إعادة قانون "تجريم الشذوذ" للواجهة بعد أن منع الحلبوسي إدراجه في جداول الأعمال.. تعرف على الدول التي أقرّت قوانين مشابهة
انفوبلس/..
بعد أن تلقى رئيس مجلس النواب السابق، محمد الحلبوسي، توجيهات أميركية صارمة، قادته في كانون الأول 2022، إلى سحب مسودة مقترح قانون تعديل قانون مكافحة البغاء رقم 8 لسنة 1988، التي تضمنت فقرات تجرّم الشذوذ الجنسي والمثلية الجنسية، قضت المحكمة الاتحادية العليا، بعدم دستورية قرار الحلبوسي بسحب مقترح القانون.
عضو اللجنة القانونية مجلس النواب النائب رائد المالكي، أعلن في 10 كانون الثاني 2024، أن المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق) قضت بعدم دستورية قرار رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي بسحب مقترح قانون تعديل قانون مكافحة البغاء رقم 8 لسنة 1988.
وقال المالكي في تصريح صحفي، إن المحكمة الاتحادية استجابت للطعن المقدَّم من قبلنا ضد الإجراء الذي اتخذه الحلبوسي بسحب مقترح القانون، مبينا أن المحكمة الاتحادية حكمت بموجب الدعوى رقم 254/ اتحادية / 2023 المقدمة من النائب المالكي بعدم دستورية وعدم صحة الإجراء الذي اتخذه رئيس مجلس النواب.
كما أشار النائب إلى أن مقترح التعديل يهدف الى تجريم الشذوذ الجنسي وما يسمى بالمثلية والترويج لها، حيث أمر رئيس مجلس النواب السابق بسحب مقترح التعديل من اللجنة القانونية دون بيان الأسباب.
تدخلات خارجية من دول غربية
ونبّه إلى أن قرار المحكمة هذا يُعد على قدر عال من الأهمية، أولا لأنه يكرس ويحمي حق النائب في تقديم مبادرة تشريعية أو مقترح قانون ويمنع رئاسة المجلس من مصادرة حق اقتراح القوانين لأعضاء المجلس.
ومضى المالكي بالقول: ثانيا، لأهمية الموضوع، نعني موضوع تجريم الشذوذ الجنسي، لأنه يواجه تدخلات واعتراضات خارجية من دول غربية، وبالتالي فإن قرار المحكمة يقوّي موقف مجلس النواب في المضي باستكمال تشريع القانون .
وأكد أنه على رئاسة مجلس النواب تنفيذ قرار المحكمة واستكمال إجراءات تشريع القانون بوضعه على جدول أعمال المجلس للقراءة الثانية له، وإقراره خلال هذا الفصل ولن نكترث لأي اعتراضات خارجية لأن ذلك يُعد تدخلاً في الشأن العراقي.
وفي 15 أغسطس/ آب 2023، قدّم العضو المستقل في مجلس النواب العراقي رائد المالكي مشروع قانون يهدف إلى تعديل "قانون مكافحة البغاء" رقم 8 لسنة 1988، ليُجرِّم جنائيا العلاقات المثلية والتعبير عن العبور الجندري، إذا أُقِر مشروع القانون، ستُعاقب العلاقات الجنسية المثلية بالإعدام أو السجن المؤبد، و"الترويج للشذوذ المثلي" بالسَّجن ما لا يقل عن سبع سنوات وبغرامة، و"التشبه بالنساء" بالسَّجن ما لا يقل عن ثلاث سنوات.
وقال المالكي حين قدم مشروع القانون إن الهدف منه الحفاظ على المجتمع العراقي من الانحراف والدعوات إلى "الشذوذ" التي غزَت العالم.
اقتراح المشروع
في 3 كانون الأول 2022 اقترح عدد من أعضاء مجلس النواب، مشروع قانون بخصوص الشذوذ الجنسي، حيث أظهرت وثائق تقديم النواب لمقترح قانون بعنوان "حظر الدعاية ونشر المثلية"، معنون إلى مجلس النواب.
وقال المقترحون، إن القانون يأتي "استنادًا للبند ثانيًا من المادة 60/ ثانيًا من الدستور العراقي والمادة 17/ أولًا من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم 13 لسنة 2018 والمادة 120 من النظام الداخلي للمجلس".
وذكروا، أن الأسباب الموجبة تتمثل بـ"مصلحة الشعب وللحفاظ على الفرد والأُسرة والمجتمع والقيم الأخلاقية".
التفاف الحلبوسي على القانون
ووسط المطالبات الداعية الى تشريع القانون، برزت مساعٍ حثيثة لنواب عراقيين من أجل إقرار قانون في مجلس النواب العراقي يجرّم الشذوذ الجنسي، وهو الأمر الذي أكد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي على عدم تطبيقه لأنه "يعارض القانون الدولي" على حد قوله.
وقال الحلبوسي في لقاء متلفز، "لن نمضي بتشريع قانون المثلية لأنه يتعارض مع الوضع الدولي العالمي". لافتا إلى، أن "عُرفنا وعاداتنا وتقاليدنا ترفض رفضا قاطعا لمثل هذه الحالات الشاذة".
وأضاف، إن "العُرف الدولي يبيح رفضه لدينا ولكن بدون المضي به تشريعا وفتح أبواب في دول أخرى للمضي بنفس التشريعات". مردفا بالقول، "نحن الآن مراقَبون دوليا".
سحب القانون بتوجيه أمريكي
وعقب اعتراضه على القانون، أفادت مصادر مطلعة، بأن الحلبوسي سحب مسودة قانون منع ممارسة البغاء الذي تم التعديل عليه مؤخراً والذي يتضمن فرض عقوبات على الشذوذ الجنسي.
وسائل الإعلام المقربة من الحلبوسي عَزت سحب المسودة إلى السبب الذي أعلنه رئيس البرلمان في الوقت السابق والذي يأتي لمعارضته القانون الدولي وفق زعمه، إلا أن المصادر أكدت أن توجيهات أميركية صارمة صدرت للحلبوسي قادته إلى سحب المسودة بسرعة.
تعديلات مقترحة على القانون
في مطلع شهر تموز الماضي، أكد عضو اللجنة القانونية النيابية النائب عن محافظة ميسان "رائد حمدان المالكي" إنهاء صياغة التعديلات المقترحة على قانون مكافحة البغاء رقم 8 لسنة 1998".
وقال النائب، إن "التعديل الجديد يتضمن تعديل اسم القانون ليكون (مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي) والتجريم بعقوبات رادعة لبعض صور الشذوذ الجنسي ومنها العلاقات المثلية والترويج لها".
وأضاف: "سنمضي بتشريع القانون بعد استئناف جلسات مجلس النواب في فصله التشريعي الثاني من هذه السنة".
وفي منتصف تموز الماضي، قررت رئاسة مجلس النواب إحالة مقترح التعديل الأول لقانون مكافحة البغاء الى اللجنة القانونية النيابية، لمعالجة النقص التشريعي في تجريم أفعال الشذوذ الجنسي ومن يروّج لها وفرض عقوبات رادعة على مرتكبيها.
وقال عضو اللجنة النائب رائد المالكي، الذي تبنّى إعداد مقترح تعديل القانون، إن " اللجنة القانونية ستمضي في تشريع التعديل الجديد وفقاً للسياقات الدستورية".
تبنّي أمريكي
وخلال الأشهر الأخيرة، يجري في العراق تحرك محموم للوقوف بوجه الشذوذ الجنسي، خاصة بعد انتشارها في العالم الغربي بأمريكا وأوروبا، لاسيما في ظل التطورات الأخيرة وإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة هي "أمة المثليين" وتأكيد دعمه التام للشواذ جنسيّاً.
إدارة بايدن، لا تكتفي بالترويج للمِثليين تحت شعار حمايتهم وحُقوقهم، بل تُريد نشر تلك الثقافة المُخالفة للفِطرة، في دُولٍ إسلاميّة، وعربيّة، ترفض مُجتمعاتها هذه المُمارسة المرفوضة بكُل الدّيانات السماويّة، حيث وصلت إلى حدّ المُجاهرة بالتزامن مع إعلان بايدن بأن بلاده "أمّة المِثليين"، برفع علم المثليّة في كل من سفارتها في لبنان، وقنصليّتها في تركيا، الأمر الذي أغضب الأتراك، واللبنانيين.
السياسات الأمريكيّة الحاليّة لا تقف عند حُدود الحثّ على ما يجري وصفه بتقبّل الشواذ وحُقوقهم، والدعم المُطلق لهم، بل تتجرّأ بفرض العُقوبات على الدول التي تُفكّر بمُحاربة الشذوذ الجنسي، والانحلال الأخلاقي، وآخرهم أوغندا، ورئيسها يوويري موسيفيني، الذي وضع الإعدام للشواذ جنسيّاً كعُقوبة رادعة، الأمر الذي دفع بايدن بالتخطيط لفرض عُقوبات على بلاده أوغندا.
حظر المصطلحات
وكانت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، قد منعت في وقت سابق، استخدام مصطلحات "النوع الاجتماعي" و"الجندر" وقالت إنها وجهت وسائل الإعلام العراقية باستخدام مصطلح "الشذوذ الجنسي" بدلا من "المثلية الجنسية".
وامتد المنع ليشمل "جميع الشركات الحاصلة على ترخيص من الهيئة لخدمات الهاتف المحمول والإنترنت وغيرها، من الترويج لهذه المفردات من خلال استخدامها في تطبيقاتها وبرامجها". كما جاء في البيان أن هيئة الإعلام والاتصالات توجه بعدم "استخدام مفردة المثلية الجنسية واستخدام المفردة الحقيقية الشذوذ الجنسي".
قوانين مشابهة في دول أخرى
في 3 نيسان من العام 2019، أقرّت سلطنة بروناي، الواقعة في جنوب شرقي آسيا، تطبيق عقوبات مثل الرجم حتى الموت على الشواذ جنسياً.
وبموجب ذلك القانون، يتم تطبيق عقوبة الرجم على الأفراد إذا اعترفوا بممارسة الشذوذ أو بموجب شهادة أربعة شهود برؤيتهم يفعلون هذا.
وكان الشذوذ الجنسي ممنوع بالفعل في بروناي، وعقوبته كانت السجن الذي يمكن أن يصل إلى 10 سنوات.
وفي 21 مارس، أقرّ البرلمان الأوغندي مشروع قانون مناهضة الشذوذ الجنسي، واعتمد أقسى قانون ضد مجتمعه في العالم، وبموجب القانون، يُعاقب على الشذوذ الجنسي بالسجن مدى الحياة، بينما يُعاقَب على "المثلية الجنسية المشددة" بالإعدام. ويحظر مشروع القانون "الترويج للشذوذ الجنسي" ويفرض عقوبات جنائية على كل من "يعلن أو ينشر أو يطبع أو يبث أو يوزع" مواد يمكن اعتبارها تروّج للمثلية الجنسية أو تشجّع عليها. ويعاقب الشخص المدان بارتكاب هذه الجريمة بالسجن لمدة 20 عاماً.
وفي مايو/ أيار الماضي، قضت محكمة الشريعة الفيدرالية في باكستان، وهي محكمة دينية تُعد جزءاً من السلطة القضائية في البلاد، بأن الأحكام الرئيسية لقانون عام 2018 التاريخي، الذي يضمن حقوق "العابرين جنسياً"، بأنها "غير إسلامية".
وحظر قانون، عام 2018، التمييز ضد العابرين جنسياً، وأعطاهم حماية أكبر واعترافا قانونيا. فيما رفض الحكم الصادر عن المحكمة، أجزاءً من هذا القانون الذي يعترف بـ"العابرين جنسياً"، وحقهم في الحصول على رخصة قيادة أو جواز سفر، وأيضا حقهم في الميراث.
وفي سلطنة عُمان يعتبر النشاط الجنسي الشاذ بين الرجال وبين النساء غير قانوني وفقا للفقرتين 33 و223 من قانون العقوبات، بحيث تصل عقوبة الجريمة بالسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات.
أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فتنص المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي الإماراتي على العقوبة "بالإعدام لكل شخص استخدم الإكراه في مواقعة أنثى أو اللواط مع ذكر، كما يعتبر الإكراه قائما إذا كان عمر المجني عليه أقل من أربعة عشر عاما وقت ارتكاب الجريمة".
وفي سوريا تحظر المادة 520 من قانون العقوبات لعام 1949 "العلاقات الجسدية ضد نظام الطبيعة"، وتنص عقوبة السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات.
وفي لبنان تدور معارك قانونية قضت من خلالها عدة محاكم بعدم استخدام المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني، التي تحظر إقامة علاقات جنسية "تتعارض مع نظام الطبيعة"، لاعتقال أفراد شواذ، إلا أن المادة لا زالت تُستخدم في اعتقال الشرطة للشواذ.
وفي قطر تنص المادة 296 من قانون العقوبات الحالي بالسجن لمدة تتراوح ما بين سنة و3 سنوات لمرتكبي الشذوذ الجنسي بين الرجال، وقد كانت العقوبة في السابق تصل إلى 5 سنوات.
اما في الأردن، فلا توجد قوانين تجرّم المثلية الجنسية بعد إلغاء قانون العقوبات الصادر عن الانتداب البريطاني عام 1951، الذي كان يجرّم الشذوذ الجنسي، ويفرض عقوبة بالسجن تصل إلى 10 سنوات، إلا أن "الإخلال بالأخلاق العامة" يمكن أن يكون ذريعة لمقاضاة الشواذ جنسياً.
ولا يجرّم القانون المصري الشذوذ الجنسي على نحو صريح، إلا أن هناك عدة أحكام تجرّم أي سلوك يمكن أن يُعتبر غير أخلاقي أو فاضح، كذلك فإن القانون المصري يكافح "الدعارة"، ويتضمن مواد تحظر "الفسوق"، وهو ما يمكن أن تفسّره المحكمة المصرية على أنه تجريم للعلاقات الشاذة أو "اعتياد على ممارسة الفجور" وهو ما يقع أيضا تحت طائلة القانون.