تركيا تفتح جرحًا لم يلتئم.. عراقيون لحكومة الكاظمي: يُسفكون دماءنا وتشاركوهم في التحقيق!
انفوبلس/..
“يُسفكون دماءنا، يقطعون المياه عنا، يُصرّفون بضاعتهم الرديئة في أسواقنا، وما زلنا نُسمّيهم دولة جارة”، بهذه الاستفسارات العفوية، يسأل مواطن عراقي، عن سبب تغاضي حكومة تصريف الأعمال التي يقودها مصطفى الكاظمي، عن التداعيات “الكارثية” للانتهاكات التركية في العراق.
فالتركة الثقيلة التي خلّفتها سياسة تركيا في العراق، لم تعد تنفع معها على ما يبدو، “الأغطية” التي اختارتها أنقرة، للتستّر خلف مؤسسات إعلامية ومدونين وسياسيين، عمدوا طيلة السنوات الماضية إلى “تجميل” صورتها أمام الرأي العام، حسبما يرى مراقبون للشأن السياسي.
وفتح القصف التركي الذي انهال على قضاء زاخو في محافظة دهوك، وخلّف شهداءً وجرحى من المدنيين العزّل، جرحًا لم يلتئم، على الرغم من محاولات سياسية وحكومية وإعلامية للتغاضي عن “الجرائم التركية”، كما يُعبّر عنها العراقيون في مواقع التواصل الاجتماعي.
ونظّم المئات من العراقيين الغاضبين الخميس الماضي، تظاهرات حاشدة أمام المكتب الرئيسي المخصص لمنح الفيزا التركية، في منطقة الوزيرية ببغداد، ورددوا هتافات غاضبة تدعو إلى قطع العلاقات مع أنقرة.
وفي الوقت الذي عمد فيه عدد من المحتجين إلى إحراق العلم التركي، لم يحتمل آخرون الوقوف مكتوفي الأيدي، وهو ما دفعهم إلى التقدّم صوب المكتب التركي في محاولة لاقتحام المقر وإغلاقه، إلا أن القوة الأمنية المكلّفة بحماية المكتب بادرت بالاعتداء على المحتجين وجرحت عدداً منهم، دون أن يصدر عن المؤسسة الأمنية أو الحكومة، أي تبرير للقمع الذي شهدته تظاهرة الخميس.
وأحرج الغضب العراقي العارم، سياسيين كانوا قد تواروا عن الأنظار، خشية أن تطالهم سهام النقد، لكن “الاوردر التركي” كان أقوى من إرادتهم على ما يبدو، لينطلقوا بسلسلة بيانات خجولة، حاولوا من خلالها حرف أنظار الرأي العام عن المتهم الحقيقي بالقصف، وإلصاق التهمة بجماعات أو جهات أخرى.
بيد أن سياسيين آخرين انبروا بشكل صريح للدفاع عن الموقف التركي المعلن، عبر بيانات وتغريدات اتهموا فيها حزب العمال الكردستاني بتنفيذ القصف الذي وقع في منطقة قريبة من الحدود التركية، ولا يوجد فيها نشاط لعناصر الحزب.
وفي أعقاب ذلك، عقد مجلس النواب، أمس السبت، جلسة استثنائية لبحث تداعيات القصف التركي، لكنها لم تفضِ إلى قرار حاسم، سوى تشكيل لجنة مشتركة للتحقيق بالقصف، بالتنسيق مع تركيا المتهم الرئيسي بسفك دماء عراقيين، وفقًا للموقف الرسمي العراقي والتلميحات الدولية.
وعن ذلك، يقول المحلل السياسي وائل الركابي إن الموقف الرسمي العراقي ما يزال خجولًا إزاء الاعتداء التركي الصارخ على الأراضي العراقية، الذي تسبب بسقوط شهداء وجرحى من المدنيين العزل في أحد المصايف السياحية بقضاء زاخو التابع لمحافظة دهوك.
ويُعبّر الركابي عن استغرابه إزاء إقحام تركيا في لجنة مشتركة للتحقيق بالحادثة “الواضحة وضوح الشمس”، محذرًا من أية محاولات للتغطية على الجريمة وحرف مسار التحقيقات.
وتعالت صرخات النساء وانهمرت دموعهن، وهن يشاهدن الجثث مُسجاة على مقربة من المياه الجارية في منتجع سياحي في محافظة دهوك، بعد أن دكّته مدفعية الاحتلال التركي، وأزهقت أرواح مواطنين قصدوا المكان، هربًا من قيض الصيف اللاهب، برفقة نسائهم وأولادهم، لكنهم لم يكونوا يتوقعون أن تتحوّل رحلتهم إلى مأتم حزين.
وتعرّض مصيف قرية برخ، بناحية دركار التابعة لقضاء زاخو في محافظة دهوك، إلى قصف شنّته المدفعية التركية التي أوغلت في دماء العراقيين، بعد أن اقتحمت أراضي العراق في وضح النهار، أمام أعين مصطفى الكاظمي رئيس حكومة تصريف الأعمال، والذي يتولّى أيضًا منصب القائد العام للقوات المسلحة، الذي يفرض عليه اتخاذ تدابير منذ البداية، لردع الاعتداءات التركية المتكررة على الأراضي العراقية، حسبما يرى مراقبون للشأن السياسي.
واستمر النزيف العراقي لأكثر من ساعتين في ظل صمت حكومي مطبق، حتى خرجت خلية الإعلام الأمني ببيان تحاشت فيه ذكر اسم تركيا، ما أثار حفيظة العديد من المدونين الذين صبّوا جامّ غضبهم على الخلية والأطراف الحكومية والأمنية المعنية بالأمر.