رسالة حادة إلى مجلس الأمن لإنهاء بعثة "يونامي".. وانفوبلس تتقصى الحيثيات وأبرز الأدوار المشبوهة التي قادت لذلك
انفوبلس/ تقارير
عبر رسالة حادّة وطلب رسمي، أخرج العراق نفسه من "عباءة" الأمم المتحدة بعد هيمنة دامت أكثر من عشرين عاما، ووضع حداً للأدوار المشبوهة، ومهّد لبداية إنهاء التواجد الأمريكي والهيمنة التي يفرضها مجلس الأمن الدولي على البلاد، وسط ترحيب كبير لإنهاء سطوة بلاسخارت ووضع خارطة طريق لإخراج كل مَن له علاقة بإثارة الفتن في العراق. فما هي حيثيات رسالة السوداني إلى الأمم المتحدة؟ وأسباب طلبه إنهاء عمل "يونامي"؟ إليك كل ما تريد معرفته عن البعثة وموعد مغادرتها وإمكانية تنفيذ ذلك.
*طلب العراق.. ورسالة حادة
أمس الأول، وجّهت الحكومة انتقادات حادة لبعثة الأمم المتحدة، وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إن العراق لم يعُد بحاجة إلى دورها السياسي بعد 20 عاماً من التحول الديمقراطي، في حين طالب برحيل البعثة في موعد أقصاه 31 يناير (كانون الثاني) 2025.
وبعث السوداني، برسالة مفصلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تضمّنت اعتراضات على فريق تابع للأمم المتحدة تواصَل مع جهات غير رسمية، لديها وجهات نظر تمثل نفسها بشأن تقييم حالة العراق.
وذكّر السوداني، في رسالته، بطلب سابق للعراق لتقليص ولاية البعثة الدولية في العراق، لكن مجلس الأمن قرر تشكيل فريق الاستعراض الاستراتيجي المستقل؛ لبيان الحاجة إلى استمرار عمل البعثة.
وجاء في نص رسالة السوداني: "لم يقتصر تشاور الفريق كما كان متوقعاً مع الحكومة العراقية، بل امتد إلى أطراف لم يكن لها دور عند إنشاء البعثة عام 2003".
ورغم ذلك، أكدت الحكومة إنها قدمت للفريق جميع التسهيلات لإنجاز مهمته احتراماً لقرارات مجلس الأمن، وانسجاماً مع عمق العلاقة مع المنظمة التي يفتخر العراق بأنه أحد مؤسسيها.
وقال السوداني، إن الحكومة أوضحت للفريق أن العراق لم يعد بحاجة لاستمرار بعثة يونامي التي تقودها الهولندية جنين بلاسخارت، رغم تأكيده أهمية التعاون مع الوكالات الدولية المتخصصة العاملة في العراق، البالغ عددها 22 وكالة دولية، وفق آلية المنسق المقيم.
وعبّر السوداني عن أسفه لأن تقرير الفريق الدولي لم يفرّق بين وجهة نظر الحكومة ووجهات نظر أطراف غير رسمية يمثلون آراءهم الشخصية.
*إنهاء العمل مع نهاية عام 2025
وفي أحدث توضيح على قرار العراق، أصدرت الحكومة، اليوم الأحد، بياناً بشأن إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة، فيما أشارت الى أنها طلبت إنهاء عمل بعثة يونامي مع نهاية عام 2025
وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي في بيان، "التزاماً من الحكومة ببرنامجها المصوّت عليه من قبل مجلس النواب، وفي إطار تعزيز دور المؤسسات الدستورية، وخلال سعيها لتنظيم علاقات العراق مع الهيئات الدولية بما يتلاءم والتطورات التي حدثت منذ عام 2003، وبما يسهم في توظيف تلك العلاقات بالشكل الذي يخدم المصالح الوطنية، تقدمت الحكومة العراقية خلال شهر أيار 2023، بطلب إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، لتقليص ولاية بعثة الأمم المتحدة (يونامي) وإجراء تقييم موضوعي لعملها، تمهيداً لإنهاء مهمتها وغلقها بشكل نهائي، لانتفاء الظروف التي تأسست من أجلها هذه البعثة قبل21 عاماً".
*لا حاجة لاستمرارها في العراق
وأضاف العوادي، أنه "نتيجة لطلب الحكومة العراقية قام مجلس الأمن بتشكيل فريق الاستعراض الستراتيجي المستقل، الذي أجرى تقييماً مستقلاً لبعثة يونامي، خلص فيه إلى عدم وجود حاجة لاستمرار عملها وذلك نظراً للتطورات الإيجابية والإنجازات المهمة التي تحققت في العراق وفي شتى المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلاقاته الإقليمية والدولية".
وتابع، "بناءً على ما ورد في تقرير فريق الاستعراض الستراتيجي المستقل وقناعة الحكومة التي شاركتها مع دول مجلس الأمن والأمم المتحدة منذ العام الماضي، فقد طلبت الحكومة إنهاء عمل بعثة يونامي مع نهاية عام 2025، التي تعتبر مدة كافية يمكن خلالها تحقيق الغلق المسؤول".
*السوداني يتحدث عن حيثيات الطلب
وبهذا الشأن، تحدث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن حيثيات طلبه، مشيراً لما أسماها بـ"التطورات الإيجابية ونجاحات" الحكومات المتعاقبة وعن إنجاز ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) التي تشكلت بعد عام 2003، وأشار إلى أنه في هذه الظروف و"بعد 20 عاماً من التحول الديمقراطي والتغلب على التحديات المختلفة، لم تعد أسباب وجود بعثة سياسية في العراق قائمة".
ولذلك "ندعو إلى إنهاء ولاية البعثة.. بشكل دائم في 31 ديسمبر 2025" وفق ما جاء في الرسالة، على أن تركز يونامي حتى ذلك الحين على الملفات المرتبطة بالإصلاح الاقتصادي ومكافحة التغير المناخي وقضايا التنمية.
*اللجنة القانونية ترحب
إلى ذلك، رحبت اللجنة القانونية النيابية، بطلب السوداني بإنهاء بعثة يونامي التابعة للأمم المتحدة في العراق".
وقال عضو اللجنة، رائد المالكي، عبر منصة "إكس": "نرحب بطلب رئيس الوزراء إنهاء بعثة اليونامي التابعة للأمم المتحدة في العراق".
وأكد المالكي أن "وجود هذه البعثة يستند إلى قرارات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة"، مبينا، أنها "شكل من أشكال تقييد السيادة على المستوى الدولي".
*خروج من هيمنة مجلس الأمن
ويرى مراقبون، أن قرار إنهاء مهام بعثة يونامي في العراق يتناسق مع قرار الخروج من البند السابع الذي قيد البلد لسنوات عديدة سابقة، حيث عده اغلب الأوساط الشعبية والسياسية الطلب بمثابة البداية لإنهاء القوات القتالية الامريكية من البلد.
بدوره، أكد عضو تحالف الفتح محمود الحياني، ان قرار انهاء مهمة بعثة الامم المتحدة في العراق خطوة بالاتجاه الصحيح، مضيفا أن إنهاء تواجدها سيحد من التدخلات العديدة في الشؤون الداخلية للبلد.
وقال الحياني في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "طلب الاستغناء عن تواجد يونامي في البلد سيحد من اللقاءات غير القانونية مع معظم السياسيين"، مشيرا الى ان "هذه الخطوة هي بداية انهاء التواجد الامريكي والهيمنة التي يفرضها مجلس الامن الدول على العراق".
ويختتم الحياني حديثه، "لا يوجد أي اهمية او مغزى من وجودها الذي يكلف الحكومة اموالا طائلة دون اي فائدة واقعية تذكر"، مردفا ان "انهاء تواجدها سينهي التدخلات العديدة في الشؤون الداخلية لعمل الحكومة".
*طلب عراقي وتوصية أممية
أيضا، أكد المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، أمس السبت، أن إنهاء عمل بعثة اليونامي جاء بطلب عراقي وتوصية أممية، مشيراً الى أن هذا القرار يتطابق مع رؤية الحكومة في هذا الملف.
وأضاف، أن "العراق بلد ذو سيادة وقد تعافى من الأزمات والانهيارات التي أصابته جراء الحروب المتعددة، والآن يلعب دوراً محورياً كبيراً في المنطقة".
وأوضح العوادي أن "فريق الأمم المتحدة المستقل الذي أرسله مجلس الأمن برئاسة الألماني فولكر لدراسة واقع عمل اليونامي، هو أيضاً توصل إلى نتيجة وهي إنهاء بعثة اليونامي أي بمعنى أنه تطابق مع رؤية حكومتنا في هذا الملف"، مؤكداً أن "القرار العراقي يتماشى مع متن توصيات اللجنة مع فارق في التوقيت، إذ يرى العراق إنهاء المهام في نهاية العام 2025".
*التميمي: الطلب قانوني وتواجُد يونامي يُعد تدخلا في الشؤون الداخلية
الى ذلك، يوضح الخبير القانوني علي التميمي، بشأن قرار الحكومة بإنهاء تواجد بعثة الامم المتحدة في العراق، فيما اكد ان الطلب قانوني ويتم عن طريق وزارة الخارجية الى مجلس الامن للتصويت على انهاء البعثة التي ابتدأ وجودها عام 2003 ولغاية الان.
وقال التميمي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، ان "تواجد بعثة اليونامي عادة يكون في الدول التي لا تزال تحت طائلة البند السابع الذي خرج منه البلد خلال الفترة السابقة"، مشيرا الى ان "العراق اصبح بلد متكامل الاركان، بالنظر الى العلاقات الدبلوماسية الواسعة مع دول العالم".
وأشار إلى أن "تواجد بعثة الامم المتحدة في البلد هو تدخل بالشؤون الداخلية بحد ذاته، فضلا عن العديد من النقاط غير الشرعية التي تمضي بها"، لافتا الى ان "هذا التدخلات تتعارض من المواد القانونية لمجلس الامن الدولي رقم (1، 2، 3) من ميثاق الامم المتحدة لحفظ السيادة".
ووصف التميمي خلال حديثه: "طلب انهاء تواجد بعثة اليونامي في العراق بالقرار الشجاع والخطوة المباركة من الحكومة"، مبينا ان "الطلب قانوني ويتم عن وزارة الخارجية الى مجلس الامن للتصويت على انهاء البعثة التي ابتدئ وجودها عام 2003 ولغاية الان".
*العراق لا يحتاج يونامي
في آذار الماضي، قال وكيل وزارة الخارجية لشؤون التخطيط السياسي، هشام العلوي إن الحكومة العراقية تريد التركيز على قضايا التنمية، وليست بحاجة إلى دور “يونامي” في الجانب السياسي، لأن النظام حالياً وصل مرحلة من النضج الكافي.
* أدوار خارج الصلاحيات
كما هاجمت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، في (17 شباط 2024)، بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي"، فيما أشارت إلى أنها لعبت أدوارًا ليست من صلاحياتها في العراق.
وقال عضو اللجنة النائب عامر الفايز، إنّ "أوضاع العراق الاستثنائية وارتباطه ببعض القرارات الدولية هي من كانت وراء وجود بعثة يونامي في بغداد لغرض المتابعة والمراقبة وفق صلاحيات محددة لكن التدخل في شؤونه الداخلية خاصة الملف السياسي يمثل تجاوزًا لصلاحياتها وهذا ما لا يختلف عليه اثنان".
*فساد البعثة وفضائحها في العراق
وسابقاً، أعلنت هيئة النزاهة العراقية، أنها بدأت بتنفيذ تحقيقات بشأن شبهات فساد أثيرت بحق بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، منها تلقي رشى من أجل الحصول على مشاريع معينة.
وكانت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية قد اتهمت في تقرير لها موظفين لدى الأمم المتحدة في العراق بتلقي رشى من رجال أعمال عراقيين بغية كسب عقود لمشاريع إعادة الإعمار.
ووفقاً لبيان أصدرته هيئة النزاهة، فإنها “شكلت فريقاً شرع في إجراءاته التحقيقية والتدقيقية بشأن المعلومات الواردة في المقال المنشور في صحيفة “ذا غارديان”، وأن الفريق تواصل مع محررة المقال المنشور بصدد ذلك للحصول منها على دلائل وتوضيحات وأدلة إثبات على ما ساقته من معلومات وشبهات فساد اتهمت بها موظفي الأمم المتحدة العاملين في العراق”.