جلسة الساعات العشر تنتهي بلا رئيس.. يوم نيابي طويل يُختم بخلافات كبيرة.. الإطار التنسيقي ينشق والحديث عن "شراء ذمم" لتمرير شعلان الكريّم
انفوبلس..
أعلن مجلس النواب العراقي، فجر اليوم الأحد، رفع جلسة انتخاب رئيس جديد له بديلاً للمقال محمد الحلبوسي، لأجل غير مسمّى، بعد عدم التوافق على مرشح من قبل الكتل السنية، في جلسة بدأت الساعة الثالثة من عصر السبت وانتهت في الساعة الواحدة من فجر الأحد وشهدت جولتين انتخابيتين.
أحداث الجلسة
وعقدت الجولة الثانية لانتخاب رئيس مجلس النواب العراقي بحضور 232 نائباً، بعد تأخيرٍ امتد لعدة ساعات بعد انتهاء الجولة الأولى أمس السبت.
وانتهت الجولة الأولى من التصويت، في وقتٍ متأخر من مساء السبت، بتقدم مرشح حزب تقدم، شعلان الكريم بـ152 صوتاً، وجاء خلفه النائب سالم العيساوي مرشح تحالف السيادة بـ97 صوتاً.
فيما حصل كل من النائب محمود المشهداني على 48 صوتاً، والنائب عامر عبد الجبار على 6 أصوات، والنائب طلال الزوبعي على صوت واحد"، والأوراق الباطلة عشرة، بحسب بيانٍ للدائرة الإعلامية لمجلس النواب.
وأشار البيان إلى أن "عدد الموقعين 314، والمصوتين 314، وعدد أوراق الاقتراع 314".
وافتتح رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي، أمس السبت، الجلسة الأولى للفصل التشريعي الحالي، والخاصة بانتخاب رئيس مجلس النواب بدلاً من المبعد محمد الحلبوسي.
وذكرت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب في بيان، أن "المندلاوي افتتح الجلسة بعد اكتمال النصاب القانوني بحضور 260 نائباً".
وأشارت الدائرة إلى أن المرشحين لشغل منصب رئيس مجلس النواب هم: "سالم العيساوي، ومحمود المشهداني، وشعلان الكريم، وطلال الزوبعي، وعامر عبد الجبار".
ومنذ إلغاء عضوية محمد الحلبوسي في مجلس النواب العراقي، وبالتالي سحب منصبه رئيساً للمجلس، لم تنجح الكتل السياسية السُّنية من الاتفاق على مرشح مشترك لتولي منصب رئيس البرلمان.
وبحسب العرف السياسي المعمول به في العراق منذ سقوط النظام السابق 2003، فإن منصب رئيس مجلس النواب من حصة السُّنة، ورئاسة الوزراء للشيعة، ورئيس البلاد للكرد.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد ألغت في الـ 14 من نوفمبر تشرين الثاني 2023، عضوية محمد الحلبوسي، وهو قرارٌ أثار ردود فعل قوية من جانب الأحزاب السُّنية، ووصفته بـ "القرار السياسي".
وتأخر عقد الجلسة في عدة مناسبات، وعلى إثرها هاجم العديد من نواب النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي محمليه مسؤولية التأخير.
وكتب النائب يحيى المحمدي: النواب حاضرون ومن يدير الجلسة يتغيب، فيما كتب النائب ناظم الشبلي: النائب الأول يرفض عقد جلسة البرلمان ويخالف النظام الداخلي للمجلس بعد رفعها لنصف ساعة رغم اكتمال النصاب وينتظر الموافقة من خارج المجلس لانعقادها.
أما النائب علاء الركابي فقد كتب: النائب الاول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي يخالف النظام الداخلي بسبب امتناعه عن عقد الجلسة لاكمال انتخاب رئيس البرلمان، ووافقته بذلك النائب حنان الفتلاوي التي كتبت: أدعو المندلاوي لعقد الجلسة وتأخيرها استهانة صريحة بالنواب ومخالفة للنظام الداخلي.
وهو الأمر الذي كتب عنه النائب نورس العيسى وقال: خمس ساعات ونحن ننتظر أن يهل هلال النائبين أو أحدهما لنكمل الاستحقاق الدستوري.
صادقون والقانون
وشهدت جلسة مجلس النواب الكثير من الخلافات والشد والجذب والتشكيك، حيث وصفها بعض النواب بـ"جلسة شراء الذمم"، في إشارة إلى النواب الذين صوتوا لصالح مرشح الحلبوسي شعلان الكريم خصوصاً بعد انتشار مقاطع فيديو للأخير وهم يمجد بالطاغية صدام حسين ويترحم عليه في يوم إعدامه.
وبحسب مصادر من داخل المجلس فإن نواب كل من دولة القانون وصادقون رفضوا التصويت للكريم بشكل علني، وطالبوا نواب الكتل الأخرى بعدم انتخابه، حيث كتب النائب عن دولة القانون فراس المسلماوي على صفحته في موقع "أكس": ندعو الكتل السياسية وأعضاء مجلس النواب الى مراجعة قرارهم وعدم التصويت الشخصية تمجد حزب البعث المجرم، فالشعب يترقب ولات حين مناص.
أما النائب عن دولة القانون ضحى القصير فقد كتبت: سنعمل بكل الأدوات القانونية والدستورية لمنع من يمجد بطاغية البعث المقبور من الوصول الى منصة الرئاسة وستكون المحكمة الاتحادية هي الفيصل بيننا والتاريخ يسجل مواقف الرجال.. وللحديث بقية.
وفي الشأن ذاته قال النائب عن دولة القانون محمد حسن راضي الشمري: إن انتخاب شخصية مثل الشعلان رئيساً للبرلمان العراقي اليوم هي خيانة لدماء الشهداء وضحايا الإرهاب وتسليط يد الإرهاب على رقاب المواطنين وعلى كل كتلة تبنت الترشيح والدعم أن تتهيأ قابل الأيام للمساءلة أمام الله والشعب.
كذلك النائب عن دولة القانون حسين نعمة البطاط، فقد كتب: وفاء لدماء الشهداء من ضحايا النظام المقبور والعمليات الإرهابية من أبناء الشعب العراقي كافة، نعلن إننا لم نصوت لمن سولت له نفسه الترحم على رمز البعث المقبور المجرم صدام ومن وقف في ساحات الذل الراعية للإرهاب والتي أودت بحياة خيرة شبابنا من أبناء قواتنا الأمنية الباسلة.. وإننا لم نساهم أبدا أن يتم تمرير مثل هذه الشخصيات ذات التاريخ الأسود المليء بالتحامل على جميع أبناء الشعب العراقي والعملية السياسية التي بذلنا في سبيلها الغالي والنفيس.
أما كتلة صادقون فقد أعلنت بواسطة النائب عنها سهيلة السلطاني، دعم قوى الإطار التنسيقي لترشيح محمود المشهداني لرئاسة البرلمان خلال الجلسة.
وقالت السلطاني إن "جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب بديلا عن المقال محمد الحلبوسي سيكتمل فيها النصاب القانوني وستجري بكل سلاسة ولن تتجاوز جولتين اثنين".
وأضافت، إن "كتلة صادقون ضمن الإطار التنسيقي ستدعم مرشح تحالف عزم محمود المشهداني بسبب خبرته السياسية".
الحكمة وبدر
مصادر من داخل مجلس النواب كشفوا إن نواب كتلتي بدر والحكمة قد انتخبوا مرشح تحالف تقدّم شعلان الكريم على الرغم من وجود شبه اتفاق بين أطراف الإطار التنسيقي على عدم تمريره لما يمتلكه من تاريخ مشبوه.
ما فعله نواب الكتلتين ولّد خلافاً كبيرة انعكس على عدم استقرار الجلسة، فضلا عن المشاكل التي افتعلها نواب تقدم، ف أدى كل ذلك إلى تأجيلها إلى موعد لم يتم تحديده.
وبعد تأجل الجلسة، كتب النائب مصطفى سند مخاطباً بعض النواب: يلا الخونة.. رجعوا الفلوس. في إشارة إلى بعض النواب الذين باعوا ذممهم بالمال لتمرير شعلان الكريم، وفق مصادر برلمانية.
تفصيل قانوني لانتخاب الرئيس
وفي وقت سابق، فصل الخبير القانوني علي التميمي، آلية انتخاب رئيس البرلمان الجديد وفق الدستور العراقي.
وقال التميمي في تدوينة إن "المادة 55 من الدستور نصت على أن (مجلس النواب ينتخب في أول جلسة رئيسا له بالأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء أي نصف العدد الكلي زائد واحد)، وهو ما أكدته المادة 12 /3 من نظام مجلس النواب رقم 1 لسنة 2022 وتدار الجلسة من قبل النائب الأول".
وأضاف الخبير القانوني "يتم فتح باب الترشيح من قبل رئيس الجلسة أي النائب الأول ثم تبدأ عملية الاقتراع السري المباشر من النواب بالتصويت بالأوراق وفرز الأصوات على اللوحة ثم الذي يحصل من بين المرشحين على أعلى الأصوات ونسبة نصف العدد زائد واحد يكون رئيسا للبرلمان ويؤدي اليمين الدستورية أمام البرلمان وفق المادة 50 من الدستور العراقي".
واكد التميمي أن "الجلسة تفتتح بحضور نصف العدد الكلي زائد واحد وفق المادة 59 من الدستور العراقي، ولم يعالج الدستور ولا نظام مجلس النواب الداخلي حالة تساوي الأصوات أو في حالة عدم حصول أي من المرشحين على النسبة المطلوبة".
ولفت الى أن "المادة 55 من الدستور أوجبت أن يتم انتخاب الرئيس للبرلمان في الجلسة الأولى"، مستدركا "لكن نلاحظ عدم حصول ذلك في كل الدورات السابقة بسبب عدم حصول التوافق، ويتم تكرار الجلسات المخالف للدستور وتكرار التبرير في رفع الجلسات لعدم تحقق النصاب القانوني المطلوب نصف العدد الكلي زائد واحد".
وأشار الى أن "المادة 55 من الدستور العراقي ليست مادة تنظيمية بل حتمية لكنها لم تقترن بالجزاء، وهذا يتيح حق الطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا في حالة مخالفة النص الوارد فيها".
وبشأن تعويض النواب المستبعدين وفق قرار المحكمة الاتحادية رقم 9 لسنة 2023، بين التميمي أنه "يكون بموجب المادة 15 من قانون انتخابات مجلس النواب 9 لسنة 2020 وفق قاعدة أفضل الخاسرين في الدائرة الانتخابية حيث يفاتح البرلمان مفوضية الانتخابات لمعرفة ذلك".
وأوضح الخبير القانوني " أما فيما يتعلق بأن الجلسة الاستثنائية الواردة في المادة 58 من الدستور التي عقدت بموجبها جلسة البرلمان هي بمثابة الجلسة العادية أم انها خارج هذا المفهوم؟، تختلف وجهات النظر في ذلك وأن كنت أراها جلسة عادية لان نص المادة 55 من الدستور جاءت مطلقة والمطلقات يسري على إطلاقه ما لم يأتي شيء يقيده وهي غير مقيدة بأي نص".