عطلة البرلمان تمتد لشهرين و120 قانوناً مصيرياً بعضها يمس حياة المواطنين دون حسم تشريعي

برلمان معطّل وقوانين مؤجلة
انفوبلس..
في وقتٍ يعاني فيه المواطنون من أزمات يومية وتحديات معيشية متراكمة، لا يزال مجلس النواب العراقي يرزح تحت وطأة الجمود التشريعي، معطِّلاً أكثر من 120 قانوناً بعضها يُعدّ أساسياً لحياة الناس، كقوانين الموازنة وسلّم الرواتب والنفط والغاز.
وبينما دخل البرلمان في عطلة تشريعية تستمر لشهرين، تتفاقم الانتقادات الشعبية لأداء السلطة التشريعية، في ظل غياب الإرادة السياسية لتمرير تلك القوانين.
ومع إعلان عقد أولى جلسات الفصل الأخير في التاسع من تموز المقبل، تبدو فرص تمرير قوانين مهمة ضئيلة، وسط خلافات بين الكتل السياسية، واتهامات متبادلة بالتعطيل، ما يضع البرلمان أمام اختبار صعب في ختام دورته الحالية.
الخلافات السياسية عطّلت الجلسات
الخلافات السياسية على بعض القوانين عطّلت جلسات البرلمان، وبالتالي نحن نأمل أن تختتم الدورة النيابية الحالية بفصلها الأخير بتمرير عدد من القوانين المهمة العالقة
وكشف مصادر نيابية، الأربعاء، أن مجلس النواب سيعقد جلسته القادمة في التاسع من تموز المقبل، مبينًا أن هناك قوانين من الممكن التصويت عليها، نافيًا في الوقت نفسه أن يكون قانون الانتخابات من بين تلك القوانين.
وقالت المصادر، إن "المفوضية وحسب القانون تريد أن يكون قانون الانتخابات جاهزًا قبل ستة أشهر من موعد العرس الانتخابي، لكن اليوم وبهذا التاريخ لا يمكن أن نعدل القانون، فكيف بنا وأولى جلسات الفصل التشريعي الأخير ستُعقد في التاسع من شهر تموز، ما يعني استحالة تمرير هذا القانون وتعديله".
وبحسب المصادر، فإن "الخلافات السياسية على بعض القوانين عطّلت جلسات البرلمان، وبالتالي نحن نأمل أن تختتم الدورة النيابية الحالية بفصلها الأخير بتمرير عدد من القوانين المهمة العالقة".
تراكم القوانين والعطلة التشريعية
وكان مجلس النواب قد دخل في عطلته التشريعية لمدة شهرين، بدءًا من الجمعة (9 أيار 2025)، وذلك بعد أن قررت رئاسة المجلس إنهاء الفصل الأول من السنة التشريعية الرابعة.
وعلى الرغم من المساعي التي بذلها بعض النواب والكتل لإيقاف العطلة والعودة لعقد الجلسات في ظل تراكم مشاريع قوانين إصلاحية لا تزال عالقة في أروقة اللجان النيابية، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، وسط انتقادات شعبية لأداء السلطة التشريعية وتأخرها في معالجة الملفات الحيوية.
ويُعاني البرلمان العراقي منذ سنوات من تراكم القوانين المؤجلة والانقسامات السياسية التي عطّلت تمرير العديد من التشريعات المهمة، بعضها يتعلق بحياة المواطنين اليومية، وأخرى تمس جوهر الإصلاح السياسي والاقتصادي.
ومن أبرز القوانين المعلقة التي لم تحظَ بتوافق سياسي بين الكتل، قانون النفط والغاز، وقانون الموازنة العامة، بالإضافة إلى قانون الحشد الشعبي.
تأجيل القوانين المهمة
وكانت اللجنة القانونية البرلمانية، قد أكدت في 18 أيار 2025، ترحيل القوانين المهمة إلى الدورة البرلمانية المقبلة، فيما بيّنت سبب ذلك.
وقال عضو اللجنة محمد عنوز، إن "القوانين المهمة والمعطلة منذ فترة طويلة سوف يتم تأجيل التصويت عليها إلى الدورة البرلمانية المقبلة، فلا يوجد أي أمل في عقد جلسات مجلس النواب خلال الفترة المتبقية من عمر المجلس بسبب عدم وجود إرادة سياسية حقيقية بخصوص هذا الأمر، خاصة مع قرب العملية الانتخابية وانشغال الجميع فيها من الكتل والنواب".
وأضاف، إن "القوانين المعطلة في مجلس النواب تتجاوز الـ(120) قانونًا، وبعض تلك القوانين مهمة وتمس حياة المواطنين بشكل مباشر، لكن لا صفقات سياسية لتمريرها كونه لا يعني شيئًا لدى بعض الكتل والأحزاب التي تتحكم في المؤسسة التشريعية وتعطل عملها الرقابي والتشريعي".
إنهاء الفصل التشريعي
ورغم دخول البرلمان في عطلته التشريعية التي تستمر لمدة شهرين، إلا أن الحديث مستمر عن تراكم مشاريع قوانين إصلاحية لا تزال عالقة في أروقة اللجان النيابية، بعد شهور من الجمود التشريعي، وتعطل العديد من مشاريع القوانين الخلافية.
وكانت رئاسة البرلمان، قررت في 7 آيار الجاري، إنهاء الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الرابعة – الدورة الانتخابية الخامسة، يوم الجمعة التاسع من الشهر الجاري، مبينة أن ذلك يأتي استنادا إلى المادة 57 من دستور جمهورية العراق، والمادة 22 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
وتنص المادة 57 من الدستور العراقي على “لمجلس النواب دورة انعقاد سنوية بفصلين تشريعيين أمدهما 8 أشهر، يحدد النظام الداخلي كيفية انعقادهما، ولا ينتهي فصل الانعقاد الذي تُعرض فيه الموازنة العامة إلا بعد الموافقة عليها”.
أما المادة 22 من النظام الداخلي لمجلس النواب، فتنص على “أولاً: لمجلس النواب دورة انعقاد بفصلين تشريعيين امدهما 8 أشهر يبدأ أولهما في 1 آذار وينتهي في 30 حزيران من كل سنة، يبدأ ثانيهما في 1 أيلول وينتهي في 31 كانون الأول.
وكان النائب جواد اليساري، كشف في 18 آيار مايو الجاري، عن وجود حراك نيابي يسعى إلى استئناف عقد جلسات مجلس النواب بشكل منتظم، ودون انقطاع خلال الفصل التشريعي المقبل.
الدورة النيابية وتحدياتها
وشهد البرلمان خلال الفصل التشريعي الأول، حالة من تعطيل الجلسات، حيث اكتفى بنحو 9 جلسات فقط، نتيجة لتغيب النواب عن حضور الجلسات، وسط انتقادات للرئاسة بعدم تطبيق النظام الداخلي للمجلس، واتخاذ إجراءات صارمة لضمان سير أعمال الجلسات وعدم تعطيل انعقاد البرلمان.
ومنذ بداية الدورة النيابية، في كانون الثاني يناير 2022، عقد مجلس النواب العراقي 132 جلسة فقط، في حين ينص النظام الداخلي على عقد 256 جلسة سنويا، كما حدد النظام الداخلي عقد 8 جلسات شهريا، وفصلا تشريعيا يمتد 4 أشهر، بواقع 32 جلسة في كل فصل.
وواجهت المؤسسة التشريعية، منذ انطلاق الدورة الخامسة للبرلمان، تحديات كبيرة، أبرزها الانقسامات الحادة بين الكتل السياسية، وغياب التوافق حول الملفات الكبرى، ما انعكس سلبا على الأداءين التشريعي والرقابي، كما ساهمت هيمنة بعض الأطراف النافذة على قرارات البرلمان في إضعاف دوره، وتراجع ثقة المواطنين بفعاليته، خصوصا مع تكرار تعطيل الجلسات وتغييب القوانين الإصلاحية، مما دفع عددا من النواب إلى طرح خيار حل البرلمان، كمدخل لإعادة بناء المشهد السياسي وفق أسس جديدة.
تعطيلٌ متعمَّد.. وحلٌّ مرتقب
واتهم النائب رائد المالكي، في 15 نيسان أبريل الماضي، جهات سياسية، وموظفاً في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بالوقوف وراء تعطيل جلسات مجلس النواب، بهدف إفشال إدراج تعديل قانون الانتخابات على جدول الأعمال، مُحمّلاً رئاسة مجلس النواب، ورؤساء الكتل السياسية مسؤولية ما يجري.
وكان النائب المستقل، حسين السعبري، ذكر في 9 آذار مارس الماضي، وجود توجه لحل مجلس النواب العراقي، والذهاب لانتخابات مبكرة، في حال استمرار تعطيل جلساته.
ويخضع حل البرلمان في العراق للمادة 64 من الدستور العراقي، التي تنصّ على أن حل البرلمان يجري بإحدى طريقتين: إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان، أو بطلب من ثلث أعضاء البرلمان على أن يجري التصويت على حلّه بالغالبية.
ويواجه تعطيل جلسات البرلمان، جملة انتقادات سياسية ونيابية، حيث اعتبرت هذا التعطيل غير مبرر من قبل رئاسة المجلس، خصوصا أن هناك قوانين جاهزة للتصويت وتحتاج إلى عقد جلسات المجلس من أجل تشريعها، وأبرزها: “قانون الحشد، الموازنة، الخدمة المدنية، سُلّم الرواتب، وقانون النقابات”.