شبكة تحالف الأقليات العراقية ومحاولة التوغل "الغريبة".. ماذا تعرف عنها؟ وكيف تحوّل أعضاؤها من "ناشطين" إلى "سياسيين"؟
انفوبلس/ تقارير
تُعتبر قوة ناشئة كون أن نشاطها السابق كان منحصرا داخل إقليم كردستان فقط ولا تملك نفوذا خارجيا أو رغبة بذلك، إلا أن أنظارها الآن باتت ترنو لخارج حدود الإقليم، فاتهام البرلمان المركزي بمخالفة الدستور وإصدار تقرير وصف بـ"المغالط" للأقليات برهنَ على أن "تحالف الأقليات العراقية" بدأ حراكه الداخلي والخارجي لتثبيت موطئ قدم له في العملية السياسية عبر سلسلة من الاجتماعات في بغداد وأربيل وبدعم من مسعود بارزاني. فماذا تعرف عن هذا التحالف؟ وهل فعلا حاول الصعود على أكتاف الأقليات في العراق ولاسيما في المناطق المحررة؟
*شبكة تحالف الأقليات العراقية
"تحالف عراقي مدني مستقل طوعي غير ربحي يهدف إلى تعزيز وحماية حقوق الأقليات العراقية". بهذه النبذة المختصرة تطرح شبكة تحالف الأقليات العراقية نفسها في الساحة، حيث تم تأسيسها في عام 2017 من قبل مجموعة من الناشطين من مختلف الأقليات في العراق وتحدد أهدافها بحماية حقوق الأقليات في العراق، بما في ذلك حقوق الإنسان الأساسية، والمشاركة السياسية، والتنمية الاقتصادية، فضلا عن تعزيز الوعي بحقوق الأقليات في العراق، ومكافحة التمييز والعنف ضدها، كذلك بناء شراكات مع الجهات الحكومية والدولية لتعزيز حقوق الأقليات في العراق.
وتشمل الأقليات التي تمثلها الشبكة كل من، المسيحيين، الصابئة المندائيين، الايزيديين، الشبك، الأكراد، الآشوريين، التركمان، الغجر.
*نشاط لافت في بغداد وأربيل
خلال الفترة القليلة الماضية، برزت شبكة تحالف الأقليات العراقية بشكل لافت في المشهد السياسي، وبات رئيسها ميخائيل بنيامين وأعضاؤها يعقدون اجتماعا تلو الآخر، كان قسم منها في بغداد والقسم الآخر في أربيل.
لكن المفاجئة، أن الشبكة أخذت بالتوسع ومحاولة بسط نفوذها بشكل أكبر، فهاجمت البرلمان الاتحادي ووصفته بغير الدستوري، وأصدرت تقريرا سنويا يحوي الكثير من الأخطاء وفق مراقبين، في حين تدخلت بشكل مباشر في مقاعد الكوتا في برلمان الإقليم، وعقدت اجتماعات سبقت انتخابات مجالس المحافظات بأيام، بغية تثبيت موطئ قدم لها في الحكومات المحلية.
*مَن يقف وراءها؟
بالحديث عن ممول وداعم هذه الشبكة بل ومحركها للدخول في معترك السياسة والصعود على أكتاف الأقليات، ولبيان أسباب النشاط كله أكدت مصادر مطلعة، أن زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني هو من يقف وراء تلك الشبكة ويبرهن ذلك تذمره السابق من خروج أقليات الموصل وصلاح الدين وحتى كركوك من عباءته.
وتؤكد المصادر، أن بارزاني كان ينظر إلى جميع الأقليات التي تحيطه على أنهم أكراد، ولهذا كان ولا زال يحاول أخذ حصصهم في الكوتا خلال انتخابات الإقليم، لكن المعارضة المستمرة لخصمه الاتحاد الوطني الكردستاني وخروج تلك الأقليات بمعزل عنه، حال دون تحقيق مآربه الأمر الذي دفعه إلى تحريك هذه الشبكة وتقوية نشاطها في بغداد واربيل بغية تحقيق ما فشل بتحقيقه سابقا، وهو الاستحواذ على حصة الأقليات لصالح حزبه المهيمن على مفاصل الحكم في كردستان.
*أوراق ضغط.. مهاجمة البرلمان أولا
لقد أخذت الشبكة منحنى آخر في المنافسة وصل إلى حد الطعن بأعلى سلطة في البلاد، حيث أصدرت يوم أمس بيانا اتهمت فيه البرلمان العراقي بمخالفة الدستور، بزعم عدم تشريع قانون يضمن حقوق الأقليات.
وذكرت الشبكة في بيانها، "تعتزم شبكة تحالف الأقليات العراقية بالمصادقة على مقترح تقديم دعوى الى المحكمة الاتحادية بالضد من رئيس مجلس النواب العراقي، بسبب مخالفة الدستور وعدم تشريع قانون يضمن حقوق الاقليات كما تنص عليه المادة الدستورية بما يضمن الحقوق الإدارية للأقليات وليس كما اقترحت مختلف المسودات واكتفت بحقوق ليست المنصوص عليها في المادة , جاء هذا التصريح ضمن المؤتمر الصحفي لشبكة تحالف الأقليات العراقية لإعلان التقرير السنوي عن أوضاع الأقليات العراقية تحت عنوان 2003 – 2023 عقدان من التغيير (أي تغيير في أوضاع الاقليات) وبحضور ممثلي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ورئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية وبرلمانيين وممثلين عن الأقليات على قاعة فندق كلاسي في قضاء عنكاوة، محافظة أربيل.
وعقب هذا البيان، أكد مختصون أنه جاء كورقة ضغط من بارزاني لإحراج الحكومة الاتحادية والبرلمان، منتقدين التسلق على حقوق الأقليات بهذه الطريقة، في حين جددوا التأكيد أن اتهام البرلمان بالدستور يأتي للفت الأنظار قبيل تشكيل مجالس المحافظات وأيضا قبيل حسم منصب اختيار رئيس للبرلمان بأمل الظفر بمنصب لهذه الشبكة.
*أوراق ضغط.. تكذيب الدستور ثانيا
رغم أن المادة 14 من الدستور العراقي تنص على أن العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي، إلا أن تحالف الأقليات العراق عصب عينَيه عن ذلك وأصدر بيانا زعم فيه عدم وجود قانون لحظر التمييز في العراق.
ورغم أن الدستور العراقي لم يخص أقلية أو عرق محدد بل شمل الجميع بالتساوي، إلا أن رئيس الشبكة ميخائيل بنيامين قال، "نظرنا في حماية هوية الاقليات وممارسة ثقافاتهم في القسم الثاني من التقرير – التقرير السنوي أعلاه - ، وفي القسم الثالث نظرنا في التمييز والمساواة، حيث إن الدستور يقر دينياً وقومياً ولغوياً ببعض الاقليات وهي نقطة مضيئة وخطوة متقدمة، لكن الإقرار الدستوري اثنياً ودينياً ولغوياً مقتصر على بعض الاقليات العراقية ولا يعترف بغيرها"، وفقاً لميخائيل بنيامين، الذي عدّ ذلك "تمييزاً ضد هذه الاقليات وهي حجج وذريعة قوية في أنها تبقى عرضة لمزاج التوافقات السياسية، والحماية لها تكون محددة، مما يعني أن هويتها وتراثها وثقافتها لا يوجد بها أي توازن"، وفق قوله.
*حزب بارزاني واستغلال الأقليات
يرى الاتحاد الوطني الكردستاني والأحزاب السياسية الأخرى، أن الحزب الديمقراطي الكردستاني قد تمكن من ضم ممثلي الأقليات بعد استغلالهم وإطلاق الوعود لهم بضمان مشاركتهم في العملية السياسية وبالتالي كسب المزيد من المقاعد في البرلمان.
ومن الجدير بالذكر أن معظم الآشوريين والتركمان في إقليم كردستان العراق يعيشون في مدينتي دهوك وأربيل الواقعتَين تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني. واتُهم الحزب الديمقراطي الكردستاني وأحزاب كردية أخرى بإنشاء منظمات سياسية موالية لهم من هذه الأقليات. وأكدت حركة كوران أيضًا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني شجع عددًا من مقاتلي البيشمركة وضباط الشرطة على التصويت لقوائم الأقليات في الانتخابات البرلمانية السابقة لعام 2018، لكنها وبعد ضمان الأصوات حرمت تلك الأقليات من المشاركة واستحوذت على حصتها.