حفاوة مدفوعة الثمن.. زيارة بارزاني تُجابه بالاستهجان بسبب "مبالغة" حكومية و"تطبيل" إعلامي وتجاوزات للصفة الرسمية
انفوبلس..
حصلت زيارة رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني إلى بغداد على احتفاء مبالغ به من قبل بعض السياسيين ووسائل الإعلام، الأمر الذي أثار الاستهجان وفتح باب التساؤلات عن حقيقة ما جرى بتلك الزيارة، فضلا عن وجود تجاوزات دبلوماسية، كلقائه بسفراء دول عربية وأجنبية وهو لا يحمل صفة رسمية.
مراقبون أكدوا أن العديد من وسائل الإعلام المأجورة غطّت زيارة بارزاني إلى بغداد بكثير من الحفاوة و"التطبيل" واختلقت أحداثاً لم تجرِ على أرض الواقع كـ"تصفير" الملفات العالقة بين العاصمة وأربيل، وإنهاء بارزاني لأزمة اختيار رئيس البرلمان، ونقل رسالة تحذير أمريكية إلى بغداد وغيرها، وإن الوسائل تلك ومن نقلت عنهم لا يُعدون كونهم مأجورين يعملون لصالح مسعود بارزاني.
وأضافوا، إن بارزاني حظي باستقبال رسمي من قبل وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير التخطيط محمد تميم، ووزير الدفاع ثابت العباسي، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، ووزير الإعمار والبلديات العامة بنكين ريكاني وعدداً من المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين في مطار بغداد الدولي، مؤكدين إن هذا الاستقبال يعكس حفاوة مبالغ بها بشدة من قبل حكومة بغداد، فلا داعي لوفد رفيع من 5 وزراء وعدة مسؤولين لاستقبال شخصية لا تملك صفة رسمية كمسعود بارزاني.
الصحفي والناشط الكردي محمود ياسين قال في تغريدة له عبر منصة (X)، إن "بارزاني يصرف ملايين الدولارات على كُتّاب وناشطين عرب من الشيعة والسنة من العراقيين وغير العراقيين من حساب رواتب موظفي اقليم كردستان".
وأضاف ياسين في تغريدته، إن هذه الاموال تدفع "من أجل التطبيل والتغطية على فساد الاقليم، وعلى انتهاكات حقوق الانسان التي تمارس داخل كردستان".
وأرفق ياسين تغريدته بهاشتاغ (شيعة بارزاني) في إشارة الى أن معظم من يتهمهم هم من الناشطين والكتاب الشيعة الذين يسكنون اقليم كردستان العراق.
ونسب صحفيون إلى "مصادر سياسية" أن بارزاني "بحث مع قادة الأحزاب الشيعية تحذيرات جدية بشأن عقوبات أميركية في حال لم تسيطر بغداد على نشاط محتمل للفصائل في المنطقة".
وسارع بنكين ريكاني، وزير الإعمار في الحكومة الاتحادية والقيادي في حزب بارزاني، إلى نفي هذه التسريبات، وسخر منها في منشور على منصة إكس، كتب فيه: شاهدت وسمعت وقرأت تعليقات (المحللين والمدونين والناشطين) الذين نقلوا عن العصفورة والبطة وبعضهم عن علم يقين، نقلوا سيناريوهات حوارية بين الزعيم بارزاني وقادة ورؤساء أحزاب وفصائل". وأضاف: "وأؤكد كل ما قيل لم يحدث أبداً أبداً، أهنئهم على خيالهم الواسع وأشكرهم على هذا الدرس لأنني وبصراحة ومثل الكثير منكم كنت أحيانا أصدق كلامهم".
إلا أن السياسي السني البارز، مشعان الجبوري، قال في تصريحات متلفزة إن بارزاني لم يحمل رسائل أميركية، لكنه عبر عن مخاوفه الشخصية من اتساع دائرة الصراع، وحثّ على إبعاد العراق عنها، وتابع: "ما قاله بارزاني يستند إلى استنتاجه كزعيم سياسي".
من جهتها، قالت حركة "حقوق" إن الاهتمام بالزيارة لم يكن يتناسب مع المواقف السلبية للحزب الديمقراطي مع الدولة.
وذكرت الحركة في بيانها: "تابعنا مجريات زيارة رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني إلى بغداد. والتي جرى الاهتمام بها بشكل لا يتناسب مع المواقف السلبية للحزب مع الدولة؛ وعلى رأس ذلك عدم الالتزام بالدستور والقانون. سيما ما يتعلق بسداد ما في ذمة الاقليم للخزينة المركزية من أموال، تتعلق بالضرائب والرسوم ومختلف أشكال التعاريف. فضلاً عن واردات النفط المتراكمة منذ سنوات: وهى جميعها قضايا صدرت بحقها أحكام من المحاكم الدولية والمحلية؛ وكذلك ضرورة توطين رواتب الموظفين وشبكة الحماية الاجتماعية. ونؤشر في هذا الصدد أيضا عدم انسجام الحزب مع التوجهات السياسية العامة في البلاد. خصوصاً القضايا السيادية. من بينها غلق القواعد العسكرية الاجنبية. ف وإخراج القوات الأمريكية والناتو. علاوة على منح القوات التركية ضوءاً أخضرا للتوغل بنحو يثير المشاعر الوطنية كما ونذكر بالتجاوزات الحاصلة على الأراضي والمراكز الإدارية ما بعد الخط الأزرق والتابعة لمحافظات نينوى وكركوك وديالى. وهي جميعها مواضيع لا تقود إلى الاستقرار السياسي والأمني. وتجعل من الاقليم مركزا لصناعة التوترات والأزمات الداخلية. بما فيها تأليب المحافل الدولية ضد العملية السياسية. وبقية الشركاء والرئاسات والسلطة القضائية؛ وكافة مؤسسات الحكومة المركزية مع التأكيد على كون الاقليم يستمد شرعيته من النظام الديمقراطي الاتحادي. الذي بموجبه ينبغي أن يلتزم الجميع بكافة شروطه واشتراطاته. والتي تقوم على جعل مفهوم تبادل السلطة عبر صناديق الاقتراع ركيزة أساسية ومبدأً ثابت وألا يتحول الإقليم إلى مملكة داخل الجمهورية. تمارس فيها مختلف أساليب الاستبداد. ومصادرة الحريات والقمع وملاحقة المعارضين وخنق الصحافة والصحافيين. وكل ذلك ينبغي أن يتم برعاية مؤسسات السلطة المركزية. التي هي السلطة التنفيذية العليا في البلاد إلى جانب مجلس النواب باعتباره اعلى سلطة تشريعية.
وختم البيان بإن "حركة حقوق بدورها تبدي ترحيباً بالزيارات حسنة النوايا وتدعم من جانبها كل أشكال الحوار والتفاهم والتوافق؛ مع الجهات الخارجية أو الداخلية شريطة أن يتم كل ذلك وفق القواعد المتفق عليها في المراسيم، وبتوازن يكفل احترام هيبة الدولة وسيادتها".
وتعليقاً على الزيارة، نشر المسؤول الأمني للمقاومة الإسلامية كتائب حزب الله تغريدة جاء فيها إن "زيارة مسعود (القجقجي) الى بغداد تنبئ بالشر، وتترجم خبث الدور الأمريكي في المشهد السياسي للعراق، ولم يأتي هذا الشخص الجشع إلا إذا كانت هناك وجبات دسمة له ولعصابته. لاستنزاف موارد العراق بطرق مستحدثة، ولا يعد إرضاؤه صعباً أو انجازاً، بل يكفي إشباعه من المال السحت ليتعامل بوداعة".
ومن بين المخالفات التي حدثت في الزيارة بحسب مراقبين، هي استقبال بارزاني لوفد مكون من 8 سفراء لدول عربية وزيارته لسفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسفيرة الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن لقائه الرئيس السابق لمجلس النواب والمقال بجرائم مخلة بالشرف محمد الحلبوسي وهو لا يحمل أية صفة رسمية.
واستقبل بارزاني، الخميس، وفداً مشتركاً من سفراء 8 دول عربية في بغداد، ضم كل من سفير الكويت طارق عبدالله الفرج، سفير قطر سلطان مبارك الكبيسي، سفير مصر أحمد سمير حلمي، سفير البحرين خالد أحمد المنصور، سفير سلطنة عمان الشيخ محمود الخروصي زيد أبو حسن، القائم بأعمال السفارة الأردنية في العراق وسعيد القحطاني القائم بأعمال سفارة السعودية في العراق، ومحمد صالح الطنيجي القائم بأعمال سفارة الإمارات في العراق.
وفي اللقاء أطلع الوفد على الوضع السياسي في العراق وأسباب ودوافع زيارته لبغداد واللقاءات والمباحثات مع الأطراف السياسية لحل القضايا وإزالة العوائق والأزمات، وهو ما سيؤثر في حد ذاته على الوضع السياسي في العراق، واستقرار العراق والمنطقة.
وسلط الضوء على مسألة تواجد قوات التحالف في العراق، وقال إن هذه القضية يجب أن تكون على أساس توافق وطني، مع مراعاة مصالح العراق والمنطقة.
كما قال السفير الإيراني محمد كاظم آل صادق، الذي التقى بارزاني في بغداد، إن "علاقات إيران مع إقليم كردستان قديمة ومتجذرة وآخذة بالتزايد".
وأضاف صادق: "الأمن والتجارة ركيزتان تمهدان للتنمية الإقليمية والأولوية الرئيسية في العلاقات القائمة بين الجانبين".