بدأت بـ182 مليار.. الحكومة تسترجع ملايين الدولارات بـ "صنارة" صيد بفم "حيتان الفساد"
الأموال المهرّبة من العراق نتيجة الفساد والاختلاس والسرقات الهائلة، تكاد ان تكون كلفة هدم البلد بأكمله وإعادة بنائه، فقد بلغت أكثر من 350 مليار دولار هُرّبت من العراق خلال الـ 17 عاما الماضية، أي ما يعادل 32% من إيرادات البلاد خلال تلك المدة.
أغلب الدول ترفض إعادة هذه الأموال، لأنها مستفيدة منها، عبر تشغيل قوى العمل وتحريك اقتصادها، برغم امتلاك العراق جهات متعددة تعمل على استرداد أمواله، مثل وزارة الخارجية وهيأة النزاهة وجهاز المخابرات، لكن أعمالها مازالت دون مستوى الطموح خصوصا في حكومة تصريف الأعمال السابقة التي تسببت بسرقة المليارات وتنصلت عن مسؤولياتها عن استرجاع أي مبلغ يذكر.
ويرى مراقبون، ان السلطات المتعاقبة غير جادّة حتى الآن في محاربة الفساد، لأنه مازال مستفحلا، فأثر ذلك أيضا في استرداد هذه الأموال، فقد أُطلق سراح كبار الفاسدين، وهذا ما جعل المؤسسات العالمية لا تتعاون مع العراق بشكل جاد.
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وفي الأسابيع الأولى من توليه رئاسة الحكومة، اتخذ خطوات جادة وحازمة في متابعة ملف الأموال المسروقة، وفي مقدمتها سرقة القرن التي حصلت ابان حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وأعلن السوداني مساء يوم أمس الأحد، عن استرداد جزء من الأموال المسروقة من حساب الأمانات الضريبية، فيما أشار الى انه سيتم إطلاق سراح نور زهير مقابل ارجاع الأموال التي بحوزته والتي هي عبارة عن عقارات.
وقال السوداني في مؤتمر صحفي”، إن “الجهات المختصة تمكنت من استرداد الوجبة الاولى البالغة أكثر من 182 مليار دينار، كاشفا عن تشكيل “لجان تحقيقية لتدقيق الصكوك المصروفة من الامانات الضريبية”، مبينا ان “اللجنة التحقيقية أشرت المخالفات والمقصرين بتسهيل الاستيلاء على أموال الامانات”.
وأوضح، ان “هناك جهات داخل هيأة الضرائب وأخرى رقابية ومسؤولة سهلت عملية سرقة الامانات”، متوعداً بـ”الاعلان عن الجهات التي سهلت سرقة الامانات بعد اكمال التحقيقات”، مؤكدا انه “لن نستثني اية جهة متورطة بعملية سرقة الامانات، وان اللجان التحقيقية توصلت لنتيجة بصرف 114 صكًا للمتهم نور زهير بمبلغ اجمالي أكثر من تريليون دينار”.
ونوّه الى ان “37 صكا بمبلغ اجمالي قدره 624 مليار دينار لشركة بادية المسار”، مبينا ان “المدير المفوض لشركة بادية المسار يدعى عبد المهدي توفيق”، مضيفاً، ان “66 صكا بمبلغ اجمالي 982 مليار دينار صرفت لشركة الحوت الأحدب لمديرها المفوض الهارب “.
وقال، إن “66 صكا بمبلغ اجمالي 607 مليارات دينار تم صرفها لشركة رياح بغداد لمديرها المفوض عبد المهدي توفيق ومالكها الملقى القبض عليه حسين كاوة، موضحا ان “الاموال المصروفة تبلغ 3 تريليونات و754 مليارا و642 مليونا و664 ألف دينار”، مبينا انه “تم الاتفاق بين محكمة تحقيق الكرخ الثانية مع نور زهير على جدولة لاسترداد كامل المبلغ في حوزة المتهم”.
وأكمل ان “القاضي المختص سيصدر أمرا بإطلاق سراح نور زهير بكفالة تسليم كامل المبلغ خلال اسبوعين، مضيفا الى ان “القسم الأكبر من المبلغ لدى نور زهير عبارة عن عقارات”.
وبهذا الشأن، يرى الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، ان غسيل الأموال والسرقات واستردادها قضية معقدة ومن الصعب إعادة السرقات وليس فقط في العراق وانما على المستوى العالمي، خصوصا ان العراق عضو في الانتربول بالشرق الأوسط فقط وليس عالمياً، موضحا انه “من الممكن استرداد الأموال المُهربة الى لبنان وسوريا وغيرهما من البلدان العربية، لكن الأموال المُهربة الى أوروبا غير ممكن استردادها”.
وتابع، ان صندوق استرداد الأموال المسروقة لم يعد دينارا واحدا منذ تشكيله، حتى قام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني باسترداد جزء من أموال سرقة القرن، مشيرا الى ان الحكومات السابقة لم تتمكن من اعادة الأموال لعدم امتلاكها آليات استرداد تلك المسروقات، وشدد على ضرورة تعديل الإجراءات العراقية من اجل تعاون الدول العالمية، مشيرا الى ضرورة إيقاف السرقات ومن ثم إعادة الأموال المُهربة.