صراع المكونات في كركوك يشتد.. توقف تام للحوارات وتأجيل "غريب" لزيارة السوداني
انفوبلس/ تقارير
مع غياب التوافق والجمود الذي يُخيم على المشهد السياسي في كركوك منذ حوالي ستة أشهر إثر عدم تمكن أي طرف سياسي أو مكون من تسمية محافظ جديد لها، احتدم صراع المكونات مجددا وتوقفت الحوارات بل وتأجلت زيارة السوداني إلى المحافظة بعد أيام من ورود أنباء عن "انفراجة" قريبة في الأزمة. فمَن عرقل الحسم مرة أخرى؟ وهل أنهى الكرد فرصة تشكيل الحكومة المحلية بسب إصرارهم على اقتناص منصب المحافظ لصالحهم؟
*صراع المكونات يشتد
في آخر مستجدات تشكيل الحكومة المحلية في كركوك، أكد عضو تحالف العزم السابق عزام الحمداني، أمس الثلاثاء، عن توقف الحوارات بين الكتل السياسية في المحافظة ووصفها بـ"المعقدة".
وقال الحمداني في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "الحوارات السابقة بين العرب والأكراد لم تُترجَم على أنها اتفاق سياسي". مشيرا الى، أن "الرأي العام في كركوك بدأ يستاء من هذا الموضوع كونه يولّد ضررا اقتصاديا وأمنيا في المحافظة".
وأضاف، إن "تمسك الأحزاب الكردية بمنصب المحافظ صعّب عملية التوافق وخلق أزمة".
*ترجيحات بتدوير المنصب
وقبل توقف الحوارات، كان المجلس العربي الموحد في كركوك قد رجّح تدوير منصب المحافظ.
وأكد المجلس بالقول، "لا يوجد أي موقف ثابت من قبل قوى الاحزاب السياسية تجاه حسم منصب محافظ كركوك".
وأشار إلى، أن "هناك حلولاً مقترحة لتدوير منصب المحافظ، ولكن الأمر صعب"، مرجحا أن "يكون المنصب ما بين مكونين، لربما يحظى بقبول".
وتابع، "لكن حتى اللحظة لا يوجد موقف ثابت بقبول هذا المقترح"، مردفا "ننتظر اللقاء الذي سيكون مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وما يمكن أن يعمل عليه من تأثير على القوى لإيجاد حل".
*حراك سرّي يشعل الصراع
بعد أيام على شبه اتفاق على "تدوير" منصب المحافظ، وتوزيع مُرضٍ للمناصب بين الكتل السياسية، اشتعل الصراع مجددا وبشكل أكبر، بعد انتشار حديث عن تحرك "سرّي" يقوده محافظ كركوك، بغية إلغاء مجلس المحافظة.
وبهذا الصدد، كشف مصدر سياسي، عن تحرك محافظ كركوك راكان الجبوري، لجمع تواقيع من أجل تقديمها إلى المحكمة الاتحادية العليا، بغية إلغاء مجلس المحافظة.
وقال المصدر، إن "المحافظ بدأ وبشكل سرّي بجمع تواقيع، لتقديمها إلى المحكمة الاتحادية لغرض إلغاء مجلس محافظة كركوك".
وأضاف، إن "الخطوة جاءت بعد استبعاد الجبوري من المناصب السيادية في المحافظة"، مشيرا الى أن "الخطوة لم تحضَ بدعم القيادات العربية ولا الفائزين عن كركوك".
ويأتي هذا التحرك، بعد نحو ستة أشهر فشلت فيها الكتل الفائزة في انتخابات مجلس محافظة كركوك، بالاتفاق على اقتراح مشترك لتشكيل الحكومة المحلية في ظل إصرار كل واحدة على تسنم منصب المحافظ.
*تأجيل زيارة السوداني للمحافظة
وفي خضم تلك الأزمة واستمرارها، كان رئيس الوزراء بصدد إجراء زيارة جديدة إلى كركوك، لكن مسؤول الجبهة التركمانية في المحافظة قحطان الونداوي، كشف عن تأجيل الزيارة وقال إن عوامل داخلية وخارجية تقف وراء ذلك التأجيل.
وقال الونداوي، إن "السوداني لم يحدد موعدا لزيارة محافظة كركوك من أجل حل أزمة تشكيل الحكومة المحلية للمحافظة، على الرغم من وجود آمال على حسم الموضوع خلال زيارته للمحافظة".
*أسباب التأجيل
وأضاف مسؤول الجبهة التركمانية، إن "التطورات الدولية والسياسية وزيارة السوداني الى واشنطن ومجيء اردوغان الى العراق إضافة الى التخطيط لزيارة الرئيس الإيراني الى البلاد قبل حادثة استشهاده، كلها عوامل أجّلت زيارة السوداني الى كركوك".
وبين، أن "ملف رئاسة البرلمان وانشغال الوسط السياسي بهذا الامر كان أيضا أحد العوامل التي ساهمت في تأجيل حسم موضوع الحكومة المحلية، على الرغم من وجود مناقشات بخصوصها إلا أن الموضوع لم يأخذ حيزه الطبيعي".
بالمقابل، وصف مراقبون تأجيل زيارة السوداني إلى كركوك بالأمر الغريب، مؤكدين أن رئيس الوزراء ورغم عدم وجود موعد رسمي لإجراء تلك الزيارة، إلا أنه قادر على عقد اجتماعات جديدة مع القوى المتخاصمة هناك والوصول إلى حلول مرضية لجميع الأطراف، لكن تأجيل الزيارة بهذه الطريقة ربما سيعمق الأزمة أكثر.
*تدخلات خارجية
أما عن الجهات التي تتدخل في الملف الشائك، فقال النائب التركماني السابق فوزي أكرم، أمس الثلاثاء، أن جميع دول الجوار تتدخل في ملف كركوك، فيما حذر من تردي الوضع الأمني والسياسي في المحافظة نتيجة هذه التدخلات.
وقال ترزي في حديث له، إن "ملف كركوك حساس وشائك ومعقد في نفس الوقت وهناك تدخل خارجي ومحاولات لفرض سياسة الامر الواقع ما تسبب بأخذ أبعاد أمنية وسياسية"، مشيرا الى "وجود مخاوف من أن المدينة قد تذهب الى منزلق خطير ما يدفعنا للتحذير المبكر والسعي الى وحدة العراق وسيادته في مدينة تتعايش بها المكونات والقوميات".
وأضاف، أن "هناك مماطلة وتسويف ومساع لحرمان أبنائها من الاستحقاق الانتخابي وتبعاته على ملف الخدمات فضلاً عن خطورة السجالات وفرض واقع مرفوض من قبل أبنائها في تحديد آفاق إدارة المدينة".
وشدد ترزي على "ضرورة الانتباه لملف مدينة مهمة على مستوى العراق"، مؤكدا أن "الحوار هو من يحقق الاستقرار والطمأنينة في المحافظة بعيدا عن أي أجندة خارجية"، داعيا إلى أن "يكون لمكونات كركوك دور في تحديد آلية إدارة القرار وفق مبدأ عادل ومنصف للجميع".
*خارطة توزيع المناصب بالأرقام
إما عن خارطة توزيع مناصب الحكومة المحلية داخل محافظة كركوك، فقال مصدر سياسي مطّلع، إن تقاسم السلطة في محافظة كركوك سيكون بين المجموعة العربية والاتحاد الوطني الكردستاني خلال أول سنتين.
وأضاف، إن "المحافظ سيكون كردي، ورئيس المجلس عربياً"، مبينا أن "نائب المحافظ الفني سيكون عربيا هو الآخر، في حين سيكون نائب المحافظ الإداري تركمانيا".
وأشار المصدر إلى، أن "معاوني المحافظ سيكونون 5 أشخاص، اثنان منهم عرب وواحد كردي، وواحد تركماني، والآخر مسيحي".
أما عدد المستشارين وفق المصدر، فسيكونون "7 أشخاص، اثنان عرب، واثنان كرد، واثنان تركمان، وواحد مسيحي".
ولفت الى، أن "قائد الشرطة ومديري الاستثمار والتربية والزراعة سيكونون جميعهم عربا".
*أول انتخابات منذ عام 2005
يشار إلى، أن محافظة كركوك، أجرت أول انتخابات منذ العام 2005، يوم 18 كانون الأول 2023، ونال الكورد فيها 7 مقاعد مقسمة بواقع 5 مقاعد للاتحاد الوطني الكوردستاني، ومقعدين للحزب الديمقراطي الكوردستاني، ومقعدا للكوتا (بابليون)، ليصبح مجموع المقاعد 8، وفي المقابل نال العرب 6 مقاعد مقسمة على النحو الآتي: ثلاثة مقاعد للتحالف العربي، وتحالف القيادة مقعدان، وتحالف العروبة مقعد واحد، فيما حصلت جبهة تركمان العراق الموحد على مقعدين.
وتعقّد المشهد السياسي في محافظة كركوك، بسبب المساواة الحاصلة في عدد المقاعد بين الكورد والعرب والتركمان (8-8)، الذي أدى إلى عدم قدرة أي طرف منهم على تشكيل الحكومة المحلية.