بارزاني وطالباني يتصالحان بعد تصعيد دام لسنوات.. كيف توصلا إلى اتفاق؟
انفوبلس/..
استقبل رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، اليوم الاثنين، نائب رئيس الحكومة قوباد طالباني، وهو الأول من نوعه بعد أشهر من الخلافات السياسية والتي دفعت الكادر الوزاري التابع للاتحاد الوطني الذي ينتمي له طالباني لتعليق حضوره لجلسات مجلس وزراء الإقليم.
وذكر بيان لمكتب بارزاني، أن الاجتماع جرى "في أجواء إيجابية، وتمت مناقشة المشاكل المالية والإدارية التي تواجه حكومة إقليم كردستان، وتم الاتفاق على حلّ جميع المشاكل من خلال الحوار والتعاون بين جميع الكتل الوزارية ضمن التشكيلة الحكومية".
كما شهد الاجتماع، بحسب البيان، تسليط الضوء على آخر مستجدات الوضع السياسي في الإقليم والمنطقة، مع التأكيد على حماية التضامن والتآزر والوحدة الداخلية، حفاظاً على المصالح الوطنية والحقوق الدستورية لمواطني إقليم كوردستان.
السوداني وسيط لحل الخلاف
وانتهز رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني وجوده في فعاليات منتدى العراق المُنعقِد في العاصمة بغداد ليطلب من رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني التدخل كوسيط
وكان رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني، قد طلب صراحةً من بغداد التدخل لإنهاء الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني. لكنّ مراقبين يُشككون في جدّية هذه الدعوة، وفي استعداد الحكومة العراقية نفسها للدخول على الخط في ظل استفادتها من الوضع القائم.
وانتهز رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني وجوده في فعاليات منتدى العراق المُنعقِد في العاصمة بغداد ليطلب من رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني التدخل كوسيط بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
وخلال زيارته إلى بغداد عقد رئيس كردستان سلسلة لقاءات من بينها اجتماع مع زعيم عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي في مكتب الأخير ببغداد ركز على بحث التطورات السياسية ودعم حكومة السوداني.
وتساءل متابعون، هل بإمكان السوداني فعلاً النجاح في قيادة وساطة بين الجانبين؟ في وقت عجزت عن ذلك الإدارة الأميركية. وهل رئيس الحكومة الاتحادية على استعداد فعلا للتدخل على الخط فيما بغداد هي المستفيد الرئيسي من الانقسام الحالي؟.
وكان عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، برهان الشيخ، قد أكد أن رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني طلب الوساطة من رئيس وزراء الحكومة الاتحادية، محمد شياع السوداني لحل الخلافات بين الحزبين الكرديين.
وقال الشيخ، إن "بارزاني وأثناء زيارته الأخيرة إلى بغداد طلب الوساطة من الحكومة الاتحادية لحل الخلافات بين الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني".
وأضاف الشيخ، إن "الاتحاد الوطني يرحّب بالحوار والوساطة من أي جهة كانت وعلى رأسها الحكومة العراقية، وكنا ولا زلنا مع الحوار لإنهاء المشاكل والخلافات داخل البيت الكردي".
أزمة العلاقات
وتشهد العلاقة بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان توترا، منذ أكثر من عام، ما أدى إلى تعليق فريق الاتحاد الوطني لنشاطه في الحكومة، وقد جرت محاولات من بعض القوى ولاسيما من الولايات المتحدة لحل الخلافات بين الطرفين، لكن ذلك لم يُسفر عن أيّ نتيجة على الأرض.
وقال بارزاني على هامش فعاليات المؤتمر، "نحن وبعد المصالحة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني اتخذنا خطوات كبيرة معاً وتقدّمنا بشكل كبير والرئيس الراحل جلال طالباني والرئيس مسعود بارزاني قاما بخطوات جيدة بهذا الصدد".
وتابع بارزاني، "عدم حضور الفريق الوزاري للاتحاد لا يخدم الحكومة، فعندما تكون ضمن الحكومة تستطيع أن تتحدث عن المشاكل وسُبل حلّها، أنا ورئيس حكومة الإقليم (مسرور بارزاني) طلبنا منهم العودة لحل تلك المشاكل".
وشكّك رئيس الإقليم في إمكانية انسحاب الاتحاد الوطني من الحكومة، قائلا إن "خروج الفريق الوزاري للاتحاد الوطني الكردستاني من حكومة إقليم كردستان غير صحيح، هذه وجهة نظري الشخصية، فالاتحاد شريك رئيسي في تشكيلها".
بداية الخلافات الأخيرة
وبدأت الخلافات بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في العراق في أكتوبر 2021، حينما أصرّ الحزب الديمقراطي الذي يقوده الزعيم المخضرم مسعود بارزاني على تولّي شخصية تابعة له رئاسة الجمهورية العراقية، على الرغم من وجود توافق ضمني بين الطرفين يقضي بأن يكون هذا المنصب من حصة الاتحاد الذي يتزعمه بافل طالباني.
الأزمة بين الحزبين الرئيسيين في كردستان، هي في جوهرها صراع على الزعامة والنفوذ، وأن كل طرف يسعى لتسيّد المشهد الكردي، وهو يستند في ذلك إلى دعم دول الجوار
وبرّر حزب بارزاني إصراره على المنصب بالحصة النيابية التي حققها في الاستحقاق التشريعي، واستمر الموقف على حاله لنحو عام، قبل أن يجري اتفاق سياسي بين الفُرقاء العراقيين بشأن الرئيس المقبل الذي ظل من حصة الاتحاد والمُمثَّل في الرئيس عبد اللطيف رشيد.
وفي خضم ذلك، بدأ الخلاف بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني يتوسع ويتخذ أبعادا أخرى، وبلغ مرحلة خطرة باغتيال ضابط جهاز مكافحة الإرهاب التابع للاتحاد الوطني هاوكار جاف في أكتوبر الماضي، واتهم الحزب الديمقراطي، الاتحاد الوطني، بالوقوف خلف العملية في سياق عملية انتقامية وتصفية حسابات بين شقوق الحزب.
ودفعت هذه الاتهامات قيادة الاتحاد إلى التصعيد، وطالبت بإعادة النظر في آلية الحكم في الإقليم الواقع في شمال العراق، وأيضا في عملية التصرف في الموارد المالية، متهمة الحزب الديمقراطي باحتكار السلطة والعمل على تهميش محافظة السليمانية (معقل الاتحاد).
وقد حاولت الإدارة الأميركية حلحلة الخلافات بين الجانبين، خشية خروج الوضع عن السيطرة، حيث أوفدت بريت ماكغورك، مُنسّق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الإقليم في أكثر من مرة، لكن لم يتحقق أيّ اختراق عملي.
ويرى مراقبون أن الأزمة بين الحزبين الرئيسيين في كردستان، هي في جوهرها صراع على الزعامة والنفوذ، وأن كل طرف يسعى لتسيّد المشهد الكردي، وهو يستند في ذلك إلى دعم دول الجوار.
ويشير المراقبون إلى أن طلب الرئيس بارزاني من بغداد التدخل لتقريب وجهات النظر بين الحزبين لا تعدو كونها محاولة للتسويق عن حرصه لتحقيق "المصالحة"، وإظهار أن الإشكال يكمن في الطرف المقابل، أي الاتحاد.
ويلفت هؤلاء إلى، أن بارزاني يُدرك أكثر من غيره أن رئيس الوزراء العراقي لن يكون حريصا على التدخل ولعب دور الوسيط، ذلك أن الصراع الدائر بين الطرفين يصبّ في صالح الحكومة المركزية التي تخوض منذ فترة نقاشاً مع أربيل حول جملة من الملفات الخلافية، من بينها قانون النفط والغاز، وأنها تحاول في هذه الفترة الاستفادة قدر الإمكان من وجود تلك الانقسامات.
تفرّد رئيس حكومة الإقليم
ويتهم "الاتحاد الوطني" رئيس حكومة إقليم كوردستان بالتفرّد بالملفين الأمني والنفطي، وحصر جميع الصلاحيات بيده، وحرمان محافظة السليمانية (مركز ثقل الاتحاد الوطني) من المشاريع الخدمية والموازنة المالية.
وفي ظلّ هذا الواقع، يقاطع نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد الطالباني، شقيق بافل الطالباني الذي يتصدر المواجهة السياسية مع الحزب الحاكم في الإقليم، اجتماعات مجلس الوزراء في كوردستان منذ أشهر، إذ قرّر الفريق الحكومي لـ"الاتحاد الوطني"، المكوّن من 5 وزراء من أصل 18 في حكومة الإقليم، عدم المشاركة في الاجتماعات والمراسيم الرسمية للحكومة الإقليمية.
لكن في المقابل، ينفي رئيس حكومة الإقليم ذلك، ويتهم الاتحاد الوطني الحاكم في السليمانية، بعدم تسليم عائدات المنافذ الحدودية ولا الواردات الداخلية لوزارة المالية في حكومة الإقليم، التي يُفترض أن تتولى توزيع النفقات على المحافظات.