تصعيد إعلامي "متبادل" بين أسرتَي بارزاني وطالباني.. ما هو المتوقع بعد انتخابات إقليم كردستان؟
انفوبلس/ تقرير
أشعلت تصريحات رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، بصدد ملف الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة في كردستان خلال مؤتمر صحفي، الخلافات مع رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني وحزبه، مما يشير إلى احتمالية نشوء توترات سياسية قد تؤثر على مستقبل العملية السياسية في الإقليم.
ويتقاسم الحزبان الكرديان الأكبر النفوذ في إقليم كردستان، - يهيمنان على الحكم في الإقليم منذ أكثر من خمسة عقود - حيث يسيطر الحزب الديمقراطي على محافظة أربيل التي تُعد عاصمة الإقليم، ومدينتي دهوك وزاخو، فيما يسيطر الاتحاد الوطني على مدينة السليمانية.
*بافل طالباني يهاجم مسرور بارزاني
أعلن بافل طالباني، رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، أن مسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كردستان، لن يتولى منصب رئيس الحكومة العامة، ولا حتى رئيس الوزراء، دون الحصول على موافقة الاتحاد الوطني الكردستاني، مؤكدًا على ضرورة احترام توازن القوى السياسية في الإقليم.
جاءت تصريحات طالباني خلال مؤتمر صحفي، حيث تطرق إلى ملف الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة في إقليم كردستان، مشددًا على أن "الاتحاد الوطني الكردستاني" جاهز للمشاركة في الانتخابات المقبلة، في حين أن باقي الأحزاب لم تقم بأي خطوات جدية حتى الآن. وأكد أن الاتحاد الوطني قد أتم كافة التحضيرات الضرورية للانتخابات وأنه يسعى لضمان إجرائها في موعدها المحدد.
وأضاف طالباني في ردّه على بيان "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الذي أشار إلى أن مسرور بارزاني سيبقى رئيسًا للوزراء لفترة جديدة: "يجب أن نسأل كيف يمكن أن يحدث هذا؟ الأمور لا تُحسب بمنطق 11 إلى صفر، ولا 50 إلى 1، يجب أن نعرف كيف يمكن أن يتولى هذا المنصب مجددًا دون توافق".
وأشار إلى أن بقاء مسرور بارزاني في منصب رئيس الوزراء أو توليه منصب رئاسة الحكومة العامة يجب أن يكون مبنيًا على توافق سياسي وطني، مُبديًا رفضه لأي خطوة قد تُتخذ دون موافقة الاتحاد الوطني الكردستاني.
كما ظهر بافل طالباني في مقطع مصورة حصلت عليه شبكة "انفوبلس"، قال فيه إنه "بعد الانتخابات لن يكون مسرور بارزاني حتى مديرا عاما دون موافقتي".
وتعكس تصريحات طالباني تزايد الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان حول تشكيل الحكومة المقبلة وتقاسم السلطات، مما يشير إلى احتمالية نشوء توترات سياسية قد تؤثر على مستقبل العملية السياسية في الإقليم.
ظهر واضحاً الاستعداد غير المسبوق والمبكر لإجراء انتخابات إقليم كردستان العراق في 20 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، مع دخول الخصمين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني في سباق للظفر بمنصب رئيس الإقليم أو رئيس الحكومة المحلية. وانتخابات إقليم كردستان هي السادسة من نوعها منذ 1991، وسبق أن تم تأجيلها أكثر من مرة لأسباب سياسية بحتة.
انتخابات إقليم كردستان
وبحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، فإن عدد الناخبين الكلي في الإقليم يبلغ 3.8 ملايين ناخب، موزعين على أربع دوائر انتخابية هي أربيل، السليمانية، دهوك، حلبجة.
وألزمت المحكمة الاتحادية العليا في بغداد، أخيراً سلطات الإقليم أن تكون عملية إجراء انتخابات إقليم كردستان من خلال المفوضية العليا للانتخابات العراقية بالعاصمة بغداد، بوصفها السلطة الاتحادية العليا في البلد. كما ألزمت الإقليم إلغاء مفوضية الانتخابات العاملة بإقليم كردستان منذ عام 2006. وحددت مقاعد البرلمان بمائة مقعد، موزعة على أربع دوائر انتخابية.
ومن المقرر مشاركة 606 مرشحين في انتخابات إقليم كردستان في 20 أكتوبر المقبل، بينهم 19 مرشحاً مسيحياً مستقلاً، بعد إلغاء كوتا الأقليات، على مائة مقعد في البرلمان. ومن المفترض أن يلي انتخابات إقليم كردستان انتخاب رئيس الإقليم ورئيس الحكومة المحلية، من خلال انتخابهما بأغلبية الثلثين من نواب المجلس.
ونصّ قانون الانتخابات في الإقليم على تسمية رئيس الإقليم الجديد، وتشكيل الحكومة من قبل الكتلة التي تحصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان، خلال الانتخابات التي تشرف عليها مفوضية الانتخابات العراقية الاتحادية في بغداد، وتراقبها بعثة الأمم المتحدة، دون وجود التعقيدات التي تشهدها بغداد في كل انتخابات. وظهر واضحاً دخول غير الأكراد في هذه الانتخابات، وهم المسيحيون، وغالبيتهم من البروتستانت، إلى جانب الأرمن، والآشوريين. كما حلّ التركمان طرفاً رئيسياً من سكان الإقليم التاريخيين في قوائم انتخابية ومنفردين، إذ حصلوا في الدورة الانتخابية السابقة (في عام 2018) على خمسة مقاعد. وبلغ عدد العراقيين من القومية التركمانية في محافظات إقليم كردستان، نحو 350 ألف شخص.
وإلى جانب ذلك، فإن هناك أقليات أخرى في الإقليم لم تحصل على نظام تمثيل برلماني لها، إلا أن جمهورها أو ناخبيها صوتوا دائماً للحزب الديمقراطي الكردستاني، وهم الأيزيديون، والبهائيون، والكاكائية، والصابئة.
وبرزت حركة الجيل الجديد الكردية الليبرالية، إلى جانب حزب التغيير، والحزب الشيوعي الكردستاني، وحركة كادحي كردستان، في الخطابات السياسية الانتخابية في الإقليم، المركّز على الوضع المعيشي، والفقر، والبطالة، ومحاربة الفساد. إلا أنه على غرار الأحزاب والقوى السياسية في بغداد، فإن قوة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، نابعة أساساً من أصوات البيشمركة، وهو ما يعني أن هناك أصواتاً مضمونة للحزبين في كل نسخة انتخابية.
وللحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، أريحية كبيرة من جهة قواعده الشعبية في كل من أربيل ودهوك، مقارنة بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فضلاً عن أصوات الأقليات الداعمة له.
وقال الخبير بالشأن الكردي العراقي، سلام الجاف، إن انتخابات إقليم كردستان ستكون "مفصلية في حياة الكردستانيين". وأضاف، أن "الانتخابات ستفرز وجوها جديدة بلا شك، وهذه الوجوه هي من قوى مدنية وحراكات ناشئة، لكن بالمجمل فإن مقاعد الحزب الديمقراطي الكردستاني لن تنخفض إلى ما دون الـ 50 مقعداً وهو ما يعني النصف".
واستند الجاف في هذا التوقع إلى "عدم وجود بديل مقنع للشارع الكردي، لأن جميع خصوم الديمقراطي الكردستاني، غير جاهزين لتولي مسؤولية حماية تجربة إقليم كردستان العراق، في منطقة مضطربة ومسلحة".
عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني صالح فقي، وصف انتخابات إقليم كردستان المقبلة، بأنها "مهمة للغاية واستثنائية"، موضحاً، أن "الاتحاد الوطني لم يسمح مطلقاً بتعطيل أي ممارسة ديمقراطية، ونحن مستعدون لخوض الانتخابات، وسنحقق نجاحات كبيرة، شبيهة بالنجاح الذي حققه الحزب في محافظة كركوك، والحصول على نتائج مبهرة. ونعتقد أن المشاركة في انتخابات برلمان كردستان ستكون جيدة".
من الجانب الآخر، باشر القائد المنشق عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، لاهور شيخ جنكي، استعداداته لمنافسة حزبه الأم عبر حزب جديد اسمه "الجبهة الشعبية". وقالت مصادر سياسية من مدينة السليمانية، إن "شيخ جنكي يستعد لاستقطاب أغلبية قادة حزب الاتحاد الذين طردهم بافل الطالباني، ليكونوا في صفوف المرشحين البارزين في السليمانية، ما قد يؤدي إلى تغيير خريطة توزيع الأصوات، وربما يؤثر على نتائج الاتحاد الوطني".
بدوره، اعتبر المتحدث باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني، محمود محمد، في بيان مؤخراً، أنه "بعد إعلان موعد إجراء انتخابات الدورة السادسة لانتخابات برلمان كردستان من قبل رئيس إقليم كردستان، فإن حزبنا سيبدأ بالاستعدادات لخوض الانتخابات البرلمانية"، معرباً عن أمله "أن تسير العملية بشكل ديمقراطي ونزيه وشفاف وتصب نتائجها في مصلحة شعب كردستان".
وباتت العملية العسكرية التركية ضد حزب العمال الكردستاني جزءاً من نقاشات انتخابات إقليم كردستان بسبب شمولها أراضي شمال دهوك وشرق أربيل الحدودية مع تركيا، وكركوك التي خسر الأكراد سيطرتهم عليها عام 2017. كما أضحت أيضاً الأزمة الاقتصادية جزءاً من عناوين انتخابات إقليم كردستان بفعل تأخر دفع حكومة الإقليم رواتب الموظفين، إثر الخلافات مع بغداد حول الموازنة المالية وتسليم عائدات النفط من حقول نفط الإقليم للحكومة العراقية.
غير ذلك، فإن الحزبين أبديا خشيتهما من الشارع الذي باشر الحديث عن الشيخوخة التي ضربت قيادات وكوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، والثراء الكبير لدى قادة الحزبين ورفاهيتهم، ورغبة الشارع الكردي بوجوه شبابية جديدة.
وكانت آخر انتخابات أُجريت في إقليم كردستان عام 2018 قد تمخضت عن فوز الحزب الديمقراطي الكردستاني بأغلبية مريحة، بواقع 45 مقعداً من أصل 111 مقعداً كانت مجموع مقاعد برلمان الإقليم، بينما حصل غريمه التقليدي الاتحاد الوطني الكردستاني على 21 مقعداً. وتوزعت المقاعد المتبقية على حركة التغيير التي حصلت على 12 مقعداً، وثمانية مقاعد لحركة الجيل الجديد، وسبعة مقاعد للجماعة الإسلامية، بينما حصل الحزب الشيوعي الكردستاني وكتل أخرى على ما بين مقعد وخمسة مقاعد.