تحقيقات متواصلة في ملف فساد أراضي الوفاء في الأنبار.. وآخرها عامل خدمة يملك 160 قطعة أرض في الناحية
انفوبلس/..
موظف خدمة، يعمل بصفة "چايچي" في دائرة بلدية ناحية الوفاء غربي مدينة الرمادي، يجد نفسه في لحظة فارقة، يتملك نحو 160 قطعة أرض سكنية في ناحية الوفاء بمحافظة الانبار، تمت بطريقة غير قانونية خلال عمليات استحواذ على الأراضي من قبل متنفّذين في الحكومة المحلية للمحافظة.
وأفاد مصدر أمني في محافظة الانبار، الأربعاء، باعتقال موظف خدمة في دائرة بلدية الوفاء بعد امتلاكه نحو 160 قطعة أرض مسجَّلة باسمه في الناحية.
وقال المصدر، إن " قوة أمنية اعتقلت عاملا يعمل بصفة "چايچي" في دائرة بلدية ناحية الوفاء غربي مدينة الرمادي، على خلفية معلومات توفرت لدى الجهات المعنية تفيد بأن المستهدف يملك نحو 160 قطعة أرض سكنية في ناحية الوفاء".
وأضاف المصدر، إن "عملية اعتقال المستهدَف جاءت بعد قيام قوة أمنية قادمة من بغداد باعتقال مدير دائرة بلدية الوفاء على خلفية توزيع أراضٍ تعود للدولة بطريقة غير قانونية فضلا على عمليات استحواذ على الأراضي من قبل متنفذين في الحكومة المحلية".
وأشار إلى أن "الچايچي فوجئ بامتلاكه مئات من قطع الأراضي باسمه ويبدوا أن العملية قام بها أحد موظفي الدائرة المعنية وتسجيلها باسم المستهدف خشية ملاحقته قانونيا".
ولفت إلى، أن "لجنة النزاهة الاتحادية تحقق بموضوع ملف أراضي ناحية الوفاء" المثيرة للجدل "حيث تفيد معلومات بأن آلاف قطع الأراضي تم الاستحواذ عليها من الحزب الحاكم في الانبار بطريقة غير قانونية"، مبينا أن "رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وعائلته أبرز المتورطين في القضية".
وكانت قوة أمنية قادمة من بغداد اعتقلت عدد من موظفي دوائر البلدية والضريبة والتسجيل العقاري على خلفية وجود عمليات تلاعب في آلية توزيع قطع أراض تعود للدولة، وتفيد مصادر مطلعة، أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وعائلته أبرز المتورطين في القضية.
ضبط مسؤولين بعملية كبرى واستثنائية
في 04 نيسان 2023، حيث أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية، تنفيذها عملية "كبرى واستثنائية" بمديرية التسجيل العقاري في محافظة الأنبار أسفرت عن القبض على مديرها و5 مسؤولين فيها بتهمة التلاعب والتزوير في أضابير تمليك عشرات الآلاف من الأراضي، مشيرة الى التحرُّز على ما يقارب سبعين ألف إضبارة عقار تمّ تمليكها بصورةٍ مخالفة للقانون، وضبط أربعمائة هـوية مزوّرة تعـود إلى إحـدى النقابات ومخشّلات ذهبيَّـة ثمينة، فيما بيّنت أن مجموع الأموال المضبوطة ناهز مليوناً وستمئة ألف دولار وقرابة ستمئة مليون دينار.
وأفادت دائرة التحقيقات في الهيئة، بمعرض حديثها عن تفاصيل العملية، التي تمت بناءً على مذكرة قضائية، أن مديرية تحقيق الهيئة في بغداد بعد تلقّيها معلومات تفيد بأن كُلاً من مدير مديرية التسجيل العقاري في الأنبار وبعض المسؤولين فيها وعددا من الموظفين أقدموا على تمليك أراض من ناحية الوفاء، وإفراز آلاف العقارات بشكل غير أصولي، وإنجاز معاملات التسجيل العقاري من قبل الموظفين في محال سكناهم، فضلاً عن تحويل العقارات وتثبيت التواقيع بختومات و"ليس تواقيع حيّة"، وطباعة معاملات التسجيل والاستمرار بالتسجيل، بالرغم من إيقافه حسب كتاب مديرية بلدية الأنبار.
ناحية الوفاء ومشروع مطار الانبار
مديرية تحقيق الهيئة في بغداد، وبعد إجرائها عمليات التقصّي والتحرّي عن المعلومات واستحصال الأوامر القضائية من قاضي تحقيق محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية، قامت بتأليف سبع فرق ميدانية أسفرت عن إلقاء القبض على مدير مديرية التسجيل العقاري في الأنبار وخمسة من المسؤولين والموظفين فيها، كما أسفرت العملية عن ضبط ما يقارب أربعمئة هوية مزوّرة تعود إلى إحدى النقابات، وقرابة (1،500،000) مليون وخمسمئة ألف دولار، و(600،000،000) ستمئة مليون دينار عراقي، فضلاً عن أختام وحواسيب وأجهزة لوحية، وأجهزة استنساخ تُستخدم لغرض تزوير أضبابير العقارات، ومخشّلات ذهبية ثمينة.
عمليات التحرّي والتحقيقات الأولية تشير إلى أن ناحية الوفاء تقع في المنطقة ذاتها التي من المزمع إقامة مطار الأنبار الدولي فيها، ومديرية البلدية قامت منذ العام 2019 بعمل مرتسمات إفراز واستحصال موافقة محافظة الأنبار ومديرية التخطيط العمراني فيها على المخططات بواقع من (900 إلى 1000) قطعة سكنية لكل إفراز، من أجل الاستفادة من الموقع الاستراتيجي المستقبلي للأراضي التابعة للناحية، وذلك العمل استمر تباعاً لغاية تنفيذ عملية الضبط، إذ خُصِّصت تلك القطع السكنية المفروزة لتوزيعها بين شرائح محددة من المجتمع، وتم ذلك بناءً على محاضر تخصيص الأراضي السكنية بكتب مديرية ناحية الوفاء الموجَّهة لمديرية التسجيل العقاري في الرمادي.
المتهمون سيقوا رفقة المحاضر الأصولية والأضابير والمبالغ المالية والمخشّلات الذهبية وبقية المُبرزات والمضبوطات، على قاضي التحقيق المختص الذي قرر توقيفهم على ذمة التحقيق استناداً إلى أحكام المادة (298/289) من قانون العقوبات، والتحرّز على ما يقارب سبعين ألف إضبارة عقار تم تمليكها بصورة مخالفة للقانون، مضيفةً أن الإجراءات التحقيقية ستنتهي إلى متهمين مهمين شركاء في الجريمة.
مستجدات قضية ناحية الوفاء
دائرة التحقيق بهيأة النزاهة في بغداد ألّفت فريقاً للتحري عن المعلومات التي وردتها حول مكان وجود أبرز المتهمين في قضيَّـة تمليك قطع أراضي ناحية الوفاء التي أُطيح إثرها بمدير تسجيل عقاري محافظة الأنبار، والتحرُّز على ما يُقارِبُ سبعينَ ألف إضبارة عقار تمَّ تمليكُها بصورةٍ مخالفةٍ للقانون.
حيث ذكرت المديرية في 26 أيار 2023 عبر بيان، أن "الفريق باشر أعمال التحرّي والتقصّي، وبعد التأكد من صحة المعلومة، تابع حركة المتهم الذي كان يشغل منصب مدير بلديَّـة ناحية الوفاء في الأنبار، ونصب له كميناً محكماً، وبعد التنسيق المباشر مع قوة إنفاذ القانون تمت الإطاحة به، وتنفيذ مذكرة القبض الصادرة بحقه عن محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزيَّـة، وذلك في منزل عديله بحي البنوك في العاصمة بغداد".
وأوضحت، أن " المتهم سيق رفقة المحضر الأصولي، في العمليَّـة التي تمت وفق أحكام المادة (298/289) من قانون العقوبات العراقي، إلى قاضي التحقيق المختص؛ الذي قرر توقيفه على ذمة التحقيق".
بداية التحقيق بالقضية
الصحفي والكاتب سلام عادل، كتب مقالاً حول قضية عقارات الأنبار، وأكد أن التحقيقات بدأت من خلال بلاغ نيابي من النائب حسين مؤنس وتحت إشراف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وبتنفيذ جهاز أبو علي البصري.
وذكر عادل في مقاله: لاشك من أن الإعلام حين يدخل على خط التحقيقات البوليسية يكون دوره سلبي في بعض الأحيان، وهو ما يجعلنا نتحفّظ هذه المرّة على الكشف عن تفاصيل (صفقة فساد القرن 2)، التي هي محل نظر الأجهزة المختصة حالياً، ووسط متابعة مباشرة من رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني.
ولكن هذا التحفظ لن يدوم طويلاً قدر تعلُّق الأمر بمصلحة التحقيقات التي يبدو أنها تسير بوتيرة لم تكن معهودة في السابق، فعلى الرغم من أن الخطوة الأولى لكشف الجريمة انطلقت من (رئيس حركة حقوق النائب حسين مؤنس) على شكل بلاغ مسنود بأدلة ووثائق، وليس من طرف حكومي، إلا أن تفاعل رئيس الوزراء وسرعة العمل على فتح تحقيق واتخاذ إجراءات عملية بإشراف قضائي يُعد مؤشراً على تطور في العمل يستحق الإشادة.
ومع أن الصفقة ومضامينها المفزعة تثير فضول الصحافيين والمدوّنين، وهو شيء طبيعي، لكن التعاطي مع قضايا من هذا النوع على نحو متسرّع، ومن دون اطلاع، يجعل هؤلاء الصحافيين والمدوّنين في محل صُناع القيل والقال لا أكثر ولا أقل، وهو ما فرض واقعاً غير مهني على الإطلاق لاحظنا سقوط البعض فيه.
علاقة الحلبوسي بالقضية
لا يمكن أن تمرّ هذه القضية دون تسليط الضوء على الأذرع الرئيسية التي استخدمها الحلبوسي وحزبه لتمرير هذه الصفقة، حيث يوجد ثلاثة أشخاص تظهر أسماؤهم بارزة في كل ملف فساد في محافظة الأنبار.
منتصر الجميلي، مدير مكتب محافظ الانبار السابق، ويُعد "صندوق أسرار" الحلبوسي، ظهر اسمه لأول مرة في عام 2020 بصفقة فساد في وزارة التجارة والصناعة بعد اعترافات خطيرة أدلى بها مدير عام تصنيع الحبوب غازي سامي، وطالت رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ووزير التجارة ومدير مكتبه آنذاك منتصر الجميلي، ومدير عام الرقابة المالية علي زهير وموظفين في شركة الحبوب منهم حبيب الساعدي، وكذلك شملت الاعترافات النائب يونس شغاتي وآخرين.
والمفاجئة الكبرى التي فجّرتها اعترافات غازي سامي هي اعترافه على رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي الذي كان يتعامل معه من خلال سمسار اسمه سنان عبد الأمير الجميلي وهو وكيل أعمال محمد الحلبوسي، والذي سجّل باسمه قطعتي أرض على ضفتي الفرات غرب الفلوجة كان الحلبوسي قد اشتراها بأربعة مليارات دينار وينوي بناء قصور رئاسية عليها وربطها بجسر من أموال تخصيصات محافظة الأنبار.
أما الشخصية الثانية، فهو أحمد طناش، وهو ابن شقيق مدير ضريبة الفلوجة، والذي كان معتقلاً في سجن استخبارات الكاظمية عام 2010 مع شقيقه سيف بتهمة العمل لتنظيم القاعدة، فضلاً عن شقيقه الثالث الهارب خارج العراق حالياً لكونه عمل مع عصابات داعش.
وبخصوص الشخصية الثالثة، فهو طالب العيفان، مسؤول مجلس شيوخ وأعيان شرق الأنبار التابع لحزب "تقدّم"، ويُعد أحد الشخصيات الأنبارية التي برزت بعد سيطرة الحلبوسي، حيث عيّنه في بادئ الأمر مستشاراً لقائممقامية الفلوجة، ثم رئيساً لمجلسها المحلي قبل حلّه، كما حصل على مقاولة طريق المدينة السياحية في الحبانية وهو أحد ثُقاة الحلبوسي داخل المحافظة.