بعد مرور 54 عاماً على تشريعه..٠ حكومة السوداني تعمل على تعديل قانون العقوبات رقم 111 وترمي الكرة بملعب البرلمان
انفوبلس..
وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة، أمس الثلاثاء، على مشروع قانون تعديل قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969، الذي دققه مجلس الدولة، وإحالته إلى مجلس النواب، استناداً إلى أحكام الدستور، مع الأخذ بعين الاهتمام رأي الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ما أثار العديد من التساؤلات حول وجود فقرة تسمح بإطلاق سراح سجناء بأثر رجعي.
وفي عام 2021، وبعد أكثر من سنة على انطلاق احتجاجات تشرين، بدأ الحديث عن ضرورة إجراء تعديلات جوهرية على قانون وُضِع وعُدِّل عليه كثيرا إبّان حكم البعث المقبور، إلى أن قدّمت رئاسة الجمهورية حينها مقترح تعديل القانون بمعية مجلس القضاء الأعلى إلى مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه.
توضيح مسودة القانون الأولى
المستشار القانوني لرئيس الجمهورية آنذاك منيف الشمري، كشف عن أهم فقرات مشروع قانون العقوبات، فيما أشار إلى أن المشروع سيعالج حُرمة الحياة الخاصة.
وقال الشمري، إن "قانون العقوبات تم بتوجيه من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح بعد إرسال مسودة المشروع من مجلس القضاء الأعلى كمسودة أولية".
وأضاف، إن "صالح شكل لجنة من المختصين في قسم دائرة التشريع بالرئاسة ومن الأساتذة من كليات العراق كافة إضافة إلى أساتذة مختصين بالقانون الجنائي".
وأشار إلى، أن "رئاسة الجمهورية تعمل على القانون منذ أكثر من سنتين". لافتا إلى، أن "المشروع توقف لفترة قليلة نتيجة جائحة كورونا".
وتابع، إنه "تم وضع مسودة المشروع التي جاءت من مجلس القضاء وإجراء تعديل عليه في بعض الفقرات". موضحاً، إن "المشروع تضمن أفكارا جديدة منها العقوبات البدلية والتي تعني استبدال عقوبة الحبس إلى الغرامة المالية أو إلى السُّخرة في خدمة المجتمع، للمتهمين الذي تكون مدة حبسهم أقل من سنة (الحبس البسيط)".
وبيّن، إن "المتهم بدلا من أن يوضع بالحبس وتصرف عليه الدولة أموالا يكلف لصالح الدولة ويعمل بالمجان ويوضع في مكان محدد ويراقب إلكترونياً".
ولفت إلى، أنه "من المبادئ الجديدة التي تم التطرق لها هي (حُرمة الحياة الخاصة) التي لم تعالج في قانون العقوبات السابق الذي مضى تقريبا عليه 50 سنة". مبينا، إن "قانون (حُرمة الحياة الخاصة) يتعلق بالأسرار الأُسرية التي تخص التصوير والنشر وتسريب المحادثات الخاصة حيث تم وضع عقوبة خاصة بذلك وأيضاً وضع عقوبة لكل من يسبّ لفظ الجلالة". لافتا إلى، أنه "تم أيضا وضع عقوبة خاصة لكل من يعتدي بطرق علنية على معتقدات أي طائفة أو فئة دينية في العراق".
واستطرد، إن "مسودة القانون تضمنت أيضا عقوبة للذين يمارسون السحر والشعوذة والتي لم تعالج في السابق"، لافتا إلى وضع عقوبة لانتحال المواقع الإلكترونية بأسماء وهمية أو انتحال اسم شخص معين، فضلا عن وضع عقوبات لتسجيل المكالمات أو التقاط الصور وتسريبها".
وأكد، إنه "تم وضع عقوبة ضمن المبادئ الجديدة لكل من يسرّب ويُفشي سرَّ الامتحانات، إضافة إلى وضع عقوبة بشأن الأدوية والمتاجرة بها بشكل غير صحيح فضلا عن وضع عقوبة للأطباء الذين يصفون علاجات وهمية للمواطنين".
وأضاف، إن "المشروع حاول معالجة الجرائم المعلوماتية لحين تمرير القانون في البرلمان".
عمل القانونية النيابية
وأعلنت اللجنة القانونية النيابية حينها عن أبرز فقرات قانون العقوبات، وفيما بيّنت أنها رفعت الكثير من مواد عقوبة الإعدام، أشارت إلى أن القانون تضمن الجرائم الإلكترونية وإجراءات جديدة بديلة عن السجن والغرامة.
وقالت عضو اللجنة بهار محمود، إن "اللجنة القانونية شاركت في إعداد مشروع قانون العقوبات الذي قدّمه رئيس الجمهورية"، مبينة أن "مشروع القانون سيتضمن إلغاء قانون العقوبات السابق المشرَّع في عام 1969 وتقديم قانون جديدة يتكون من 505 مواد وفيه تغييرات كثيرة".
وأضافت، إن "هناك تطورات في المجتمع تحتاج إلى تعديل القانون وخصوصا أن فلسفة العقوبة تغيرت على مرّ الزمن"، مشيرة إلى أن "فلسفة العقوبة كانت عبارة عن أذى للجاني ولكن الآن في كل العالم أصبحت العقوبة إصلاحية، ومواد مشروع قانون العقوبات يتماشى مع هذه الفلسفة بهدف الإصلاح وليس الانتقام للجاني".
وتابعت، إنه "على ضوء ذلك رفعنا الكثير من المواد بخصوص الإعدام إضافة إلى أن هناك جرائم لم تكن موجودة في القانون السابق وهي الجرائم الإلكترونية المنتشرة في هذا العصر، حيث أُضيفت بالقانون"، موضحة أن "المادة الخاصة بالقتل بدافع الشرف وغسل العار كانت مدار مناقشة ،وهناك آراء مختلفة ووجدنا تغيراً فيها، حيث إن هذه الجرائم انخفضت وسيتعامل معها القانون كقتل اعتيادي".
وبيّنت، إن "هناك عقوبات بديلة بدلاً من السجن والغرامة "، منوهة إلى أن "العقوبات البديلة عن السجن والغرامة تضمنت أن تكون عقوبة العمل في المؤسسات الخدمية الاجتماعية ،مثلاً في دار المسنين وهذا يخدم البلد، وهذه العقوبة يمكن حصرها ضمن التغيرات".
وأكدت محمود، إن "جرائم الفساد المالي والإداري أُضيفت كفصل في مشروع قانون العقوبات وتم وضع عقوبات مشددة"، لافتة إلى أن "عقوبة جرائم الفساد من الممكن أن يكون السجن خمس سنوات لأقل مبلغ ويستمر بالسجن لحين إعادة المبلغ حتى بعد انقضاء مدة العقوبة".
وأعربت محمود عن أملها بأن "تكون هناك خطوات أخرى من رئاسة الجمهورية إلى تغيير قوانين العراق"، مشيرة إلى أن "هذا القانون يكون انعكاساً لنظام الحكم، والعراق تغير الحكم فيه من الدكتاتوري الى الديمقراطي، ولابد من تعديل القوانين التي تحتاج إلى إصلاحات قانونية جنباً إلى جنب الإصلاحات المالية".
وأضافت، إن "مشروع القانون سيناقش داخل مجلس النواب وقابل للتعديل والإضافة والحذف".
مشروع رئاسة الجمهورية
جاء ذلك بعد إعلان رئيس الجمهورية السابق برهم صالح، عن تقديم الرئاسة أول مشروع قانون عقوبات جديد في العراق منذ خمسين عاما ليحل محل قانون العقوبات لسنة 1969.
وذكر إعلام رئاسة الجمهورية في بيان، أنه "في اجتماع موسّع، قدّم رئيس الجمهورية برهم صالح، في قصر السلام ببغداد، مشروع قانون العقوبات الجديد إلى مجلس النواب، والمُقدَّم من مجلس القضاء الأعلى إلى رئاسة الجمهورية في سياق التعاون بين رئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى بمجال تشريع القوانين التي تقتضيها تطورات العصر، ليحل محل قانون العقوبات لسنة 1969، ومستنداً من حيث الصياغة القانونية والمواءمة مع التشريعات العراقية النافذة وعدم انتهاكه للدستور، وعدم تعارضه مع المواثيق الدولية، مستهدفاً تحقيق الأمن والتضامن والاستقرار".
وأشار البيان إلى، أن "الاجتماع ضم النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي ـ آنذاك ـ واللجنة القانونية النيابية، ونقيب المحامين ورئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين وعدداً من الخبراء والفقهاء القانونيين ومجموعةً من الأكاديميين أساتذة القانون في الجامعات العراقية".
وقال صالح، إن "مشروع القانون الجديد يُعد التعديل الأشمل منذ خمسين عاماً على قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 وتعديلاته التي أُجريَتْ عليه من قبل مجلس قيادة الثورة المنحل والأوامر الصادرة من سلطة الائتلاف المؤقتة"، مشيراً إلى أن "المشروع تبنّاه مجلس القضاء الأعلى وتمت استشارة مجلس الدولة فيه، بينما عملت هيئة المستشارين في رئاسة الجمهورية عليه من خلال الاستفادة من الكفاءات العراقية والدوائر الفقهية المختلفة للوصول إلى صيغة تتلاءم مع الوضع الجديد في العراق".
وأضاف، "لقد حدثت في العراق خلال العقود الماضية تحولات كبرى، لكن منظومته القانونية وقانون العقوبات تحديداً بقي في إطار لم يواكب التطورات التي حدثت في المنظومة السياسية وفي المجتمع العراقي"، لافتاً إلى أن "من أبرز معالم القانون الجديد وضع النصوص العقابية الرادعة لمكافحة جرائم الفساد المالي والإداري ومنع الإفلات من العقاب وإلزام المختلسين بردّ الأموال، وتجريم الأفعال وتشديد العقوبات للجرائم التي ترتكب ضد الاقتصاد الوطني، كما أن القانون يولي اهتماماً بالغاً بحماية الأُسرة وتجريم الأفعال المرتكبة ضدها".
وأكّد، أن "مشروع القانون الجديد جرى فيه مراعاة الاتفاقات والمعاهدات الدولية كافة، خصوصاً تلك التي صادق عليها العراق باعتبارها جزءاً من القانون الوطني ومن خلال استشارة الأمم المتحدة والصليب الأحمر، وستكون له تبعات إيجابية تجعل العراق في مصاف الدول الملتزمة بالقانون الدولي والمقاييس الدولية المتعلقة بالجريمة والعقاب والحريات الشخصية والتجاوزات التي تحدث في المجتمع".
وبيّن، إن "مشروع القانون حدث وتطورٌ مهمٌ وانطلاقة لمعالجة إرث يتطلب المعالجة، مشدداً على أن العراق يريد أن يكون ويجب أن يكون متوائماً مع المنظومة الدولية في ما يتعلق بهذه المفاهيم المهمة".
تعديل القانون خلال فترة حكومة السوداني
مصدر قانوني مطلّع تحدث لـ"INFOPLUS" حول قانون تعديل قانون العقوبات، منتقداً الإجراءات البطيئة لتغيير القوانين التي من شأنها مواكبة متطلبات العصر وتغيراته.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن مسودة مشروع قانون تعديل قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969، الذي دقّقه مجلس الدولة، وتمت إحالته إلى مجلس النواب للتصويت عليه، هي ذاتها النسخة المقدَّمة سابقاً من قبل رئاسة الجمهورية مع وجود تعديلات بسيطة، لكنها انتهت في أدراج مكاتب مجلس النواب ولم يتم التصويت عليها من قبل المجلس.
وأضاف، إن مجلس الوزراء ومنذ تولي السوداني رئاسة الحكومة يدرس هذا النسخة ويعدل عليها لإرسالها هذه المرة عبره وليس عبر رئاسة الجمهورية كما جرى في المرة السابقة، مؤكدا إن البرلمان يتعامل بجدية أكبر من مشاريع القوانين المرسلة من الحكومة.
ولفت إلى أن على البرلمان الإسراع بقراءة مشروع القانون والتصويت عليه وتمريره لمعالجة بعض مشاكل هذا القانون التي مرّ عليها أكثر من 50 سنة، ولمواكبة متغيرات العصر وتسارعه.
وعند سؤاله عن إمكانية إطلاق سراح سجناء بأثر رجعي إذا تم تمرير القانون في مجلس النواب، قال المصدر إن جميع القوانين تسري من لحظة نشرها في الجريدة الرسمية، ولا يوجد أي قانون يُطبّق بأثر رجعي، باستثناء القوانين التي تحتوي على فقرة واضحة تنص على تطبيقه بأثر رجعي مع تحديد المدة المقصودة.
وبيّن، إن مسودة القانون المُرسَلة عام 2021 لم تتضمن فقرة تُتيح تطبيقه بأثر رجعي.