سلسلة انسحابات لمرشحين في ظل صراع سني داخلي بين الخنجر والحلبوسي.. هل يستطيع الحلبوسي الفوز في ديالى والانبار؟
انفوبلس/..
يشهد تحالف "السيادة"، ثاني أكبر التحالفات السياسية في العراق، والذي يُقدّم نفسه ممثلاً سياسياً عن العرب السنّة، خلافات غير معلنة، يصفها أحد أعضاء التحالف، الذي يتألف من حزب "تقدم"، بزعامة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي، و"المشروع العربي" برئاسة خميس الخنجر، بأنها "متشعبة".
وحصل حزب "تقدم" على 37 مقعداً في البرلمان، و"المشروع العربي" على 34، في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قبل أن تحدث انسحابات عديدة من الحزبين عقب الانتخابات بفترة وجيزة أسهمت في تراجع عدد أعضاء التحالف إلى نحو 50 عضواً.
لكن الحدث الأبرز كان بظهور "المشروع العربي" منفرداً في محفل سياسي مع حزب "الوطن" الذي يتزعمه مشعان الجبوري، الخصم السياسي اللدود لرئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي. وتم الإعلان عن انضمام حزب "الوطن" إلى تحالف "السيادة"، من دون أن يصدر أي تعليق رسمي من "تقدم".
انضمام "وطن" وخروج "تقدم"
يزن الجبوري،: تحالفنا الأخير مع "السيادة" برئاسة الخنجر، يعني "إعلان خروج حزب تقدم من تحالف السيادة
عضو حزب "المشروع العربي"، حسن الجبوري، ذكر في حديث صحفي، أن حزب "تقدم" بزعامة رئيس الحلبوسي، ما زال ضمن تحالف السيادة، معتبراً أن "انضمام حزب الوطن بزعامة مشعان الجبوري للتحالف، عامل قوة لا ضعف".
الخلاف بدأ مع امتناع الخنجر عن الوقوف مع الحلبوسي في أزمته الأخيرة، حيث بيّن الجبوري أن "الخنجر يعمل على إعادة ترتيب البيت السياسي السنّي من خلال ضم أكبر عدد ممكن من الأحزاب والشخصيات السياسية السنّية إلى تحالف السيادة، فهناك أحزاب وشخصيات سوف تنضم قريباً للتحالف، وهذا تقوية للبيت السياسي السنّي، وليس إضعافاً له".
من جهته، قال يزن الجبوري، القيادي في حزب "الوطن" الذي أعلن انضمامه الأسبوع الماضي إلى تحالف "السيادة"، إن تحالفهم الأخير مع "السيادة" برئاسة الخنجر، يعني "إعلان خروج حزب تقدم من تحالف السيادة"، وفقاً لقوله. وأضاف في تصريح له، أن حزبه وتحالف "السيادة" سيدخلان الانتخابات المحلية معاً.
الخلافات والانشقاقات
عدم تحقيق مطالب بعض القوى ضمن تحالف السيادة، هو ما دفع إلى حصول خلافات ثم انشقاقات وخروج عدد من نواب التحالف
في المقابل، قال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، إن "الخلافات والانشقاقات داخل تحالف السيادة كانت متوقعة، خصوصاً أن القوى السياسية السنّية منذ البداية وما قبل وبعد إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة هي منقسمة، وتطورت الخلافات داخل السيادة، ولهذا حصلت انسحابات لعدد من النواب خلال الفترة الماضية".
وبيّن الشمري، أن "عدم تحقيق مطالب بعض القوى ضمن تحالف السيادة، هو ما دفع إلى حصول خلافات ثم انشقاقات وخروج عدد من نواب التحالف، كما أن الالتحام الأخير الذي جرى بين حزب الوطن والسيادة بزعامة خميس الخنجر، يعكس طبيعة الخلاف داخل تحالف السيادة".
وأضاف، أن "التحالف بين حزب الوطن والسيادة يؤكد بدء عملية تأسيس التحالفات المقبلة، خصوصاً أننا على مقربة من انتخابات مجالس المحافظات، وهذا ما يدفع إلى إعادة صياغة خريطة التحالفات السياسية، مع الأخذ بإمكانية خلق زعامة سياسية سنّية خلال المرحلة المقبلة".
مشعان الجبوري يهدد الخنجر
وجه السياسي العراقي، القيادي في تحالف السيادة "مشعان الجبوري"، رسالة لرئيس تحالف السيادة "خميس الخنجر" تخص رئاسة البرلمان.
وقال الجبوري في تغريدة على منصة x: "رسالة مفتوحة إلى خميس الخنجر، قبلنا بوجهة نظركم القائمة على أهمية تفعيل تحالف القيادة الذي يضم حزبنا مع تقدم بهدف تقديم مرشحين لرئاسة البرلمان باسم أغلبية نواب المكون شرط أن يكون مرشح حزب السيادة النائب "سالم العيساوي" من بين المرشحين الذين نقدمهم باسم تحالف القيادة".
وأضاف: "ولأننا نعرف عدم احترام الشريك للعهود والوعود نبلّغكم بلسان واضح وفصيح بأن أي محاولة لاستبعاد العيساوي من الترشح ستؤدي حتماً الى تصدع في الحزب وقيادته وليس أقلها انسحابنا وكثيرون معنا من الحزب". مردفا، "قد أَعذَرَ من أنذر".
المساري: تمثيلي للسيادة مسرحية
من جانبها، قالت النائبة عائشة المساري، الخميس، إنها تعتزم الانسحاب من تحالف “السيادة”، معتبرة أن تمثيلها لهم أشبه بمسرحية.
وأضافت في حديث صحفي، إن “ضعف القرار واتباع قيادة التحالف لأهواء مصالحهم الشخصية باتت من الأمور المخجلة لنا أمام جمهورنا الذي ينتظر قرارات مصيرية من قانون العفو العام وإطلاق سراح الأبرياء إلى عودة النازحين”. وتابعت، “أصبح تمثيلنا لهم أشبه بمسرحية مخجلة بعيدة كل البعد عن تطلعات شعبنا العظيم”.
انسحابات مع قرب الانتخابات
وشهدت الأطراف السياسية السنّية عددا من الانسحابات، قبيل المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات العراقية المقرر في شهر كانون الأول الجاري.
فقد أعلن رعد عبد الستار سليمان الدليمي، انسحابه من قائمة "حسم" لانتخابات مجالس المحافظات، عازياً سبب الانسحاب الى أنه جاء لاعتبارات وظروف منعته من الاستمرار في هذه الانتخابات.
وقال رعد عبد الستار سليمان الدليمي في بيان له، إن "عشائرنا وجمهورنا غير راضٍ على هذا التوجه، بسبب المناكفات وعدم وجود مركزية وبرنامج سياسي واضح على ضوئه ممكن بناء مستقبل محافظتنا وأهلنا وناسنا"، مؤكدا إعلان انسحابه من انتخابات مجالس المحافظات لهذا العام.
من جانبه، أعلن المرشح فؤاد حمدي كريكش انسحابه من تحالف "العزم" في محافظة الأنبار.
وقال المرشح فؤاد حمدي كريكش في مقطع فيديو، معلناً انسحابه بشكل نهائي من تحالف العزم وانسحابه الكامل من سباق الانتخابات، "وذلك نظراً لعدم وجود حرص وإصرار من التحالف على تمثيله في مجلس المحافظة، يأتي هذا القرار تضامناً مع عشيرة البو حيّات وتوحيداً لصفوفها".
كما أعلن المرشح خالد عواد متعب العيساوي، عن انسحابه من تحالف "العزم" في الأنبار وعدم خوض الانتخابات المحلية ضمن التحالف.
وقال العيساوي في بيان له: "إلى أهلنا الكرام في محافظة الأنبار العزيزة، بعد التفكير جيداً ومطالبتي لهم (تحالف العزم) ببيان برنامجهم الانتخابي وأهداف مشروعهم، تبين لي عدم وجود أي برنامج نافع وأهداف واضحة ورؤى جادة للمرحلة المقبلة تفيد محافظتنا".
وأضاف: "أُعلن انسحابي من الترشيح من تحالف العزم وعدم الخوض معهم في انتخابات مجلس المحافظة المقبلة"، مشيراً الى أن "ذلك جاء من منطلق حرصي الشديد على استقرار وأمن المحافظة وتقدمها وعمرانها وازدهارها وتجنيبها المشاريع المظلمة".
إغراء من تقدم
وتداولت وسائل اعلام محلية مؤخرا أنباء عن انسحاب عدد من مرشحين تحالف عزم الذي يترأسه النائب مثنى السامرائي وانضمامهم الى تحالف تقدم الذي يتزعمه رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي وبالعكس إذ شهدت الفترة الماضية انسحاب مرشحين من تقدم أيضا وانضمامهم لتحالفات سياسية أخرى.
وأكد السياسي عن محافظة نينوى مزاحم الحويت، أن الصراع السياسي بدأ يحتدم بين بعض الأطراف مع اقتراب موعد الانتخابات.
وقال الحويت في تصريح صحفي، إن "هناك انسحابات كثيرة من صفوف حزب تقدم بعد إقالة الحلبوسي من منصب المنصب الذي كان يوفر له ولحزبه الحماية والأطراف السياسية الأخرى عازمة على إنهائه وحزبه من تصدر المشهد السياسي مجددا في المحافظات الغربية".
وأضاف، إن "تقدم سيمر بحالة انهيار على عكس الأحزاب السنية الاخرى التي ستتحد من أجل تحديد مصير المرحلة المقبلة".
وبين القيادي في تحالف عزم بمحافظة الانبار فارس الفارس، أن مرشح ضمن التحالف تم شراء ذمته بمبلغ قدره مليارا دينار.
وقال الفارس ان "اشترى أحد سراق المال العام والمتنفذين ذمة أحد المرشحين ضمن قائمة عزم بمبلغ قدره مليارين دينار".
وأضاف، إن "المرشح أعلاه بدأ يحضر تجمعات حزبية أخرى وتبين ضراء ذمته".
وأصدر تحالف عزم بيانا نفى فيه انسحاب تجمع الوحدة العراقية من صفوفه، واصفاً الأنباء المتداولة بأنها "مأجورة".
وتضمن بيان عزم، أنه "مع اقتراب الصمت الانتخابي بدأ الإعلام المأجور بنشر أخبار وتصريحات ملفقة هدفها الفتنة وزعزعة الثقة وأن ما نُشر بشأن انسحاب تجمع الوحدة العراقية من تحالفنا عارٍ عن الصحة".
وأعلنت المرشحة عن تحالف العزم في محافظة الأنبار وسن السعدي، انسحابها من الانتخابات المحلية ومغادرة تحالف العزم.
وقالت السعدي في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "انسحابها جاء لانعدام الرؤى لدى هذا التحالف والأهداف الحقيقية مؤكدة حرصها على مصلحة الانبار واستقرارها".
وبحسب مراقبين فإن سر الانسحاب للمرشحين في هذه الفترة يكمن بتقديم إغراءات من قبل حزب تقدم لمرشحي خصمه عزم قبل أيام على موعد إجراء الانتخابات المحلية.
مزيد من التشظّي
الانسحابات داخل المكون السني ستؤدي إلى مزيد من التشظي
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية عصام الفيلي، أن الانسحابات داخل المكون السني ستؤدي إلى مزيد من التشظي، مشيراً إلى أن إقالة رئيس البرلمان بحاجة إلى التوافق مع الكتل الأخرى.
وقال الفيلي، إن “بوادر الخلاف بين المكون السني تمتد إلى أكثر من دورتين أو ثلاثة من عمر البرلمان بفعل الصراع ما بين الجيل القديم والجديد وتحول هذا الصراع إلى ما يعرف المناطقية إلى داخل المحافظة الواحدة”، مبيناً أن ما كان يطرحه المكون السني من جملة شروط على الحكومة العراقية كانت توحده في السابق، وبدأ يفرقهم السعي إلى السلطة وإثبات الوجود من خلال المناصب الموجودة في كل المفاصل التنفيذية والتشريعية.
وأضاف، إن هذه الانسحابات تنذر بشيء خطير على المستوى القريب، والأمر الآخر أن غرف صناعة القرار والتقارب السياسي باتا غائبين تماماً، وحضر بدلاً منهما محاولة الاستئثار ورد الفعل العنيف مما سيؤدي إلى مزيد من التشظي داخل المكون السني، لافتاً إلى أن مجمل البيوتات الشيعية والكردية والسنية تعاني من التشظي إلا أن البيتين السني والشيعي كان يجمعهما ما يعرف بالتحدي الطائفي، الذي تراجع كثيراً بعد استقرار المشهد السياسي والأمني والذهاب إلى مشاريع سياسية عامة.
الانتخابات في موعدها
بحسب مفوضية الانتخابات، فإن التصويت سيبدأ فعلياً في 16 من شهر كانون الأول الجاري، لكنه سيقتصر على القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والنازحين، في حين سيكون إجراء التصويت العام للمواطنين يوم 18 من الشهر نفسه، إذ يحق لنحو 16 مليون ناخب التصويت.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن إجراء الانتخابات المحلية في أعقاب تسلمه رئاسة الحكومة نهاية العام الماضي، وذلك بناءً على قرار المحكمة الاتحادية، القاضي بإجراء الانتخابات بعد تعديل قانونها، وهو ما جرى، إذ عدل البرلمان قانون الانتخابات، وصوت عليه، ومن ثم جرى تحديد موعد الانتخابات.
عدد المرشحين الكلي للانتخابات هو 6022 موزعين على 38 تحالفا، فيما يبلغ عدد التحالفات والأحزاب والأفراد 163، وبلغ عدد المرشحين للتحالفات 4223، وعدد المرشحين للأحزاب 1729، وللأفراد 70 فرداً، وعدد المرشحين من المكون المسيحي 16 مرشحاً، وللصابئة 10 مرشحين، وللكورد الفيليين 13 مرشحاً، ولمكون الشبك 5 مرشحين، وللإيزيديين 4 مرشحين.
يذكر أن 87 مراقباً دولياً سيعملون على مراقبة الانتخابات، وأكثر من 33 ألف مراقب محلي، وأكثر من 5 آلاف من وكلاء الأحزاب، كما ستشارك 95 مؤسسة تمثل الإعلام العربي والدولي.