تصعيد محتمل ضد السوداني.. ملف "الاستثناء بحجة الاستثمار" يطارد رئيس الوزراء.. تعرف على خفايا مجمع ريكسوس القطري وسط بغداد
انفوبلس..
تغلي في الآونة الأخيرة أروقة السياسة في العراق، وعلى ما يبدو فإن خريطة التوافقات والاتفاقات والرؤى بدأت تتغير، خصوصاً مع ازدياد قوة الجبهة المعارضة لرئيس مجلس الوزراء في العملية السياسية، ويوم أمس، أُعيد فتح ملف بواسطة نائب برلماني وبمساعدة الادعاء العام من شأنه أن يوجه ضربة كبيرة للسوداني بسبب مشروع قطري ببغداد وضع حجره الأساس السوداني بنفسه في العام الماضي. فما قصة مجمع ريكسوس القطري؟ وكيف يمكن أن يُدان رئيس الوزراء بسببه؟
بتاريخ 21/9/2023 أرسل عضو مجلس النواب النائب هادي السلامي كتاباً إلى جهاز الادعاء العام، جاء فيه: "سبق وأن رصدنا في شبكات التواصل الاجتماعي ما نصه: (باشرت (شركة استثمار القابضة القطرية بإنشاء مشروع فندق) يوم 12/9/2023 في الموقع الرسمي الواقع مقابل دار ضيافة رئاسة مجلس الوزراء في المنطقة الخضراء بالرغم من عدم حصول موافقة الدوائر القطاعية والهينة الوطنية للاستثمار وأمانة بغداد، ولم يتم الإعلان عنه لغرض المنافسة ولم يتم الإعلان عن الخارطة الاستثمارية وبدون تقديم دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية والأمنية وتحديد مقدار بدل الإيجار، وأن ما ورد أعلاه هو مخالف لقانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006، ومخالف لقانون إدارة البلديات رقم 165 لسنة 1965 وهذا يشكل صورة من صور تضارب المصالح والكسب غير المشروع وغسيل الأموال وهدرا بالمال العام".
مطالباً الجهاز باتخاذ الإجراءات الأصولية والعمل بما يراه مناسبة لحماية المال العام.
رئاسة الادعاء العام ردَّت بكتابَين، الأول مرسل إلى محكمة تحقيق الكرخ الثانية بتاريخ 21/1/2024 للاطلاع واتخاذ اللازم وإعلام الجهاز بالنتيجة القانونية بصدد الإخبار المقدم من قبل النائب هادي السلامي وبالسرعة الممكنة.
أما الثاني فإنه موجه لمكتب أمين بغداد، بتاريخ 26/8/2024، ويطالبه بحضور ممثل الأمانة القانوني أمام المحكمة لتدوين أقواله خدمةً للصالح العام.
ويوم أمس الأربعاء، ظهر في مقطع فيديو مصور للحديث عن الملف وما وصلت إليه حيثياته، وقال: "قبل عام تقريباً حرّكنا شكوى أمام الادعاء العام ضد مجلس الوزراء بخصوص صدور استثناءات من المجلس بخصوص مشروع فندق ريكسوس ومناطق استثمارية أخرى في المطار ومناطق غيرها خارج بغداد، ومنح استثناءات بدون إعلان وبدون منافسة وبدون تنفيذ تعليمات المشاريع".
وأضاف: "إنها خطوة بالاتجاه الصحيح لإنهاء الاستيلاء على الأراضي بحجة الاستثمار، وتمنح لشركات ربما لها ارتباطات بالأحزاب الحاكمة أو جهات أخرى، وهي تقع ضمن نطاق الكسب غير المشروع على حساب مصالح الشعب العراقي، ورأينا الكثير من الشركات غير معروفة الأصول وغير مسجلة".
وأشار إلى أنه "تمت إحالة المشتبه بهم في أمانة العاصمة وهيئة استثمار بغداد إلى المحاكم المختصة لمحاسبتهم، ونحن ندعم القضاء العراقي بمحاسبة المقصرين في ملف الاستيلاء على الأراضي في محافظة بغداد وبقية المحافظات".
تفاصيل المشروع
وشهد يوم 24 آب من العام الماضي، إطلاق العمل التنفيذي في مشروع مجمع "ريكسوس" السياحي الضخم وسط العاصمة بغداد، الذي يضمّ فندقاً كبيراً ومجمعاً سكنياً ومرافق سياحية متنوعة.
ووضع رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، حجر الأساس للمشروع الذي تنفذه شركة استثمار القابضة القطرية، وهو باكورة أعمال ومشاريع الاستثمار القطرية في العراق، ضمن توجهات الحكومة في تعزيز الفرص، والعمل نحو التكامل الاقتصادي، وتحسين البيئة الاستثمارية الجاذبة لإسهامات الشركات العربية والأجنبية بمشاريع البنى التحتية في العراق.
المجمع السياحي الكبير مستمدة تصاميمه من تراث العراق وحضارته، وبمساحة بناء تبلغ 115000 متر مربع، و23 طابقا و242 غرفة فندقية بمساحات مختلفة، وسيتضمن المشروع أيضا 22 جناحاً رئاسياً ومركزاً للمؤتمرات الرسمية.
وقال السوداني في كلمته خلال حفل الافتتاح، "إننا نضع اليوم حجر الأساس لهذا المشروع السياحي الخدمي التنموي في بغداد التي ستبقى محطّ اهتمام العالم بأسره وفي كل المجالات"، مبينا، أن "بغداد اليوم قلب النشاط التجاري والثقافي والمعرفي والسياسي والاقتصادي".
وأضاف، "نعمل على تنفيذ المشاريع في شتى المجالات، سواء البنى التحتية أو الخدمية أو السكنية"، مشيرا، إلى أن "التعاون الواعد بين العراق وقطر انطلق بصورة جادة في الزيارة المهمة لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، الذي حلَّ ضيفاً على بغداد".
وتابع، إن "هذا المشروع الاستثماري الذي تنفذه شركة استثمار القابضة القطرية، سيكون علامة معمارية مميزة تُضاف إلى الهوية المعمارية لبغداد"، موضحا "إننا اطلعنا على التصميم الذي استُوحيَ من التاريخ والمعالم الحضارية، وسيكون تُحفة معمارية تليق ببغداد".
وأشار إلى "أننا كحكومة ننظر إلى الاستثمار العربي بوصفه إحدى بوابات التكامل الاقتصادي"، موضحا، أن "الحكومة تبنّت منذ اليوم الأول، مبدأ الشراكات الاقتصادية بين العراق والأشقاء العرب والدول الإقليمية".
وبين، أن "دولة قطر لديها شركات وتجارب رائدة في الاستثمارات الناجحة"، لافتا، إلى أن "هذا المشروع الأول ضمن سياق التعاون بين العراق وقطر وهناك مشاريع أخرى قيد البحث، في مختلف القطاعات".
وذكر أن "العراق يمتلك الكثير من الفرص الواعدة، والحكومة تقدّم التسهيلات والدعم للشركات الجادة"، مضيفا "أننا سندعم المستثمر والشركة والقطاع الخاص الجاد في تنفيذ مشاريع الاستثمار، ببغداد والمحافظات وإقليم كردستان العراق". ولفت، إلى أن "الاقتصاد العراقي يمتلك قاعدة متينة من الفرص والإمكانيات، والحكومة لديها رؤية واضحة لها".
وشهد حفلُ وضْعِ حجرِ الأساس حضور رئيس مجلس وزراء ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار ووزير الثقافة والسياحة والقائم بالأعمال القطري في بغداد ونائب رئيس مجلس إدارة شركة استثمار القابضة وأعضاء من مجلس الإدارة بالإضافة إلى شخصيات من مختلف الهيئات واللجان المختصة بالاستثمار والسياحة في العراق وفريق عمل استثمار القابضة.
وفي (6 آب/ أغسطس 2023)، تسلّم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، المخططات الخاصة بمشروع بناء مجمع سكني "ضخم" في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد.
وفي كلمته خلال الحفل، قال رامز الخياط نائب رئيس مجلس إدارة استثمار القابضة: "يسعدني ويشرّفني أن أقف أمامكم اليوم في حفل إطلاق الأعمال الإنشائية لمشروع ريكسوس بغداد السياحي"، مشيرا إلى أن "هذا المشروع الذي سوف يكون بإذن الله أيقونة لقطاع السياحة والضيافة في جمهورية العراق الشقيق وذلك لما يتمتع به المشروع من مرافق وتصميم فريد يمزج بين العراقة والحداثة".
وتابع، "سوف يقدم المشروع لمرتاديه العديد من التجارب الفريدة والمتنوعة حيث يكون المشروع الأول من نوعه في العراق، الذي يحتوي على غرف فندقية من فئة الخمس نجوم وشقق وفلل فاخرة للبيع. تتم إدارتها مجتمعة تحت العلامة التجارية ريكسوس. كما سيحتوي المشروع على مركز للمؤتمرات وقاعات الاحتفالات وغرف اجتماعات، مطاعم متنوعة وتحمل أشهر الأسماء العالمية، نوادٍ صحية وجميع المرافق المكمّلة".
وأضاف رامز: "إن احتفالنا ببدء الأعمال في المشروع ما هو إلا بداية لانطلاقة استثماراتنا الواعدة في عراقنا الحبيب والتي تشمل على العديد من القطاعات الحيوية، الخدمية والسياحية والتجارية، الرعاية الصحية وتطوير المدن والبنى التحتية. وأود أن أتقدم باسمي واسم جميع أعضاء مجلس إدارة شركة استثمار القابضة القطرية عن بالغ سرورنا أن نكون من أوائل المساهمين في هذه الحقبة الجديدة التي تشهدها البلاد من تطور عمراني وخدمي وإداري".
وأوضح، وقد لمسنا هذه الجهود المباركة من خلال التنسيق عالي المستوى والمتابعة المستمرة من قبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وفريق عمله وكذلك الهيئة الوطنية للاستثمار بجميع موظفيها وعلى رأسهم رئيس هيئة الاستثمار حيدر مكية.
إلى ذلك، كشف رئيس هيئة الاستثمار حيدر مكية، عن تصاميم مجمع "ريكسوس" السياحي في بغداد الذي أطلق العمل به رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وقال مكية إن "مجمع ريكسوس السياحي في بغداد يُعد من أضخم المنتجعات السياحية في العراق وتصاميمه مستوحاة من حدائق بابل المعلقة".
وأضاف، إن "المشروع سيكون علامة مميزة في العاصمة من خلال حداثة التصاميم ودقّة العمل والجدول الزمني المحدد لإتمامه، حيث إن المنتجع يضم أجنحة فندقية فخمة مع شقق فندقية وفللا ومركز مؤتمرات ومعارض وقاعات للاجتماعات والمناسبات وناديا رياضيا ومسابح خارجية ومغلقة وملاعب رياضة متعددة ومطاعم وحدائق وخدمات عامة"، مبيناً أن "الهيئة عملت على إتمام العقد والإجازة الاستثمارية مع شركة استثمار القابضة القطرية للشروع ضمن الجدول الزمني لإكمال المشروع".
وأقرّ مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها في الأول من شهر آب/ أغسطس 2023، المضي في المشروع الذي سيضم بناء فندق هو الأحدث في العاصمة بغداد، وسلسلة مطاعم عالمية وقاعات رئاسية للمناسبات الرسمية المحلية والدولية، إلى جانب عدد من الوحدات السكنية العمودية، بتصاميم مستوحاة من تاريخ وحضارة بلاد الرافدين، وعلى مساحة 19 دونماً، على أن يُفتتح قبل العام 2025.
الجدير بالذكر أن "استثمار القابضة" قامت بتوقيع ثلاث مذكرات تفاهم مع الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق بقيمة 7 مليارات دولار لتطوير مدن شاملة حديثة وفنادق خمس نجوم، وأيضًا لإدارة وتشغيل عدة مستشفيات. حيث ستساهم هذه المرحلة بتنفيذ هذه المشاريع التنموية التي تتوافق مع أهداف مجموعة استثمار القابضة الاستراتيجية لزيادة القيمة للمساهمين ودعم خطتها الدولية والإقليمية للتوسع في الأعمال.
ومنتصف شهر حزيران من العام الماضي، أجرى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني زيارة رسمية إلى العراق، هي الأولى لزعيم عربي منذ تشكيل الحكومة الجديدة، عقد خلالها مباحثات مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تناولت علاقات البلدين ومجالات التعاون والقضايا المشتركة.
وشهدت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مجالات البنية التحتية والسياحة والصحة بهدف توسيع التعاون الاستثماري والتجاري بين البلدين.
وأعرب الشيخ تميم عن عزم دولة قطر استثمار 5 مليارات دولار في عدد من القطاعات في العراق خلال السنوات المقبلة.