سياسات أربيل تجعلها "تحت النيران".. تعرّف على تفاصيل وعدد مرات قصف عاصمة كردستان والأسباب والجهات المسؤولة
انفوبلس..
خلال عامي 2022-2023، قُصفت محافظة أربيل شمال العراق وعاصمة إقليم كردستان مراراً وبواسطة جهات مختلفة، الأمر الذي زعزع الصورة النمطية لـ"الإقليم الآمن" من جهة، وكشف بشكل دقيق ما يجري في تلك المحافظة غير الخاضعة لسلطة الحكومة الاتحادية والقوانين العراقية بطريقة مطلقة.
بادئ الأمر كان في شهر شباط/ فبراير عام 2022، حيث تمكنت الدفاعات الجوية العراقية، من رصد طائرات مسيّرة كان من المتوقَّع لها أن تستهدف قوات تابعة للتحالف الدولي فضلا عن منشئات حيوية في أربيل.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر في التحالف الدولي قوله، إنه "في وقت متأخر من الليل رصدت أنظمة الرادار التابعة للدفاعات الجوية العراقية عددا من الطائرات المسيّرة بدون طيار تحلّق على ارتفاع منخفض، تطير غرباً، قادمة من منطقة الحدود الشرقية للعراق، وتم إسقاط واحدة من الطائرات ومازالت الجهود الاستخبارية مستمرة".
وفي منتصف آذار/ مارس من العام ذاته، تبنّى الحرس الثوري الإيراني بشكل رسمي قصفاً استهدف مركزاً وصفه بأنه "المقر الاستراتيجي للمؤامرات والمخططات الصهيونية العدائية" بصواريخ دقيقة، مؤكدا أن الهجوم جاء ردا على "الجرائم الأخيرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني، والإعلان المُسبَق عن عدم ترك طهران جرائم الكيان ومؤامراته دون رد".
جاء ذلك بعد نحو أسبوع من استشهاد عنصرين تابعين للحرس الثوري الإيراني في هجوم إسرائيلي على ريف دمشق وتهديد إيران بالانتقام، حيث حذر الحرس الثوري تل أبيب من أن أي تحرك ضد المصالح الإيرانية سيواجَه برد قاطع ومُدمِّر، واصفا أمن واستقرار البلاد بأنهما خط أحمر.
وذكرت مصادر أن المركز المستهدف تابع لرجل الأعمال الكردي باز رؤوف كريم الذي يعمل أيضاً مديراً لشركة "كار" النفطية سيئة الصيت.
وفي الشهر الرابع، قال جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان إن 3 صواريخ سقطت قرب مصفاة نفط في مدينة أربيل دون أن تسفر عن وقوع خسائر أو أضرار.
وأضاف الجهاز في بيان، إن الصواريخ أطلقها مجهولون من قضاء الحمدانية في محافظة نينوى، وسقطت بالقرب من مجمع كوروسك السكني ونهر الزاب الكبير ومصفاة كوركوسك لتكرير النفط في قضاء خبات غربي محافظة أربيل المجاورة.
وأكدت مصادر في حكومة إقليم كردستان أن المصفاة التي سقطت بقربها الصواريخ يملكها رجل الأعمال باز كريم برزنجي، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث.
وذكر الخبير الأمني الإسرائيلي نير دفوري، في موقع "القناة 12" العبرية، أن "الموقع الذي استهدفته الهجمات الإيرانية شهد لقاءات مع خبراء طاقة أمريكيين وإسرائيليين لبحث نقل الغاز من كردستان إلى تركيا عبر خط أنابيب جديد، حيث أصابت صواريخ كاتيوشا مصفاة أربيل للنفط، وفي مثل هذه الظروف من الطبيعي أن إيران لن تتسامح مع الوجود الممنهج للموساد في إقليم كردستان، ولن تسمح لهم بالتخطيط وحشد القوات لتنفيذ عمليات تخريبية في إيران انطلاقا من هناك، ما يجعل من هجومها طبيعيا لحماية أمنها القومي".
بعدها بشهر، تعرّضت مصفاة نفط تابعة لشركة كار للقصف بـ6 صواريخ منطلقة من محافظة نينوى، حيث قالت مصادر عراقية إن صاروخين سقطا داخل المصفاة وبالتحديد في المحطة السادسة، وأفادت بوقوع أضرار بسيطة إثر حريق اندلع، لكن "تمّت السيطرة على الوضع بسرعة".
وسقطت الصواريخ على بعد حوالي 5 كيلومترات من مصفاة كوروكوسك للنفط، وهي واحدة من أهم المصافي في شمال غربي محافظة أربيل.
وجاء في بيان جهاز مكافحة الإرهاب، إن 6 صواريخ وقعت قرب نهر الزاب في حدود قضاء خبات في محافظة أربيل، "ولم تتسبب بأي أضرار بشرية أو مادية"، ولم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن الهجوم.
وفي حزيران/ يونيو، وقع هجوم بطائرة مسيّرة على طريق سريع رئيسي في محيط مدينة أربيل، وانفجرت الطائرة المسيّرة في مكان يبعد 3 كيلومترات من مبنى جديد للقنصلية الأميركية لا يزال قيد الإنشاء، كما يقع على بعد مئات الأمتار من قنصلية دولة الإمارات ومقر أمني تابع لقوات الأمن الداخلي في الإقليم.
وذكر بيان لجهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم، أن "طائرة مسيّرة مفخخة انفجرت عند الساعة 9:35 مساءً على طريق بيرمام في أربيل". وأضاف "أدى ذلك إلى إصابة 3 مواطنين بجروح طفيفة، فيما تعرّض مطعم وعدة سيارات لأضرار مادية". ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.
أما الشهر التاسع من ذلك العام، فقد أعلنت القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني أنها قصفت بالمدفعية مقار إرهابية معادية ومراكز التخطيط والتآمر في إقليم كردستان.
وقال الحرس الثوري في بيان له، إن القصف يأتي ردا على استهداف مواقع حدودية إيرانية، مؤكدا أن العمليات العسكرية لضمان أمن المناطق الحدودية.
وحمل البيان سلطات إقليم كردستان العراق مسؤولية منع نشاط مجموعات مناهضة لإيران انطلاقا من الإقليم، وأضاف أن الاستهداف يأتي على الرغم من التحذيرات السابقة التي أُبلغ بها مسؤولون في الإقليم، ودعا البيان السكان إلى الابتعاد عن مقار الجماعات الإرهابية المستهدفة.
الباحث السياسي سامان نوح، أكد أن هذه الضربات الإيرانية تأتي في سياق ملاحقة المعارضة الإيرانية من الأكراد، خاصة في ظل ما يحصل في الداخل الإيراني من تظاهرات واحتجاجات بسبب حادثة وفاة شابة إيرانية كردية.
ويرى نوح أن طهران ترى أن هذه المعارضة الكردية الموجودة في أربيل لديها أذرع تُحرّكها في الداخل الإيراني لتأجيج التظاهرات.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قالت وسائل إعلام إيرانية إن الحرس الثوري الإيراني قصف بالصواريخ والمسيّرات مقرات تابعة لأحزاب كردية في قضاء كويسنجق التابع لأربيل بإقليم كردستان.
وتعليقا على الهجمات، قالت الخارجية الإيرانية إنها لن تتهاون بشأن أمن إيران الحدودي، وسترد على تهديدات الجماعات الانفصالية في كردستان.
وأكدت، إن ردّها هذا جاء بعد عدم اتخاذ بغداد وإقليم كردستان إجراءات لمواجهة تهديدات الجماعات الكردية، محمّلة الحكومة العراقية مسؤولية "منع زعزعة أمن إيران" من داخل أراضيها.
وأضافت، إن الانفصاليين الأكراد نفّذوا عمليات ضد إيران، وأن استهداف مقراتهم يأتي في إطار حق طهران للدفاع عن النفس.
وذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن الهجمات الإيرانية هي فقط "المرحلة الأولى" من هجوم عسكري إيراني ضد مواقع الجماعات الإرهابية في شمال العراق.
وكانت إدارة العلاقات البرية في الحرس الثوري الإيراني قد أعلنت -في وقت سابق- عن إطلاق عمليات ضد مواقع الإرهابيين في شمال العراق، وقالت "ستستمر هذه العملية بشكل حاسم حتى يتم صدّ التهديد بشكل فعّال وتفكيك معاقل الجماعات الإرهابية".
وفي مطلع العام الحالي، استهدف الطيران التركي قرية بقضاء سوران شمالي مدينة أربيل ضمن سلسلة من العمليات التركية في محافظات شمال العراق ضد حزب العمال الكردستاني، تبع ذلك الهجوم هدوء كبير في أربيل مستمر حتى يومنا هذا.