عشائر في ديالى والأنبار تتحدّى نفوذ الحلبوسي وتنسف احتكار الترشيحات السنية

تحولات تهدد احتكار الترشيحات
انفوبلس..
في تحول لافت يُنذر بتغييرات في المشهد السياسي السُني بمحافظة ديالى، كشفت مصادر مطلعة عن تمرّد غير مسبوق قادته ستٌّ من كبريات العشائر السنية على تحالفَي محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، عبر إعلانها اختيار مرشحيها لانتخابات تشرين الثاني 2025 بشكل مستقل.
ويأتي هذا الموقف في وقت يشهد فيه الشارع السني حالة من التململ والامتعاض من الأداء السياسي لتحالفَي "تقدم" و"السيادة"، وسط اتهامات بعدم الوفاء بالوعود واستغلال النفوذ في توزيع المناصب.
هذه التوترات لم تقتصر على ديالى، بل امتدت إلى الأنبار، حيث مُنِع قياديون من عقد مؤتمرات انتخابية، وتصاعدت الأزمة إلى نقل قسري وتهديدات أمنية، ما يُنذر بصدامات قادمة.
تحدّي "الاحتكار الحزبي"
وتشير التطورات الأخيرة في ديالى إلى تصدع واضح في النفوذ التقليدي الذي كانت تمارسه القوى السياسية السنية الكبرى، حيث يُنظر إلى قرار العشائر الستّة باعتباره تحديًا مباشراً لما يُعرف بـ"الاحتكار الحزبي" في رسم الخارطة الانتخابية.
وبحسب مراقبين، فإن خطوة العشائر تمثل بداية لانفكاك تدريجي عن الهيمنة المركزية التي مارسها تحالفا الحلبوسي والخنجر، خصوصًا في المناطق التي لطالما اعتُبرت معاقل نفوذ لهما.
وتعزو مصادر مطلعة هذا التحول إلى تراكم الإخفاقات في ملفات الإعمار والخدمات وغياب الرؤية التنموية الحقيقية، إضافة إلى ما اعتبره الأهالي "إقصاءً ممنهجًا" للكفاءات لصالح محاصصات عائلية وفئوية.
كما جاء هذا التحرك العشائري متزامنًا مع تصاعد الوعي الشعبي بأهمية استعادة القرار المحلي من قبضة السياسيين الذين أخفقوا في تحقيق الحد الأدنى من متطلبات الشارع.
ويرى متابعون أن هذا المسار قد يفتح الباب أمام بروز مرشحين جدد يحملون شرعية اجتماعية أقوى، بعيدًا عن التزكيات السياسية، مما يُنذر بتغييرات ملموسة في نتائج انتخابات 2025 ويضعف قدرة التحالفات التقليدية على فرض خياراتها.
العنكور تُغلق الأبواب
وفي تطور لافت يعكس حجم التوتر الشعبي تجاه بعض القيادات السياسية في الأنبار، منع أهالي منطقة "العنكور" جنوب مدينة الرمادي، القيادي في حزب "تقدم"، هيبت الحلبوسي، من إقامة مؤتمر انتخابي كان يعتزم تنظيمه في المنطقة.
وقال مصدر محلي في المحافظة، إن الأهالي عبّروا عن رفضهم العلني لاستضافة أي نشاط انتخابي مرتبط بالحلبوسي، في رسالة تحمل دلالات سياسية واجتماعية عميقة، خصوصاً مع اقتراب موعد انتخابات تشرين الثاني 2025.
ورغم تداول الخبر على نطاق واسع في الأوساط المحلية والإعلامية، لم يصدر أي بيان رسمي من الحلبوسي أو مكتبه حتى لحظة إعداد التقرير، ما يزيد من الغموض حول تداعيات الحادثة.
عقوبات مبطنة تثير الجدل
في خطوة وُصفت بأنها انتقام سياسي مغلف بإجراءات إدارية، أصدرت السلطات في الأنبار قراراً بنقل عدد من موظفي عشيرة "البو مرعي" قسراً من مواقع عملهم، بعد يوم واحد فقط من حادثة طرد هيبت الحلبوسي من منطقة "الطاش".
ويأتي هذا القرار على خلفية رفض الأهالي إقامة مؤتمر انتخابي كان مقرراً عقده في المنطقة، وهو ما اعتُبر موقفاً عشائرياً صريحاً مؤيداً للمرشح أركان خلف الطرموز عن تحالف "عزم".
القرار أثار ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والاجتماعية، حيث اعتبره مراقبون وسيلة للضغط وفرض الولاء السياسي عبر استخدام أدوات الإدارة المحلية لمعاقبة المعارضين، مما ينذر بتصاعد حدة التوترات داخل المحافظة مع اقتراب موعد الانتخابات.
إغواء وترهيب مبكراً
وأكدت مصادر سياسية مطلعة في الأنبار أن حزب "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي شرع مبكرًا في اتباع أساليب الإغواء والترهيب ضمن حملته الانتخابية استعدادًا لانتخابات تشرين الثاني 2025، وهي ممارسات سبق أن وُثقت في دورات انتخابية سابقة، خصوصًا خلال انتخابات مجالس المحافظات.
وذكرت المصادر أن الحزب يعمد إلى توزيع الأموال والعجلات الفاخرة لاستمالة الناخبين، بالتوازي مع حملات تسقيط سياسي ممنهجة تستهدف معارضيه، من خلال سحب المناصب الوظيفية منهم ونقلهم إلى مواقع نائية داخل المحافظة.
وأوضحت أن آخر هذه التحركات طالت موظفين من أبناء عشيرة الطرموزي الرافضين للانخراط في الحزب، في محاولة لإجبارهم على تغيير مواقفهم.
ويرى مراقبون أن التنافس المقبل في الأنبار بين حزبي "تقدم" و"عزم" سيكون شديد السخونة، وسط تحذيرات من تصاعد وتيرة الضغوط والانتهاكات مع اقتراب موعد الانتخابات.
الحلبوسي يشعل فتيل أزمة
وحذّر الشيخ محمد أحمد عدنان الدليمي، أحد شيوخ ووجهاء محافظة الأنبار، اليوم الاثنين، من تداعيات تصاعد الخلافات العشائرية في المحافظة، متهماً حزب رئيس مجلس النواب الأسبق محمد الحلبوسي بإشعال فتيل الأزمة، وسط مخاوف من انهيارات أمنية محتملة.
وقال الدليمي، إن "مساعي وجهاء وشيوخ الأنبار لتقريب وجهات النظر بين تحالف تقدم بزعامة الحلبوسي، وعشيرة البو مرعي، باءت بالفشل، بعد تصاعد التوترات إثر منع القيادي في الحزب ورئيس لجنة النفط والغاز النيابية، هيبت الحلبوسي، إقامة مؤتمر انتخابي في منطقة البو مرعي بمدينة الرمادي".
وأضاف أن "الخلافات تأججت أيضاً نتيجة انتقادات وجهتها العشيرة لسياسات حزب الحلبوسي في إدارة المحافظة، والتي وُصفت بأنها تعتمد على التهميش والبطش والإقصاء، إضافة إلى ممارسات مهينة بحق الشخصيات الرافضة الانضمام إلى الحزب، ومنها اعتقالات بطرق غير قانونية طالت منتقدين كشفوا ملفات فساد تخص الحزب".
وأوضح الدليمي أن "التصعيد بلغ ذروته بعد خطاب شديد اللهجة وجهه شيخ عشيرة البو مرعي، هدد فيه بمقاضاة الحلبوسي قضائيًا وعشائريًا"، محذرًا من أن استمرار الحزب فيما وصفه بـ"الطغيان"، قد يؤدي إلى انفجار الوضع الأمني في المحافظة.
ودعا شيوخ ووجهاء الأنبار، بحسب الدليمي، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى التدخل الفوري، لمنع تفاقم الأزمة واتخاذ خطوات حاسمة للحفاظ على السلم الأهلي في المحافظة، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.