بعد القصف التركي الأخير.. إجراءات بغداد تثير التساؤل: هل ستنفذ؟
إنفوبلس/..
رغم التحذيرات المتكررة من خطورة الاعتداءات التركية المستمرة منذ سنوات، والتي اشتد إثرها خلال الأشهر القليلة الماضية، لم تبالِ الحكومة العراقية، ولم تتخذ أي إجراء رادع، بل دائماً تتجاهل الأمر، حتى أن بعض المراقبين للشأن الأمني أخذوا يجزمون بأن الحكومة على دراية بل أنها متفقة مع الجانب التركي على تنفيذ عمليات عسكرية داخل البلاد.
“أغنية السيادة” مفضلة دائماً في الأحاديث الحكومية، لكن على أرض الواقع “السيادة في مهب الريح”، فالقصف التركي يوازيه آخر أمريكي، والكل يقابل بتكتم لا يعلن عنه ولا يكشف. هذا التستر الحكومي غير المعلومة أسبابه، هل نابع من جبن؟ أم من عمالة؟، وفي الحالتين كارثةَ!.
التصعيد الأخير الذي حصل أمس، عبر استهدف منتجع سياحي، ينذر بخطورة أكبر، والأخطر والأمر هو التلافي الحكومي في عدم إعلان الجهة المستهدفة في بادئ بياناتها الرسمية، لكن الأمر أختلف عندما خرجت موجة انتقادات على بيان “خلية الإعلام الأمني” الذي كان خالياً من ذكر تركيا، منفذة الجريمة.
ردود بائسة
عن الجريمة المروعة، أصدرت خلية الإعلام الأمني بياناً لم تتطرق في إلى أن القصف كان تركياً.
وقال البيان، إنه “في تمام الساعة 13:50 من هذا اليوم الموافق العشرين من شهر تموز الجاري تعرض مصيف قرية برخ في ناحية دركار التابعة لقضاء زاخو في محافظة دهوك بكردستان العراق إلى قصف مدفعي عنيف أدى إلى استشهاد 8 مواطنين وجرح 23 مواطنا آخرين جميعهم من السياح المدنيين وتم إخلاؤهم إلى قضاء زاخو”.
من جهة أخرى، ورغم أصداره بيان استنكار إلا أن رئيس حكومة تصريف الأعمال اليومية وجه بنشر حمايات وقطعات عسكرية حول السفارة التركية في بغداد.
تويتر يستشيط غضباً
لطالما كانت الأحداث العراقية بصورة عامة والسياسية بصورة خاصة تتاثر وتؤثر بمواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما حدث مع الجريمة التركية، فقد أدت إلى إشعال موقع “التويتر” بالتغريدات، التي تؤكد على قيام أنقرة بضرب سيادة العراق والتجاوز على أراضيه، وسفك دماء الشعب، بدءا من عضو المكتب السياسي لحركة الصادقون الذي اعتبر جريمة مصيف برخ السياحي “إعلان حرب من الجانب التركي على العراق”، لافتا إلى أن “القصف التركي بهذه الهمجية تسبب بسقوط شهداء وجرحى، وهو جريمة بكل المقاييس، ولا يمكن السكوت عنها”.
ومن جانب أخر، طالبت رئيس كتلة الجيل الجديد سروة عبد الواحد بضرورة محاكمة حكومتي بغداد واربيل بسبب صمتهما على القصف التركي.
اما النائبة عن تحالف الفتح مديحة الموسوي، شددت على ضرورة عقد جلسة برلمانية طارئة لمناقشة تداعيات القصف التركي، مؤكدة أننا “لن نسمح لأي اعتداءات أخرى ضد سيادة العراق وأمنه واستقراره، وسيكون هنالك الموقف البرلماني والدبلوماسي كخيار مبدئي تجاه الاعتداءات التركية”.
السفير مطرود شعبياً
السفير التركي في بغداد غالبا ما يفسر الاعتداءات التركية على المناطق العراقية بكل وقاحة بأنها عمليات لحفظ الأمن القومي لتركيا، وهذا ما دفع عضو ائتلاف دولة القانون عباس المالكي، لمطالبة الحكومة العراقية بتسليم سفير تركيا في بغداد مذكرة احتجاج شديدة اللهجة وإبلاغه مغادرة العراق خلال 24 ساعة.
وقال المالكي إن”الاعتداءات التركية مستمرة منذ سبع سنوات ودخلت الطابع التصعيدي منذ سنتين وتمادت بسبب صمت الحكومتين المركزية والإقليم أمام جرائم تركيا”.
وأضاف، أنه “بعد قصف اليوم على الأراضي العراقية لا يوجد موقف جدي اتجاه الجانب التركي لإيقاف قتل وتهجير المئات من العائلات العراقية إذ وصل الأمر إلى قصف الأماكن السياسية وقتل الابرياء في شمال العراق”.
بداية احتلال
غالبا ما ينظر لسيادة البلدان من خلال الحفاظ على أراضيها وأجواءها من اعتداءات الدول المجاورة، الا العراق فهو المستهدف بشتى الطرق وأراضيه محتلة من قبل الجميع، وعلى أثره حذر عضو مركز القمة للدراسات الاستراتيجية يونس الكعبي من أن الاعتداء التركي الذي طال الأبرياء في محافظة دهوك هو بداية لاحتلال أراض عراقية.
وقال الكعبي أن”الحكومة الحالية سبب في تمادي توغل القوات التركية وإقامة القواعد العسكرية بعد أن وصلت إلى عمق كبير داخل الأراضي العراقية”، مؤكداً أن” حكومة إقليم كردستان أيضا تتحمل مسؤولية الاعتداءات التركية وعدم اتخاذها موقف جاد تجاه التحرك العسكري التركي”.
رغم أنها ليست المرة الأولى ولن تكن الأخيرة التي تستمر فيها أنقرة بشق سيادة البلد، لكن هذه العملية المروعة هل ستيقظ الحكومة من سباتها الدائم، والقيام بدورها في الحفاظ على البلد وشعبه؟. أما التساؤل الآخر يتمحور حول مدى جدية الحكومة بتنفيذ ما ورد في بياناتها من طرد القوات التركية وما إلى ذلك من كتابات، خاصة أن الشعب يتذكر جيداً الحديث والوعيد بطرد الأمريكان بينما هم إلى الآن داخل العراق.