حقبة "سها داود النجار" تنتهي بحكم غيابي.. ماذا تعرف عن عرّابة فساد التكنوقراط العلماني؟
انفوبلس/ تقارير
يواصل مجلس القضاء، الإطاحة بأعمدة الحكومة السابقة، إذ أصدر يوم أمس حكماً غيابياً بسجن رئيس هيئة الاستثمار السابقة "سها النجار"، والتي تحمل تاريخاً لامعاً بالفساد، لعل أبرز صفحة فيه تحوُّلها من مندوبة اتصالات إلى مليارديرة بظرف عامين، فماذا تعرف عنها؟ وما قصة فساد التكنوقراط العلماني؟
مَن هي سها النجار؟ إليك قصة فسادها وصعودها المفاجئ
سها داود النجار، هي رئيس هيئة الاستثمار السابق بأمر مكلف من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي وبتاريخ 14/9/ 2020.
وقبل إيضاح تفاصيل الحكم الغيابي بحقها، لابد من معرفة محطات من حياة "النجار"، التي تُعد أحد أبرز وجوه الفساد في العراق، وسبق أن قدّم 75 نائباً طلباً رسمياً لسحب يدها عندما كانت تشغل منصبها آنف الذكر.
بدأت النجار رحلتها في الفساد، عبر رسم صورة مزيفة على أنها امرأة امتلكت شركات في المملكة المتحدة، وأسّست لنفسها سُمعةً رائدة في مجال الأعمال، وشغلت مناصب في بنوك كبرى، غير أن هذه الصورة المثالية لم تكن سوى سراب.
كما سيتم نقله على لسان أحد النواب في قادم الأسطر، لم تكن "النجار" سوى موظفة بسيطة، لم تخرج من دائرة الإخفاق في عالم الاستثمار، فقد كانت في أفضل الأحوال مندوبةً لدى شركة اتصالات، وكان نجاحها المزعوم مجرد كذبة لبستها من أجل خدمة مصالحها ومصالح مَن رَعَتها من أصحاب النفوذ. لكن، وبحكم العلاقات المشبوهة التي نسجتها في حقبة حكومة الكاظمي، تمكنت من الوصول إلى منصب رئيسة هيئة الاستثمار، رغم غياب أي مؤهل أكاديمي يبرر تسلُّمها هذا المنصب الرفيع.
وبالحديث عن المبالغ التي سَطَت عليها النجار خلال فترة توليها المنصب، يؤكد اقتصاديون أنها تُقدر بمئات الملايين من الدولارات، ورغم أن فترة إدارتها قصيرة، فإن الكوارث التي خلفتها ستظل طيَّ الظلال لعقود.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن مسؤولية انهيار “المجمع الطبي” في ساحة الواثق تلاحق النجار، الذي لم يكن مجرد مشروع فاشل، بل شاهدًا على حجم الفساد الذي تنخر فيه "سها".
لم تكن النجار وحدها من استفادت من هذا الخراب بحسب مراقبين، فقد كانت هناك ملفات ومشاريع استراتيجية أخرى تُقدّر تكلفتها بمئات الملايين، حيث كانت تتقاضى العمولات، وتوزع الرشاوى، وتغرف من المال العام بلا رادع.
ليست المجمعات الطبي وحدها تلاحق النجار، بل تمتد إلى ملفات فساد تتعلق بمولات تجارية في بغداد، ومشاريع الرفيل بالقرب من مطار العاصمة.
وبحسب مراقبين، فقد كانت النجار تجيد الابتزاز بمهارة، حيث امتهنت استغلال شركات الاستثمار، وضمنت لنفسها نصيبًا وافرًا من الصفقات المشبوهة، واحتفظت بسلطة منح القروض وتحديد فترات السماح للتجار، فكانت تقتنص الفرص ولا تضيع واحدة.
من مندوبة في شركة الاتصالات إلى مليارديرة
وعن معلومة أنها كانت مندوبة ثم صعدت بشكل مفاجئ، قال النائب حسن الخفاجي، إن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي دمّر الاقتصاد العراقي عبر تعيين سها النجار رئيسة هيئة الاستثمار، مبينا إن النجار لا تحمل شهادة وكانت تعمل مندوبة لدى شركة اتصالات.
وقال الخفاجي في تصريح متلفز تابعته شبكة انفوبلس، إن "رئيسة هيئة الاستثمار السابقة في العراق سها النجار كانت تعمل مندوبة في شركة آسياسيل للاتصالات وبعدها تم تكليفها بمهام رئيس هيئة الاستثمار الوطنية".
وأضاف، إن "النجار لا تستطيع إدارة شعبة في مديرية فكيف يتم منحها أكبر هيئة وطينة في البلاد تقرر مصير البلاد الاقتصادي".
وأشار إلى، أن "النجار لا تحمل أي مؤهل علمي وقد زوّرت شهادتها بعد مطالبات نيابية بشهادتها كون الجميع يعلم بتزويرها الشهادة".
الموسوي: سها النجار من أفشل رؤساء هيئات الاستثمار الوطنية
إلى ذلك، أكدت النائب عن كتلة صادقون النيابية زينب الموسوي، أن النجار من أفشل رؤساء هيئات الاستثمار الوطنية ولم تقدم رؤى لتطوير الاستثمار في العراق بل حتى لم توقع عقداً مع شركة رصينة. وأن انسحاب شركة هانوا الكورية من إكمالها لمشروع بسمايا السكني دليل واضح على عدم قدرتها في التفاوض وتسديد المستحقات المالية".
ونبّهت إلى، أن "للبرلمان موقفاً حازماً و جاداً في محاسبة النجار على انعدام الاستثمار في فترة تولّيها".
ولفتت الموسوي إلى، "حرص أعضاء مجلس النواب على محاسبة كل مسؤول يحوّل منصبه إلى مصدر للثروة الشخصية على حساب الشعب العراقي وعدم تقديم الخدمات لهم. وإن مشروع بسمايا من أنجح المشاريع السكنية في العراق ويجب استنساخه في بقية مناطق بغداد والمحافظات للقضاء على أزمة السكن التي تصل لعدم توفر سكن لنحو 3.5 مليون عراقي، وهذا ما فشلت به سها النجار من تقديم خطة استثمارية للعراق بخصوص الإسكان".
فساد كبير يقودها للاستقالة والهروب
في تشرين الأول 2022، جمع 75 نائباً تواقيع لسحب يد رئيسة الهيئة الوطنية للاستثمار آنذاك سها النجار.
وقام كل من: النائب هادي السلامي عضو لجنة النزاهة، والنائب حسن الخفاجي عضو لجنة الاستثمار، بجمع تواقيع لسحب يد رئيسة الهيئة الوطنية للاستثمار سهى النجار.
وأكد هؤلاء النواب، أن النجار متورطة بشبهات الفساد و هدر المال العام والكسب غير المشروع.
إلى ذلك قال النائب عن تحالف الفتح محمد البلداوي، إن "استقالة رئيس هيئة الاستثمار سها النجار تعود لتورطها في العديد من صفقات الفساد إبّان حكومة تصريف الأعمال السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي"، مشيرا إلى "تحرك برلماني لفتح ملفات مجمع بسماية وصفقات الفساد التي يشيب لها الرأس".
ويضيف البلداوي، إن "هنالك أوراقاً وملفات من صفقات الفساد لم تكتمل بعد وسيتم تسليمها إلى رئاسة الوزراء من أجل فتح ملف فساد الاستثمارات في العراق وكشف الأطراف المتورطة به".
حكم غيابي من النزاهة
كل ما ذُكر، قاد القضاء إلى محاكمة النجار، إذ أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية، يوم أمس الأحد، صدور قرار حكمٍ غيابيٍّ يقضي بسجن رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار سابقاً، سها النجار، على خلفيَّة قضيَّة تتعلَّق بتضخُّمٍ في الأموال وكسبٍ غير مشروع.
وذكرت الهيئة في بيان ورد لشبكة انفوبلس، بأنَّ "محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزيَّـة أصدرت حكماً غيابياً يقضي بالسجن لمُدَّة سبع سنواتٍ بحقِّ (سها داود الياس النجار) الرئيس السابق للهيئة الوطنيَّة للاستثمار لحصول تضخم وزيادة في أموالها لا تتناسب مع مواردها الاعتياديَّة".
وأضافت، أنَّ "الحكم تضمَّن أيضاً ردَّ قيمة الكسب غير المشروع وغرامة تعادل تلك القيمة"، لافتة إلى أنَّ التقرير الفنيّ الذي أعدَّته ملاكاتها كشف حصول تضخُّمٍ وزيادةٍ في أموال المدانة لا تتناسب مع مواردها الاعتياديَّة".
وأشارت الهيئة إلى أنّ المتهمة حوّلت عبر أحد المصارف الأهلية مبلغاً مالياً من إحدى الشركات التي كانت تشغل منصب المُدير المُفوَّض فيها، عند تسنُّمها منصب رئيس الهيئة الوطنيَّة للاستثمار إلى حساب إحدى الشركات الأجنبيَّة في الخارج".
ولفتت إلى، أنَّ ذلك مثَّل أيضاً تضارباً في المصالح لتسنّم المدانة منصب المدير المُفوّض للشركة إضافة إلى منصبها رئيسة لهيئة الاستثمار سابقاً.
وبحسب بيان الهيئة، فإن المحكمة، وبعد اطّلاعها على الأدلة المُتحصّلة في هذه القضيَّة، المتمثلة بالتقرير الفني للهيئة وأقوال الممثل القانوني وكتاب مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فضلاً عن قرينة هروب المُتَّهمة، وجدتها كافيةً ومُقنعةً للإدانة، أصدرت قرارها بالسجن وإلزامها بتأدية قيمة الكسب غير المشروع والغرامة التي تعادل تلك القيمة.
وخلص البيان، إلى أن "قرار الحكم صدر استناداً إلى أحكام المادة (19/ ثانياً) من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم (30 لسنة 2011) المُعدَّل.