انقلاب الكريّم يقرّب العيساوي من الكرسي.. المرشح الأبرز لخلافة الحلبوسي ينسحب من الترشح وينشق عن تقدم.. تعرّف على احتمالات المرحلة المقبلة
انفوبلس..
أعلن أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل المطروحة لخلافة الحلبوسي في رئاسة مجلس النواب، النائب شعلان الكريّم، انسحابه من سباق الترشّح للمنصب، فضلا عن انشقاقه من تحالف تقدم وإعلان استقلاليته بالعمل النيابي، الأمر الذي من شأنه يحرّك الركود السياسي والتعجيل باختيار رئيس جديد لمجلس النواب.
الكريم أصدر بياناً مطوّلاً، أمس الأربعاء، ذكر فيه تاريخه السياسي وأسباب انسحابه.
وقال الكريم في البيان: لقد كنا دائما ومازلنا نؤمن بوحدة العراق بثوابته الوطنية الرصينة وأركانها حب الوطن والإيمان بالديمقراطية في عهد جديد يعيد للعراق مكانته العالمية والعربية وطي صفحة الماضي.
وأضاف: لابد أن يكون في بداية كل طريق عثرات تجعل من الماضي مقياسا لحاضره وقد تعاملنا مع كل الظروف بحنكة وطنية لتهدئة النفوس الغاضبة وإطفاء نار الفتنة وما ظهر في الفيديوهات والتي تعامل معها القضاء العراقي عام (2014) بقرار تمييزي باتّ وملزم وإنصافي وعدم شمولي بإجراءات المساءلة والعدالة قبل وأثناء فترة ترشيحي لرئاسة مجلس النواب والتي لم تكن مخفية على الجميع من معطيات تعاملنا معها في تلك الفترة العصيبة التي مرت على محافظاتنا بالحكمة والعقلانية. وقد دخلنا العملية السياسية في عام (2010) نائبا بمجلس النواب العراقي عن محافظة صلاح الدين وعملنا مع جميع القوى السياسية بروح وطنية مخلصة وبقينا على نفس النهج الوطني بعيدا عن الطائفية والتعصب وبشهادة الجميع وعندما تم الاتفاق بين أغلب القيادات السياسية ومن مختلف المكونات على ترشيحي لمنصب رئيس مجلس النواب لم أكن أبحث عن المنصب أو الجاه فاسمي وتاريخ عائلتي العريقة والتي تشرفت بمقارعة الإرهاب الداعشي جنباً الى جنب مع أبطال القوات المسلحة والحشد الشعبي المقدس أعلى وأسمى من كل المناصب وبقدر ما هو تكليف للحفاظ على هيبة السلطة التشريعية والمحافظة على ركن من أركان العملية السياسية وعلى الاستحقاق الدستوري وبمباركة جميع القوى السياسية وقد حصلت على (153) صوتا في الجولة الأولى وهذا بحد ذاته مدعاة للفخر بالنسبة لي وإلى جمهوري.
وتابع: عظيم الشكر والامتنان للقيادات السياسية ولزملائي أعضاء مجلس النواب لثقتهم بي وقد حصل ما حصل في الجولة الثانية والجميع على اطلاع بما جرى وما تبعها من قرارات قضائية نابعة من عدالة القضاء العراقي وهذا عهدنا به والذي حكم بصحة ترشيحي وبسبب اللغط الكثير غير المبرر والذي استند الى الظلم والافتراء وخيانة الأقربين وللابتعاد عن الجدلية الحاصلة.
وختم الكريم: ولما تقدم أعلن انسحابي من الترشيح لرئاسة مجلس النواب العراقي وكذلك أُعلن عن استقلاليتي من جميع الكتل والأحزاب السياسية تحت قبة البرلمان وأعمل كنائب مستقل لما تبقى من عمر مجلس النواب العراقي في هذه الدورة وكما أدعو كافة القوى السياسية وزملائي أعضاء مجلس النواب الى تحديد جلسه عاجلة لانتخاب رئيس لمجلس النواب العراقي متمنياً لبقية المرشحين الموفقية والنجاح لخدمة وطننا العزيز وشعبنا الأبي.
وليلة 13/14 كانون الثاني الماضي، أخفق البرلمان العراقي للمرة الثالثة على التوالي في اختيار رئيس له خلفا لمحمد الحلبوسي، المستبعد من المنصب بقرار من المحكمة الاتحادية، وقررت رئاسة البرلمان في ساعة متأخرة من ليل السبت-الأحد رفع الجلسة حتى إشعار آخر بعد جولتين من التصويت، انتهت الثانية منها بمشاجرات وخلافات أفشلت عملية التصويت.
وعُقدت الجولة الثانية لانتخاب رئيس مجلس النواب العراقي بحضور 232 نائباً، بعد تأخير امتد لخمس ساعات، بعد أن أخفق البرلمان بحسم الملف في جولة التصويت الأولى التي لم يحصل أي من المتنافسين على المنصب فيها على الأغلبية المطلقة من الأصوات.
ويعكس رفع جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب العراقي استمرار الخلافات بين الكتل السياسية في البلاد، وخصوصا السُنية منها، وعدم قدرتها على الاتفاق على مرشح توافقي لمنصب رئيس المجلس.
وفي جلسة عُقدت السبت 13 كانون الثاني، ترأسها النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي محسن المندلاوي، وحضرها 260 نائباً، تنافس كل من النواب شعلان الكريم ومحمود المشهداني وسالم العيساوي وطلال الزوبعي وعامر عبد الجبار، والمرشح السادس عبدالرحيم الشمري الذي انسحب قبيل انعقاد الجلسة لصالح شعلان الكريّم.
وانتهت الجولة الأولى من التصويت على رئيس مجلس النواب الجديد، بتقدم مرشح الحلبوسي، شعلان الكريم بـ152 صوتاً، وجاء خلفه النائب سالم العيساوي مرشح تحالف السيادة بـ97 صوتاً، ثم النائب محمود المشهداني 48 صوتاً، وحصل النائب عامر عبدالجبار على 6 أصوات، وحصل النائب طلال الزوبعي على صوت واحد، بينما عدّت 10 أوراق باطلة.
وسادت الجلسة أجواء غير مستقرة ومشاجرات من قبل نواب سعوا لمنع فوز مرشح حزب "تقدم"، شعلان الكريم، الذي يتزعمه رئيس البرلمان المقال، محمد الحلبوسي، بسبب تمجيده لنظام صدام حسين رغم حصوله على أكبر عدد من الأصوات، ما دفع رئاسة البرلمان الى رفع الجلسة.
كما قدّم عدد من النواب طلباً إلى رئاسة البرلمان، لإضافة فقرة تعديل النظام وتحجيم صلاحيات رئيس البرلمان، من خلال استبدال مصطلح رئيس البرلمان بهيئة الرئاسة، وهو ما أحدث شدّاً وجذباً داخل الجلسة.
وفي 13 كانون الأول الماضي، أرجأ البرلمان العراقي جلسة لانتخاب رئيس جديد له على خلفية انشغال النواب بانتخابات مجالس المحافظات التي أُجريت في 18 كانون الأول.
وأنهت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، منتصف تشرين الثاني 2023، رئاسة محمد الحلبوسي، السياسي السُني البارز للبرلمان، بناءً على دعوى "تزوير" تقدم بها النائب ليث الدليمي.
وأثار إعلان شعلان الكريم انسحابه من حزب التقدم ومنصب رئيس مجلس النواب العراقي، تساؤلات كثيرة حول مستقبل التشكيل السياسي في البلاد، خاصة بعدما ترك شعلان الكريم منصباً كبيراً وشاغراً في الحكومة العراقية.
الآن وبعد انسحاب الكريم، توجهت الأنظار إلى المنافسة المحتملة والتي لا تخلو من الشراسة بين جيل المؤسسين والذي يمثله محمود المشهداني وبين جيل الشباب الطامح والذي يمثله سالم العيساوي لشغل منصب رئيس مجلس النواب العراقي. هذه المنافسة قد تكون أحد أبرز المحطات السياسية في العراق في الأشهر القادمة، حيث يتنافس الاثنان وبدعم من العديد من الكتل السياسية المختلفة في البرلمان.
تجدر الإشارة أن الكتل السنية في العراق تواجه تحدياً كبيراً في الاتفاق على اختيار بديل لشعلان الكريم، والذي كان يحظى بتأييد واسع من قبل هذه الكتل. فالاختيار الصحيح لبديل مناسب يتطلب توافقاً داخلياً بين الأحزاب والفرقاء السُنة، وهو أمر ليس بالسهل في ظل التوترات السياسية المستمرة في البلاد.
الأوساط السياسية في العراق تتساءل عن كيفية تأثير هذه المنافسة على المشهد السياسي العراقي، وعن الآثار المحتملة لانسحاب شعلان الكريم على استقرار الحكومة وعملية صنع القرار في البلاد.
ويرى مراقبون أن انسحاب الكريم قد يفتح الطريق أمام النائب سالم العيساوي لتولي المنصب.
وسالم مطر عبد حسن العيساوي، هو رئيس الكتلة النيابية لتحالف السيادة، سياسي عراقي من مواليد عام 1972، حاصل على بكالوريوس قانون من كلية المعارف الإسلامية في الفلوجة عام 2014، وهو عضو سابق في مجلس محافظة الانبار (2010-2014) ونائب في مجلس النواب عن محافظة الانبار في دورته الثالثة (2014-2018) وعضو مجلس النواب في دورته الحالية.
كان العيساوي ضمن جبهة الحوار الوطني التابعة لصالح المطلك تحت مسمى ائتلاف العراقية – العربية، ومن خلال عمله مع المطلك بصفة غير رسمية في ملف النازحين عُرف بفساده أثناء دورته في مجلس محافظة الانبار، وعليه عدد من مذكرات الاستقدام من مكتب هيئة نزاهة الانبار لتجاوزاته المالية في ملف تعويضات مدينة الفلوجة، ومنها تعويضه الشخصي بـ 480 مليون دينار عراقي كتعويض عن منزله المدمر والذي كلف بناؤه في حينها 50 مليون دينار فقط.
المحلل السياسي أحمد الشريفي بيّن، في وقت سابق، أن "العمل السياسي في العراق، بات يفتقر إلى أي أهداف استراتيجية في خدمة المكونات الشعبية والمحلية، وتحول إلى صراع من أجل البقاء في السلطة، واتضح جليّاً أن قوة الحزب والسياسي العراقي، مرتبطة بما يمتلكه من منصب أو مناصب".
وأضاف الشريفي، أن "الأحزاب السُّنية ستدخل مرحلة صراع جديدة من أجل نيل منصب رئيس البرلمان، وقد نشهد حالة عزل لحزب تقدُّم الذي تتهمه أحزاب سُنية أقدم منه، بأنه استغلّ موارد الدولة في سبيل الفوز والوصول إلى مراتب عليا بالانتخابات والمناصب".
ويجمع مراقبون للشأن السياسي، بأن النائب سالم العيساوي لم يقدّم ما يستحق لترشيحه لمنصب رئيس البرلمان، وأنه ورغم كونه نائبا لدورتين وعضو مجلس محافظة الأنبار إلا أنه لا يملك قاعدة جماهيرية بل لا يعرفه إلا القلائل كونه كان منغمساً بمشاريع أثبتت هيئة النزاهة وجود شبهات فساد فيها.
ووفق المراقبين، فإن "انتهازية العيساوي لا تقف عند هذا الحد، بل استغل عضويته ونفوذه في هيئة النزاهة النيابية لتمرير صفقاته المشبوهة وخاصة ضمن ملف لجنة إغاثة وإيواء النازحين الذي ترأسها زعيمه صالح المطلك وكان له الدور الأكبر في "طمطمة" فضيحة اختفاء مليار دولار، وخاصة ما يتعلق بتجهيز كرفانات للنازحين في محافظة الانبار ومدينة الفلوجة وهو ما يبرر قفزته المالية وغناه الفاحش المفاجئ".
كما تساءلوا: "ماذا قدّم ابن الفلوجة سالم العيساوي؟ هل ظهوره الإعلامي بكذا قناة مع مئات الأخطاء اللغوية والتلعثم الحائر والتسفيط المضحك والحشو اللغوي مع تسطير مفردات لا تتناسق وتتناغم وتتلاءم مع واقع الحال كفيل بإشباع طفل رضيع، أم الفشل المصحوب برائحة الفساد؟".