ثلاثة بيانات مركزية بشأن انتخابات الإقليم.. هل حسمت المحكمة الاتحادية أمر التأجيل؟
انفوبلس/ تقارير
بعد أن عدَّ الجميع العُدة لإجراء الانتخابات في إقليم كردستان باستثناء الحزب الديمقراطي الكردستاني، طرأت تطورات جديدة على المشهد تمثلت بثلاثة بيانات مركزية، الأول والثاني من المحكمة الاتحادية والثالث من مجلس المفوضين، تمخض عنها تعليق جميع الإجراءات المتعلقة بتلك الانتخابات إثر دعوى تقدم بها نيجيرفان بارزاني من أجل إدامة عمر حكومته التي دخلت تصريف الأعمال منذ سنتين ولغاية الآن. فهل حُسِم أمر التأجيل بعد هذه البيانات؟ وما ردة فعل باقي الأحزاب الكردية على القرارات الأخيرة الصادرة؟ إليك تفاصيل البيانات الثلاثة وأبرز المواقف إزاؤها.
*أمر ولائي بشأن قوائم مرشحي انتخابات الإقليم
يوم أمس، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، أمراً ولائياً بخصوص نظام تسجيل قوائم المرشحين والمصادقة عليها لانتخابات برلمان إقليم كردستان رقم (7) لسنة 2024.
وقالت المحكمة في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إن "المحكمة الاتحادية العليا نظرت هذا اليوم في الطلب المقدَّم من رئيس مجلس وزراء إقليم كردستان العراق المتضمن إصدار أمر ولائي في الدعوى المرقمة (126 / اتحادية / 2024) لحين البت بالدعوى".
وأضافت، إنها "قررت إيقاف تنفيذ البند (ثانياً) من المادة (2) من نظام تسجيل قوائم المرشحين والمصادقة عليها لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق رقم (7) لسنة 2024 التي تنص على:
ثانياً/
يتكون برلمان إقليم كردستان من (100) مقعد موزعة على الدوائر الانتخابية الآتية: -
محافظة أربيل/ (34) مقعداً
- محافظة السليمانية/ (38) مقعداً
- محافظة دهوك/ (25) مقعداً
- محافظة حلبچة/ (3) مقاعد/ إلى حين حسم الدعوى وذلك لتلافي ما يترتب على تنفيذه من آثار يصعب تداركها مستقبلاً".
*التأجيل بمرمى المحكمة الاتحادية
بعد ساعات من البيان الأول، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، أمس الثلاثاء، قراراً بخصوص تأجيل انتخاب رئيس مجلس النواب.
وقالت المحكمة في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إنها "أصدرت قرارها بالعدد ( 86 / اتحادية / 2024) المتضمن الحكم بعدم صحة الفقرة (2) من قرار مجلس النواب المتخَذ في الجلسة الثانية بتاريخ 27 /1 /2024 المتضمن تأجيل انتخاب رئيس مجلس النواب إلى حين البت في الدعاوى المنظورة من قبل القضاء".
*مجلس المفوضين يعلق جميع الإجراءات
بدوره، قرر مجلس المفوضين، اليوم الأربعاء، تعليق إجراءات اقتراع إقليم كردستان.
وذكر بيان للمجلس ورد لشبكة انفوبلس، أنه "ناقش قرار المحكمة الاتحادية العليا بالعدد (126/ اتحادية أمر ولائي 2024) في 2024/5/7، والذي تضمن إصدار أمر ولائي بإيقاف تنفيذ البند (ثانياً) من المادة (2) من نظام تسجيل قوائم المرشحين، والمصادَق عليها لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق رقم (7) لسنة 2024 والتي تنص على أن يتكون برلمان إقليم كردستان من (100) مقعد موزعة بين الدوائر الانتخابية (محافظة أربيل 34 مقعداً) (محافظة السليمانية 38 مقعداً) (محافظة دهوك 25 مقعداً) (محافظة حلبجة 3 مقاعد) إلى حين حسم الدعوى".
وتابع، أن "قرارات المحكمة الاتحادية هي قرارات باتّة وملزمة للسلطات كافة استناداً الى نص المادة (94) من الدستور العراقي. ولمّا كان إيقاف العمل بهذه المادة يتوقف عليه العمل بكافة الإجراءات الفنية والمالية المتعلقة بتخصيص الأجهزة وطباعة أوراق الاقتراع والاستمارات الحساسة وعمل الشركة الفاحصة وبقية الإجراءات الفنية وتنفيذ الجدول الزمني العملياتي الخاص بانتخابات برلمان إقليم كردستان وبعد المداولة بين أعضاء مجلس المفوضين، تقرر تعليق العمل بالإجراءات الفنية والمالية الخاصة بانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق 2024 لحين حسم الدعوى المنظورة أمام المحكمة الاتحادية العليا بالعدد (126/اتحادية/ 2024)".
*هل حسمت المحكمة الاتحادية أمر التأجيل؟
بعد أن علّق القضاء بشكل مؤقّت الإجراءات الجارية تنفيذها استعدادا لتنظيم الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان والمقررة في العاشر من شهر يونيو القادم، بدَت الخطوة بمثابة تمهيد مقنع لتأجيل الاستحقاق الانتخابي الذي رفض الحزب الرئيسي في الإقليم ـ الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ المشاركة فيها، احتجاجاً على قرارات كانت المحكمة الاتحادية قد أصدرتها وتعلّقت بقانون الانتخابات والهيئة المشرفة عليها وعدد الدوائر التي ستُجرى فيها.
وجاء القرار القضائي الأخير بمثابة بداية مخرج من القضية التي تحوّلت إلى مأزق، وقد أعقبتها تحركات كثيفة قام بها قياديون في الحزب الديمقراطي لتأجيل الانتخابات.
ووفق ما تقدم، وبحسب سياسيين ونواب كرد، فإن أمر التأجيل قد حُسم وأن انتخابات الإقليم لن تجري في موعدها المحدد.
*معاناة الأكراد
وبالحديث عن هذا الملف، يرى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أن قرار المحكمة الاتحادية بشأن تأجيل انتخابات الإقليم سيزيد من معاناة الشعب الكردي، فيما أكد أن اليكتي ملتزم بقرارات المحكمة الاتحادية مهما كان توجهها.
ويقول عضو الاتحاد كوروان فتحي، إن "قرار التأجيل سيضر بالإقليم بالنظر الى حكومة تصريف الاعمال الحالية التي مضى على انتهاء عمرها أكثر من سنتين"، مشيرا الى أن "جميع القوى الكردية مع إجراء انتخابات وتشكيل حكومة جديدة لإنهاء المشاكل التي يعاني منها الشعب الكردي".
ويتابع، إن "تأجيل الانتخابات سيضر بالصورة الديمقراطية لكردستان، بالإضافة الى أنه سيخدم توجهات الديمقراطي الكردستاني الذي يعارض إجراء الانتخابات منذ البداية"، لافتا الى أن "عدم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد سيزيد من المشاكل داخل البيت الكردي".
ويتم فتحي حديثه: إن "الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين لا يحتمل استمرار حكومة تصريف الاعمال والفراغ التشريعي الذي يمر به الاقليم"، مبينا إن "اليكتي ملتزم بقرارات المحكمة الاتحادية مهما كان توجهها".
*تعليق قانوني على قرار المحكمة الاتحادية
من جانبه، يوضح الخبير القانوني علي التميمي، قرار المحكمة الاتحادية بخصوص انتخابات اقليم كردستان، فيما أكد أن القرار بحسب قانون المرافعات ولائي ولا يُعتبر نهائياً لحين إصداره بصيغة نهائية.
ويقول التميمي في حديث له، إن "القرار بصيغته الحالية بات وملزم لجميع الجهات الحكومية والرسمية"، مشيرا الى أن "القرار أوقف تسجيل قوائم القوى السياسية بموجب النظام رقم 7 لسنة 2024".
ويتابع، إن "النتائج النهائية للمحكمة الاتحادية بشأن الدعوى المقدمة من رئيس حكومة اقليم كردستان ستكون كفيلة للمصادقة على قرار اليوم من عدمه"، لافتا الى أن "تسجيل انتخابات برلمان الاقليم ستكون متوقفة لحين إصدار القرار بشكل نهائي".
ويختتم التميمي حديثه: إنه "بموجب المواد (150، 151، 152) من قانون المرافعات العراقي فإن المحكمة الاتحادية لها المرونة في التعديل على القرار او عدم التصديق عليه"، مردفا إن "قرار اليوم بحسب قانون المرافعات ولائي ولا يعتبر نهائي لحين إصدار القرار بصيغة نهائية".
*تداعيات تأجيل الانتخابات
الى ذلك، يعلق عضو تحالف الفتح علي الزبيدي، على قرار المحكمة الاتحادية بخصوص تأجيل انتخابات اقليم كردستان، فيما أكد أن قرار الاتحادية سيفاقم من مشاكل الاقليم ولن يساهم إيجاد الحلول لها.
ويقول الزبيدي في حديث له، إن "تأجيل الانتخابات في الاقليم سيعمق الخلافات بين جميع الاطراف المتنازعة"، لافتا الى أن "المتضرر الوحيد من عدم إقامة الانتخابات هو الشعب الكردي الذي أمضى أكثر من سنتين دون حكومة رسمية".
ويتابع، إن "المشاكل والعقبات العديدة التي حصلت خلال الفترة الماضية والحالية أثّرت بشكل سلبي على ملف إنهاء الخلافات والتصدعات السياسية بين القوى الكردية"، مردفا إن "عدم اتفاق الحزبين الكبيرين اليكتي والبارتي ساهم في ضرر الشعب الكردي، فضلا عن تأجيل انتخابات الاقليم".
ويتم الزبيدي حديثه: إن "قرار المحكمة جاء نتيجة الخلافات المتفاقمة بين القوى السياسية في كردستان"، مشيرا الى أن "قرار الاتحادية سيعزز من مشاكل الاقليم ولن يساهم في إيجاد الحلول لها بالنظر الى العديد من الأزمات التي عصفت بالكتل السياسية الكردية".
*مواقف باقي الأحزاب من التأجيل
يبدو أن الأحزاب الكردية الباقية قد سلمت لقرار التأجيل لفسح المجال للحوار والتفاهم حول هذه الانتخابات من أجل ضمان مشاركة الجميع فيها.
ويبدو أن الأحزاب الكردية تريد أن يشارك الحزب الديمقراطي بالانتخابات، ليس حرصاً عليه إنما لخوفهم من قيامه باضطراب الأوضاع في الإقليم من خلال منع بعض المناطق التي يسيطر عليها من المشاركة بالانتخابات.
وهذا ما أكدته النائب السابق في إقليم كردستان، ريزان شيخ دلير، من إمكانية مشاركة كافة الأحزاب الكردية بانتخابات الإقليم.
وقالت شيخ، إن "هناك إجماعاً من جميع الأطراف الكردية على أهمية مشاركة الجميع بالانتخابات المقبلة، خصوصا الأحزاب الأساسية التي لديها الدور الفاعل وتمتلك السلطة داخل الاقليم".
من جانبه، رأى النائب السابق عن إقليم كردستان، سليم همزة، أن إجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان من دون مشاركة الحزب الديمقراطي، يعني تفكيك الإقليم وتقسيمه الى نصفين.
وبيّن همزة، أن "رئيس حكومة إقليم كردستان وهو نائب رئيس الحزب الديمقراطي، قد أعلن عدم المشاركة بالاقتراع، وبالتالي فإن السلطة التي يمتلكها تجعله يقف ضد مشروع الانتخابات، والذهاب نحو إفشال إجرائها في كردستان أو تأجيلها الى موعد آخر".
إلى ذلك، أوضح عضو حركة تفكري ازادي الكردستانية، لقمان حسن، أن "الحزبين الاتحاد الوطني والديمقراطي عملا على تقسيم كردستان الى وحدتين عسكريا واقتصاديا وإداريا".
ورجّح ازادي، تأجيل انتخابات الإقليم لفترة معينة قد تصل الى 6 اشهر لإعادة ترميم الأوضاع، وضمان توصل الاتحاد والديمقراطي الى اتفاق يُفضي الى مشاركة الجميع بالعملية الانتخابية.
*"اجاك الموت يا تارك الصلاة"!
بدورها، أكدت رئيس كتلة الجيل الجديد النيابية سروة عبد الواحد، أمس الثلاثاء، أن خوف رئيس حكومة الإقليم المنتهية ولايته مسرور بارزاني من الانتخابات معناه إنهم لا يؤمنون بالعملية الديمقراطية أساساً.
وقالت عبد الواحد في تدوينه على منصة "إكس"، إن " إصدار المحكمة الاتحادية أمراً ولائياً بإيقاف الإجراءات المتعلقة بانتخابات الإقليم يعني أولاً أن رئيس حكومة الإقليم المنتهية ولايته اعترف وأقرَّ بوجود المحكمة الاتحادية وهي ليست محكمة الثورة، وإلَّا كيف يلجأ إلى محكمة الثورة".
وأضافت بالقول، "اجاك الموت يا تارك الصلاة، فلا مفرَّ من إجراء الانتخابات وإن تم تأجيلها لمدة قصيرة لكن النتيجة أن الانتخابات جزءٌ من ممارسة العملية الديمقراطية، وخوفكم من الانتخابات معناه أنكم لا تؤمنون بالعملية الديمقراطية أساساً".
وتابعت قائلة، "الأمر الثالث والأخير أنكم حين قرَّرتم المقاطعة لم تكونوا جادين؛ لأنكم قدَّمتم تنازلات كثيرة وكبيرة من أجل العودة وطلب المشاركة، وهذا معناه ضعف قراراتكم".
*البارتي يبرر إصراره على التأجيل
يزعم القيادي في الحزب الديمقراطي محما خليل، أن مطالباتهم بتأجيل انتخابات الاقليم، تأتي لأجل مشاركة الأقليات والكوتا.
وقال خليل، في حوار متلفز تابعته شبكة انفوبلس، إن "انخفاض مقاعد الإقليم بعد قرار المحكمة الاتحادية لم يؤدِّ الى أي مشكلة لدى الحزب الديمقراطي، حيث إن الديمقراطي ملتزم تماما بقرارات المحكمة الاتحادية العليا".
وأضاف، إن "مطالبة الحزب الديمقراطي بتأجيل انتخابات الإقليم، من أجل مشاركة الأقليات والكوتا في كردستان ليست لمصالح شخصية خاصة بالديمقراطي، مؤكدا أن إدارة البلد تُدار بالتوافق والشراكة والمرحلة الحالية حساسة".
*اليكتي يرفض التأجيل ويؤشر مخالفات قانونية بدعوى بارزاني
وفي الختام، اعترض الاتحاد الوطني الكردستاني على كل ما جرى وقال في بيان، إنه "بهدف الوقوف بوجه محاولات الحزب الديمقراطي الكردستاني، بشأن تأجيل انتخابات برلمان كردستان، تقدم الاتحاد الوطني الكوردستاني بطلب الى المحكمة الاتحادية العليا، ضد الشكوى التي رفعها مسرور بارزاني الى المحكمة لتأجيل الانتخابات".
وتابع، "فبعد أن رفع مسرور بارزاني رئيس حكومة الاقليم المنتهية صلاحيتها، دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية العليا، ضد رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بهدف تأجيل انتخابات برلمان كردستان، تقدم شالاو كوسرت رسول عضو المكتب السياسي رئيس قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني في أربيل، بطلب الى رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا، للدفاع عن المفوضية وإجراء الانتخابات في الموعد المحدد لها".
وأوضح شالاو كوسرت رسول في طلبه، أن "دعوى رئيس وزراء الاقليم مخالفة لنص المادة (19/ثانيا) من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 31 لسنة 2019 المعدل، والتي جاء فيها: "لا يجوز الطعن بقرارات مجلس المفوضين إلا أمام الهيئة القضائية للانتخابات في الأمور المتعلقة بالعملية الانتخابية حصرا".
كما أشار الطلب، الى أن "موعد تسجيل الدعوى مخالف لنص المادة 23 من النظام الداخلي للمحكمة، التي تنص: "بعد مرور ستة أشهر من تحديد موعد الانتخابات، لا يجوز الطعن في أي قانون أو نص للانتخابات"، ودعوى بارزاني تأتي قبل شهر واحد فقط من موعد إجراء الانتخابات، الذي تم تحديده بمرسوم اقليمي، كما أن إجراءات المفوضية والأنظمة المتعلقة بالعملية الانتخابية، تستند الى قانون الانتخابات المعمول به في اقليم كوردستان، وقرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 83 ومعدلاتها 131 و185/ فيدرالية/2023".
وجاء في طلب الاتحاد الوطني أيضا، "إيقاف أو تعليق أعمال مفوضية الانتخابات في هذا الوقت الحساس، حيث لم يبقَ إلا القليل ليوم الاقتراع، وأنهت المفوضية عقودها الخاصة بانتخابات برلمان كوردستان، ومنها طبع أوراق الاقتراع وعقد برامج أجهزة التصويت، يتسبب في هدر ملايين الدولارات وحدوث الارتباك في عمل المفوضية، ومن جهة أخرى يؤدي الى إضاعة جهود ومساعي الأحزاب والمرشحين، فضلا عن الأضرار التي تلحق بشعب كوردستان نتيجة عدم تشكيل حكومة منتخَبة".