علناً.. السفير السعودي يتدخل في عمل البرلمان العراقي ويطالب بتشريع خاص باستثمارات بلاده.. ما القصة؟

تصريحات أشعلت الشارع العراقي
علناً.. السفير السعودي يتدخل في عمل البرلمان العراقي ويطالب بتشريع خاص باستثمارات بلاده.. ما القصة؟
انفوبلس/..
أثارت تصريحات السفير السعودي في بغداد، عبد العزيز الشمري، جدلاً واسعاً بعد مطالبته العلنية للبرلمان العراقي بالإسراع في تشريع قانون خاص بحماية الاستثمارات، بهدف تسهيل دخول الشركات السعودية إلى السوق العراقية. وقد اعتُبرت هذه التصريحات تدخلاً مباشرًا في الشأن الداخلي العراقي.
*تفاصيل
وخلال افتتاح الدورة 47 من معرض بغداد الدولي، يوم أمس السبت، دعا السفير السعودي في بغداد، عبد العزيز الشمري، البرلمان العراقي إلى الإسراع في إقرار اتفاقية حماية الاستثمار، التي لا تزال معلقة منذ سبع سنوات، معتبرًا أن هذا التشريع سيكون عاملًا محفزًا لجذب المزيد من رجال الأعمال السعوديين إلى العراق.
وأكد الشمري، في تصريحات صحافية، أن العديد من الشركات السعودية وسّعت وجودها في العراق، حيث افتتح بعضها فروعًا ومصانع، بينما لجأ آخرون إلى مشاريع التجميع والتصنيع المحلي.
وأضاف، أن الدورة الاستثمارية الحالية توفر بيئة محفزة للشركات السعودية لتعزيز وجودها في السوق العراقية، سواء عبر الشراكة مع رجال الأعمال العراقيين أو من خلال تسجيل شركاتهم في وزارة التجارة لمزاولة العمل مباشرة.
وأشار السفير إلى أن الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني تسعى بجدية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، مستفيدة من الاستقرار الأمني الحالي، مما يجعل العراق وجهة جاذبة لرأس المال. كما أشاد بالإجراءات التي اتخذها العراق في ملف صندوق التنمية.
وشدد الشمري على "أهمية توفير ضمانات قانونية وسيادية لحماية المستثمرين، مشيرًا إلى أن رجال الأعمال عادةً ما يبحثون عن بيئات استثمارية مستقرة حتى لو كانت العوائد أقل، في حين يترددون في دخول أسواق غير مستقرة رغم ارتفاع نسبة الأرباح المحتملة".
وأتم بالقول: "نريد التعجيل من البرلمان العراقي بإقرار اتفاقية حماية الاستثمار لتكون محفزًا لرجال الأعمال والحكومة السعودية للطلب من رجال الاعمال بالعمل في السوق العراقي".
وأثارت تصريحات السفير ردود فعل غاضبة في الأوساط العراقية، حيث اعتبرها الكثيرون تدخلًا غير مقبول في عمل البرلمان ومحاولة للضغط من أجل تمرير تشريعات تخدم المصالح السعودية.
*حماية الاستثمار
أعلن رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار الدكتور حيدر محمد مكية، عن توقيع المسودة النهائية لاتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار بين العراق والمملكة العربية السعودية يوم الأحد ٢٤ تشرين الثاني ٢٠٢٤.
وتهدف الاتفاقية، وفق بيان الهيئة، إلى "خلق بيئة استثمارية آمنة وجاذبة للمستثمرين السعوديين في العراق".
وأكد مكية في كلمة ألقاها في مؤتمر الاستثمار العالمي الثامن والعشرين الذي عقد في الرياض في الفترة من ٢٥ إلى ٢٧ تشرين الثاني المنصرم، أن الحكومة العراقية ملتزمة بتشجيع المستثمرين السعوديين على دخول السوق العراقية.
ويجري تحقيق ذلك من خلال سن القوانين وتوفير الضمانات القانونية لحماية استثماراتهم من المخاطر المحتملة، وفي الوقت نفسه مساعدتهم على الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتنوعة في مختلف القطاعات في العراق، وفق البيان.
*ما قصة قانون حماية المستثمر السعودي في العراق؟
يؤكد نائب رئيس لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، حسين السعبري، "عدم وجود قانون لحماية المستثمر السعودي في داخل عمل اللجنة، بل إن اللجنة ماضية بقانون الاستثمار الصناعي وتعديل قانون الاستثمار، وهذا التعديل يخلو من تلك الأمور".
وينوّه السعبري خلال حديث صحافي، إلى أنه "يوجد في العراق قانون التحكيم الدولي الذي وقّع عليه العراق لجذب الاستثمار الأجنبي ولكي يؤمّن المستثمر على أمواله ومشروعه في العراق".
ويوضح، "حيث يمكن لأي مستثمر أجنبي يقدم إلى العراق أن تكون إحدى البنود الموقّعة معه في العقد، أنه في حال حصل خلاف يمكنه اللجوء إلى لجنة التحكيم ويكون التحكيم داخل أو خارج العراق، ويكون هذا التحكيم حسب الاتفاقيات التي وقّع عليها العراق".
بدوره، يوضح مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، أنه "ابتداءً، يُعد الاستثمار الأجنبي (المباشر) محمياً بشكل أساسي بالإطار القانوني والنصوص التي جاء بها قانون الاستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2010 والمعدل بالقانون رقم 50 لسنة 2015".
ويضيف صالح، "حيث يحمل القانون آنفاً المزايا المشجعة كافة، ولاسيما المتعلقة بتوفير الأرض للمشروع الاستثماري والإعفاءات الضريبية والتسهيلات الائتمانية، فضلاً عن إخراج رأس المال الذي أدخله المستثمر إلى العراق وعوائده وفق أحكام هذا القانون وتعليمات البنك المركزي العراقي وبعمله قابلة للتحويل بعد تسديد التزاماته وديونه كافة للحكومة العراقية وسائر الجهات الأخرى".
ويتابع، "كما يمكن للاستثمار الأجنبي (غير المباشر) التداول في سوق العراق للأوراق المالية بالأسهم والسندات المدرجة فيه، فضلاً عن تكوين المحافظ الاستثمارية في الأسهم والسندات".
"وبالرغم من ذلك، فقد سبق للعراق أن وقّع على اتفاقيات لتشجيع وحماية تبادل الاستثمارات مع بعض الدول الشقيقة والصديقة ومنها القانون رقم 84 لسنة 2017 بين العراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكذلك تم توقيع اتفاق مماثل لتشجيع وحماية الاستثمار المتبادل بين العراق والإمارات العربية المتحدة في العام 2010، ومع اليابان في العام 2012" وفق صالح.
ويكمل حديثه، "ولا يخفى أن آخر الضمانات التي تصب في تشجيع الاستثمار الأجنبي وحمايته في العراق تتمثل بانضمام بلادنا إلى اتفاقية سنغافورة ذلك قبل أشهر قليلة مضت، إذ تُعد اتفاقية سنغافورة للوساطة، والمعروفة رسمياً باسم اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اتفاقيات التسوية الدولية الناتجة عن الوساطة والتي دخلت حيز التنفيذ في العام 2020 بمثابة اتفاقية دولية توفر إطاراً موحداً وفعالاً للاعتراف وإنفاذ اتفاقيات التسوية التي يتم التوصل إليها عن طريق الوساطة والتي تحل النزاعات التجارية الدولية".
ويختتم صالح بالقول، إنه "وبناءً على ما تقدم، فلا يوجد ما يمنع من توقيع اتفاق مع الدول الشقيقة والصديقة ومنها المملكة العربية السعودية ولاسيما عند توافر الرغبة والشروط الموضوعية لإصدار التشريع اللازم لتشجيع وحماية الاستثمار المتبادل بين البلدين، إذ يمكن للاتفاق أن يوفر المناخ الإيجابي الذي يخدم الاستثمار المتبادل بين البلدين الشقيقين، كما يوفر فرص أفضل للتنمية المستدامة بين بلدينا في الأمد الطويل"، وفق قوله.
*حجم التبادل التجاري
يذكر أن مجلس الأعمال العراقي السعودي، قدّر حجم التبادل التجاري بين البلدين، بـ5 مليارات ريال (نحو 1.333.082.700 دولار أمريكي) بنمو سنوي 12%، بحسب رئيس المجلس محمد الخريف.
وذكر المجلس في تقرير في تموز/ يوليو الماضي، أن المجلس يعمل على تنمية الاستثمارات السعودية في العراق، بالتزامن مع اهتمام القطاع الخاص والحكومي في المملكة بالاستثمار في بغداد.
وأشار إلى أن العراق يستعد لطرح قانون لحماية الاستثمار العراقي السعودي ومناقشته أمام البرلمان تمهيداً لإقراره خلال الأشهر القليلة المقبلة، ليعزز التعاون الاقتصادي بين المملكة والعراق، بحسب بيان صادر عن اتحاد الغرف السعودية.
ووقع العراق والسعودية، في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2023، اتفاقية شراكة في مجال استثمارات القطاع الخاص الصناعية، في وقت أكد سفير المملكة وقتها على وجود الكثير من الفرص الاستثمارية التي تتم دراستها.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، أيضاً أعلن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن المملكة تدرس تدشين أول منطقة اقتصادية حُرة مع العراق، بالمنطقة الحدودية في عرعر، معرباً عن آماله بأن تكون المنطقة أول منطقة اقتصادية حُرة مع دولة مجاورة بدون ضرائب أو رسوم أو تأشيرات دخول لخدمة المستثمرين في البلدين.