انفوبلس تتقصى أصل المشكلة بين السوداني والإطار.. متى بدأت بالضبط؟ وهل تقود إلى استقالة الحكومة؟
انفوبلس/ تقارير
في تقرير قد يكون الأول من نوعه، سلّطت شبكة انفوبلس الضوء على ما يحدث داخل الإطار التنسيقي ومشكلة السوداني معه، وتتبعت عبر سلسلة من المعلومات أصل المشكلة ومتى بدأت وعلى ماذا، كذلك فصّلت طبيعة الخلاف والأطراف المتصارعة، والصمت غير المبرر لبعض الشخصيات البارزة لاسيما هادي العامري، خاصة بعد قضية التنصت ومستجدات سرقة القرن وصولا إلى مؤتمر حنون والأسماء التي طُرحت به، فهل ستقود هذه الأحداث إلى استقالة حكومة السوداني والذهاب نحو انتخابات مبكرة؟ وما هي الملفات الـ5 التي قادت قوى الإطار إلى التصدع بهذا الشكل؟
خلافات خلف الكواليس
منذ عام تقريبًا، بدأت قوى سياسية داخل تحالف الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية جميعها عدا التيار الصدري، حراكًا بمحاصرة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، خاصة من قبل زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وما برهن ذلك، هو المالكي نفسه عندما قال في تصريحات سابقة إن الولاية الثانية لأي شخصية لا تأتي إلا بتوافق الكتل السياسية وقيادات الإطار، داعيًا إلى عدم استغلال النفوذ والمال الحكومي دعايةً انتخابيةً، بالإشارة إلى السوداني.
وتعمق الخلاف بين المالكي والسوداني القياديَّين داخل الإطار التنسيقي، وظهر بعد مقاطعة المالكي لاجتماعات الإطار في ظل وجود السوداني، في وقت يرى مقربون من الطرفين أن الخلافات ستطفو على السطح وتظهر من خلف الكواليس نحو العلن.
ظهور الخلافات إلى العلن.. متى بدأت مشكلات السوداني مع الإطار؟
منذ تشكيل الإطار في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عقب انسحاب التيار الصدري من مجلس النواب، بدت الساحة مفتوحة أمامه لإعادة رسم خريطة التحالفات وتكييف السياسة الخارجية ضمن توجهاته.
لكن مسار عمل الإطار خلال أقل من عامين على تشكيل حكومة السوداني حظي بنقاشات ساخنة كثيرة وخلافات وتنافس، سواء داخله أو حتى ضمن ائتلاف إدارة الدولة الذي يجمعهم بالكتل السنية والكردية.
وتركزت الخلافات في 5 ملفات:
ـ الأول: انتخاب المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات الجدد عقب إعلان نتائج انتخابات المجالس في 28 ديسمبر/كانون الأول 2023.
ـ الثاني: دعم حكومة السوداني والدعوة لانتخابات مبكرة من قبل نوري المالكي.
ـ الثالث: العلاقة مع الكتل السنية بشأن انتخاب رئيس جديد للبرلمان وتشريع قانون العفو العام عن السجناء.
ـ الرابع: الخلاف مع القوى الكردية وخصوصا الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني ومع الإقليم عموما بقضية رواتب الموظفين وقوات البشمركة وتصدير نفط الإقليم.
ـ الخامس: العلاقة بين الحكومة وفصائل المقاومة تجاه وجود القوات الأميركية والقواعد العسكرية.
لكن بداية الأزمة، بين السوداني والإطار ترجع الى تدخل السوداني لمصلحة سالم العيساوي في الجلسة التي لم تكتمل لانتخاب رئيس البرلمان.
وكان السوداني في وقته، يميل إلى سالم العيساوي على حساب محمود المشهداني المقرب من الإطار والمدعوم منه، في الوقت الذي كان الإطار يطال السوداني بالحياد وترك الاختيار للنواب.
كانت هذه هي بداية الأزمة الحقيقية بين السوداني والإطار، وعلى إثرها رجّح مراقبون للشأن السياسي أنها أحد أسباب تأخير اختيار رئيس البرلمان لغاية الآن.
بدأت الأزمة بين السوداني والإطار تصل إلى مرحلة "كسر العظم" لاسيما بعد حصول مواجهة غير مباشرة بين رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، والسوداني على خلفية لوم كل طرف الآخر فيما يخص التعامل مع قضية نور زهير والمسؤول عنها، الأمر الذي تطور لاحقا إلى مؤتمر حيدر حنون.
أما قضية التنصت الشهيرة وشبكة جوحي، فقد نسفت العلاقات بين السوداني والإطار بصورة علنية، رغم عدم وجود معلومات كاملة بشأنها لدى جميع الأطراف.
ورغم أن العراق لا يملك برنامجا للتجسس وأن "بيغاسوس" الشهير هو برنامج إسرائيلي وتكلفته عالية ولا يوجد حتى من يستطيع استخدامه في العراق، إلا أن بعض المراقبين حمّل عباس السوداني شقيق رئيس الوزراء مسؤولية الشبكة باستخدام ذات البرنامج الذي استخدمه جوحي، وهو برنامج خارجي.
ووفق مراقبين، فإن عباس السوداني متهم بالعديد من التهم ولا يستبعد أن يكون هو من قاد شبكة التجسس تلك، وهذا الأمر فاقم الأزمة بين السوداني والإطار أيضا، لاسيما بعد الحديث المتداول بأن شقيق السوداني – عباس – تحصل على 500 مليون دولار من نور زهير ضمن ما يعرف بسرقة القرن.
وهكذا، تفاقمت الأزمة وتم تأشير مجموعة من الملاحظات أبرزها الصمت غير المبرر لرئيس منظمة بدر وتحالف نبني هادي العامري.
ووفق ما أشره المراقبون، فلم يصدر عن العامري أي بيان أو موقف سواء فيما يتعلق بقضية التجسس أو التطورات الجديدة الخاصة بنور زهير وسرقة القرن، كذلك كان له موقف شبه معدوم خلال اجتماعات الإطار الأخيرة ولم يكن بذاك النشاط الذي عُرف عليه في السابق.
ولعل التركيز على التسلسل الزمني للأحداث، يظهر أن خلافات السوداني والإطار قد وصلت إلى القضاء أيضا، فحنون الذي صوب نحو قاضي محكمة الفساد ضياء جعفر، أعاد إلى الأذهان ما حدث بين محكمة التمييز الاتحادية برئاسة فائق زيدان والمحكمة الاتحادية العليا برئاسة القاضي جاسم العميري والمتعلق بطلب قدمه قاض إلى زيدان لإحالته الى التقاعد بنسبة 80% من آخر راتب تقاضاه وفقا لقانون التقاعد الموحد، إلا أن القاضي زيدان رفض الطلب، لأن القانون يوجب أن يكون لدى القاضي خدمة قضائية 30 عاما، في حين أن القاضي صاحب الطلب تبلغ خدمته نحو 17 سنة.
هل يستقيل السوداني؟
تصدى زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لملف التنصت بضراوة، ورفض إغلاقه دون موقف من الإطار التنسيقي، وعرض على السوداني شروطاً مقابل عدم استقالة الحكومة مبكراً تحت وطأة الفضيحة.
ونقلت المصادر وفق صحيفة الشرق الأوسط، عن المالكي أن صدمة الاعترافات لن تمر دون رد فعل حازم.
ووفقاً للمصادر، فإن المالكي اشترط على السوداني "رفع يده تماماً عن جهاز المخابرات وتسليمه إلى (الإطار التنسيقي)، وتطهير المؤسسات الحكومية من أفراد قبيلة السوداني، وإعادة هيكلة مكتب رئيس الوزراء، والتعهد بعدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، وحل حزب تيار الفراتين الذي يتزعمه السوداني".
واتفق مصدر مع غالبية هذه الشروط، لكنه شكك في أنها تتضمن حل حزب السوداني، وقال إن الأمر يتركز على منعه من المشاركة في الانتخابات.
ونقل المصدر، إن المالكي "يرى الاعترافات المسجلة كافية لتوقيع السوداني استقالته فوراً".
السوداني "يعاند بقوة"
في المقابل، أظهر السوداني عناداً كبيراً، وأفادت مصادر مقربة بأن رئيس الحكومة يرفض الرضوخ للمالكي، وافترضت أنه يمتلك القوة الكافية لمواجهة ما يسميها هو معركة ليّ الأذرع.
ويعتمد السوداني في هذه المعركة على موقعه التنفيذي رئيساً للوزراء. وأخيراً حصل على دَفعة سياسية كبرى مع الإعلان عن اتفاق عراقي – أميركي على جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي.
ويحظى السوداني، أيضاً، بتأييد قوى شيعية مثل رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى، همام حمودي.
لكنَّ العلاقة بين السوداني وأبرز حلفائه الشيخ قيس الخزعلي غير جيدة الآن، بعد معلومات تتحدث عن تنصت الشبكة على هاتف الخزعلي وبعض المقربين منه.
وتشرح المصادر توزيع القوى داخل الإطار التنسيقي حتى مع عاصفة التنصت، بين ثلاثة تيارات؛ الأول يضم السوداني ومعه الفياض وهمام حمودي، والثاني يقوده المالكي، بينما يحاول تيار في الوسط الاستفادة من الطرفين ويضم عمار الحكيم وهادي العامري.
ويرى محللون سياسيون أن محاصرة السوداني، بملفات معقدة أولها ملف الأمانات الضريبية التي تورط بها "نور زهير"، والثانية شبكة التجسس لمحمد جوحي، وغيرها من الملفات تأتي من داخل الإطار لا خارجه.
بالمقابل، نفت مصادر داخل مكتب السوداني، أن يكون الأخير متورطًا في شبكة التجسس، مؤكدة أن جوحي استخدم منصبه داخل المكتب لتنفيذ أجندات خاصة به.