"سرقة القرن".. تضارب في التصريحات حول إطلاق سراح ضياء الموسوي: هل خرج بكفالة؟
انفوبلس/ تقرير
يعود الحديث عن أحد المتهمين بسرقة الأمانات الضريبية المعروفة إعلامياً بـ(سرقة القرن) وقضايا فساد أخرى، حيث هناك أنباء تفيد بإطلاق سراح المتهم ضياء الموسوي بعد أن سلّم نفسه للقضاء العراقي في شهر آذار الماضي 2023.
* تأكيد سياسي على إطلاق سراح المتهم "ضياء الموسوي"
وقال القيادي في دولة القانون جاسم محمد جعفر، إن "إطلاق سراح المتهم بقضية سرقة القرن ضياء الموسوي تمت بعد أن سلّم نفسه للقضاء بشكل طوعي". مضيفا، إن "عملية إطلاق سراح الموسوي تمت بذات الطريقة التي أُطلق فيها سراح المتهم نور زهير حيث تم إرجاع جزء من الأموال وستتم إعادة جميع الأموال".
*مصادر تنفي
كما نفت مصادر أمنية رفعية المستوى، الأنباء التي تحدثت عن إطلاق سراح المتهم بقضية سرقة القرن ضياء الموسوي. وقالت المصادر لـ "انفوبلس"، إن "الحديث عن إطلاق سراح المتهم بقضية سرقة القرن ضياء الموسوي غير صحيحة".
فيما قال القيادي في تحالف الفتح عائد الهلالي، إنه "ليس هناك أي شيء رسمي أو أي موقف من قبل القضاء العراقي أو رئاسة مجلس الوزراء، أو على مستوى القوات الأمنية المسؤولة عن قضية ضياء الموسوي حول إطلاق سراحه".
كما لم يصدر بيان حكومي رسمي ليؤكد أو ينفي الخبر المتداول لغاية الآن.
*الموسوي يسلّم نفسه للقضاء العراقي
وفي الـ 13 من شهر آذار الماضي 2023، سلّم الضابط في جهاز المخابرات العراقي، ضياء الموسوي، نفسه إلى القضاء، للتحقيق معه في حيثيات سرقة الأمانات الضريبية المعروفة إعلامياً بـ(سرقة القرن).
وقالت مصادر أمنية لـ"انفوبلس"، إن "الضابط ضياء الموسوي (مدير عام في جهاز المخابرات العراقي)، سلّم نفسه للقضاء طواعية بعد مفاوضات وجهود قضائية خالصة بدون تدخل سياسي أو حكومي". مشيرة إلى، أن "الموسوي صرّح أنه نادم على هروبه وأن الذي شجّعه على الهروب هم من كان يعمل معهم في الحكومة السابقة وكانوا يحذرونه من العودة وتسليم نفسه".
وأضافت المصادر، إن "المتهم ضياء الموسوي، وخلال فترة هروبه لم يغادر العراق وكان يختبئ في إحدى المحافظات"، مشيراً إلى أن "الموسوي موقوف حالياً لدى جهة أمنية مهمة والتحقيق معه فور تسليم نفسه".
وكانت دائرة الاسترداد في هيئة النزاهة الاتحادية، قد أعلنت في 17 تشرين الثاني 2022، عن إجراءات خاصة بملاحقة المدير العام في جهاز المخابرات الهارب "ضياء الموسوي".
وسبق أن صدرت مذكرة قبض قضائية بحق المتهم جراء تُهم منسوبة إليه تتعلق بجرائم فساد تتمثل بتهريب النفط واستغلال منصبه الوظيفي.
وجاءت مذكرة توقيف الموسوي، في تشرين الثاني 2022، بسبب تورطه في تسهيل تهريب الأموال المسروقة إلى خارج العراق.
وكشفت سجلات هيئة الطيران المدني، التي استخدمتها لجنة تقصي الحقائق، أن علاء خلف مران، وهو السكرتير الخاص لرائد جوحي، (المشتبه به الثاني) كان يرافق بانتظام رجل الأعمال نور زهير جاسم، (المشتبه به الرئيسي) بسرقة القرن، خلال سفراته الخارجية على متن "طائرة زهير الخاصة" طوال العامين الماضيين، وكان يرافقهما اللواء ضياء الموسوي.
كما عثرت القوات الامنية على جواز سفر قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني وقادة من حرس الثورة الاسلامية المرافقين للشهيد سليماني في خزنة خاصة لدى المتهم ضياء الموسوي المتورط في سرقة القرن.
*معلومات عن ضياء الموسوي
مفوض شرطة في زمن النظام البائد. توسط لدى أحمد وطبان إبراهيم الحسن عندما كان أبوه وزيرا للداخلية في التسعينيات فتمت ترقيته إلى ضابط شرطة وعُيِّن في مكافحة إجرام المسبح في بغداد.
بعد 2003 عمل مع الامريكيين واختصّ في وسط الفوضى الأمنية باختطاف وابتزاز الأثرياء والتجار. ومن بين من ذكر ممن اختطفهم مقابل المال المهندس باسم العاني والدكتور محمود البحراني ومفيد الهيتي وباسم مفتن وبمبالغ عشرات الآلاف من الدولارات.
كما كان يذهب لعمان حيث يبتز عوائل رموز نظام صدام حسين في مقابل إغلاق ملفات أمنية ضدهم كما كان يزعم لهم.
هرَّب بسيارته جمال الكربولي المحتجز حينها – 2007 – إلى السليمانية مقابل 250 ألف دولار، وبعد تولي أحمد الكربولي وزارة الصناعة أصبح ضياء مديرا لمكتب الوزير.
تلقفه بعد ذلك زهير الغرباوي رئيس المخابرات العراقية وعيّنه في قسم العمليات، ومن هناك بدأ يستخدم وظيفته الجديدة في مزيد من الابتزاز.
كما تربطه أيضا صلة قرابة بأسعد العيداني محافظ البصرة.
بعد تولي العبادي رئاسة الحكومة وتعيين مصطفى الكاظمي نائبا لرئيسها ثم رئيسا لها، أصبح ضياء مسؤولا لعمليات جهاز المخابرات، وبذلك انفتحت له كل الأبواب.
كوّن خلال كل هذه السنوات ثروة طائلة من بعضها عمارة في الأردن قيمتها 16 مليون دينار أردني وشقق وسيارات فاخرة وحصة في فندق الفيرمونت بالإضافة لبيت في منطقة الأميرات في بغداد.
بعد تولي السوداني لرئاسة الحكومة وانكشاف فضيحتي أموال الأمانات الضريبية وتهريب المشتقات النفطية التي اتُهِم بهما، هرب ضياء الموسوي إلى أربيل. كما تم العثور في داره ببغداد على حوالي 100 مليون دولار.
*سرقة القرن
وتتمثل "سرقة القرن" باختفاء مبلغ 3.7 تريليون دينار عراقي (نحو مليارين ونصف المليار دولار) من أموال الأمانات الضريبية، وتم الكشف عنها من قبل عدة جهات معنية قبل نحو شهرين من انتهاء فترة حكم الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي.
وعلى إثر انكشاف السرقة تحركت هيئة النزاهة والسلطة القضائية لتتولى التحقيق بالقضية وصدرت عدة أوامر قبض قضائية وكان أول المعتقلين رجل الأعمال نور زهير وتم إيداعه السجن، بالإضافة إلى آخرين، إلى جانب قرارات قضائية بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتورطين بالسرقة وكذلك أُسَرهم.
وبداية الشهر الجاري، أعلنت هيئة النزاهة أن القضاء أمر باعتقال 4 مسؤولين سابقين في حكومة مصطفى الكاظمي بتهمة "تسهيل الاستيلاء" على 2.5 مليار دولار من أموال الأمانات الضريبية، في إطار ما أُطلق عليه "سرقة القرن".
وقالت لجنة التحقيقات بالهيئة في بيان لها، إن "محكمة الكرخ الثانية المختصة بقضايا النزاهة أصدرت أوامر الاعتقال بحق المسؤولين السابقين إثر ظهور أدلة جديدة". وأضافت اللجنة، إن "الأربعة المشمولين بالقرارات القضائية هم: وزير المالية، ومدير مكتب رئيس مجلس الوزراء، والسكرتير الشخصي لرئيس مجلس الوزراء، والمستشار السياسي لرئيس مجلس الوزراء في الحكومة السابقة".
وفي حين لم يذكر بيان لجنة النزاهة أسماء المشتبه بهم، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول بالهيئة، أن "هؤلاء هم: الوزير السابق علي علاوي، ورائد جوحي مدير مكتب رئيس الوزراء السابق، والسكرتير الخاص أحمد نجاتي، والمستشار مشرق عباس". وأكد المسؤول العراقي، أن "المسؤولين السابقين الذين صدرت الأوامر القضائية باعتقالهم وحجز أموالهم موجودون خارج العراق".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تم الكشف لأول مرة عن هذه القضية التي تورط فيها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال، وأثارت سخطا شديدا في العراق الذي شهد في السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، أعلنت الحكومة العراقية أنها استعادت على دفعات ملايين الدولارات من الأموال المسروقة.
ووفقا للهيئة العامة للضرائب، فقد تم الاستيلاء على مبلغ 3.7 تريليونات دينار عراقي (2.5 مليار دولار) من مصرف الرافدين الحكومي من قبل 5 شركات أهلية عراقية، بين سبتمبر/ أيلول 2021 وأغسطس/ آب 2022.
وورد في وثيقة لهيئة الضرائب أنه تم دفع المبلغ عن طريق 247 صكّاً صرفتها الشركات الخمسة، ثم سُحبت الأموال نقدا من حسابات هذه الشركات التي يخضع أصحابها لأوامر توقيف.
*استعادة 400 مليار دينار
كشف رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون سابقاً، استعادة 400 مليار دينار عراقي من الأموال المسروقة بقضية الأمانات الضريبية، والتي تُعرف باسم "سرقة القرن". وأكد حنون، أن "الهيئة تعمل على تتبّع بقية الأموال". مشيرا إلى، أن قائمة المتهمين "سوف تطول".
وما زال ملف القضية مفتوحاً لدى القضاء العراقي للتوصل إلى جميع خيوطه، وكذلك سبل استعادة الأموال التي تم تهريبها خارج العراق، بحسب ما صرّح به عدد من النواب والسياسيين.