تظاهرات في السليمانية وإضرابات مستمرة.. أزمة رواتب موظفي كردستان تتجه نحو تصعيد غير مسبوق

أزمة رواتب تُشعل الاحتجاجات
انفوبلس..
يشهد إقليم كردستان العراق موجة من الاحتجاجات المتصاعدة، حيث يواصل المئات من الكوادر التربوية والتدريسية في السليمانية اعتصامهم أمام مقر الأمم المتحدة، رفضًا لتأخر صرف رواتبهم. يأتي هذا التحرك في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية، مع إصرار المحتجين على توطين الرواتب في المصارف الاتحادية، وسط أزمة مالية وسياسية متشابكة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية.
في المقابل، تؤكد وزارة المالية الاتحادية عدم مسؤوليتها عن تأخير الرواتب، مشيرةً إلى عدم تزويدها بالبيانات اللازمة من قبل حكومة الإقليم. ومع استمرار الإضرابات وجمع التوقيعات المطالبة بنقل الرواتب إلى بغداد، يظل الملف المالي للإقليم محور جدل واسع، في ظل رفض مشروع "حسابي" المثير للجدل، والذي أثار غضب الموظفين وزاد من حدة التوتر بين الأطراف المعنية.
وأكد عضو لجنة الاحتجاجات في السليمانية ميران محمد صالح، اليوم الخميس، استمرار الاعتصام للكوادر التربوية والتدريسية في المخيم أمام مقر الأمم المتحدة.
وقال محمد صالح في حديث صحفي، تابعته INFOPLUS، إن "الظروف الصحية صعبة للمعتصمين بسبب تواصل إضرابهم عن الدوام لليوم الرابع على التوالي، نتيجة تأخر صرف الرواتب".
وأضاف، إنه "يجب أن تصل رسالتنا إلى المجتمع الدولي، ويجب أن يعرفوا حقيقة ما يجري في الإقليم من وضع مأساوي، بعد رفضهم لقرار توطين الرواتب، ولن نُنهي اعتصامنا، ولن نعود إلى الدوام، إلا بعد صرف رواتبنا، وتوطينها على المصارف الاتحادية حصرا".
وتظاهر العشرات من الكوادر التربوية، يوم الثلاثاء (28 كانون الثاني 2025)، احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم في مدينة السليمانية.
ونقلت مصادر مطلعة، عن عدد الكوادر التربوية أن "التظاهرات ستستمر يرافقها الإضراب عن الدوام لحين تلبية المطالب، التي تتمثل بصرف الرواتب، وإعادة العمل بقانون الترفيعات والعلاوات".
سبب التأخير في الرواتب
كانت وزارة المالية، قد أعلنت أمس الأربعاء، عدم مسؤوليتها عن تأخر رواتب موظفي إقليم كردستان، فيما بينت أن حكومة كردستان لم تزودها بالبيانات.
وقالت الوزارة في بيان، إن "تصريح وكيل وزارة المالية في الإقليم، ريباز حملان، غير دقيق، ورداً على ما نشرهُ في صفحتهِ الشخصية بخصوص تأخير رواتب إقليم كردستان، نوضح أننا نتعامل بمهنيةٍ كاملة في ملف رواتب موظفي الإقليم وهو ذات التعامل الذي يجري مع وزارات الدولة الاتحادية وحافظاتها"، مبينة أن "تأخر الرواتب ليس له علاقة بالوزارة، كونها تعمل على تطبيق قرار المحكمة الاتحادية منذ أكثر من سنة".
وأضافت وزارة المالية، أن "الإقليم لم يزود حتى الآن الوزارة بأي بيانات تخص توطين رواتب موظفي الإقليم لدى المصارف كافة وليس المصارف الحكومية فقط بحسب قرار المحكمة الاتحادية الذي عامل موظفي الإقليم بمثل موظفي دوائر الدولة كافة". مشيرة إلى أن "سبب التأخير هو عدم فصل الإقليم أسماء الموظفين الذين تمت إحالتهم على التقاعد".
المالية ترسل فريقا
وتابعت، "حلاً للإشكال وعدم التأخير، أرسلت وزارة المالية الاتحادية فريقاً من موظفي الوزارة من المحاسبة والموازنة والتقاعد منذ أكثر من عشرة أيام يعملون مع الإقليم لغرض فرز وتدقيق القوائم وعزل الذين تمت إحالتهم على التقاعد واحتساب رواتبهم التقاعدية حسب قانون التقاعد رقم 26 لسنة 2019 المعدل واحتساب مبلغ الزيادة 100 ألف دينار الأخيرة للمتقاعدين واحتساب مكافأة نهاية الخدمة وعزل المتقاعدين القدماء عن المشمولين بالقانون، مع عقد ورش عمل وغيرها والبالغ عددهم أكثر من 29 ألف موظف من الذين ستتم إحالتهم على التقاعد حسب ما أوضحه ممثلو الإقليم بآخر اجتماع أثناء حضورهم الى بغداد".
ولفتت إلى أن "الفريق عمل على عزل قوات البيشمركة الذين هم نسبة من القوات البرية الاتحادية وظهر أن حكومة الإقليم تدفع رواتبهم من حصة الإقليم ما سبَّب عجزاً بالرواتب، كون أن البيشمركة يفترض أن توزع رواتبهم من وزارة الدفاع الاتحادية لأن تخصيصاتهم وملاكهم مرصد بوزارة الدفاع الاتحادية منذ أكثر من سنتين"، مشددة على "ضرورة أن يقوم الإقليم بتزويدنا والإفصاح عن الذين يتقاضون أكثر من راتب والمشمولين بقوانين الإقليم ونسخة من هذه القوانين حتى لا يتم استبعادهم من القوائم شهرياً نتيجةً للتكرار الذي يحدث شهرياً عند مقاطعة وتدقيق الأسماء".
وأكدت، أن "موضوع التوطين أساسي لتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية وليس الاعتماد على قوائم ورقية لضمان وصول الراتب فوراً وشهرياً الى مستحقيه وهذا حق كفلهُ الدستور لكل موظف والذي أوضحتهُ وزارة المالية الاتحادية أكثر من مرة أن التأخير من الإقليم". موضحة أن "موازين المراجعة الشهرية لشهر كانون الأول لسنة 2024 لم تُنجز حتى الآن بسبب الأخطاء الواردة بالإدخال من قبلهم وأن موظفي دائرة المحاسبة في وزارة المالية الاتحادية يعملون مع ممثلي وزارة المالية في الإقليم على تصحيحه لأن شرط تمويل أي شهر يتطلب تزويد دائرة المحاسبة بالميزان الشهري للشهر السابق حتى تستطيع وزارة المالية/ دائرة المحاسبة إنجاز نشر الحساب الختامي للدولة وإرساله الى اللجنة المالية في مجلس النواب والأمانة العامة لمجلس الوزراء وديوان الرقابة المالية الاتحادي".
وبينت، أنه "حسب ما ورد في أحكام قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 المعدل بعد تجميعه وتوحيده وتشخيص المخالفات والملاحظات عليه وإرسالها الى وحدات الإنفاق كافة لتصحيح البعض منها أو تزويد دائرة المحاسبة بالنواقص التي فيها إن وجدت"، لافتة الى أنها "مستمرة بصرف رواتب موظفي الدولة لشهر كانون الثاني لأن الشهر لم ينتهِ حتى الآن".
وكانت هيئة الدفاع عن حقوق المعلمين والموظفين في إقليم كردستان، قد أعلنت في وقت سابق، عن جمع أكثر من 60 ألف توقيع لنقل رواتب موظفي الإقليم إلى الحكومة الاتحادية، بعد الاتفاق مع شخصيات ومسؤولين عراقيين ونواب في بغداد.
وقال ممثل الهيئة دلشاد ميراني، إن "أعضاء الهيئة التقوا بالأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، وعددا من المسؤولين العراقيين لغرض مناقشة أزمة رواتب موظفي الاقليم في بغداد".
وأضاف، إنه "تم الاتفاق على جمع تواقيع لموظفي الإقليم لغرض الطلب من الحكومة العراقية بنقل رواتب الموظفين إليها مباشرة وفقا لنظام الـ(ماستر كارت)".
وبيّن ممثل الهيئة، أنه "لغاية الآن تم جمع 61 ألف توقيع من جميع محافظات الإقليم، ومن المؤمل الوصول الى 200 ألف توقيع خلال هذا الاسبوع لغرض تسليمه للجنة المالية في مجلس النواب العراقي".
وطالب دلشاد جميع المعلمين والموظفين بـ"المشاركة في جمع التواقيع لغرض إنهاء مشكلة رواتب الموظفين المزمنة".
رفض مشروع "حسابي"
بعد قرار المحكمة الاتحادية بإلزام حكومة إقليم كردستان بتوطين رواتب الموظفين في المصارف الحكومية الاتحادية، رفضت حكومة الإقليم تنفيذ القرار وأطلقت مشروع "حسابي" الذي يضم مصارف أهلية، مما أثار استياء الموظفين والمعلمين. ورغم تسجيل 500 ألف راتب في النظام الجديد، واجه المشروع انتقادات واسعة بسبب الأعطال المتكررة في أجهزة الصراف الآلي وعدم وضوح آلية تسجيل الموظفين، خصوصًا في صفوف القوات الأمنية. ومع استمرار الأزمة، تزايدت الاحتجاجات في السليمانية ومدن أخرى، وسط تهديدات بتصعيد أوسع إذا لم يتم اعتماد التوطين في المصارف الحكومية.
واتهمت جهات معارضة في إقليم كردستان، الحكومة الإقليمية بالالتفاف على قرارات المحكمة الاتحادية وفرض مشروع "حسابي" على الموظفين دون رضاهم، وسط شكوك بوجود أعداد كبيرة من الموظفين الوهميين في مؤسسات الإقليم. وأكد ناشطون أن حكومة الإقليم تماطل في توزيع الرواتب بهدف الضغط على الموظفين لقبول التوطين في المصارف الأهلية، مما أدى إلى تصعيد الإضرابات والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن تفاقم الأزمة. كما دعا المعارضون الحكومة الاتحادية إلى فرض إجراءات قانونية صارمة لضمان تطبيق قرارات المحكمة وتسليم جميع الإيرادات المالية لكردستان إلى وزارة المالية العراقية.