فؤاد حسين يناقض السوداني بتصريحات مذلة.. هل يتسبب مطلب إخراج الأمريكان بأزمة بين رئيس الوزراء ووزير الخارجية؟
انفوبلس/ تقارير
بتصريحات متناقضة وُصِفت بالمُذلّة، وموقف ضعيف جاء امتداداً لسلسلة المواقف الخجولة السابقة، أطلَّ وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يوم أمس على شاشتَي العربية والحدث السعوديتَين، وفي الوقت الذي كان الجميع يترقب فيه إدانة الوزير للجريمة الأميركية الأخيرة وسط بغداد، صدَمَ "حسين" ذلك الترقُّب عندما بدا مدافعاً عن القوات الأميركية في الداخل العراقي، زاعماً أنها بطلب من الحكومة العراقية، مناقضاً بذلك ما جاء على لسان رئيس الوزراء محمد الشياع السوداني بعدم الحاجة إلى تلك القوات. تصريحات الوزير المُذلّة خلقت ردود فعل غاضبة وسط توقعات بأزمة تلوح في الأفق بين رئيس الوزراء ووزير الخارجية بشأن مطلب إخراج القوات الأميركية من العراق.
*تصريحات مُذلّة للوزير
في تصريحات وُصِفت بالمذلة، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، إن العراق هو مَن يحدد الحاجة لبقاء القوات الأميركية من عدمها، فيما بيّن أن ما يسمى بقوات التحالف الدولي "موجودة بدعوة من الحكومة العراقية".
حسين وفي مقابلة صحفية كشفت ضعف موقفه الخارجي، ذكر أنه "لا نريد خلق حالة فوضوية في العلاقات مع واشنطن"، معتبراً أنه "يجب تهيئة الداخل قبل بدء المفاوضات لانسحاب القوات الأميركية من العراق وعلى ضوء نتائج المفاوضات سيتم اتخاذ القرار اللازم، سواء بالانسحاب أو جدولة الانسحاب".
وتابع: "كانت هناك مفاوضات في السابق، وكان هناك وفد عسكري أمني في واشنطن قبل عدة أشهر، والمسيرة التفاوضية مع واشنطن توقفت لكن الحوار مستمر"، مبيناً، "قريباً سنعلن عن موعد بدء المفاوضات وعلى أي مستوى وبأي شكل".
*رؤيته للأحداث.. موقف ضعيف
كما ذكر الوزير، أن بغداد أكدت لواشنطن أن الحكومة العراقية "ملتزمة بالتهدئة"، معتبراً أن "الأحداث الأخيرة غير مقبولة، حيث كانت هناك هجمات وهجمات مضادة". في موقف وُصِف بالضعيف والذي لا يرتقي ومستوى الحادث الإجرامي وسط بغداد.
واعتبر، أن الهجمات التي تستهدف القواعد العسكرية يجب أن "تُعالَج من الطرفين"، مضيفاً أن رئيس الوزراء يعمل باستمرار للتواصل مع جميع الأطراف للوصول إلى التهدئة.
*تراجع غير مبرر.. لسنا من دُعاة الحرب
كما بيّن حسين في موقف عدّه مراقبون بالتراجع غير المبرر، أن "الأوضاع تغيرت في المنطقة بعد الحرب على غزة، وهناك تشابك في الأمور الوطنية والإقليمية"، موضحاً أن "قرار الحرب يحدده الدستور والقانون وليس هناك قرار خارج الدولة"، لافتا الى أن "قرار الحرب قرار خطر ولسنا من دُعاة الحرب حيث إن العراق بحاجة إلى الأمن والاستقرار".
وعن الهجمات التي تطال إقليم كردستان، قال حسين، "الهجوم على إقليم كردستان هو هجوم على الحكومة الاتحادية، واستمرار هجمات الطائرات المسيّرة على إقليم كردستان سيؤثر على الوضع العام في العراق حيث لا يمكن تجزئة الأمن في العراق وأمن كردستان مع أمن العراق".
*إلقاء اللوم على دول الجوار وليس أميركا
كما أوضح حسين في تصريحاته الغريبة، أن "جزءاً من المشاكل الموجودة داخل العراق مرتبط بدول الجوار" مستبعدا الولايات المتحدة بذلك. مضيفاً، أن بغداد أجرت لقاءات مكثفة في تركيا للوصول إلى اتفاق أمني مشابه للاتفاق مع إيران".
*تصريحات مناقضة لحديث رئيس الوزراء
تصريحات وزير الخارجية بشأن إخراج القوات المحتلة من الأراضي العراقية جاءت مناقضة تماما لتصريحات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي أكد يوم أمس ، أن العراق يريد خروجاً سريعاً ومنظماً لقوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، واصفاً وجود تلك القوات بأنه "مزعزع للاستقرار" في ظل التداعيات الإقليمية لحرب غزة.
وقال السوداني في حديث لوكالة "رويترز" تابعته شبكة انفوبلس، إن هناك حاجة لإعادة تنظيم العلاقة بين العراق والقوات الأمريكية حتى لا تكون هدفاً أو مبرراً لأي طرف سواء كان داخلياً أو خارجياً للعبث بالاستقرار في العراق والمنطقة.
وأضاف، إن "خروج تلك القوات يجب أن يتم عبر التفاوض".
*أزمة محتملة
بعد تصريحات السوداني وتناقضات حسين، تشير البوادر إلى أزمة محتملة بين رئيس الوزراء ووزير خارجيته فؤاد حسين، على خلفية مطلب إخراج قوات الاحتلال الأمريكي من البلاد.
ورغم تأكيد السوداني في الكثير من المناسبات على أن العراق مستقر أمنيا وليس بحاجة إلى أي قوات أجنبية على أراضيه، ليخرج وزير خارجيته ويؤكد أن الحكومة العراقية ملتزمة بالاتفاقيات الأمنية مع الولايات المتحدة، وأن إخراج القوات الأمريكية من البلاد سيكون تدريجيًا ووفقًا للجدول الزمني المتفق عليه.
تشير هذه التصريحات المتناقضة إلى وجود اختلاف في المواقف بين رئيس الوزراء ووزير خارجيته بشأن ملف إخراج القوات الأمريكية من البلاد.
ويبدو أن السوداني يسعى إلى تسريع وتيرة إخراج القوات الأمريكية، بينما يفضل حسين الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة وتنفيذ الاتفاقيات الأمنية معها.
ويرى مراقبون، أنه بحال استمرار هذا الاختلاف في المواقف، فقد يؤدي إلى أزمة بين رئيس الوزراء ووزير خارجيته، مما قد يؤثر على استقرار الحكومة العراقية.
*العوامل التي قد تؤدي إلى الأزمة
هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى أزمة بين رئيس الوزراء ووزير الخارجية، منها:
ــ الاختلاف في المواقف السياسية، حيث يتمتع السوداني نسبياً بعلاقات جيدة مع إيران، بينما يتمتع حسين بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة. هذا الاختلاف في المواقف قد يؤدي إلى خلافات بشأن القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك ملف إخراج القوات الأمريكية من العراق.
ــ الاختلاف في الرؤى الاستراتيجية، قد يختلف السوداني ووزير خارجيته في رؤيتهما الاستراتيجية للمستقبل السياسي للعراق. على سبيل المثال، قد يفضل السوداني سياسة أكثر استقلالية عن القوى الإقليمية، بينما قد يفضل حسين سياسة أكثر توازناً.
ويرى المحللون أن تضارب المواقف بين السوداني وحسين يعكس الاختلافات في وجهات النظر بين الحكومة العراقية والإدارة الأمريكية بشأن مستقبل القوات الأمريكية في العراق. فالسوداني يسعى إلى إخراج القوات الأمريكية من البلاد، بينما يرى حسين أن استمرار وجودها في العراق ضروري لمكافحة الإرهاب وضمان استقرار البلاد، رغم أن العراق يشهد استقرارا أمنيا منذ فترة.
*حجم القوات الأميركية في العراق
في الوقت الذي تحجم فيه قيادة العمليات المشتركة عن تزويد وسائل الإعلام بأي معلومات عن حجم القوات الأميركية في البلاد، يؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية كاطع الركابي أن واشنطن لا تفصح عن الأعداد الحقيقية لقواتها بالعراق.
ويكشف الركابي، أن الحكومة العراقية ذاتها لا تعلم حجم القوات الأميركية المنتشرة على أراضيها، مقدراً عددها بأكثر من 3 آلاف عسكري، وأن الحوار الاستراتيجي مع واشنطن غير مرتبط بالانسحاب من البلاد.
ويتابع الركابي، أن البرلمان العراقي استضاف سابقا العديد من القيادات الأمنية العراقية، وأن جميعهم لا يعلمون العدد الحقيقي للقوات الأميركية، معتقدا أن أميركا لن تنسحب من البلاد، بسبب الأهمية الإستراتيجية التي تراها واشنطن في قاعدة عين الأسد.
أما مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي وفي مؤتمر صحفي عقب الجولة الثالثة للحوار الإستراتيجي أكد أن بغداد وواشنطن اتفقتا على ألا تكون هناك قواعد عسكرية أميركية في العراق. لكن قاعدتَي "حرير وعين الأسد" تثبتان عكس هذه التصريحات.