تقرير تفصيلي بعمل الوزارات على طاولة رئيس مجلس الوزراء: تعديل وزاري "مرتقب"
انفوبلس/ تقرير
أعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في خطوة تُعد الأولى منذ تشكيل الحكومات العراقية بعد عام 2003، أنه يوشك على إجراء تعديل يطال وزراء في حكومته وعدداً من المحافظين. وأضاف، في لقاء تلفزيوني مؤخراً، أن الحكومة مقبلة على تعديلات في التشكيلة الوزارية، وعلى مستوى المحافظين والمديرين العامين.
وكان السوداني الذي شكّل حكومته (الحكومة العراقية الثامنة منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003)، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بعد أزمة سياسية خانقة امتدت لأكثر من عام كامل، تعهد، بعد أيام من تشكيلها، أنه سيعمل على تقييم أداء أصحاب الدرجات الخاصة في الدولة (المديرين العامين ووكلاء الوزارات) في غضون 4 أشهر، وإخضاع الوزراء للتقييم في غضون 6 أشهر.
وحول عزمه على إجراء تعديل وزاري، قال السوداني إنه "منح الوزراء 6 أشهر لإجراء تقييم حقيقي من أجل إنجاز أعمالهم في الحقائب الوزارية، وليس في ذلك أي مجاملة، وإنما هناك أدوات وخطة يجب على الحكومة تنفيذها، سواء في مجال الصحة أو التعليم أو الزراعة، وغيرها من الحقائب الوزارية المختلفة".
وفي مجال إجراءات مكافحة الفساد، بوصفها إحدى الأولويات في البرنامج الحكومي، ومن بينها استرداد الأموال المسروقة، قال السوداني إن "استرداد الأموال هو الطريق الأمثل لمكافحة الفساد". وأوضح أن "الحكومة رفعت شعار الخدمات، وهو أحد مطالب المظاهرات، وإقبال المواطن على المشاركة في الانتخابات أصبح مرتبطاً بهذا الأمر عبر تنفيذ خدمات سريعة من خلال تجربة الجهد الخدمي والهندسي وتفعيل المشروعات المتلكئة، وإعطاء الأولوية للبنى التحتية وقطاعي الصحة والكهرباء".
فعلى صعيد الوزراء، فإن الكتل السياسية التي اعتادت الدفاع عن وزرائها وتغطية ملفات فسادهم وفشلهم، وهو ما يجعلهم يكملون الكابينة الوزارية لمدة 4 سنوات دون إنجاز، سوف تدافع عن الوزير الذي ينتمي إليها من خلال التحشيد له داخل قبّة البرلمان، وربما بطريقة التعاون المتقابل (وزير مقابل وزير)، وهو ما سوف يفجر أزمة داخل ائتلاف إدارة الدولة، الذي يقف خلف تشكيل الحكومة. وفي حال تم التفاهم بين الكتل السياسية على التعديل بسلاسة مع رئيس الوزراء، فإن من شأن إجراء مثل هذا أن يقوّي موقف رئيس الوزراء، بعد أن بات على وشك تمرير موازنة لـ 3 سنوات مقبلة.
وفيما يتعلق بالمحافظين، فإن هناك إشكالية دستورية بخصوص تغييرهم، كونهم منتخبين من قبل مجالس المحافظات. وبما أن مجالس المحافظات جرى تعطيلها قبل نحو 4 سنوات، فإن مسألة تغيير المحافظين في ظل عدم وجود المجالس يمكن أن تفجّر خلافاً بين الكتل السياسية التي ينتمي لها المحافظون المشمولون بالتغيير وبين رئيس الوزراء. وتعهد السوداني خلال اللقاء بإعادة الثقة بين النظام السياسي والمواطن العراقي، مبيناً إن "منسوب الثقة تراجع كثيراً، وبالتالي نحن بحاجة إلى مصداقية للتعاون مع المواطنين".
وقال السوداني أيضا بهذا الصدد، إن "انتخابات مجالس المحافظات لن تجري قبل 20 ديسمبر (كانون الأول) المقبل"، لافتاً إلى أن "هناك إجراءات ومتطلبات لن تستطيع المفوضية إكمالها قبل هذا التاريخ، وأن هناك قوى سياسية مهمة في البرلمان ترى ضرورة تغييرها".
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، كشفت مصادر بارزة في بغداد، عن عزم رئيس الحكومة في بغداد إجراء تغييرات وزارية قد تشمل 6 وزراء ممن لم ينجحوا في أداء مهام موكلة لهم ضمن البرنامج الحكومي، وذلك بالاتفاق مع الكيانات السياسية والأحزاب المشاركة بالحكومة.
*التغييرات ستأتي بعد عيد الفطر
لكن مصادر سياسية، طلبت عدم ذكر اسمها، كشفت أن "اللجنة التي شكّلها السوداني قدّمت قبل أيام تقريراً تفصيلياً بعمل الوزارات، ستجري على إثره تغييرات وزارية، وذلك بعد انتهاء عطلة عيد الفطر"، مشيرة إلى أن "رئيس الوزراء سيُعفي المديرين والوكلاء الذين ثبتت عليهم تُهم فساد وتقصير".
كما أكد النائب محمد البلداوي، أن "التغيير الوزاري المقبل سيتم عن طريق تقييم الأداء خلال المدة التي منحها السوداني، وأن تغيير الوزراء والمحافظين لن يخضع لأي ضغوط خارجية أو داخلية"، مبينا، في تصريح صحافي، أن "القوى السياسية وتحديداً قوى (ائتلاف إدارة الدولة) منحت السوداني الضوء الأخضر في استبدال الوزراء المتلكئين، وكذلك وكلائهم والمحافظين، وأن الوزراء الجدد سيتم اختيارهم بالتشاور مع القوى السياسية".
وبيّن عضو تحالف "الإطار التنسيقي"، وائل الركابي، أنّ "التعديل الوزاري الذي يعتزم السوداني القيام به يمثل رسالة لكل الوزراء بضرورة العمل الجدي وأداء الواجبات"، مبيناً، في تصريحات اليوم الخميس، أنّ "التعديل يأتي من أجل إثبات جدية عمل الحكومة الحالية".
وأشار المتحدث إلى، أنّ "المُدد الزمنية التي أُعطيت للوزراء وهي 6 أشهر، لابد أن تكون محلّ تقييم لأدائهم"، معتبراً أنّ "التعديل يمثل رسالة لكل الوزراء، أن اعملوا بجهد بكل ما استطعتم من قوة، وألّا تبخلوا على الشعب".
من جانبه، كشف جاسم محمد جعفر، القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، عن منح ستة وزراء في حكومة السوداني فرصة أخيرة قبل إجراء التغيير الوزاري المرتقب.
وقال جعفر، في إيضاح مكتوب له، إنّ "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني منح ستة وزراء في حكومته فرصة أخيرة لتعديل عملهم ومنهاجهم الحكومي". وأضاف، إنّ "التغيير المرتقب يأتي ضمن نهج جديد رسمه السوداني لحكومته، يعتمد على مبدأ تقييم أداء الكابينة الوزارية في مدى تطبيق برنامجه الحكومي".
وأشار جعفر إلى، أنّ "المعلومات المتوفرة تفيد بتغيير ستة وزراء ضمن الكابينة الحكومية الحالية، بعد ظهور مؤشرات على ضعف أدائهم الحكومي المعهود"، دون الكشف عن الوزارات المهدَّدة بإجراء تعديل فيها.
*السوداني غير راضٍ عن أداء بعض الوزراء
بدورها، رأت آيات مظفر نوري، المتحدثة باسم ائتلاف النصر، أن "السوداني غير راضٍ عن أداء بعض الوزراء، وهذا يعني أن هناك متابعة ومراقبة دقيقة منه للوزراء، وأن استبدال بعض الوزراء بعد أول ستة أشهر من تشكيل الحكومة يُعد سابقة لم تكن تحدث في الحكومات الماضية".
وأكدت نوري، أن "اختيار الوزراء يكون بالتوافق بين الأحزاب والسوداني، وقد تتنازل الأحزاب أمام اختيارات السوداني لشخصيات يجدها تحمل الكفاءة والنزاهة"، موضحة أن "الوزراء الذين سيُستبدلون لا يعني أنهم غير أكفاء، بل هناك حاجة إلى مَن هم أكثر كفاءة".
ووفقاً للدستور العراقي، فإنّه يمكن لرئيس الوزراء إجراء تعديلات حكومية على كابينته الوزارية، على أن تحظى التعديلات بتصويت أغلبية النصف زائد واحد في جلسة مخصصة داخل البرلمان.
"حكومة الخدمات"
وأضاف رئيس الوزراء، أن حكومته رفعت شعار "الخدمات"، لأنه "مطلب جماهيري. وهو أحد مطالب التظاهرات.. إقبال المواطن على المشاركة في الانتخابات كان مرتبطاً بالخدمات"، مؤكدا إعطاء "الأولوية للبنى التحتية وقطاعي الصحة والكهرباء".
ودافع رئيس الوزراء العراقي عن تقديمه مشروع موازنة لثلاث سنوات، وهي أول مرة تجري في العراق، مشيرًا إلى أن ذلك يُساهم في "الاستقرار الاقتصادي.. كل المؤسسات المالية الدولية ترى أن الوضع المالي والاجتماعي والاقتصادي الخاص للعراق بحاجة إلى موازنة متوسطة المدى".
وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، شكَّل السوداني حكومته بدعم من تحالف "إدارة الدولة" الذي ضمَّ كل الأحزاب السياسية التقليدية عدا "التيار الصدري"، وألزم السوداني نفسه بمبدأ "التقييم" الذي أورده في برنامجه الحكومي، الذي يقضي بتقييم أداء الوزراء خلال ستة أشهر من عمر حكومته، وأنه كان قد نفّذ جزءا من هذا الالتزام مع محافظ القادسية (جنوبي البلاد) الذي استبدله بآخر.