سرقة القرن (2) منع ديوان الرقابة من متابعة صرف أموال هيئة للضرائب كان أول خطوات السرقة.. تعرف على أول من سقطوا في وحل الجريمة وأدوارهم
انفوبلس تجمع لك الحكاية
انفوبلس/..
التهمت الجريمة المنظمة التي باتت تُعرف في العراق بـ "سرقة القرن" مبلغ (2.5 مليار دولار) خلال 11 شهراً، من حساب الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين، وتدور الشبهات حول 16 متهماً خضعوا للتحقيق بتشكيل شبكة تمتد خيوطها من مجلس النواب الى مجلس الوزراء السابق، وصولاً إلى الهيئة العامة للضرائب ووزارة المالية، بحسب تصريحات نواب ومتابعين للملف أشاروا إلى أن المبلغ المسروق الذي يوازي نحو ربع موازنة دولة جارة للعراق، تم استخدامه لشراء نحو 100 عقار بأسعار مبالغ فيها.
ووقعت الجريمة بعد شهرين من استقالة وزير المالية السابق علي علاوي، والتي جاءت إثر تداعيات فضيحة فساد في عقد تعويض شركة أهلية للنظم وخدمات الدفع الإلكتروني (بوابة عشتار) بمبلغ 600 مليون دولار من قبل مصرف الرافدين، وبعد أيام من قرار قضائي بوقف صرف نحو 50 مليون دولار، لمكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
الصك الحكومي في العراق يتم صرفه دون تأخير، ولهذا فإن مصرف الرافدين كان ملزماً بصرف تلك الأموال، حتى وإن كانت الأموال كبيرة جدا
ويشير مراقبون للشأن السياسي، أن "الصك الحكومي في العراق يتم صرفه دون تأخير، ولهذا فإن مصرف الرافدين كان ملزماً بصرف تلك الأموال، حتى وإن كانت الأموال كبيرة جدا". “ولوقف الشكوك بشأن الشركات المستلمة التي ليست لديها أمانات ضريبية أصلا، فقد كانت ترد المصرف اتصالات من مكتب رئيس الوزراء للصرف".
وعن كيفية قيام الجهات المستولية على أموال الأمانات بتبييضها، فإنها قد أُنفقت على شراء عقارات وحصص في مركزين تجاريين (مول)، لأنه من الصعب تحويلها إلى خارج البلاد. يبدو أنهم كانوا على عجلة لصرف تلك المبالغ، وكانوا يدفعون سعراً أكبر من السعر الحقيقي للعقار.
هيثم الجبوري والرقابة المالية
وأكدت مصادر نيابية، أن "هنالك 16 متهماً يتم التحقيق معهم حاليا لمعرفة تفاصيل السرقات والمتورطين فيها، وأن أولى خطوات الشبكة للاستحواذ على أموال الضرائب بدأت من كتاب قدَّمه رئيس اللجنة المالية هيثم الجبوري الى مكتب رئيس الوزراء لإلغاء تدقيق ديوان الرقابة المالية وحصر المهمة بالهيئة العامة للضرائب، بحجة "حصول تأخير في إجراءات صرف المستحقات المالية لمستحقيها والخاصة بالأمانات الضريبية والجمركية".
واتهم برلمانيون، النائب السابق هيثم الجبوري، بتمرير ذلك الكتاب من دون علم أعضاء اللجنة المالية الذين كانوا منشغلين بالدعاية لأنفسهم للانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2021.
وبحسب البرلمانيين، فإن مسؤولين بمكتب رئيس الوزراء مرروا الكتاب من خلال مدير المكتب رائد جوحي، ليُرفع الى وزارة المالية "لمنع ديوان الرقابة من متابعة صرف الأموال في الهيئة العامة للضرائب، ولكي يتم تخويل مدير الهيئة بالصرف".
اعتقاله وإطلاق سراحه
وتم اعتقال مستشار رئيس الوزراء السابق، ورئيس اللجنة المالية النيابية السابق، هيثم الجبوري بناءً على تضخم أمواله بطرق مجهولة المصدر وغير شرعية، وأمر الاعتقال له علاقة أيضا باعترافات أدلى بها نور زهير صاحب شركة (الأحدب) والمتهم الرئيسي بـ(سرقة القرن) للسلطات القضائية ضد الجبوري.
وتم إطلاق سراح هيثم الجبوري، أحد المعتقلين على ذمة قضية "سرقة القرن" بكفالة مالية قدرها 4 مليارات دينار عراقي، عن قضية تورطه بالسرقة والكسب غير المشروع، وبحسب مصادر مطلعة، فإن "الجبوري قام بإعادة جزء من الأموال وتعهد بإعادة ما تبقى في ذمته من أموال خلال الأيام المقبلة.
قنبر آغا ودوره الغامض
مدير الرقابة السابق في مصرف الرافدين، طلب من حسين قنبر آغا إثبات أنه مستشار رسمي لوزير المالية، وبعد أيام تم نقل المدير خارج المصرف، ثم نقل المدير العام السابق ومعاونه، وجاء قنبر بعد ذلك بمدير عام جديد للمصرف هو أحد مساهمي الناسك، عبد الحسن جمال عبدالله
ظهر اسم قنبر للمرة الأولى أواخر عام 2022، كواحد من الذين تربطهم صلة ما، غير واضحة، بسرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب، مرة بوصفه شريكاً فيها، ومرة كأحد الذين ساهموا في الكشف عنها، فيما عدّه مراقبون للشأن السياسي، أنه كان يعمل على ابتزاز السارقين لأموال هيئة الضرائب.
وتؤكد مصادر مطلعة، إن "حسين قنبر آغا، عاد إلى العراق، عام 2021، للعمل في (مشروع إصلاح مصرفي لصالح وكالة التنمية الدولية الأمريكية)، وأثناء وجوده هناك سمع شائعات بأن حساب مصلحة الضرائب في الرافدين قد تعرض للنهب.
حسين قنبر آغا الذي كان يعمل مديراً في مصرف الناسك، قدّم نفسه كمستشار لوزير المالية علي علاوي، وتدريجياً أصبح ضيفاً شبه يومي في مصرف الرافدين، يعقد الاجتماعات ويصدر التوبيخات، وقد اشتُهِرَت مشاجرة له تسبب بها مع الكادر القديم لمصرف الرافدين، حين رفضوا تمرير بعض مقترحاته، وطالبوه بوثيقة رسمية تثبت تخويله.
وحين استفسرت لجنة برلمانية لتقصي الحقائق من وزير المالية السابق علاوي عن صفة قنبر، فيما إذا كان بالفعل مستشاراً لديه، أجاب علاوي، أنه “يعمل بعقد مع وكالة التنمية الأميركية USAID، وأنه تم التعاقد معه بهذه الطريقة لأن راتبه كبير ولا تستطيع الوزارة دفعه”، وكان رأي اللجنة رداً على ذلك، “لا يوجد سند قانوني لمثل هكذا تعاقد".
وتشير مصادر، إلى أن "وزير المالية وكالة (إحسان عبد الجبار) قد من طلب من حسين قنبر آغا، العودة إلى بغداد والتحقيق في شائعات عن سرقة في مصرف الرافدين، أكبر بنك مملوك للدولة في البلاد".
وبحسب المصادر، فإن "مدير الرقابة السابق في مصرف الرافدين، طلب من حسين قنبر آغا إثبات أنه مستشار رسمي لوزير المالية، وبعد أيام تم نقل المدير خارج المصرف، ثم نقل المدير العام السابق ومعاونه، وجاء قنبر بعد ذلك بمدير عام جديد للمصرف هو أحد مساهمي الناسك، عبد الحسن جمال عبدالله".
وكان تعيين (عبدالحسن جمال عبدالله) كأول مدير في تاريخ مصرف الرافدين لا ينتمي إلى المصرف، وبلا خلفية مصرفية، وقد تم تعيين مدير رقابة داخلية جديد أيضاً بخلفية متواضعة، ليُديرا شؤون المصرف بموظفيه الذين يتجاوز عددهم 8000.
وتم تغيير مدير عام هيئة الضرائب الذي كان يشغله شاكر الزبيدي، واستلم الموقع سامر الربيعي في آب قبل أن يُبدل سريعاً بمدير آخر هو أسامة حسام جودت الذي يبدو أنه قد عُيّن لتمرير العملية لأنه أتى بثلاثة موظفين بعد أن دمج ثلاثة أقسام في الدائرة هي كانت تشكل فلاتر صرف الأموال، في قسم واحد لحصر عملية صرف الأموال من خلال موافقة المدير والموظفين المذكورين على الصكوك".
وزعم قنبر، في حوار صحفي تابعته INFOPLUS، إنه “تلقى اتصالاً من وزير المالية السابق بالوكالة، في آب 2022، للمساعدة على اكتشاف سرقة ضخمة من ودائع مصرف الرافدين".
وتشير مصادر إعلامية إلى، أن قنبر "مستشار يبلغ من العمر 49 عامًا ولديه شغف بالخدمات المصرفية الرقمية، وُلد في العراق لكنه قضى معظم فترة بلوغه في ستوكهولم”، مشيرة إلى أنه “هاجر بعد انتفاضة 1991 في جنوب العراق".
4 شخصيات في الحكومة السابقة
ونشرت مصادر إعلامية، تقريرا قالت فيه إن السلطات العراقية دعت أمريكا وبريطانيا والإنتربول للمساعدة في اعتقال وتسليم المشتبه بهم في القضية على أراضي تلك الدول.
وأوضحت المصادر، إن "هناك أربع شخصيات كبيرة في الحكومة العراقية السابقة في عهد مصطفى الكاظمي مطلوبون في القضية، وهم وزير المالية السابق علي علاوي، ورائد جوحي مدير مكتب رئيس الوزراء السابق، والسكرتير الخاص أحمد نجاتي، والمستشار مشرق عباس الذين يعيشون في دبي ولندن وواشنطن".
وسبق أن صادرت المحاكم العراقية، ممتلكات تخص وزير المالية السابق إحسان عبد الجبار، الذي فتح التحقيق. كما كشف مصدر قضائي، في آذار 2023، عن صدور قرار يقضي بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لوزير المالية السابق علي عبد الأمير علاوي ومدير مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.
وقال المصدر، إن "القضاء العراقي قرر حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لوزير المالية السابق علي عبد الأمير علاوي، ورائد جوحي الساعدي مدير مكتب رئيس الوزراء السابق، وعبد الأمير حسون علي طه، ومحمد حسون علي طه اللذان يعملان بمهنة "كاسب".
يذكر أن علي عبد الأمير علاوي، شغل منصب نائب رئيس الوزراء وزير المالية في حكومة مصطفى الكاظمي، وتقلد علاوي مناصب في الحكومة العراقية بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، وشغل منصب وزير التجارة ووزير الدفاع، ويحمل الجنسيتين العراقية والبريطانية.