حكومة ديالى المحلية على صفيح ساخن.. التميمي خارج المنصب بعد إعادته ليوم واحد.. هل نجح صلاح زيني بإقصائه؟ وما سر تشبث بني تميم بالسلطة؟
انفوبلس/ تقارير
تخوض القوى السياسية في ديالى صراعاً للظفر بمنصب المحافظ، وتعكس هذه الخلافات عدم وجود موقف موحد للقيادات هناك، في وقت يرى مراقبون أن مثنى التميمي يسعى إلى استنساخ تجربة البصرة وكربلاء وواسط كونه حصل على أصوات كثيرة وبالإمكان التجديد له، لكن آخرين يؤكدون أن لغة الأرقام التي أفرزتها الانتخابات تشير إلى أن الأكثرية السنية في ديالى، وأن القوى السنية تملك 7 مقاعد في مجلس المحافظة وتحتاج إلى صوت للحصول على الأغلبية المطلقة. ووسط كل هذا أثار نشر كتاب رسمي يتضمن عودة التميمي إلى منصبه لإدارة المحافظة بعنوان تصريف الأعمال، أثار جدلًا سياسيًا كسر جمود الصمت وسط تباين في الآراء القانونية. فيما أكد منافسه النائب صلاح زيني أنه سيتحرك سريعا لرفع دعوى في القضاء الإداري حيال الأمر، قبل أن تلغي أمانة مجلس الوزراء قرار إعادة التميمي بعد أقل من 24 ساعة على إصداره! فما تفاصيل ما حدث؟ ولماذا يتشبث بني تميم في السلطة التي مزقتهم وتسببت بإسالة الكثير من الدماء؟
*قرار حكومي يعيد التميمي إلى المنصب
في آخر تطورات أزمة حكومة ديالى المحلية، أظهرت وثيقة رسمية، أمس الأحد، إعادة مثنى التميمي محافظا لديالى، بقرار من الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
وبحسب الوثيقة التي حصلت عليها شبكة انفوبلس، "لم يتضح السند القانوني لانفكاك المحافظ السابق بموجب المادة 30 من قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل".
وأشارت الوثيقة، إلى أن "المحافظ السابق ونائبيه ورؤساء الوحدات الإدارية سيستمرون بوظائفهم في تسيير الأمور اليومية، لحين تشكيل حكومة محلية جديدة".
وعلى خلفية وصول قرار أمانة مجلس الوزراء إلى محافظة ديالى، عاد المحافظ السابق مثنى التميمي، إلى مهامه على الرغم من فوزه في الانتخابات المحلية.
وتسلم نائب محافظ ديالى الأول كريم علي أغا منصب المحافظ بالوكالة طيلة الفترة الماضية.
*اعتراض نيابي
لاقى قرار أمانة مجلس الوزراء اعتراضا نيابيا كبيرا، إذ أكد النائب أحمد الموسوي أن "كتاب إعادة محافظ ديالى السابق الى منصبه مخالف للقانون لأنه لا يمكن لعضو في مجلس المحافظة ممارسة عمل تنفيذي".
وأضاف الموسوي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، "سنقدم دعوى في المحكمة الإدارية لإصدار أمر ولائي ".
من جانبه، أقرّ السياسي المستقل سليم عزيز، بأن "ديالى شهدت يوم أمس حالة استثنائية في ظهور محافظَين اثنين في آن واحد من خلال بيانات التعامل مع ملف الأمطار في صورة عدّها الكثيرون حالة تثير القلق وتتطلب جهودًا لتحديد بوصلة مَن يُدير المحافظة".
وأضاف عزيز، أن "أغلب الآراء القانونية تذهب الى أن تولي مثنى التميمي منصب المحافظ ليس له غطاء قانوني خاصة وأنه أدى اليمين كعضو في مجلس ديالى وهناك من يخالف هذا الرأي وفي كل الأحوال نأمل أن تحسم محكمة القضاء الإداري الجدل".
*صلاح زيني ينتفض والصراع يستمر
بدوره، عدَّ النائب عن محافظة ديالى صلاح زيني، اليوم الاثنين، توجيه الأمانة العامة لمجلس الوزراء باستمرار المحافظ مثنى التميمي بمنصبه، مخالفة قانونية صريحة.
وقال زيني في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "استمرار عضو مجلس محافظة ديالى مثنى التميمي المحافظ السابق في تصريف الأمور اليومية للمحافظة حسب كتاب الدائرة القانونية للأمانة العامة لمجلس الوزراء، يُعد مخالفة قانونية صريحة".
وأضاف، إن الكتاب "يخالف المادة 18 من قانون 21 قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم، حيث لا يجوز لعضو مجلس المحافظة الذي ردد القَسَم أن يشغل منصبا تنفيذيا".
*مخالفة قانونية
وتابع زيني قائلا: "ما قصده الرأي القانوني للدائرة القانونية للأمانة العامة لمجلس الوزراء، كان يتحدث عن المحافظين غير المنتَخَبين كأعضاء في مجلس المحافظة".
وأكد، "سنقوم صباح اليوم الاثنين بإلغاء هذا الأمر عن طريق الجهات القانونية الخاصة كونه يتنافى مع مبدأ الفصل بين السلطات الذي أقره دستور 2005".
أما القانوني جاسم علي، فقد أشار إلى أنه "يستمر المحافظ في منصبه ضمن صلاحيات تسيير الأمور اليومية لحين انتخاب محافظ جديد، هذا فقط في حال أن المحافظ لم يكن عضوا فائزا في مجلس المحافظة" .
وأضاف في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، "أما إذا كان المحافظ من ضمن الأعضاء الفائزين بعضوية مجلس المحافظة، فبمجرد تأديته لليمين الدستورية تنقطع صلته عن منصبه السابق ويتولى النائب الأول مهام المحافظ لتسيير الأمور اليومية لحين انتخاب محافظ جديد، مؤكدا بأنه لا الاجتهاد في ذلك إطلاقا".
وأكد بأنه، "لا يمكن الجمع بين منصب تنفيذي وآخر تشريعي استنادا لمبدأ الفصل بين السلطات وهذا ما سار عليه دستور 2005 وقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة 2008 وتعديلاته".
*إلغاء القرار من قبل أمانة مجلس الوزراء
وبعد مرور أقل من 24 ساعة على إعادة التميمي للمنصب، قررت أمانة مجلس الوزراء اليوم الاثنين، إلغاء أمر المباشرة معلَّلةً ذلك بعدم جواز الجمع بين الوظيفتين.
وجاء في نص قرار الإلغاء، "لاحقاً بكتابنا المرقم بالعدد (ق / ۱۳۹۲٤/٥) المؤرخ في ۲۰۲۵/۳/۱۷ ، وإشارة الى الأمر الإداري الصادر بكتابكم المرقم بالعدد ( ٢٦٢٥/٢٥) المؤرخ في ۲۰۲٤/٣/٢٤ ، نود بيان الآتي :-لم يتضمن كتابنا آنفاً إعادة المحافظ السابق الى منصبه، وإنما جرى الاستفسار عن السند القانوني بانفكاك المحافظ في ضوء المادة (۳۰) من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (۲۱) لسنة ۲۰۰۸ المعدل التي أوجبت استمراره بتصريف الأمور اليومية للمحافظة لغاية انتخاب محافظاً جديداً . اتضح أن المحافظ السابق أدى اليمين الدستوري كعضو مجلس محافظة وانفك من وظيفته بإرادته كما مبين بالأمر الإداري المرقم بالعدد (۱۳۹۸/۳) المؤرخ في ۲۰۲٤/٢/٥ ، عليه نشير الى المادة (۱۸/ أولاً) من القانون نفسه التي تنص )) لا يجوز الجمع بين عضوية المجالس وأي عمل أو منصب رسمي آخر وله حق العودة الى وظيفته الأولى بعد انتهاء مدة عضويته وعلى الجهات الرسمية المعنية تسهيل أمر الموافقة على تفرغه من العمل بها وعلى العودة إليها بعد انتهاء مدة العضوية ، عليه لا سند قانوني لإصدار الأمر الإداري آنفاً مع غض النظر عن مضمون الفقرة (۱) من كتابنا آنفاً".
وبعد القرار، رجحت بعض الأوساط السياسي أن يكون اعتراض النائب صلاح زين أتى بثماره كونه كان يعرف أنه لا يجوز الجمع بين وظيفتين كما في تصريحه أعلاه وبالتالي طعن بالقرار كما توعد في تصريحه ونجح في كسبه.
*تشبُّث آل تميم بالمنصب
تؤكد القوى السياسية المنافسة في الانتخابات للمحافظ مثنى التميمي أن الأخير تفرد بالسلطة في المحافظة ولم ينجز أي مشروع.
وتضيف، أن السلطة "أعمت" عيون بني تميم في ديالى حتى باتت تقودهم إلى صراعات دموية كما حدث في قرية العمرانية واستهداف النائب صلاح زيني.
ويؤكدون، أن حجم الأموال المصروفة على ديالى لا تتناسب وحجم الموازنة الضخمة التي خُصصت للمحافظة، متسائلين عن مصير تلك الأموال لاسيما وأن المحافظة تَئِنُّ من واقعها الخدمي والذي شاهده الجميع يوم أمس خلال الأمطار.
وبيّنوا، أن هناك إصرارا على استمرار آل تميم بحكم ديالى و"موارثة" الكرسي حتى في حال الخسارة في الانتخابات.
*هكذا قادت الصراعات في المحافظة إلى إسالة الدماء
في كانون الأول من العام الماضي، اشتدت الصراعات في محافظة ديالى لاسيما بين المحافظ مثنى التميمي والنائب صلاح زيني الذي تعرض إلى محاولة اغتيال تحولت إلى مجزرة، وجهت بعض الأطراف أصابع الاتهام فيها إلى التميمي.
وعن تفاصيل الحادث، فقد بدأ بانفجار عبوة ناسفة بسيارة مدنية قرب قرية العمرانية، حيث قُتل السائق على الفور، ثم جرى إطلاق النار على المتجمعين حول السيارة، مسفراً عن ضحايا معظمهم من أقارب صباح زيني التميمي، البرلماني العراقي المرشح عن قائمة "نبني" في ديالى ويعيش في العمرانية.
وبحسب شاهد عيان، فإن "العبوة انفجرت على منتسب من أهالي العتبة - بلدروز، وعلى سماع صوت الانفجار خرج أهالي العرس الذين كانوا قريبين من موقع الحادث مسرعين لرؤية ما حدث، ففتح شخص مجهول نيران سلاح "بي كي سي" نحوهم فأصاب برصاصاته العريس "أبو حسن هيثم محمد التميمي" ووالده وأخوه وابن أخته وقد استُشهدوا جميعاً".
بعد الحادثة، اتهمت بعض الأطراف، آل تميم، بارتكابها ووجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى المحافظ مثنى التميمي كون الصراعات بين الطرفين بلغت أوجها وكان زيني قد اقترب في ذلك الوقت من كرسي المحافظة، فدبَّر له المحافظ محاولة الاغتيال هذه، وفق ما قاله أهالي العمرانية آنذاك.