منظمة بدر والمالكي والأعرجي يتعرضون لهجوم متكرر من السيناتور "جو ويلسن".. من هو؟ وماذا يقول؟

انفوبلس/ تقرير
كثيرة هي التصريحات "الاستفزازية" التي صدرت عن عضو الكونغرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري "جو ويلسون" خلال الفترة الأخيرة، حول العراق وقياداته السياسية وأبرزهم الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، وكذلك رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي ومستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي، مما خلف موجة من الجدل داخل الأوساط الشعبية والسياسة وردود أفعال عراقية "غاضبة"، فمن هو؟ وما قصة هذا التصعيد؟
تأتي هذه التصريحات خصوصاً مع عودة الجمهوريين إلى واجهة المشهد السياسي الأمريكي وفي ظل تصعيد مستمر بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ما يجعل العراق محوراً للتنافس الإقليمي والدولي.
*ماذا قال "جو ويلسن"؟
يوم الجمعة 17 كانون الثاني/ يناير 2025، عاود عضو مجلس الشيوخ الأميركي جو ويلسون، الهجوم على منظمة بدر، واصفاً إياها بـ"المتطرفة، الطائفية".
ويلسون زعم في تغريدة على منصّة "إكس" تابعتها "انفوبلس"، إن "منظمة بدر هي منظمة إرهابية متطرفة طائفية مثل داعش، لقد قتلت أمريكيين وشاركت في الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد عام 2019، وتم تسليحها وتدريبها من قبل قاسم سليماني، للأسف لم يتم تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية حتى الآن. ترامب سيصلح الأمر".
وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها ويسلون منظمة بدر، حيث كتب بداية الشهر الجاري تدوينة على منصّة "إكس"، ذكر فيها: "تستمر حكومة العراق في تمويل الميليشيات العميلة للنظام الإيراني بما في ذلك فيلق بدر، الذي هاجم سفارتنا وقتل أمريكيين من المؤسف أن أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لا تزال تتدفق إلى العراق، يجب أن نضع أمريكا أولاً. ترامب سيصلح الأمر".
وتوعد النائب الأمريكي جو ويلسون بإدراج العامري على قائمة الإرهاب الدولي. كما كتب عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس": "حرروا العراق من إيران".
وكذلك هاجم جو ويلسون، رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي فيما وصفه بـ "الداعم للإرهاب الإيراني. وقال ويلسون في تغريدة إن "العراق حكمه لفترة طويلة لصوص يدعمون الإرهاب ويسرقون من الدولة العراقية".
وأضاف، أن "رئيس الوزراء السابق نوري المالكي يدعم الإرهاب الإيراني وارتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان". وشدد ويلسون، على "ضرورة معاقبة المالكي على جرائمه"، مشيراً إلى أن "ترامب سيصلح الأمر".
*ردود الفعل
وردّت منظمة بدر، الأربعاء 15 كانون الثاني/ يناير 2025، على تصريحات ويلسون، والتي وصف فيها المنظمة بـ"الميليشيات التابعة لإيران".
وقال المكتب السياسي للمنظمة في بيان اطلعت عليه "انفوبلس"، إن "منظمة بدر كيان سياسي وديمقراطي كان له دور محوري في بناء الدولة العراقية والمشاركة في العملية السياسية، كما لعبت المنظمة دوراً بارزاً في مكافحة الإرهاب، خاصة في مواجهة تنظيم داعش، وقدمت تضحيات كبيرة دفاعًا عن العراق والعالم ضد تهديد الإرهاب".
وأضاف المكتب في بيانه، "على وجه الخصوص، أظهر هادي العامري، الأمين العام لمنظمة بدر، التزاماً كبيراً في هذا الصدد، حيث ترك منصبه كوزير للنقل عام 2013 لينضم إلى ساحات القتال ضد تنظيم داعش الإرهابي، ولم يترك مواقع القتال إلا بعد القضاء نهائياً على التنظيمات المتطرفة التي كانت تهدد الأمن والسلم الدوليين".
وتابع المكتب، "أما الادعاءات التي طرحها السيناتور جو ويلسون بشأن تصنيف منظمة بدر كمنظمة إرهابية فهي لا أساس لها من الصحة، وتفتقر إلى الأدلة، مثل هذه الادعاءات تغفل الجهود الحقيقية التي بذلتها المنظمة في مكافحة الإرهاب والمساهمة في استقرار العراق".
وقال، "من المهم أن يتم التعامل مع منظمة بدر ومساهماتها بإنصاف، بعيداً عن التحريف أو التضليل، فبدلاً من إثارة اتهامات باطلة، يمكن تعزيز فهم أفضل لدورها في مكافحة الإرهاب وإحلال الأمن".
ولفت البيان إلى، أنه "نود التأكيد على أن العراق بموارده الطبيعية الغنية وخاصة في قطاع النفط، لا يحتاج إلى أموال دافعي الضرائب الأمريكيين كما يدعي ويلسون، والعراق قادر على إدارة شؤونه باستقلالية ونتمنى أن تصرف هذه الأموال على إطفاء حرائق كاليفورنيا ولوس انجلوس، لذلك، ندعو السيناتور ويلسون إلى تجنب التدخل في الشؤون الداخلية للعراق والتركيز على معالجة القضايا الداخلية في بلاده".
واختتم البيان، "بهذا النهج الذي يسلكه العراق الآن، يمكن تعزيز علاقات أكثر احتراماً وبناءً بين الشعوب، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".
في هذا السياق، علق الباحث في الشأن السياسي المقيم في الولايات المتحدة نزار حيدر على هذه التطورات، موضحاً أن الجمهوريين ينظرون إلى العراق كجائزة استراتيجية تسعى واشنطن لاستعادتها.
وقال حيدر، إن "الجمهوريون العائدين بقوة إلى البيت الأبيض يعتبرون أن العراق جائزتهم التي فرّط بها الديمقراطيون حتى كادوا أن يفقدوه لصالح إيران. ولذلك فهم عازمون على إعادته إلى بيت الطاعة، إن صح التعبير، من خلال تقليص نفوذ الجارة الشرقية إلى أدنى مستوياته".
وأضاف حيدر: "أعضاء الكونغرس، وتحديداً النواب العاملين مع الرئيس ترامب لتحقيق رؤيته بشأن ما أسماه وضع حد لفوضى السلاح في الشرق الأوسط، والذي يقصد به من بين ما يقصده مساعدة الحكومة العراقية لحصر السلاح بيد الدولة. وهو الأمر الذي استجاب له السوداني مدعوماً بكل القوى والزعامات السياسية، بمن فيها قوى الإطار التنسيقي".
وأشار إلى أن: "الغرض من كل ذلك هو إبعاد العراق عن شرارات الحرب المتوقعة بين طهران وواشنطن، من خلال فك الارتباط العضوي بين بغداد وطهران، على المستوى الأمني والعسكري أو على مستوى الدولار والبترول والطاقة وغير ذلك. وهي بالتأكيد ليست حرباً عسكرية بالمعنى الكلاسيكي، وإنما هي حرب البترول والمال والاقتصاد، إلى جانب حرب التجسس والذكاء الاصطناعي، كما شاهدنا ذلك في غزة ولبنان وسوريا، والآن في اليمن".
وتابع حيدر: "الشيء الخطير هو أن بعض أعضاء الكونغرس يسعون لخلط الأوراق من أجل المزيد من الضغط والتصعيد في الحرب النفسية ضد القوى والزعامات السياسية، وتحديداً الإطار التنسيقي، من خلال الدمج بين الفصائل المسلحة وزعاماتها".
تصريحات ويلسون وتعليقات حيدر تعكس مساعي الإدارة الأمريكية الحالية لاستعادة العراق إلى دائرة نفوذها، وذلك ضمن استراتيجية أوسع لحصر السلاح بيد الدولة العراقية وفك الارتباط مع إيران. لكن التحديات التي تواجه هذه السياسة تكمن في تعقيد المشهد السياسي الداخلي في العراق، فضلاً عن التدخلات الإقليمية والدولية.
مع تصاعد الضغوط الدولية، يجد العراق نفسه أمام مفترق طرق في محاولة تحقيق التوازن بين القوى الإقليمية والدولية. ويبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة العراقية من تعزيز سيادتها الوطنية، أم ستتأثر بالصراعات المحيطة بها؟
وبحسب مراقبين فإنه في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، راهنت الولايات المتحدة على تشكيل نظام سياسي يتيح لها فرض نفوذها على العراق بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد كانت التوقعات الأمريكية تشير إلى إمكانية التحكم بالقوى السياسية الشيعية، معتبرة أنها ستكون طائعة لإرادتها بسبب الدعم الذي قدمته واشنطن في إسقاط النظام السابق وإعادة تشكيل النظام السياسي العراقي.
ومع ذلك، خابت هذه التوقعات بشكل واضح مع تصاعد مقاومة القوى السياسية الشيعية للضغوط الأمريكية، مما أعاق قدرة واشنطن على تحقيق مشاريعها الاستراتيجية في البلاد، بحسب المراقبين الذين أكدوا أنه بدلاً من الخضوع للضغوط الأمريكية، أثبتت القوى السياسية الشيعية أنها قادرة على حماية استقلالية قرارها السياسي من خلال التصدي للمشاريع الامريكية وتعزيز العلاقات الإقليمية بالإضافة إلى دعم السيادة الوطنية.
وحول الموضوع يقول القيادي في دولة القانون حيدر اللامي، إن "الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع فرض جميع مخططاتها على أرض العراق، مشيراً إلى أن الموقف السياسي العراقي، وخاصة من البيت الشيعي المتمثل بالإطار التنسيقي، لعب دوراً محورياً في التصدي للضغوط الأمريكية".
وأوضح، إنه "عندما تشكّل البيت السياسي العراقي الجديد كانت الولايات المتحدة تتوقع أن يكون هذا البيت وخصوصاً القوى الشيعية طائعة بالكامل لإرادتها، لكنها تفاجأت بالمطالبات الواضحة بإخراج القوات الأمريكية ورفض الهيمنة والتدخلات الأمريكية".
وأضاف، إنه "لو كان القادة السياسيون العراقيون طائعين لواشنطن لكانت الكثير من الأمور تغيّرت وفقاً لما تريده الولايات المتحدة، لكن رفض السياسيين العراقيين للمشاريع الأمريكية أفشل العديد من المخططات التي كانت تهدف إلى التأثير على سيادة العراق واستقلال قراره".
وأشار إلى أن "الأمريكيين صُدموا من ردود الفعل العراقية، وكيف تم القضاء على صدام حسين الذي وصفوه بالابن البار لهم، ليُستبدل بنظام سياسي يرفض الوجود الأمريكي ويسعى إلى الحفاظ على سيادة العراق". وشدد اللامي على أن "ما يخطط له الأمريكيون قد لا يتحقق على أرض العراق، لأن القرار النهائي يعود للشعب العراقي وممثليه المنتخبين، الذين يقررون ما يكون على أرض العراق، بعيداً عن أي تدخل خارجي".
*من هو جو ويلسن؟
وُلد جو ويلسون في العام 1947 في ولاية كارولينا الجنوبية، المعروفة بأنها معقل الحزب الجمهوري. درس القانون في جامعتها، وأسس شركة للمحاماة هناك.
بدأت مسيرته السياسية عندما كان ضمن طاقم السيناتور ستروم ثورموند وعضو الكونغرس فلويد سبينس، اللذين عملا خلال إدارة رونالد ريغان بين عامي 1981 و1989. وشغل منصب المستشار العام لحاكم كارولينا الجنوبية جيم إدواردز، وخلال خدمته في الجيش الأميركي، عمل ويلسون كمحامٍ لقاضي الأركان، وكان الوحيد الذي ينشط في الكونغرس الأميركي أثناء عمله العسكري.
انتُخب لأول مرة لعضوية الكونغرس الأميركي في العام 2001 عن ولاية كارولينا الجنوبية، وتم انتخابه رئيساً للجنة النقل في مجلس الشيوخ، وتقاعد من الجيش الأميركي في العام 2003.
حتى الآن، يعمل السيناتور ويلسون كعضو في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، ويشغل منصب العضو المنتدب للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعضو اللجنة الفرعية للإرهاب الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، يشغل ويلسون عضوية اللجان الفرعية للجاهزية والقوات الاستراتيجية التابعة للجنة الجيش والدفاع، ومنذ الدورة 111 للكونغرس في العام 2009، عُيّن في لجنة السياسة للحزب الجمهوري، ذات النفوذ الكبير داخل الكونغرس ذي الأغلبية الديمقراطية آنذاك.
لدى السيناتور جو ويلسون سجل حافل وتاريخ طويل ضد نظام بشار الأسد، حيث وجّه اتهامات لنظام الأسد في العام 2003، بتمويل ودعم "المنظمات" في فلسطين المحتلة، واصفا سوريا بأنها "على الجانب الخطأ من الحرب على الإرهاب"، وذلك على خلفية هجوم قامت "حركة الجهاد الإسلامي" على مطعم في مدينة حيفا، أسفر عن قتل 19 إسرائيلياً، في 6 تشرين الأول من العام 2003.
يذكر أن ويلسون كان دائم الانتقاد للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وإدارته الديمقراطية، بما فيهم نائبه آنذاك جو بايدن، ونانسي بيلوسي. وفي إحدى جلسات مجلس النواب، كان أوباما يتحدث عن مشروع الرعاية الصحية "أوباما كير"، ليقاطعه ويلسون ويتهمه بالكذب.