سريالية وفانتازيا.. محمد تميم هدم أكثر من 700 مدرسة في العراق عام 2013 بحجة إعادة بنائها واليوم يتولى رئاسة لجنة المشاريع المتلكئة
انفوبلس/..
بعد تكليفه بمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي، وتسنّمه منصب وزير التخطيط، محمد علي تميم وزير التربية الأسبق المتورط بملف هدم المدارس المتلكئ، يترأس لجنة الأمر الديواني 23034 المكلّفة بمعالجة المشاريع المتلكئة، التي تضم رئيس هيأة النزاهة ورئيس ديوان الرقابة المالية ووكيل وزارة التخطيط للشؤن الفنية ماهر حماد جوهان.
وتشكلت اللجنة المكلفة بتنفيذ توصيات الأمر الديواني 23034 لتصبح معنية بمعالجة المشاريع المتلكئة التي تتعلق بمشاريع المستشفيات والمدارس ومشاريع المجاري والماء، رغم أن رئيس اللجنة محمد تميم هو أبرز المسؤولين الذين يجب محاسبتهم على ملف هدم المدارس في عام 2013 عندما كان وزيرا للتربية.
وزير التربية الأسبق محمد تميم، حصل على مبالغ كبيرة كرشوة عندما كان وزيرا للتربية، عما قام به من تحويل المدارس إلى وزير الصناعة محمد الكربولي ثم المقاولين الذين أُحيلت عليه المناقضات، قام بالاتفاق مع وزير الصناعة على تقاسم الحصص رغم عدم اختصاص وزارة الصناعة ببناء المدارس.
هدم 700 مدرسة
وأعلن محمد تميم في (24 أيلول 2013) عن بناء أو تأهيل 700 مدرسة في العراق، مبيناً أن العراق بحاجة لأكثر من 7000 مدرسة.
وكان رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي، دعا، في 4 نيسان 2013، اللجنة المكلفة بملف الأبنية المدرسية إلى تقديم تقريرها بشأن التلكؤ في إنجاز المشروع لعرضه على مجلس النواب واتخاذ القرار المناسب بشأنه.
تهديم نحو 700 مدرسة في عموم العراق مع مطلع العام الدراسي بحجة إعادة بنائها، ما سبّب هجرة عشرات آلاف الطلبة لمدارسهم أو اكتظاظ الصفوف بهم في مدارس أخرى إلى حد وصول عدد طلاب الصف الواحد إلى 150 طالبا يفترشون الأرض .
وبعد نحو عامين من رسو مقاولات بناء المدارس إلى عدد من المقاولين والتجار المقرّبين من تميم مقابل رشاوى كبرى دفعها كل من (فاضل الدباس ، علي خميس "ابن أخت صالح المطلك"، قاسم الراوي، فيصل الخضيري) لم يتم وضع حجر الأساس لمدرسة واحدة رغم تهديم المدارس السابقة، بل إن المقاولين أخذوا مئات الملايين من الدولارات كمقدمات للبدء بالعمل منذ عامين تقريبا، وقاموا بتهريبها للخارج .
نسب الإنجاز والصرف
ملف صفقة المدارس الفاسدة أبرز المتورطين به، صادق المطلك -الأخ الأصغر للسياسي العراقي صالح المطلك- ومجموع الفاسدين الذين اختلسوا الأموال المخصصة لبناء المدارس من دون إنجاز يذكر، في حين سعى أطرافها إلى تمييع القضية وتسويتها، معوّلين على الزمن وانشغال الدولة بالحرب على الإرهاب، والضغوط السياسية ووقوف أحزابهم معهم في تسوية ملفات الفساد، بالإضافة الى العمولات المالية لتحييد شخصيات لها علاقة بالموضوع عن الشروع بالإجراءات المطلوبة.
ولم يغِب موضوع المدارس الفاسدة عن وسائل الإعلام، فرغم انتشاره الواسع وتداوله في الوسط السياسي العراقي إلا أن أي إجراء لم يُتّخذ بشأنه، وهو ما يشجع الفاسدين على القيام بأدوارهم المنوطة بهم طالما وجدوا تراخياً في سيف العدل الذي يجب أن يوقِف الفاسد عند حدّه.
عضو لجنة النزاهة النيابية الأسبق، محمد كون الشيباوي، تحدث عن أن "هناك تحقيقين اثنين في لجنة النزاهة النيابية، الأول يخص مدارس البناء الجاهز، وهذه المدارس كان من المفترض أن تُسلَّم منذ مدة طويلة لكن التلكؤ الكبير في تنفيذ بعضها منذ عام 2011 وإلى 2016 لم تُنجز والبعض الآخر وصل بها نسبة الإنجاز 8% بالرغم من أن الشركات تسلّمت سلفة أولية مقدارها 60% من قيمة العقد لكن العقود كانت مع شركات وزارة الصناعة والمعادن ووزارة الإسكان والإعمار، وتلك الشركات تعاقدت بشكل سرّي مع شركات خاصة وفتحت في بعض المصارف الأهلية حسابات مشتركة، وحصل في هذا الأمر شبهات فساد كبيرة جدا تتمثل في هدر المال العام وسرقة الأموال المخصصة للمدارس وعدم إنجاز المدارس".
وأضاف، "في عام 2013 حوّل وزير التربية محمد التميم إلى المحافظات مبالغ ضمن الخطة الاستثمارية لبناء مدارس هذه الأمر نحقق فيه، و نعتقد أيضا بوجود شبهات فساد كبيرة وخصوصا أن تلك المدارس لم يتم إنجازها بالرغم من الصرف الكبير من الأموال". وأضاف "التحقيقان وصلا إلى مراحل متقدمة ووجهنا عدة أسئلة إلى الكادر المتقدم في الوزارات الثلاثة التربية والإعمار والإسكان والصناعة”.
تبدأ قصة صفقة المدارس الفاسدة، حين اختار صالح المطلك، محمد تميم، وزيرا للتربية في الحكومة السابقة، ليتم وقتها إحالته مناقصة بناء لمئات المدارس إلى رجال عمال فاسدين على رأسهم فيصل الخضيري، في أكبر صفقة فساد في المجال التربوي العراقي، شارك فيها إضافة إلى صالح وصادق المطلك، محمد تميم، وسعد البزاز، ومحافظ صلاح الدين أحمد الجبوري، وحيدر الملا.
حصة محمد تميم
وبحسب مصادر مقرّبة من المتورّطين في الصفقة، فإنّ حصة محمد تميم نحو 20% من مبلغ الصفقة الذي تجاوز المليار ونصف المليار دولار، ولم تكن هذه الصفقة سوى امتداد لصفقات فساد أزكمت الأنوف، تورّط فيها المطلك وأفراد عائلته، كان أبرزها الاستيلاء على أموال النازحين، ما دعا مجلس النوّاب في 28 كانون الثاني 2015 إلى تحديد موعد استجواب لصالح المطلك، وكان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء، ورئيس لجنة النازحين.
ضغوط وبعد هذا الصمت المريب عن الفاسدين المتورطين في الصفقة، وطول انتظار، يتوقّع العراقيون من هيئة النزاهة، المباشرة العاجلة في فتح ملفها، تمهيداً لإنزال العقاب بالمتورّطين، وعدم الخضوع للضغوط السياسية التي كانت سببا في طول السكوت.
تفاصيل أخرى رافقت الصفقة عمولات و"كومشنات" للمقرّبين من عصابة آل المطلك، وتميم، والملا، وفيصل الخضيري صاحب مصرف "دار السلام" وشركتي (رودس) (تاك سيرفس استيس) والتي رست عليهما صفقة بناء المدارس من قبل وزارتي التربية و الإسكان وبمشاركة شركة (الفاو).
وبيّنت وثائق، تحايل فيصل الخضيري بسحب مبالغ مقدارها خمسين مليارا، وكذلك مبلغ 136 مليارا وكلاهما بالدينار العراقي حيث تم إيداعهما بنفس البنك العائد له، كما تبيّن الوثائق بأن مبلغ الـ(خمسين مليار دينار) قد اختفى دون معرفة ولا يُعرف مصيره وتم تحويله إلى حساب شخصي. وبعد هذه الأعوام، من الصفقة لم يتم وضع حجر الأساس حتى لمدرسة واحدة من قبل مقاولين شكليين يعملون لصالح المقاولين الحقيقيين وهم أفراد في عائلة صالح المطلك وعلي خميس "ابن أخت صالح المطلك"، وقاسم الراوي، وفيصل الخضيري وحيدر الملا، بمشاركة فاسد صفقة "طبع المناهج الدراسية" التاجر مثنى عبدالصمد السامرائي صاحب مطبعة الوفاق، وكذلك صاحب مطبعة في لبنان.
صفقة مطابع الكتب المنهجية
وكشفت وثائق مسرّبة من وزارة التربية في عام 2015، عن سرقة مليارات الدنانير من قبل وزير التربية السابق محمد تميم في صفقة المطابع وتحويلها إلى أحد المقاولين المقرّبين منه .
الوثائق تثبت أن واحدة من عمليات الفساد التي تورط بها وزير التربية السابق، هي إحالة مناقصة طباعة الكتب المنهجية إلى تاجر عراقي اسمه مثنى السامرائي، وهو يرتبط مع تميم بعلاقات تجارية وتحويل مبالغ وعمولات ضخمة منذ سنوات، وصلت إلى أربعة مليارات دينار.
و تشير الوثائق إلى اعتراض أغلب أصحاب المطابع الأهلية على إحالة مناقصات طبع كتب التربية إلى السامرائي، لكنهم جوبهوا بتهديدات من قبل مقرّبين من الوزير .
الوثائق أثبتت أن تميم أسكت "بعض أصحاب المطابع، وذلك بتحويل بعض الكتب التي ليس فيها فوائد مالية كبيرة إلى مطابع لا تُعد إلا على أصابع اليد الواحدة في محاولة لإسكاتهم، غير أن الكتب الضخمة تمت طباعتها في لبنان باتفاق مع صديقه السامرائي، رغم مخالفة ذلك للتعليمات الصادرة من مجلس الوزراء بضرورة طباعة الكتب محلياً دون الاعتماد على المطابع الخارجية.
يُذكر أن لجنة النزاهة في الحكومة السابقة أدانت وزير التربية محمد تميم بقضايا فساد في عملية هدم المدارس، وبقضية المطابع والتعيينات، وخاصة تعيين أعداد كبيرة خارج الضوابط لكن القضية أُغلِقت لأسباب سياسية .