توترات جديدة في كردستان.. طالباني يهدد برد كبير على أي تصعيد بعد فشل اجتماع حزبه بحزب بارزاني
انفوبلس..
عقود من الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان وصلت ذروتها في الآونة الأخيرة، وتفاقمت مشاكلها وتشعّبت إلى مشاكل داخلية بين قيادات الحزب الواحد وبشكل أدق خلافات زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني وابن عمه وشريكه المعزول عن الزعامة لاهور شيخ جنكي، يرافق ذلك خلافات كبيرة مع دول جوار الإقليم وعلاقات مشبوهة بقوى خارجية غير رسمية وكل ذلك يجري تحت مظلة أمريكية.
يوم أمس الأحد عقد الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني جولة مباحثات ثانية لحلّ الخلافات، لكنها انتهت دون الخروج باتفاق معلن بينهما، انتهى بتهديد من قبل طالباني بـ”الرد بالمثل” وذلك بعد حدوث مشادات داخل الاجتماع.
جولة المفاوضات عُقدت في مصيف صلاح الدين بأربيل، ومثّل الحزب الديمقراطي كل من فاضل ميراني، ومحمود محمد، وسيداد بارزاني، وهوشيار زيباري، وترأس وفد الاتحاد الوطني بافل طالباني، ودرباس كوسرت رسول، وجعفر شيخ محمد.
وقال رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني في مؤتمر صحفي، إن "الاجتماع بشكل عام كان جيدا ونحن أتينا لخدمة شعبنا والأفعال والأقوال اللامسؤولة لن تؤثر علينا ونحن مستمرون ونحاول التوصل إلى اتفاق".
وأضاف، "تأكدوا أن الاتحاد الوطني لن يبقى ساكتا من اليوم فصاعدا وأي شيء يحصل فسيتم الرد عليه بالمثل لأن الاتحاد الوطني هو تاريخ ودماء الشهداء وتضحيات وقوة".
ومن جانبه صرح فاضل ميراني قائلا، إن "الاجتماع كان إيجابيا وكانت لدينا الكثير من الأفكار المشتركة والاختلافات أيضا".
وأضاف ميراني، إن "شخصا من الحزب الديمقراطي قام بالإدلاء بتصريح تسبب بانزعاج الاتحاد الوطني وهذا التصريح لا يمثل سياسة الحزب بشكل رسمي، ونحن لم نتعامل مع الاتحاد الوطني على أساس عدد الكراسي بل وفق مصلحة الإقليم".
وأكد، إنه "في الاجتماعات المقبلة سنحاول حل هذه المشاكل أيضا وقررنا عقد اجتماع ثالث بيننا في أقرب وقت".
استعراض القوة
وقبل عقد الاجتماع بيوم واحد، أجرت "قوات مكافحة الإرهاب"، التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل الطالباني في مدينة السليمانية شمالي العراق، استعراضا عسكريا هو الأول من نوعه منذ تفجر الأزمة السياسية في الإقليم بين الحزب الديمقراطي الحاكم بزعامة مسعود البارزاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني المُسيطر على مدينة السليمانية ثاني أكبر مدن الإقليم.
وأظهر بيان نشرته "قوات مكافحة الإرهاب"، زعيم الحزب بافل طالباني وإلى جانبه عدد من قادة البشمركة، وبعضهم محكوم بالإعدام غيابياً من محاكم أربيل، عاصمة إقليم كردستان، بتهم تصفية ضابط أمن العام الماضي.
وقال بافل طالباني، في كلمة خلال الاستعراض: "شاركنا اليوم بفخر واعتزاز في استعراض قوات مكافحة الإرهاب، وهي قوات ديدنها الأوحد فقط حماية كردستان وشعبها العزيز".
ورغم هذه الكلمة الموجزة والمقتضبة، إلا أن مراقبين وجدوا في هذا الاستعراض المفاجئ، رسائل سياسية وأمنية لخصوم رئيس حزب الاتحاد الوطني الحالي، جرّاء المشاكل التي تعصف داخل السليمانية وتحديداً داخل الحزب الحاكم فيها، أي ما بين طالباني ولاهور شيخ جنكي، وهو الرئيس المشترك المعزول عن الحزب.
وقالت مصادر سياسية من السليمانية، إن "الاستعراض العسكري الذي جرى لقوات مكافحة الإرهاب، لم يكن ضمن مناسبة سياسية ولا عسكرية ولا حتى قومية كردية، بل هو استعراض مفاجئ، ويمثل حالة من حالات إظهار القوة لجهة أو جهات معينة"، مبينة أن "بافل طالباني إلى جانب القادة العسكريين المقربين منه، يعانون من مشاكل سياسية وقضائية من جانب الحكومة في أربيل".
وأضافت المصادر، إن "السليمانية تظن أن هناك احتمالا لهجمات من الجانب التركي ضد قواعد مهمة، ومنها المناطق التي يتواجد فيها عناصر من مسلحي حزب العمال الكردستاني، بالتالي قد تكون هذه واحدة من الرسائل التي تريد السليمانية إيصالها إلى أنقرة".
وظهر في الاستعراض، وكان مرافقاً لبافل طالباني، وهاب حلبجي وهو قائد جهاز مكافحة الإرهاب في السليمانية، المحكوم بالإعدام بتهمة مقتل الجنرال الكردي والخبير الأمني هوكار الجاف، بعبوة ناسفة أُلصِقت أسفل سيارته في أربيل، ما دفع مدونين وصحافيين إلى الاستغراب من هذا الظهور.
وشهدت السليمانية، خلال العامين الماضيين، عدة مواجهات مسلحة بين جناح بافل طالباني في الحزب، والجناح الآخر، المتمثل بلاهور شيخ جنكي، بعد تصاعد حدة الخلافات، التي تفجرت بإجراء تغييرات في المناصب الهامة بالمحافظة، تحديداً منصبي رئاسة "مؤسسة المعلومات"، ومؤسسة "مكافحة الإرهاب" في السليمانية، لكنها استمرت حتى سيطر بافل الطالباني على رئاسة الحزب وحده.
انتخابات الإقليم
وحول محاور اجتماع الحزبين الرئيسية، قالت عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني، أشواق جاف، إنه من الممكن إجراء الانتخابات النيابية في إقليم كوردستان هذا العام، في حال توافرت الإرادة الحقيقية من قبل الأطراف السياسية.
وعلقت جاف على اجتماع الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، "من المهم أن تكون لدينا إرادة حقيقية لإجراء انتخابات برلمان كوردستان، لذلك نحن بحاجة إلى معرفة كيف ومتى يريد الإخوة في الاتحاد الوطني الكردستاني إجراء هذه الانتخابات، لأننا كحزب الديمقراطي الكردستاني لدينا موقف واضح من الانتخابات".
وبشأن استعدادات مفوضية الانتخابات العراقية للإشراف على انتخابات برلمان كوردستان، قالت جاف، "صحيح أن المفوضية أعلنت أنه لا يمكن إجراء الانتخابات هذا العام لأسباب فنية، لكن برأيي، إذا كانت هناك إرادة واتفاق بين الأحزاب الكردستانية، فبإمكانهم الإصرار على إجراء الانتخابات هذا العام".
وأضافت الجاف، "تأجيل الانتخابات البرلمانية في كوردستان سيكون له تأثير سلبي على شرعية العملية الديمقراطية في إقليم كوردستان".
وأشارت عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى أنه "لا يمكن تأجيل انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان أكثر من ذلك".
وأكدت الجاف، إن مشاركة غالبية الأحزاب الكردستانية في الانتخابات، ستنعكس إيجابا على الحالة النفسية لمواطني إقليم كوردستان، كما أنها ستعطي فرصة لعدم ضياع أصوات ومقاعد الأحزاب الكردية في هذه المناطق، خاصة في كركوك التي تعاني من وضع خاص وفي بغداد بحسب المقاعد في مجلس المحافظة”.
آخر الخلافات
في يوم الثلاثاء المصادف 20/6/2023، قررت حكومة كردستان التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني إيقاف صرف رواتب قوات جهاز مكافحة الإرهاب التابع للاتحاد الوطني الكردستاني (دزه تيرور)، في خطوة من شأنها أن تفاقم الوضع المتوتر بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم الواقع شمالي العراق، وفق مصدر مطلع في الإقليم.
وتأتي الخطوة بعد أيام من إصدار محكمة أربيل حكما قضائيا يقضي بإعدام قائد الجهاز وهاب حلبجي وخمسة آخرين على خلفية حادثة اغتيال العقيد هاوكار رسول جاف في عاصمة الإقليم في أكتوبر 2022.
ويرى متابعون أن إيقاف صرف رواتب عناصر جهاز مكافحة الإرهاب يستهدف الضغط على قيادة الاتحاد الوطني من أجل تسليم المدانين، لكن من غير المرجح أن يستجيب الحزب الذي يتزعمه بافل طالباني لهذه الضغوط، حيث يعتبر أن القضية مسيّسة وتستهدف النيل منه.
وأضاف المصدر، أن "حكومة الإقليم أوقفت صرف رواتب قوات مكافحة الإرهاب، وذلك بعد رفض تسليم رئيسها حلبجي المحكوم بالإعدام من قبل محكمة أربيل".
وتابع، أنه "سيجري في الأيام المقبلة اتخاذ قرارات عديدة للتضييق على قوات مكافحة الإرهاب في السليمانية، كجزء من الضغط بهدف تسليم حلبجي المطلوب للقضاء".
وكان المكتب السياسي للاتحاد الوطني قد أعلن في وقت سابق عن رفضه تسليم رئيس جهاز مكافحة الإرهاب في السليمانية.
وقال عضو المكتب سعدي أحمد بيرة في مؤتمر صحفي "هذه الأحكام والمحاكمات مسيّسة ووصمة عار في المسيرة القضائية وسبق أن صدرت أحكام مماثلة على قادة في الاتحاد تسلموا مناصب رفيعة في الإقليم".
ويرى متابعون للشأن الكردي أن قرار إيقاف رواتب الجهاز من شأنه أن يعزز الفجوة القائمة بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، والتي اتسع نطاقها لاسيما بعد نجاح حزب طالباني مؤخرا في فرض شروطه في الموازنة الاتحادية، ومنها إمكانية تدخل بغداد لحسم الخلافات المالية في الإقليم.
ويعتقد المتابعون أن الأمور بين الطرفين ماضية نحو المزيد من التصعيد، الأمر الذي يصعب معه التكهن بمآلاته. ويشير المتابعون إلى أن الأزمة بين الحزبين تتعلق بصراع نفوذ على إدارة الإقليم، خاصة مع اقتراب الاستحقاق التشريعي المفترض أن يجري قبل نهاية العام الجاري.
وكرّمَ مؤخراً زعيم الاتحاد الوطني قادة جهاز مكافحة الإرهاب، وعلى رأسهم حلبجي، وذلك بعد أقل من يوم على إصدار محكمة أربيل حكمها، في رسالة من طالباني بأنه لن يعترف بهذا الحكم أو يسلّم قادته.
والتقى طالباني بحلبجي وبعض قادة الجهاز الأمني التابع لحزبه. وحسب بيان لمكتب رئيس الاتحاد، فقد "عرض مدير عام مكافحة الإرهاب الاستراتيجية الاستخباراتية والعسكرية المستقبلية لإدارته لحماية الإقليم ومحاربة الإرهاب والتنسيق مع القوات الاتحادية وحلفائها"، مؤكدا على "استمرار العمليات والجهود المبذولة للحفاظ على الاستقرار في المنطقة".
وقدّم طالباني "شكره لقوى مكافحة الإرهاب كأول قوة محاربة للإرهاب في كردستان وجهودها لمحاربة الإرهابيين وإحباط عدة مؤامرات لزعزعة أمن المنطقة"، قائلا "أنتم مثال للقادة المخلصين والعمل الدؤوب في كردستان وسجّلتم تاريخاً نفخر به، إن نشاطاتكم للمحافظة على استقرار المنطقة وأهلها المحبوبين تشهد على إخلاصكم وعدم الكلل".
وتابع، "إننا سنواصل العمل مع حلفائنا لتوسيع وتقوية قوات مكافحة الإرهاب لتصبح درعًا أقوى لحماية كردستان"، وفي ختام اللقاء قدّم "هدية لمديرية مكافحة الإرهاب تقديراً لجهودهم وتضحياتهم من أجل إقليم كردستان".
مأزق مشترك
بين الحين والآخر، يهدد التحالف الدولي بقطع المساعدات المالية عن قوات البيشمركة الكردية، فيما منح الأخيرة مهلة لتوحيد صفوف القوات.
وذكر مصدر مطلع أن التحالف الدولي أعطى مهلة زمنية للحزبين الكرديين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وفي حال لم يلتزموا بتوحيد قوات البيشمركة فسيتم قطع الإمدادات.
وأضاف، أن التحالف الدولي طالب بأن يتم توحيد (قوات 70) التابعة للاتحاد الوطني، و(قوات 80) التابعة للحزب الديمقراطي ودمجها بقوة واحدة، مشيرا إلى أن التحالف أعطى مهلة لا تتجاوز الـ 90 يوما لتحقيق ذلك الاندماج.
بالإضافة لما يمتلكه إقليم كردستان من قوات عسكرية دستورية رسمية متمثلة بالبيشمركة والأسايش، يمتلك الحزبان الكرديان الرئيسيان (الحزب الديموقراطي الكردستاني التابع لآل بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني التابع لآل طالباني، قِوى عسكرية غير رسمية، تنطبق عليها تسمية المليشيات، كونها تعمل وفق رغبات سياسية وتشكّلت بدون أي غطاء قانوني أو دستوري تهدف بالدرجة الأساس إلى خلق نفوذ عسكري حزبي يُساهم في بقاء الحزبين في سلطة الإقليم.
الوحدة 70 التابعة للاتحاد الوطني "اليكتي"، والوحدة 80 التابعة للحزب الديموقراطي "البارتي"، ورغم عملهما الحزبي، لكنهما تستلمان تخصيصاتهما المالية من وزارة البيشمركة، التي تستلم تخصيصاتها المالية من الموازنة الاتحادية في بغداد، فيما تُظهر أنباء مضلِّلة بين الحين والآخر إلى دمج الوحدتين "عسكريا" ضمن وزارة البيشمركة، لكن في الواقع تستمر عائديتهما إلى سلطتي الحزبين الكرديين.
وبسبب عمل تلك الوحدات "غير الرسمي" فإنها تتحرك وتقيم علاقات بمعزل عن بغداد وحتى أربيل، حيث تمتلك تفاهمات قوية مع القوات الأمريكية والتحالف الدولي بعضها مُعلن وبعضها الآخر يتم في الخفاء.
خلافات الحزبين و"التهديدات" الأمريكية
صحيفة العرب ذكرت في تقرير لها أن، التوترات السياسية الجديدة التي يشهدها إقليم كردستان العراق بين الحزبين الحاكمين والجماعات المسلحة التابعة لكل حزب، أصبحت تشكل خطرا أمام مستقبل الإقليم، وتثير قلق ومخاوف المواطنين الأبرياء، الذين عاشوا سابقا تجربة مؤلمة مشابهة لصراعات واشتباكات بين هذه الجماعات، وبالأخص حرب الأحزاب الكردية بداية تسعينيات القرن الماضي.
وبعد انتفاضة إقليم كردستان العراق قبل ثلاثة عقود، أصبح لدى الأحزاب الكردية رغبة بتأسيس برنامج جبهة وطنية موحدة لجماعاتهم المسلحة، تحت ظل القيادة الكردية التي شكلتها الجبهة، لفترة قصيرة، قبل أن تُحلَّ على أيدي الأحزاب المؤسسة وتؤدي إلى حرب داخلية.
الوضع الآن مختلف تماما عن برنامج الجبهة الوطنية، هناك اليوم العشرات من الجماعات المسلحة تنشط تحت إشراف الأحزاب بعيدا عن السلطة الحكومية وخارجا عن القانون، رغم وجود وزارة البيشمركة في حكومة كردستان العراق.
ويبلغ تعداد عناصر الوحدتين العسكريتين التابعتين لدى الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني (وحدة 80 ووحدة 70) ما بين مئة ألف ومئة وعشرين ألفا، وفق تصريحات المسؤولين العسكريين. وكلاهما ينفذ الأوامر الصادرة عن الأحزاب فقط. مع ذلك هناك عدد من الألوية التابعة للبيشمركة الكردية المشتركة في الوزارة، لكن عدد أفرادها قليل مقارنة مع الوحدات المسلحة التابعة للأحزاب.
ورغم المحاولات المستمرة من قبل قوات التحالف الدولية برئاسة الولايات المتحدة لتقليص الوحدات العسكرية الحزبية، وتوسيع الألوية الموحدة لوزارة البيشمركة، إلا أن تدخلات الحزبين الرئيسيين تقف عائقا أمام توحيد وحدات البيشمركة، تحقيقا لمصالحهما الاقتصادية والسياسية عن طريق استغلال القوة العسكرية الحزبية.
وليس خافيا أن السلاح في إقليم كردستان العراق ليس بأيادي الحكومة، بل بأيادي جهات تابعة للأحزاب الكردية. الحزبان الحاكمان في الإقليم يسيطران حتى على قوات الأمن الداخلية التابعة لحكومة الإقليم، وليس على البيشمركة فقط.
قبل ثمانية أعوام، وبهدف مشاركة قوات البيشمركة في تحرير مدينة موصل، التي كانت حينها تحت سيطرة داعش، وقّعت قوات التحالف الدولي مذكرة بروتوكولية مشتركة مع إقليم كردستان. الاتفاقية كانت مهمة جدا للإقليم، وتركزت بشكل رئيسي على توحيد قوات البيشمركة والجهات المسلحة التابعة للأحزاب، لتحويلها إلى قوة وطنية موحدة. وقدمت قوات التحالف حينها مساعدات عسكرية تضمنت التدريب على استخدام السلاح، لكن حكومة الإقليم لم تستفِد لأن تدخلات الأحزاب كانت عائقا أمام المشروع الوطني.
التحالف الدولي متشائم الآن، ووجه تحذيرات متكررة إلى وزارة البيشمركة، مؤكدا أن المساعدة والتعاون لن يستمرا في ظل التدخلات الحزبية. وفي آخر اجتماع بين الطرفين خاطب رئيس وفد التحالف الأحزاب بلهجة مشددة قائلا “كونوا موحَّدين”.
وصرّح الأمين العام لوزارة البيشمركة بختيار محمد في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، أن وفد التحالف قال لهم “نقدم المساعدة فقط لحكومة الإقليم، ولا نقدمها للأحزاب الكردية، ولن نستطيع الاستمرار في تقديم المساعدة إن لم توحِّد الأحزاب قواتها”.
وبحسب تقرير نُشر في موقع منظمة كردية مناهضة للفساد عام 2019، يبلغ عدد قوات البيشمركة التابعة للأحزاب الكردية الرئيسية، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، أكثر من 110 آلاف، ويبلغ عدد قوات الأمن الداخلي أكثر من 70 ألفا يتلقون أوامرهم من الأحزاب، بعيدا عن سلطة حكومية.
هذا وضع غير طبيعي، في إقليم يشهد توترات سياسية واقتصادية وجغرافية، ويعيش سكانه في قلق دائم بسبب التوترات الداخلية، وصلت في السادس عشر من أكتوبر 2017 إلى مستوى خطير بسبب انسحاب القوات الحزبية دون تنسيق، حيث تبادل الحزبان الاتهامات بالخيانة.
في بدايات الحرب ضد عصابات داعش الإرهابية، خصصت الحكومة الأميركية مبلغ 415 مليون دولار سنويا لمواجهة التنظيم، لكن المساعدة المالية انخفضت الآن إلى 240 مليون دولار سنويا، توزَّع كرواتب شهرية لقوات البيشمركة تحت إشراف حكومة الإقليم.
ورغم تجديد مذكرة التفاهم بين البنتاغون والإقليم للتطوير والتعاون في الحادي والعشرين من سبتمبر 2022، مازالت قوات التحالف التي تعمل بقيادة أميركية تُبدي شكوكاً من إمكانية إصلاح النظام العسكري في إقليم كردستان.
ومؤخرا كشف رزكار محمد مقرر لجنة شؤون البيشمركة في البرلمان الكردستاني، لموقع voa أن الولايات المتحدة هددت بإيقاف جميع مساعداتها العسكرية واللوجستية لقوات البيشمركة، في حال لم يتم توحيد تلك القوات ضمن قوة وطنية تابعة لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان.
ورغم ذلك لم تلتزم الأحزاب الحاكمة بالاتفاقيات المبرمة مع التحالف الدولي، بل على العكس شكلت وحدات حزبية أخرى.