحية القانونية يجب أن يتم ملء هذا المنصب من قبل مجالس المحافظات، لكنه أوضح بأنه "لكيلا يبقى ذلك المنصب شاغراً، بإمكان رئيس الوزراء، بمقتضى الأمر الواقع، تكليف شخص لتولي المنصب، سواء كان مدير الشرطة أو نائب المحافظ، وهذا بمقتضى الأمر الواقع وليس وفق القانون، لأنه هذه ليس من صلاحيات رئيس الوزراء أيضاً حسب القانون."
مجلس شورى الدولة أشار في رد على سؤال طرحه البرلمان بعد إنهاء عمل مجالس المحافظات في عام 2019، الى أن بإمكان المحافظ تقديم استقالته لرئيس الوزراء في غياب مجالس المحافظات، وهو الذي يستطيع أيضاً تكليف شخص لتولي ذلك المنصب.
نائب رئيس البرلمان العراقي السابق شاخوان عبد الله، أكد في حوار صحفي، أن "انتخاب المحافظ من مهام مجالس المحافظات، لكنها الآن لا تمارس مهامها والبرلمان هو الذي يقوم بالدور الرقابي، لذا يستطيع البرلمان والحكومة تعيين محافظ جديد."
وبموجب التعديلات في قانون رقم 12 لسنة 2018 الخاص بانتخاب مجالس المحافظات، يستمر المحافظ ونائباه ورؤساء الوحدات الإدارية في مهامهم، فيما تُناط مهمة رقابة أعمال إدارات المحافظات بممثلي كل محافظة في البرلمان العراقي.
ويرى النائب السابق في البرلمان العراقي، لطيف الشيخ مصطفى، بأن منح صلاحية حل مجالس المحافظات وإقالة المحافظ للبرلمان غير دستوري.
وتنص إحدى فقرات المادة السابعة من قانون المحافظات العراقية غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 بأنه الى جانب مجالس المحافظات، بإمكان البرلمان العراقي أيضاً سحب الثقة من المحافظ بناءً على اقتراح رئيس الوزراء.
وكان البرلمان العراقي قد أقال المحافظ السابق لكركوك نجم الدين كريم في عام 2017 وعيّن راكان سعيد الجبوري بدلاً منه لتولي المنصب وكالةً، وذلك بقرار من رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي.