بعد فضيحة "التصويت في ثانية".. هل ينجو "چاكوچ" الحلبوسي من "مطرقة العدالة"؟
انفوبلس/..
أجزاء من الثانية كانت كافية لدى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ليطلب تصويتاً يمنع بموجبه النائب باسم خشان من حقه الدستوري، قبل أن تهبط مطرقته ليعلن موافقة النواب على القرار، الذي أثار جدلًا واسعًا لدى الرأي العام العراقي.
وقال الحلبوسي في جلسة البرلمان التي عقدت يوم الخميس الماضي: “لا يُضاف النائب باسم خشان لأي لجنة برلمانية، ولا يسمح له بأي مداخلة إلا أن يقدم اعتذارًا مكتوبًا إلى رئاسة مجلس النواب”.
وأثار الحلبوسي بإبعاد خشان المعروف بمناهضته للفساد عن الانضمام إلى اللجان البرلمانية وسرعة التصويت على ذلك جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي.
وتوعد خشان الحلبوسي قضائياً، حيث ردّ على القرار بتدوينة قال فيها: “هذه ومسائل أخرى ستفصل فيها المحكمة الاتحادية”.
وكان خشان اتهم الحلبوسي بارتكاب “جرائم مالية” وانتهاك الدستور، مطالبًا بإقالته بناء على وثائق يمتلكها.
ودعماً للاستحقاقات الدستورية، هبّت قوى سياسية مختلفة التوجه والآيديولوجيا، دفاعًا عن النائب باسم خشان أمام “تعسف” الحلبوسي، الذي يعد أحد أقطاب التحالف الثلاثي الساعي لاستقطاب المستقلين لتشكيل الحكومة الجديدة.
وقوضت واقعة الحلبوسي وخشان على ما يبدو، جهود التحالف الثلاثي ووجّهت ضربة مدوية لكل وعوده وتعهداته للمستقلين، الذي انهالوا على الحلبوسي ببيانات غاضبة.
وانتقدت حركة “امتداد” قرار الحلبوسي، ووصفته بأنه “تعسفي وشرعنة لتكميم الأفواه”.
وقالت الحركة في بيان “إن كان هنالك أي خرق قانوني صدر من النائب خشان لكان الأحرى التعامل معه وفقًا للقانون والنظام الداخلي لمجلس النواب”، داعية مجلس النواب إلى “إعادة النظر في هذا القرار احترامًا للسياقات القانونية التي يجب أن تعلو على كل الاعتبارات الأخرى”.
وسخرت الناشطة وسن الشيخلي من سرعة قرار الحلبوسي بإبعاد النائب خشان عن اللجان البرلمانية، وكتبت تغريدة على تويتر تقول إن أحدهم كتب أن سرعة إعلان “تم التصويت” من الحلبوسي أسرع من سرعة الاستجابة البشرية لرؤية عدد المصوّتين وعدّهم أو القول إنهم الأغلب، وإن آخر كتب “باسم خشان كان خشنًا مع التيار الصدري ومع الحلبوسي فاتفق القوم على تنحيته بمبرر أو من دونه”.
من جهته، رأى الشاعر والكاتب أحمد عبد السادة في تغريدة على تويتر أن محاولة إسكات النائب باسم خشان ليست قضية شخصية، بل تمثل نهجًا تبنّاه التحالف الثلاثي (المؤلف من “الكتلة الصدرية” بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف “السيادة” بزعامة كل من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، و”الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود البارزاني) لاستهداف منتقديه، وهو نهج لا يستهدف النواب المعارضين فقط وإنما يستهدف كذلك الكتّاب والمدونين المنتقدين للتحالف عبر الضغط عليهم بشتى الوسائل كالتهديد والتضييق عليهم في أماكن عملهم.
وقال إن “كفاءة النائب تكمن في إزعاج وإقلاق كبار الفاسدين، وكلما ازداد إزعاجه وإقلاقه ازدادت كفاءته، ولهذا فإن الحلبوسي اعترف بلا قصد بكفاءة النائب باسم خشان حين حرمه من المداخلات والعمل ضمن اللجان! نحتاج بشدة إلى نواب شبيهين بخشان لكي يقوموا دائمًا بإزعاج وإقلاق قادة التحالف الثلاثي!”.
ورأى أنه “لو لم يشعر الحلبوسي بأن هناك جهة سياسية تدعمه لما قام بهذا التصرف الانتقامي الإقصائي تجاه النائب باسم خشان، ولما اختزل البرلمان بشخصه بهذا الشكل؛ فالجهة السياسية التي يهاجمها خشان باستمرار هي الجهة نفسها التي دعمت الحلبوسي بهذا الإجراء، بل ربما هي التي طلبت منه هذا الإجراء”.
أما الصحفي والكاتب الكردي سامان نوح فرأى أن “المهازل” التي يقوم بها الحلبوسي تسيء إلى أطراف التحالف الثلاثي وعلى رأسهم التيار الصدري الذي يبدو أنه سيقبل بكل الكوارث السياسية والقانونية من أجل تثبيت مكاسبه في السلطة.
واعتبر أن عدم الوقوف في وجه الحلبوسي سيدمّر بقايا قوة مؤسسة البرلمان وسيحيلها إلى مجلس كارتوني، وأول من عليهم التصدي له هم النواب المستقلون، وشخصيات المكون السنّي، مشيرا إلى أن النائب خشان، بغض النظر عن مواقفه ورؤيته، لا يمثل اليوم نفسه، “بل الصوت الآخر الذي يريدون إسكاته بعصا عقوباتهم ولائحة امتيازاتهم… لو كان لدينا في البرلمان 20 نائبا آخر كخشان لتغير الكثير من الأمور”.
وانطلاقاً من هذه المواقف، نظم العشرات من أنصار النائب باسم خشان في مدينة السماوة مركز محافظة المثنى، يوم الجمعة، تظاهرة ضد الحلبوسي، طالبوا خلالها بإقالته، ورفعوا لافتات كتب عليها “الحلبوسي رئيس غير شرعي لبرلمان شرعي”.
وهدد المحتجون بإجراءات تصعيدية ضد رئيس مجلس النواب وداعميه فيما اتخذه من قرارات ضد خشان.
وتعليقاً على ذلك يقول المحلل السياسي مؤيد العلي، إن “رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بدا وكأن معظم قراراته التي يتخذه داخل قبّة البرلمان، ناتجة عن دوافع شخصية، كما أن هناك العديد من الاتهامات التي توجه له، بأنه يحاول إحياء سنة الدكتاتورية السيئة، وتوسيع نطاقها من الأنبار لتشمل أهم سلطة في العراق”.
ويضيف العلي، أن “ما جرى بين الحلبوسي والنائب باسم خشان مهزلة سياسية، واستخفاف بعقول العراقيين الذين لم تمر عليهم بسهولة، السرعة الفائقة التي اتخذ فيها الحلبوسي قراره بمنع خشان من التمتع بدوره التشريعي والرقابي”.
وبرز في الآونة الأخيرة حراك برلماني، لجمع تواقيع داخل القبة التشريعية، بغية إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الذي يواجه نقداً سياسياً واسعاً انطلاقاً من معقله في محافظة الأنبار.