دائرة خلافات وانشقاقات الإقليم تتوسع.. زيارة نيجيرفان بارزاني إلى طهران تعزز مكانة الإقليم وتستفز رئيسه السابق
انفوبلس..
يوماً بعد آخر تتكشف أوجه الانقسامات بداخل الأسرة الكردية الحاكمة، فبعد الخلافات الظاهرة والمضمرة بين رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمه رئيس الوزراء مسرور بارزاني نجل زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس السابق للإقليم مسعود بارزاني، جاءت زيارة نيجيرفان إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتعمّق تلك الخلافات حيث يبدو إن رئيس الإقليم أصبح يسير بخطى منفردة بعيدة عن خطى عمه مسعود التي أثبت الزمن أنها أضرّت بالإقليم وشعبه وأدخلته عزلة داخلية وإقليمية كبيرة.
ووصل رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، أمس الأول الأحد، إلى طهران في زيارة بناءً على دعوة رسمية.
وهذه الزيارة هي الخامسة خلال 11 عاماً، يعتزم خلالها رئيس الإقليم تعزيز العلاقات بين الإقليم وطهران، عبر مباحثات مع كبار القادة الإيرانيين.
وبحسب مسؤول في مكتب بارزاني فإن هذه الزيارة مهمة، تأتي بعد جولة مباحثات موسعة مع القادة السياسيين في بغداد، قال رئيس الإقليم إنه يدشن فيها مرحلة جديدة من العلاقة.
كما تأتي بعد مجيء الرئيس التركي إلى بغداد وأربيل الشهر المنصرم.
*زيارة مستفزة*
والتقى بارزاني، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد على خامنئي كما التقى رئيس إيران إبراهيم رئيسي، بالإضافة إلى وزير الخارجية أمير حسين عبد اللهيان.
وبشأن برنامج الزيارة كشفت مصادر مطلعة من داخل كردستان أنه استفز زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، لأن السيد الخامنئي رحّب بنيجرفان فيما لم يستقبل مسعود بارزاني منذ 13 عاماً، وهو اللقاء الأخير الذي جمعهما وكان بهدف بحث الأزمة السورية في عام 2011.
*تغطية مكثفة*
وغطت وسائل الإعلام الكردية بشكل مكثف هذه الزيارة، وقال رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار سيويلي إن "زيارة رئيس إقليم كردستان والوفد المرافق له إلى طهران، مهمة في وقت يمر فيه الإقليم بوضع حساس".
وقال سيويلي، إنه "لا يوجد شيء مخفي، وأن العلاقات بين إقليم كردستان وإيران كانت باردة لبعض الوقت".
وقال: "لسنوات عديدة، لم تتم تسوية العلاقات على مستوى عالٍ، بين الإقليم وجمهورية إيران الإسلامية، ولم تتم تنميتها".
وأضاف، إن "الزيارة ستشمل عددا من القضايا التي تتعلق بشكل مباشر بالبلدين"، مشيراً إلى أن "هذه الزيارة هي بداية إعادة بناء وتعزيز العلاقات بين أربيل وطهران".
وأكد أنه من المهم أن تكون لدى إيران وإقليم كردستان علاقات طبيعية لأن لديهما مصالح سياسية واقتصادية وأمنية مشتركة.
وتابع، "إذا كان لإقليم كردستان وإيران عدو مشترك في بغداد قبل عام 2003، فإن لديهما الآن صديق مشترك في بغداد، وبالتالي فإن تحسين العلاقات بين أربيل وطهران سيكون له تأثير إيجابي".
وأردف: "العلاقة بين أربيل وطهران ليست جديدة، لكنها علاقة تاريخية، ودعونا لا ننسى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية فتحت أبوابها لنا دائما".
وكانت آخر زيارة لنيجيرفان بارزاني إلى إيران، عام 2021، عندما توجه إلى إيران لحضور مراسيم أداء اليمين للرئيس إبراهيم رئيسي.
*تعزيز العلاقات*
من جهته، أكد رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، فوزي حريري، أن الزيارة جاءت من أجل تعزيز العلاقات الثنائية، وتجديدها، مؤكداً على أهمية احترام إيران لسيادة العراق وإقليم كوردستان.
وقال حريري، إن "زيارة رئيس إقليم كردستان، جاءت بناءً على دعوة رسمية من طهران، والوقت حالياً، مناسب للقيام بتلك الزيارة".
وأشار حريري إلى العلاقات السياسية والاقتصادية التاريخية مع إيران، وقال: "مثلما لدينا أفضل العلاقات، مع تركيا، يجب أن تكون علاقتنا مع إيران بهذا المستوى أيضاً، وفي الوقت نفسه على إيران احترام سيادة العراق وإقليم كردستان".
ووفقاً لحريري: "الهدف من زيارة رئيس إقليم كردستان هو تعزيز وتجديد العلاقات مع إيران، في كافة المجالات"، مشيراً إلى تفاؤلهم بحل المشكلات إن وجدت.
حريري أكد أيضاً: "من جانبنا لن نسمح أبداً، بوجود أي تهديد على أمن إيران أو تركيا أو سوريا، داخل كردستان".
*أهداف غير معلنة*
وعن أهداف زيارة البارزاني إلى إيران، يقول الخبير الكردي الإيراني صلاح الدين خديو، إن أهم تلك الأهداف، هو بذل مساعٍ لاستخدام العلاقة بين طهران وبغداد لإلغاء قرار المحكمة الاتحادية بشأن إجراء الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق في 10 يونيو/حزيران المقبل.
ويضيف خديو، إن الحزب الديمقراطي الكردستاني يسعى جادّاً إلى إرجاء الانتخابات التشريعية على أمل انتهاء المهلة القانونية للجنة الانتخابات العراقية، التي لأول مرة خلال العقود الأخيرة بعد عام 2003 أوكلت إليها مسؤولية الرقابة على الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق.
ويوضح الخبير الكردي الإيراني، أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يسعى إلى التأثير على قرارات المحكمة الاتحادية لتجاوز أكبر أزمة يشهدها الحزب خلال العقود الثلاثة الأخيرة، المتمثلة في موضوع الانتخابات البرلمانية، الذي سبق أن أعلن أنه سيقاطع هذه الانتخابات اعتراضاً على قرار للمحكمة الاتحادية العراقية بشأن قانون الانتخابات.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت في تاريخ 21 شباط/فبراير قراراً حدّدت فيه عدد أعضاء برلمان الإقليم بمئة عضو بدل 111، وتسليم المفوضية العليا للانتخابات إدارة انتخابات الإقليم بديلاً من هيئة أخرى محلية في إقليم كردستان العراق.
وتعقيباً على هذا القرار، أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم الذي يتولى رئاسة حكومة الإقليم وفي الوقت نفسه يملك الغالبية في البرلمان الحالي، في بيان "عدم الاشتراك في انتخاب يجري خلافاً للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابي مفروض".
*أزمة انتخابات الإقليم*
وكتبت النائبة سروة عبد الواحد، رئيسة كتلة الجيل الجديد الكردستانية في البرلمان، في حسابها على منصة "إكس"، الأحد: الحزب الديمقراطي يقول إنه لن يشارك في الانتخابات حتى لو جرى تأجيلها إذا لم يجرِ تنفيذ شروطه، وهي عدم الاعتراف بقرارات المحكمة الاتحادية، وحل المفوضية الحالية، وتشكيل مفوضية بمباركة الحزب الديمقراطي.
وأضافت: الأحزاب الأربعة الرئيسية بعيداً عن الحزب الديمقراطي ما زالت مصممة على عدم التأجيل واحترام قرارات المحكمة الاتحادية.
وتابعت: في حال إصدار مرسوم من قبل رئيس حكومة الإقليم منتهية الولاية فإننا سنذهب إلى المحكمة للطعن، وسنطالب بحل الرئاسة لأن وجودها غير دستوري. ليس من حقه، وفق القانون، إلغاء أو تأجيل الانتخابات، بل مهمته تقتصر على تحديد الوقت، وقد جرى التحديد، والمفوضية صرفت ملايين الدولارات.
إلى ذلك، كشف مصدر مطلع إن زيارة بارزاني إلى طهران تأتي في سياق مساعي الحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني) لتأجيل انتخابات برلمانهم لمنحه فرصة إجراء تعديلات على قرار المحكمة الاتحادية فيما يخص حصص الأقليات وإشراف مفوضية الانتخابات الاتحادية عليها بدلاً من مفوضية الإقليم.
وأفاد المصدر أن بارزاني سيركز على مطالبة طهران الضغط على حليفهم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه بافل طالباني، للموافقة على تأجيل الانتخابات.
وأضاف: يضع الإيرانيون على طاولتهم ملف المنظمات الإسرائيلية الموجودة في الإقليم والتي تستهدف أمن بلادهم باستمرار.
*بغداد على اطلاع كامل*
إلى ذلك أكدت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي أن زيارة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، إلى إيران ناجحة وبامتياز، مشيرة إلى أن الملف الأمني له الأولوية في المباحثات مع طهران.
وقال عضو اللجنة عباس الجبوري إن "زيارة نيجيرفان بارزاني إلى إيران ناجحة وبامتياز لما يمتاز به من خطاب وسطي ومعتدل ومواصفات جيدة للحوار وحل القضايا الشائكة بين البلدين الجارين".
وأضاف الجبوري، أن "الملف الأمني له الأولوية في المباحثات التي يجريها نيجيرفان بارزاني في طهران، حيث برزت خلال الآونة الأخيرة الكثير من القضايا منها تبني قصف إحدى المقرات في الإقليم، وبعدها قصف مجهول المصدر، وأن النقاش والتواصل وتبادل المعلومات بين الطرفين سيؤدي إلى معرفة صاحب الفعل".
وأشار النائب، إلى أن "رئيس إقليم كوردستان سيبحث – إلى جانب الملف الأمني – الملف الاقتصادي وتنظيم حركة البضائع بين الطرفين".