عيد الغدير مجدداً.. جدل سياسي حول تشريع قانون العطلة.. تعرّف على خلاف المؤيدين والمعترضين ومبرراتهم
انفوبلس..
رغم وجوده في جدول أعمال البرلمان بجلسة أمس الثلاثاء، إلا أن مجلس النواب لم يقرأ القراءة الأولى لمشروع قانون عطلة عيد الغدير، حيث شهدت الجلسة خلافاً نيابياً من نوعين، الأول بين النواب الشيعة والنواب السنة، والثاني بين النواب الشيعة فيما بينهم ليتأجل حسم التشريع إلى جلسة مقبلة.
خلافات الجلسة الأخيرة
وبعد نهاية جلسة الأمس، أكد رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، إن جدول أعمال الجلسة المقبلة للمجلس سيتضمن القراءة الأولى لمقترح قانون عطلة (عيد الغدير).
مصدر مطلع كشف تفاصيل الجلسة وكواليسها، حيث أكد أن قانون عطلة عيد الغدير سبّب خلافاً بين النواب الشيعة، حيث كان أغلبهم مع إقراره فيما اعترض عدد منهم معتبرين أن هناك قانونا مرسلاً من قبل الحكومة إلى البرلمان يسمى قانون "العطل الرسمية" ولا مبرر لتشريع قانون جديد يحمل اسم "عطلة عيد الغدير".
وعلى الجانب الآخر أظهرت وثيقة مسربة وموقعة من قبل 16 نائباً سنياً تطالب مجلس النواب بسحب مشروع قانون "عطلة الغدير" وإحالته لمجالس المحافظات.
وفي السابع والعشرين من نيسان الجاري، خاطب النائب عن الإطار التنسيقي، حسن سالم، رئاسة البرلمان بكتاب رسمي موقع من قبل 106 نواب، يطالبون فيه الرئاسة بإدراج قانون عطلة عيد الغدير ضمن جدول أعمال جلسة مجلس النواب.
تثبيت العطلة بقانون
وعلى الرغم من أن المطالبات النيابية الأخيرة بتشريع القانون جاءت بعد دعوة من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلا أنه ومنذ عقدين من الزمن، هنالك مطالبات حكومية ونيابية بتشريع القانون.
وبحسب مراقبين فإن الداعين لتشريع القانون نيابياً رغم مروره والتصويت عليه في مجلس الوزراء، يسعَون لتثبيته أكثر.
وبالعودة الى العام الماضي 2023، فقد صوّت مجلس الوزراء العراقي على اعتبار "عيد الغدير" من كل عام عطلة رسمية، وذلك خلال جلسته الاعتيادية برئاسة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني والتي عُقدت في الـ25 من شهر تموز/يوليو الماضي.
وبحسب مختصين حكوميين فإن فرق القرار الحكومي عن القانون البرلماني، هو أن تصويت مجلس الوزراء العراقي على اعتبار "عيد الغدير" من كل عام عطلة رسمية، من المحتمل أن ينتهي بمجرد انتهاء حقبة محمد شياع السوداني، أما بالنسبة لدعوة تشريع القانون نيابياً فإن العطلة تُثبت بشكل دائم بقانون من مجلس النواب ولا تنتهي بانتهاء حكومة معنية.
عطلة ضمن قانون العطل
ودعت لجنة الأوقاف والعشائر النيابية، أمس الثلاثاء، إلى التصويت على قانون العطل الرسمية الذي يتضمن عطلة يوم الغدير.
وقال عضو اللجنة، ياسر الحسيني، إن "قانون العطل الرسمية الذي يتضمن عطلة يوم الغدير معروض أمام لجنة الأوقاف النيابية منذ ستة أشهر، ولكن سبب إعاقة تشريع هذا القانون إلى الآن وعدم التصويت عليه هو لتغير رئاسة اللجنة".
وكشف، عن أنه "بعد اجتماع اللجنة تم الاتفاق على قراءته القراءة الأولى والثانية والتصويت عليه، لافتاً إلى أن القانون يتضمن كافة عطل البلاد ومنها عطلة يوم الغدير، وأن التصويت على أي قانون يصبُّ في مصلحة البلد سيتم المضي به" .
وبيّن الياسري، أن "مجلس النواب مكون من عدة مكونات ونحن نحترم كافة الطوائف وأعيادها ومناسباتها، ونرى ضرورة المضي بتشريع قانون العطل الرسمية، وإن كان هنالك اتفاق فلا بأس بالاتفاق أن يتم المضي بإقرار قانون عيد الغدير ومن ثم المضي بإقرار قانون العطل الرسمية الذي سيناقش كافة عطل البلاد الدينية والوطنية وأهميتها ومن الممكن أن لا تكون جميعها عطلاً وإنما يتم تضمينها بوقفات أو احتفاليات من دون الذهاب إلى العطلة" .
"سردية" تكفير السُنة
ورداً على مطالبات التشريع، قال حزب متحدون بزعامة أسامة النجيفي، أمس الثلاثاء، إن "الشيعة" يحاولون فرض "سردية" تكفّر السُنّة من خلال جعل "عيد الغدير" عيداً وطنياً، داعياً أعضاء مجلس النواب إلى مقاطعة أي جلسة تشرع ذلك.
وأضاف الحزب في بيان، أنه "كان وما زال مع عراق موحد قوي، وحكومة رشيدة، ومجلس نواب يعبر حقيقة عن آمال وطموحات الشعب العراقي بغض النظر عن العرق أو الدين أو الطائفة".
ودعا الحزب إلى "البحث عن نقاط اتفاق جديدة بدلا عن البحث في السرديات الطائفية عما يفرق أبناء الشعب الواحد ، بل الأمر لا يقف عند هذا الحد بل يتجاوزه إذا ما شُرع قانون عيد الغدير".
وأوضح، إن "عيد الغدير أو عيد الولاية وحسب السردية التي يعتنقها الفقه الشيعي، تكفر من لا يعتقد بذلك، وهذا يعني أن اعتماد سردية طائفية تكفر نصف الشعب العراقي أمر في غاية الخطورة ، بل إنه ينسف الهوية الوطنية التي تجمعنا جميعا".
وأشار إلى أنه "ليس من حق أحد أن يفرض قناعات طائفية على الآخرين، وينبغي أن تكون الدولة بعيدة كل البعد عن أي ميل طائفي يقوض الهوية الوطنية للعراقيين، ويضرب مبادئ الدستور باعتباره القانون الأعلى للبلد".
وأكد حزب متحدون أن "للإخوة من المكون الشيعي كامل الحق في الاحتفال بعيد الغدير وفق ما يتبناه المذهب من سردية، ويمكنهم عبر مجالس المحافظات في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية أن يجعلوا من هذا اليوم يوم عطلة يحتفلون فيها".
ودعا الحزب أعضاء مجلس النواب إلى "التمسك بوحدة العراقيين ونبذ أية وسيلة لتفرقتهم عبر مقاطعة أية جلسة تعقد لمناقشة أو اقرار هذا القانون"، مشيراُ إلى أن "أمام الدولة مهمات وتحديات ليست سهلة ما يدعو كل وطني إلى التعاون والتآزر بدل البحث عن سرديات تاريخية غير متفق عليها".
وأشار إلى أن "حزب متحدون ما زال ينظر بأمل إلى جهد الحكماء والعقلاء المؤمنين بوحدة الوطن، لمنع الطائفيين من فرض رؤيتهم على الدولة، فالعراق بتاريخه وحاضره ومستقبله ملك للعراقيين جميعا".
جدل حول القانون
وفي سياق العمل على تشريع القانون، أكد العضو عن تحالف إدارة الدولة، النائب علي نعمة البنداوي، أن "العمل على عطلة عيد الغدير بدأ منذ أكثر من عام، ويتم حالياً جمع تواقيع من قبل أعضاء البرلمان من أجل قراءته قراءة أولى وثانية ومن ثم التصويت عليه، وتجاوزت التواقيع النيابية حتى الآن 150 توقيعاً، حيث هناك ضرورة ملحّة لإقرار قانون العطلة".
وأوضح البنداوي، أن "في كل المذاهب والمعتقدات الدينية هناك يوم مقدس يتم احترامه من قبل الجميع، ويعتبر عيد الغدير العيد الأكبر للمسلمين الشيعية، ولا ضير أن يكون عطلة لممارسة الاحتفالات فيه".
بدوره، قال عضو اللجنة القانونية النيابية، عارف الحمامي، إن "مجموعة من النواب قدموا مقترح قانون عطلة الغدير وهو حالياً قيد الإنجاز، وإذا وصل لمراحل متقدمة واكتملت أركانه القانونية وعُرض للتصويت، فسيتم التصويت عليه من قبلنا".
وأضاف النائب عن ائتلاف دولة القانون، أن "أي مقترح قانون أو مشروع قانون عند اكتمال أركانه القانونية من حيث جوانبه التشريعية واللجان المختصة ويعرض للتصويت، فإن حصل على موافقة البرلمان يكون القانون ساري المفعول، أما إذا لم يحصل توافق عليه يرفض".
في المقابل، رأى السياسي والنائب السابق، مشعان الجبوري، أن تحويل عيد الغدير إلى عيد وطني سيؤدي الى مشاكل وحساسيات الشعب العراقي في غنى عنها.
وقال الجبوري في تدوينة على منصة "إكس"، إن "محاولة تشريع قانون يجعل من عيد الغدير عطلة وطنية رسمية يعني عملياً تبني سردية دينية شيعية تتعلق بالإمامة -الولاية التي يُكفِّر أغلب علماء الشيعة منكرها بشكل غير قابل للتأويل ولا وجود لها بالمطلق في السردية السنية".
وأضاف: "يحق للشيعة الاحتفال بعيد الغدير كما يشاؤون، لكن تحويله إلى عيد وطني وفرضه حتى على من تكفرهم هذه السردية وهم نصف الشعب العراقي سيؤدي الى مشكلات وحساسيات الشعب العراقي في غنى عنها".
وعن الموقف القانوني لإضافة عطلة جديدة، يوضح الخبير القانوني، علي التميمي، أن "أي عطلة يمكن أن تُضاف إلى قانون 110 لسنة 1972، وتكون وفق اقتراح من مجلس الوزراء إلى البرلمان".
وبحسب التميمي، يمكن بعد ذلك للبرلمان إضافة أو تعديل القانون بإضافة عطلة الغدير أو غيرها إلى القانون لتكون عطلة رسمية وفق السياقات التشريعية المنصوص عليها في الدستور العراقي".