حديث المالكي عن عمر بن العاص يستفز الطائفيين.. تعرف على رأي علماء المسلمين عبر التاريخ بوزير معاوية
انفوبلس/..
يحتفل المسلمين في الـ18 من ذي الحجة من كل عام هجري في مناسبة (عيد الغدير)، باعتباره اليوم الذي قال فيه الرسول محمد (صلى الله عليه وآله سلم) للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في حجة الوداع: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأَدِر الحق معه حيثما دار، اللهم هل بلغت"، وهذه الحادثة التي ورد ذكرها في كل المصادر الإسلامية المعتمدة، تعيينا للإمام علي (عليه السلام) خليفة للنبي من بعده.
رئيس الوزراء العراقي الأسبق ورئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، وبعد كلمة أدلى بها في الحفل المركزي لحزب الدعوة الإسلامية بمناسبة عيد الغدير، أثار تفاعلا واسعا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي والساحة العراقية.
وقال المالكي في كلمته: "في عهد بني أمية 70 سنة الإمام علي يُشتم على منابر المسلمين، وهم يعلمون، ونحن عندما نقول عن الغدير وما ورد عنه لا نقول فقط عن كتبنا وإنما عن كتب كل المسلمين يذكرون هذا العيد ويذكرون هذه الحادثة ويؤيدونها ولكن الشيطان غلب عليهم."
وتابع المالكي قائلا: "70 سنة الإمام علي يُشتم حتى جاء الخليفة عمر بن عبد العزيز فأوقف شتم الإمام علي عليه السلام وكانوا إذا انتهت صلاة الجماعة يصافح بعضهم بعضا بلعن علي هكذا تسبيحاتهم بعد الصلاة يتصافحون بلعن علي".
وأضاف: "ما كان أسوأ من الأمة التي كانت مع الإمام علي حتى أن مجرد رفع المصاحف من هذا الخبيث عمرو بن العاص وهو قال لمعاوية لا تخف.. وأخذ (عمرو بن العاص) القرآن وحطه على رمح وصاحوا انزل على حكم القرآن، انتهت، جيش الإمام علي قالوا للإمام هذا دعاء للقرآن قال لهم أنا القرآن الناطق، وهذا قرآن صامت، هذه خدعة، فقالوا دعاك للقرآن وسلّوا سيوفهم على رأس الإمام عليه السلام".
ردود أفعال وتفاعل واسع
حديث المالكي أحدث تفاعلا واسعا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وجه الداعية السُني، الشيخ عبد الرزاق السعدي، شقيق المفتي السابق عبد الملك السعدي، نداء إلى القضاء العراقي والادعاء العام، رسالة حول حديث رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، معتبراً أن الطعن بالصحابة وإثارة الطائفية محرّم شرعا وقانونا.
وذكر السعدي في رسالة له، "أدعو السيد رئيس الادعاء العام بصفته الممثل القانوني الأعلى للمجتمع في الدفاع عن قيمه والحفاظ على مقومات النظام العام فيه ليأخذ دوره في تحريك الدعوة القضائية أجزاء هذا السلوك الذي يندرج ضمن الجرائم التي ينهض بها الحق العام وتهز مشاعر ملايين المسلمين".
وفي حين يرى مدونون، أن إعادة الحديث بعُقد الماضي لا ينفع الحاضر، يرى المدون علي الهاشمي أن تجارب التاريخ وأحداثه مهمة لبناء المستقبل وأن المالكي أراد التذكير بأن هناك فتنة طائفية بدأت بشتم الإمام علي.
الكبيسي يهاجم الغدير والأسدي يرد
وقبل ذلك هاجم السياسي العراقي، يحيى الكبيسي، الاحتفال بعيد الغدير بالقول إن "مقولة الولاية لا يؤمن بها نصف الشعب العراقي من المسلمين على الأقل"، معتبرا أن "الحديث عنها في السياق السياسي يجب أن يكون من المُحرمات".
ورد المحلل السياسي علي مارد الأسدي على الكبيسي، بالقول إن لكل ديانة أو طائفة مناسباتها الخاصة التي ينبغي أن تُحترم ويُعترف بها من الناحية الرسمية، لكن يحيى الكبيسي له رأي آخر يعتمد على نسب غير موجودة إلا في مخيلته، تدفعه لمطالبة الساسة بتجاهل أهم مناسبة لشيعة العراق والعالم.
احتجاج من هيئة علماء المسلمين
وأصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق تصريحًا صحفيًا بشأن حديث رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي حول يوم الغدير ومواقف عمرو بن العاص مع الإمام علي (عليه السلام).
وذكرت الهيئة في بيان، أن " ما بدر من المالكي من تصريحات مسيئة للصحابة ولتأريخ الأمّة الإسلامية، وإعادة ما سلف من أحداث في غالبها غير موثق تاريخيا بشكل صحيح، هو جريمة تتحمل أحزاب السلطة في العملية السياسية وأشخاصها مسؤولية مخرجاتها".
الغدير انتماء وهوية
وامتلأت شوارع وأزقة مدينة النجف بمظاهر الزينة والفرح، فيما أحيا المؤمنون الزيارة عند مرقد أمير المؤمنين عليه السلام.
وقال الباحث والأكاديمي د. علي المؤمن، إن "المسؤول الشيعي الذي يبادر إلى تقديم التهاني إلى الصابئة والايزيديين والمسيحيين بأعيادهم الدينية، وتقديم التهاني إلى الكرد والآشوريين والكلدان بأعيادهم القومية، وهي مبادرات صحيحة لتأليف القلوب والتواصل النفسي".
وتابع، "لكن نفس المسؤول، لا يهنّئ قومه الشيعة بأعظم أعيادهم (عيد الغدير)، وهم الأغلبية السكانية فهو لا يحترم انتماءه وهويته، فضلاً عن دينه، ولا يحترم هوية العراق، ولا يستحق أن يمثل الأغلبية التي وضعته في منصبه، لأن وجوده في منصبه إنما هو خيار الشيعة وحصتهم".
عمرو بن العاص في مصادر السنة
أوردت عدّة مصادر سنّية معتبرة، الكثير من الأحاديث والشواهد، حول عداء عمرو بن العاص للأمام علي ابن ابي طالب (عليه السلام)، وذكر هذا المعنى في عيون الأخبار 1 / 262، شرح نهج البلاغة 6 / 107 و 317، أنساب الأشراف: 305، جواهر المطالب 2 / 38)
وذكر إبراهيم بن محمد البيهقي في كتابه المحاسن والمساوئ (ص24) عن الشعبي "دخل عمرو بن العاص على معاوية وعنده ناس ، فلمّا رآه مقبلاً استضحك، فقال يا أمير المؤمنين: أضحكَ الله سنك وأدامَ سرورك ، وأقرَّ عينك، ما كلّ ما أرى يوجب الضحك؟ فقال معاوية: خطر ببالي يوم صفّين، يوم بارزتَ أهلَ العراق، فحَمَل عليك علي بن أبي طالب، فلمّا غشيكَ طرحتَ نفسكَ عن دابتك، وأبديتَ عورتكَ، كيف حضرك ذهنك في تلك الحال؟ أما والله لقد واقفت هاشمياً منافياً، ولو شاء أن يقتلك لقتلك".
وفي كتاب (شرح نهج البلاغة)، لابن أبي الحديد المعتزلي، من علماء أهل السُنة في القرن السابع، ويُعد الكتاب من أهم شروح نهج البلاغة أيضاً، ومن أهم خصائص هذا الشرح استفادة المؤلّف من مصادر الشيعة والسُنة، كما ويحظى بأبعاد مختلفة من الناحية التاريخية والأدبية والكلامية، ورد في الجزء الثاني من الكتاب في الصفحة 111 أن "معاوية قال ــ يوما بعد استقرار الخلافة له ــ لعمرو بن العاص، يا أبا عبد الله لا أراك إلا ويغلبني الضحك. قال بماذا؟ قال أذكر يوم حمل عليك أبو تراب في صفين فأزريت نفسك فرقا من شبا سنانه وكشفت سوأتك له. فقال عمرو أنا منك أشد ضحكا، إني لأذكر يوم دعاك إلى البراز فانتفخ سحرك و ربا لسانك في فمك وغصصت بريقك، و ارتعدت فرائصك و بدا منك ما أكره ذكره لك. فقال معاوية لم يكن هذا كله و كيف يكون و دوني عك و الأشعريون، قال إنك لتعلم أن الذي وصفت دون ما أصابك وقد نزل ذلك بك ودونك عك والأشعريون فكيف كانت حالك لو جمعكما مأقط الحرب، فقال يا أبا عبد الله خض بنا الهزل إلى الجد إن الجبن و الفرار من علي لا عار على أحد فيهما".
وفي كتاب (الإمامة والسياسة) لـ ابن قتيبة الدينوري في الجزء الأول ص 148 جاء "وذكروا أن عمرو قال لمعاوية: أتجبُن عن علي، وتتهمني في نصيحتي إليك؟ والله لأبارزنّ علياً ولو متُّ ألف موتة في أول لقائه، فبارزه عمرو، فطعنه عليّ فصرعه، فاتقاه بعورته، فانصرف عنه علي، وولى بوجهه دونه، وكان علي رضي الله عنه لم ينظر قط إلى عورة أحد، حياءً وتكرُّما، وتنزُّها عما لا يحل ولا يجمل بمثله، كرم الله وجهه".
وفي كتاب (مروج الذهب) المسعودي ـ ج 2 ـ ص 25 "وقد قيل في بعض الروايات: إن معاوية أقسم على عمر ولما أشار عليه بهذا أن يبرز إلى علي، فلم يجد عمرو من ذلك بُدّاً، فبرز، فلما التقيا عرفه علي وشال السيف ليضربه به، فكشف عمرو عن عورته، وقال: مُكْرَهٌ أخوك لا بطل فحول عليٌّ وجهه عنه، وقاك: قبحت! ورجع عمرو إلى مصافه".