عملية 'وادي الغدف' تبرز استمرار الدور القتالي للقوات الأمريكية رغم التصريحات الرسمية.. تعرف على تفاصيل العملية ونتائجها
دور استشاري أم قتالي؟
انفوبلس/..
نسفت عملية "وادي الغدف" في صحراء الأنبار جميع التصريحات التي أدلت بها الجهات الرسمية في العراق، وكذلك متحدثو ما يُعرف بـ"التحالف الدولي"، حول تحول مهام التحالف في العراق من دور قتالي إلى استشاري. حيث أكدت مصادر في الجيش الأمريكي وقوع إصابات بين القوات الأمريكية أثناء مشاركتهم في العملية الأمنية الأخيرة في محافظة الأنبار.
وكان العراق قد أعلن في أواخر عام 2021 انتهاء الدور القتالي لقوات "التحالف الدولي"، والانتقال إلى مهمة جديدة تركز على تقديم المشورة والمساعدة والتمكين للقوات العراقية، وفقًا لبيانات القيادة المركزية الأمريكية.
وتؤكد باستمرار، مصادر رسمية عراقية، بضمنها المتحدث الرسمي باسم الحكومة باسم العوادي، والقيادات الأمنية العليا، بأن إنهاء المهام القتالية لهذه القوات الأجنبية، جاء تنفيذا لمخرجات جولات الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، والتي تضمنت الاتفاق على انسحاب القوات الأميركية القتالية على أن تنتقل صفة وجود القوات إلى الاستشارة والتدريب لا أكثر، قبل أن تعلن الخارجية العراقية، وعبر وزيرها فؤاد حسين عن تأجيل إعلان إنهاء مهام التحالف الدولي إلى إشعار آخر، بسبب التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
إقرار بمشاركة الأمريكان
وفي تأكيد على مشاركة القوات الأمريكية بشكل مباشر في العمليات العسكرية التي تقودها القوات العراقية ضد الإرهاب، أشاد وزير الخارجية فؤاد حسين بما وصفه بـ"التعاون المشترك بين القوات العراقية والأمريكية "خلال تنفيذ عملية "وادي الغدف"، التي أدت إلى مقتل 15 من قيادات تنظيم داعش الإرهابي.
وذكرت وزارة الخارجية في بيان أن الوزير فؤاد حسين استقبل السفيرة الأمريكية في العراق، ألينا رومانسكي، وتطرق النقاش إلى العملية العسكرية التي جرت في صحراء الأنبار وأسفرت عن مقتل 15 إرهابياً من تنظيم داعش، وأثنى الوزير على ما وصفه بـ "التعاون بين القوات العراقية والأمريكية ونجاح هذه العملية المهمة".
بيان العمليات المشتركة
العمليات المشتركة لم تعلن عن اشتراك ميداني خلال تنفيذ العملية يوم أمس، خلافاً للرواية التي نشرتها القيادة المركزية الأمريكية.
أما بيان قيادة العمليات المشتركة، فلم يتطرق إلى اشتراك قوة ميدانية من "التحالف الدولي"، لكنه أشار إلى أن العملية تمت بتعاون وتنسيق فني واستخباري من قبل تلك القوات.
وعلى الرغم من صدور بيانين من العمليات المشتركة، إلا أن القيادة لم تعلن عن اشتراك ميداني خلال تنفيذ العملية يوم أمس، مخالفة للرواية التي نشرتها القيادة المركزية الأمريكية.
وأعلنت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)، إصابة 7 أفراد من القوات الأميركية في المداهمة المشتركة التي نُفذت مع القوات العراقية.
ونقلت الوكالة البريطانية عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية قوله، إن "خمسة من الجنود الأمريكيين أُصيبوا خلال الغارة، بينما أُصيب اثنان بسبب سقوطهما، مؤكدا أن حالة كل المصابين مستقرة".
الدور الأمريكي في العملية
ويفند مراقبون، تحول مهام القوات الأمريكية نحو الدور الاستشاري والتدريبي فقط، حيث يشيرون إلى أن "ما حدث من عملية نوعية في وادي الغدف في الانبار يظهر دور القوات الأمريكية القتالي وليس استشارياً لأسباب كثيرة ومتعددة".
حيث بين خبير في الشأن السياسي، إن "القوات الأمريكية تمتلك قواعد عسكرية ذات أهمية استراتيجية تحاول من خلالها السيطرة على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، والعراق ومنطقة الخليج بشكل خاص، بالإضافة إلى أولوياتها الاستراتيجية في حماية أمن الكيان الصهيوني".
وتابع، أن "الولايات المتحدة وبعد احتلالها العراق، حولته إلى ساحة أمنية وسياسية وعسكرية، لكي تستمر بوجودها المباشر في العراق بذريعة أن هذا البلد يتعرض لتهديدات أمنية".
ثمرة أسابيع من جمع المعلومات
من جانبها، أكدت لجنة الأمن النيابية، بأن عملية وادي الغدف، أقصى غرب البلاد، هي ثمرة أسابيع من جمع المعلومات، حيث ذكر عضو اللجنة النائب ياسر اسكندر في حديث صحفي، أن" الجهد الاستخباري في تطور استمر ونجح في الوصول الى مناطق معقدة جغرافية في عدة محافظات وكشف مخابئ سرية لخلايا داعشية تضم قيادات مهمة في الأشهر الأخيرة".
وأضاف، أن "عملية قصف عدة مضافات داعشية في عمق منطقة وادي الغدف أقصى غرب البلاد، تأتي ثمرة أسابيع من جمع المعلومات، قبل إعطاء الضوء الأخضر بقصفها". لافتا الى أن "14 إرهابيا قُتلوا بينهم قيادات وفق المعلومات الأولية".
وأشار الى، أن "الجهد الاستخباري نجح خلال 2014 في تحديد أكثر من 20 هدفا نوعيا لتنظيم داعش في 4 محافظات تم قصفها من قبل القوة الجوية وتم قتل العشرات من الإرهابيين بينهم قيادات مهمة".
تفاصيل العملية
وفيما يخص تنفيذ العملية، فبحسب مصادر مطلعة، فإنه "كانت هناك (4) مضافات متباعدة لتنظيم داعش الإرهابي، في صحراء الانبار وتحديدا في منطقه الحزيم، شرق وادي الغدف، مخفية بشكل محكم وعمليات تمويه عالية، وفيها قيادات مهمة لعصابات داعش على ما يبدو، وقامت الأجهزة المعنية بجمع المعلومات والتفاصيل حول تلك الأماكن، ومن يتردد عليها من العصابات الإرهابية وتحركاتهم في تلك المنطقة حتى جمعت القوات الأمنية الصورة الكاملة عنهم".
وأضاف المصدر، إن "القوات الأمنية وضعت خطة للتنفيذ، وفي فجر يوم الخميس تم استهداف الاوكار بضربات جوية لكون المنطقة صعبة جغرافياً، فكان مفتاح العملية هو المباغتة من الجو، ثم تم تنفيذ إنزال في المنطقة التي تضم المضافات وملاحقة العناصر الإرهابية والفارين منهم، ووقع اشتباك مسلح مع الفارين من الضربات الجوية وكانت الحصيلة (14) عنصرا من العصابات الإرهابية يرتدي بعضهم أحزمة ناسفة ويحمل رمانات يدوية".
وتشير المعلومات الى أن من بين القتلى في صفوف العصابات الإرهابية، قيادات مهمة من الصف الأول للتنظيم، وبانتظار فحص الحمض النووي للتأكد من هوية تلك القيادات، علماً أن جميع المضافات تم تدميرها ومصادرة الأسلحة التي داخلها والأجهزة والأحزمة الناسفة والوثائق والمستمسكات المهمة وأجهزة الاتصال".
بيان قيادة العمليات المشتركة، ذكر أثناء سرد تفاصيل العملية أنه تمت بتعاون وتنسيق استخباري وفني من "التحالف الدولي" دون أن يبين وجود دور أكبر لتلك القوات خلال العملية التي تم تنفيذها.
إلا أن "القيادة المركزية الأمريكية"، ذكرت في بيان لها، أنها نفذت غارة مشتركة بمشاركة القوات العراقية في غرب العراق، بنفس الزمان والمكان، وذكرت بأن الحصيلة أسفرت عن مقتل (15) من عناصر داعش الإرهابي، المسلحين بالعديد من الأسلحة والقنابل اليدوية".
وأوضحت القيادة المركزية، أن "العملية استهدفت قادة عصابات داعش لتعطيل والحد من قدرة داعش على التخطيط والتنظيم لتنفيذ الهجمات"، وفي نهاية البيان، ذكرت القيادة أن "داعش لا يزال يشكل تهديدا للمنطقة ولحلفائنا وكذلك وطننا وستواصل القيادة المركزية الأمريكية الى جانب التحالف وشركائنا العراقيين ملاحقتها لهؤلاء الإرهابيين وبقوة".
وتدور الأسئلة حول التنسيق الأمني الذي تحدثت فيه البيانات التي أصدرتها قيادة العمليات المشتركة العراقية، والقيادة المركزية الامريكية، على المستوى الفني أو العسكري، خاصة أن المعلومات بحسب بيان العمليات المشتركة، هو جهد عراقي، فيما يحيط الغموض بمشاركة تلك القوات الأجنبية في العملية وإصابة عناصرها في العملية العسكرية.