بعد اتهامه بالفساد.. رئاسة الجمهورية تلغي سلطة الكاردينال لويس ساكو على أوقاف المسيحيين في العراق
انفوبلس..
بعد مرور 10 أعوام على إصدار مرسوم جمهوري بمنح رجل الدين المسيحي مار لويس روفائيل ساكو السلطة على أوقاف المسيحيين في العراق، سحبت رئاسة الجمهورية المرسوم لأنه "غير دستوري".
جاء ذلك بالتزامن مع وجود اتهامات بالفساد موجهة نحو ساكو في الآونة الأخيرة من قبل كتلة بابليون ورئيسها ريان الكلداني.
توضيح رئاسة الجمهورية حول سحب المرسوم
رئاسة الجمهورية أوضحت أسباب سحب المرسوم الخاص بالكاردينال لويس روفائيل ساكو، فيما بينت أن سحب المرسوم جاء لتصحيح وضع دستوري.
وقال رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد في بيان، إن "وسائل الإعلام تداولت ما جاء في العدد (4727) من الوقائع العراقية الصادر في 3 تموز 2023 والمتضمن المرسوم الجمهوري رقم (31) القاضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو".
وأضاف رئيس الجمهورية، "وإذ نؤكد أن سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو كونه مُعيّناً من قبل الكرسي البابوي بطريرك للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، لكن سحب المرسوم جاء لتصحيح وضع دستوري إذ صدر المرسوم رقم (147) لسنة 2013 دون سند دستوري أو قانوني فضلاً عن مطالبة رؤساء كنائس وطوائف أخرى بإصدار مراسيم جمهورية مماثلة ودون سند دستوري".
وأكد رئيس الجمهورية في بيانه، إن "البطريرك لويس ساكو يحظى باحترام وتقدير رئاسة الجمهورية باعتباره بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم".
نبذة عن لويس ساكو
ولد في مدينة زاخو في 1948، وسيم كاهناً في أبرشية الموصل الكلدانية في عام 1974، وحصل على شهادة الدكتوراه من الجامعة البابوية في روما عام 1983م، وماجستير في الفقه الإسلامي سنة 1984م، كما حاز لاحقا على شهادة دكتوراه من جامعة السوربورن سنة 1986.
انتُخِب مطرانا على أبرشية كركوك في عام 2002م، وسيم على هذا المنصب العام التالي. وتم انتخابه بطريركاً على الكنيسة الكلدانية في سينودس الكنيسة بروما خلفاً للبطريرك المستقيل عمانوئيل الثالث دلي في 1 شباط 2013م. و تم تعيينه عضوًا في المجلس الاقتصادي الفاتيكاني في 4 يناير 2022.
وحاز لويس ساكو على عدة أوسمة وتشريفات منها وسام الدفاع عن الإيمان من إيطاليا، ووسام باكس كريستي الدولية ووسام القديس إسطيفان عن حقوق الإنسان من ألمانيا. كما ألَّفَ ونشر ما يزيد عن 200 مقال و20 كتاباً في مجالات اللاهوت والدين.
توترات الأشهر الأخيرة
في نهاية شهر نيسان الماضي، أكد الأمين العام لحركة بابليون ريان الكلداني، أن الكاردينال مار لويس روفائيل الأول ساكو خاض معارك انتخابية وباع واشترى بالسياسة على حساب القرار والأمن والمستقبل المسيحي في العراق.
وقال الكلداني في بيان، "طالعنا البطريرك لويس ساكو يوم أمس في بيان لم يكتبه بنفسه، ونهنئ من كتبه له على اللغة العربية الصحيحة والبليغة، وفيه ما فيه من كيل واتهام وروايات البعض منها أسخف من الرد حتى، لكننا أمام الناس والرأي العام واحتراماً لجبّته حتى لو لم يراعِها هو ولم يحفظها، لن نرد على بيانه بمثله، بل سندعوه للمناظرة العلنية المفتوحة. ويقول ساكو إنه ليس متهماً بييع ممتلكات الكنيسة، رغم الأوراق الرسمية القانونية الواضحة، ويقول إن الأملاك لرهبان وراهبات. جيد، فلْنناقش ذلك علناً".
وأضاف الكلداني، إن"ساكو يقول إنه لم يستخدم موقعه الكِنسي للسياسة، حسناً، رغم أنه أسَّسَ أحزاباً وخاض معارك انتخابية وباع واشترى بالسياسة على حساب القرار والأمن والمستقبل المسيحي في العراق، رغم كل هذا نقول له، جيد، فلْنناقش ذلك علناً. ويقول ساكو إنه هو يمثل رؤية المسيحيين ونحن لا، حسناً. لقد حصد في كل مرة خاض فيها معارك الانتخابات على عشرات الأصوات بمقابل الآلاف الذين اختاروا تمثيلهم السياسي. ورغم هذا نقول له، جيد، فلْنناقش ذلك علناً".
وتابع، "أخيراً وليس آخراً، يقول ـ وكأننا أطفال في مدرسة ـ إن ريان الكلداني ادعى مصافحة البابا فرنسيس في زيارته العراق وهذا لم يحدث لأن ساكو كان واقفاً قربه ولم يرَ ذلك، رغم أننا لسنا في عرس تقليدي ولا الحبر الأعظم اصطحب ساكو صبحاً ومساء وخطوة خطوة، ورغم أن الصورة واضحة من لقائنا البابا، نقول له: جيد، فلْنناقش ذلك أيضاً علناً، كما يدّعي ساكو أنه يحمي أو يقود المسيحيين لكنه اختبأ خلف حِلْفِه وترك الكنائس والبيوت والناس في نينوى وسط العراء يومَ هجم داعش، وكنتُ أنا ريان ومعي إخوتي وأهل الغيرة، نحمل دمنا على كفوفنا، ومنا من استُشهد في المعارك دفاعاً عن المسيحيين وحياتهم وكنائسهم ووجودهم والناس يعرفون، والبابا يعرف، والعراق يعرف، والله يعرف، من نكون نحن ومن تكون أنت، وإذا كنت أنت المصيب ونحن المخطئين نحن نقوم بواجبنا ونعتذر، لكن كل هذا يفصله حوار علني مفتوح".
وأوضح، "أنا بانتظارك، حدد الشخص والمنبر الإعلام، وأنا أدعوك الى مناظرة علنية، ولْنناقش كل هذا أمام الناس، وإلا.. فالصمت في نهاية مسيرتك المحفوفة بالمثالب، أفضل لك ولكرامتك ولما تبقى من صورتك، واحتراماً للجبة التي تلبسها، والتي تساوي عندنا، قضية مات الكثير منا لأجلها، يا محترم".
ساكو من جهته هاجم الكلداني، معتبراً أنه "لا يمثل المكون المسيحي"، واتهمه بالتورط في سرقة أملاك المسيحيين. وقال في مؤتمر صحافي: "لا أسمح لنفسي بمناظرة شخصية مثل ريان الكلداني، الذي سرق أملاك المسيحيين في بغداد ونينوى وسهل نينوى ويحاول شراء رجال الدين المسيحيين بمساعدة امرأة وضعها بمنصب وزيرة"، في إشارة الى وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو التابعة لحركة "بابليون".
وأضاف البطريرك الكلداني، أن "السياسة الحالية قسّمت المسيحيين كما قسّمت الشيعة والسُنة، ونحن جهة دينية ولا نتدخل بالأمور السياسية"، مشدّداً على أن "ريان الكلداني لا يمثل المكون المسيحي، ولا أهلية له لقيادة المسيحيين ويريد السيطرة عليهم في العراق، بعد استحواذه على حصتهم في الانتخابات".
وأبدى ساكو استغرابه من صمت الحكومة على تجاوزات صدرت بحق الكنيسة من قبل الكلداني، متوعداً باللجوء إلى المجتمع الدولي: "لردع الكلداني في حال لم تتدخل الحكومة العراقية". كما انتقد قيام "بابليون" بحمل صور رموز دينية مع الأسلحة في الشوارع، وقال: "لسنا في حرب صليبية".
الكلداني رد في اليوم نفسه على ساكو في بيان، واتهمه بـ"الكذب"، مضيفاً: "لقد أمضى أعواماً (ساكو) وهو بالأسلوب نفسه ومقولات متكررة ومتشابهة. ساكو يقول إن علينا احترام الثوب الكنسي، ونحن نرد بأن يحترمه هو"، داعياً إياه لـ"مناظرة علنية"، حول المكون المسيحي.
وفي الثاني عشر من شهر أيار الماضي، تظاهر العشرات من رهبان الكنائس وأبناء المكون المسيحي في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، احتجاجا على ما وصفوه بممارسات بطريرك العراق والعالم الكاردينال لويس ساكو، مرددين هتافات "ساكو لا يمثلنا".
ويأتي خروج هذه التظاهرة، ليسجل سابقة فريدة من نوعها بعد أن دعا كهنة أبرشية بغداد الكلدانية الى المشاركة في وقفة تضامنية، بالشموع وأغصان الزيتون، مساندةً للكنيسة الكلدانية ولغبطة البطريرك الكاردينال لويس ساكو، احتجاجاً ورفضاً للاتهامات التي وُجِّهت إليه خلال تلك الفترة.