خطوة نحو "استقلال" عراقي أكبر.. بلاسخارت تلمّح لـ"فقدان الاستقرار" بعد سعي الحكومة لإعادة ترتيب شكل العلاقة بين العراق ويونامي
انفوبلس..
بعد مرور أكثر من 20 عاماً على وجود بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" في البلاد، بدأت الحكومة العراقية خلال الآونة الأخيرة العمل على إعادة رسم شكل العلاقة بين المنظمة الأممية والعراق، خصوصاً بعد أن أكمل الأخير بناء مؤسساته الدستورية وأوفى بالتزاماته الدولية، الأمر الذي يبدو أنه لم يُعجِب رئيسة البعثة الأممية جنين بلاسخارت ودفعها لإصدار بيان يتحدث عن "فقدان الاستقرار" ما يعرقل سعي الحكومة إلى إعادة ترتيب العلاقة بين الطرفين.
الحكومة تجدد سعيها
يوم الأربعاء الماضي، التقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وذلك على هامش مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي بدورته الـ54، المنعقد في سويسرا.
وتطرق اللقاء إلى قرار الحكومة العراقية في تحديد شكل العلاقة المستقبلية مع بعثة الأمم المتحدة (يونامي)، بعد أن استكمل العراق بناء مؤسساته الدستورية وأوفى بالتزاماته الدولية، فضلاً عن الاتفاق على الانتقال بالعلاقة وإعادة ترتيبها، خصوصاً مع الوكالات الأممية وحسب تخصصها، فضلاً عن استمرار التعاون مع المنظمة الدولية في جهود الحدّ من تأثيرات التغيرات المناخية، والتصحر وشحّ المياه، وفقاً لبيان صادر عن مكتب السوداني.
بيان بلاسخارت
بعد تكرار الحديث حول سعي الحكومة وجدّيتها بإعادة ترتيب علاقة العراق ببعثة يونامي، وبالتزامن مع استمرار المقاومة الإسلامية في العراق بدكّ قواعد الاحتلال الأميركي، استثمرت رئيسة البعثة الأممية جنين بلاسخارت الأوضاع لإصدار بيان ألمَحَت فيه إلى غياب الاستقرار في المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن يدفع بمجلس الأمن إلى تجديد تفويض بلاسخارت وبعثتها للعمل في العراق بنفس الشكل الذي تعمل بيه منذ عقدين.
وحذّرت بعثة يونامي الدولية في بيانها من أن العراق معرض لخطر المزيد من الانجرار نحو الصراع المحتدم في الشرق الأوسط على خلفية الحرب في قطاع غزة.
وقالت بلاسخارت، إن الشرق الأوسط في مرحلة حرجة، حيث يهدد الصراعُ المحتدم في غزة والأعمالُ المسلحة في أماكن أُخرى باندلاع مواجهة كبيرة.
وأضافت: رغم جهود الحكومة لمنع تصاعد التوترات، فإن الهجمات المستمرة - التي تنطلق من داخل حدود العراق وخارجها - من شأنها أن تؤدي إلى تقويض الاستقرار الذي تحقق بعد جهدٍ جهيد في البلاد.
ودعت بلاسخارت جميع الأطراف لممارسة أقصى درجات ضبط النفس من أجل استقرار العراق وأمنه.
خطوة أولى لإعادة رسم العلاقة
وفي الثامن من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كشف السوداني، خلال استقباله رئيس الفريق المستقل للمراجعة الاستراتيجية لبعثة الأمم المتحدة في العراق فولكر بيرثس والوفد المرافق له، عن رغبة الحكومة العراقية في إعادة تحديد أولويات ومجالات عمل بعثة يونامي.
وأفاد بيان لمكتب السوداني أن رئيس الوزراء رحّب في مستهل اللقاء بالفريق الأممي، مُبدياً الاستعداد اللازم لتسهيل ومساعدة الفريق على القيام بمهامه، مستذكرا العاملين في الأمم المتحدة، الذين ضحَّوا بأنفسهم في مختلف أرجاء العالم، كما أثنى على الموقف الشجاع والأخلاقي الذي أبداه الأمين العام للأمم المتحدة إزاء أحداث غزة، وهي محل احترام وتقدير.
وأكد السوداني على، أن "الحكومة العراقية، بوصفها الجهة التنفيذية، هي الأقدر على تحديد الحاجة لمستوى ونوع المساعدة الأممية، منوها برغبة الحكومة العراقية في إعادة تحديد أولويات ومجالات عمل بعثة يونامي بما ينسجم مع الحاجة لدعم ومعالجة قطاعات وأزمات، مثل الشحة المائية والتغيرات المناخية، بالإضافة إلى ما يخص الإصلاح الاقتصادي والمالي وتحسين الخدمات، ومكافحة الفساد وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان، وغيرها". وبين، أن "العراق أصبح اليوم فاعلا وقادرا على حل مشاكله الداخلية والخارجية، ويضطلع بدوره في دعم الاستقرار والسلام في المنطقة، وحل القضايا الإقليمية".
من جانبه، أكد بيرثس، أن "الفريق أجرى مشاورات في نيويورك مع كيانات الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن، إلى جانب الدول الأعضاء الأخرى المعنية في الأمم المتحدة والخبراء المستقلين، وقد أكدوا أن العراق حصل فيه تغيير كبير عما كان عليه قبل 2003، خصوصا في مجال الديمقراطية والسلم الأهلي".
وقال، إنه "تابع جهود الحكومة والمشاريع الاقتصادية التي أطلقتها، لاسيما مشروع طريق التنمية الذي سيكون له أثر كبير في تنويع الاقتصاد وتحقيق الاستقرار، وبين أن فريق المراجعة سيجري زيارة ميدانية في العراق وسيجتمع مع ممثلي الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، فضلا عن فرق الأمم المتحدة العاملة في العراق".
تجديد تفويض
في 30 أيار/ مايو من عام 2023 الماضي، جدد مجلس الأمن الدولي بالأجماع تفويض بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي" عاما آخر طالبا إجراء مراجعة استراتيجية لعملها وتقديمها للمجلس قبل نهاية آذار 2024.
وقد جدد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة خلال اجتماع له في نيويورك اليوم تفويض بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي". وصوت المجلس بـ 15 صوتاً لصالح مشروع القرار الذي اعتُمد بالإجماع بوصفه القرار 2682 لعام 2023 كما أظهر شريط فيديو قصير على موقع "يونامي" مدته دقيقتان.
ويستمر تفويض مجلس الأمن هذا للبعثة لمدة عام واحد حتى 31 أيار مايو عام 2024 حيث كانت الولايات المتحدة قد طرحت المشروع الأول من للقرار على أعضاء مجلس الأمن في العاشر من أيار/ مايو الماضي وجرى عقد جولة واحدة من المفاوضات في 15 منه ثم أعادت واشنطن طرح مسودة منقحة في 19 من الشهر نفسه ثم نسخة أخرى منقحة في 23 منه ووضعها تحت بند الصمت حتى 25 مايو لكن الوفدان الروسي والصيني كسرا بند الصمت لتُطرح بعدها نسخة ثالثة منقحة في 26 من الشهر.
مراجعة استراتيجية مستقلة لمهام يونامي
ويطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة القيام بمراجعة استراتيجية مستقلة لبعثة "يونامي" وتقديمها لمجلس الأمن في موعد لا يتخطى 31 آذار مارس عام 2024 وذلك بالتشاور مع حكومة العراق بالإضافة الى الوكالات والدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والخبراء والمجتمع المدني وحكومة الكويت (بما يتلاءم مع الفقرة 4 من القرار 2107 المؤرخ 27 حزيران يونيو 2013 الذي نقل قضايا العراق والكويت إلى ولاية بعثة يونامي).
تقييم التهديدات للسلام والأمن
وتستهدف هذه المراجعة تقييم التهديدات الحالية للسلام والأمن في العراق وتقييم أهمية استمرار مهام وأولويات بعثة الأمم المتحدة "يونامي" وطرح توصيات لتحسين مهمات ولاية بعثة "يونامي" وهيكليتها والموظفين لدعم الحكومة العراقية في مواجهة تحديات السلام والأمن.
كما أن مهمة المراجعة ستقوم بتحديد الخيارات الإضافية لدعم حكومة العراق في تعزيز التعاون الإقليمي الفعال في قضايا مثل أمن الحدود وإزالة الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب وقضية اللاجئين وفي مجال الطاقة والمياه والآثار الضارة للتغيير المناخي وخصوصا تلك التي تؤدي إلى التصحر والجفاف.
ماهي يونامي؟
يشار الى إن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" هي بعثةٌ سياسيةٌ خاصةٌ تأسست في عام 2003 بموجب قرار مجلس الأمن الدولي برقم 1500 بناءً على طلبِ حكومة العراق. وقد اضطلعت البعثة بمهامها منذ ذلك الحين، وتوسّعَ دورُها بشكلٍ كبيرٍ في عام 2007 بموجب القرار 1770.
ويتمثل تفويض يونامي بمنح الأولوية لتقديم المشورة والدعم والمساعدة إلى حكومة وشعب العراق بشأن تعزيز الحوار السياسي الشامل والمصالحة الوطنية والمجتمعية: بالمساعدة في العملية الانتخابية وتيسير الحوار الإقليمي بين العراق وجيرانه وتعزيز حماية حقوق الإنسان والإصلاح القضائي والقانوني.
وقد كُلفت البعثة أيضا بالعمل مع الشركاء الحكوميين والمجتمع المدني لتنسيق الجهود الإنسانية والإنمائية لوكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها. وفي حين أن يونامي لا تقدم بنفسها برامج إنسانية وإنمائية، فإنها ترفع من شأن القضايا الإنمائية والإنسانية في العراق وتربط بين الشركاء العراقيين - من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني - وبين الخبرات الفنية المتاحة ضمن أسرة الأمم المتحدة في العراق.
ويرأس يونامي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق والذي يعاونه نائبان، أحدهما يشرف على الشؤون السياسية والمساعدة الانتخابية في حين أن الثاني يشرف على الجهود الإنسانية والإنمائية للأمم المتحدة ويؤدي أيضاً مهام المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق.
وفي الوقت الراهن هناك حوالي 648 موظفا يعملون في البعثة منهم 251 موظفا دوليا و397 وطنيا يعملون في البعثة.